تعداد نشریات | 43 |
تعداد شمارهها | 1,684 |
تعداد مقالات | 13,781 |
تعداد مشاهده مقاله | 32,313,609 |
تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 12,775,963 |
دراسة قصیدة طائٌر یقبل من مذبحة علی أساس منهج عصام واصل السیمیائي | |||||||
بحوث في اللغة العربية | |||||||
مقاله 12، دوره 14، شماره 27، دی 2022، صفحه 153-170 اصل مقاله (1.03 M) | |||||||
نوع مقاله: المقالة البحثیة | |||||||
شناسه دیجیتال (DOI): 10.22108/rall.2021.127271.1354 | |||||||
نویسندگان | |||||||
حسين الياسي* 1؛ زینب قاسمی اصل2؛ حبیب کشاورز3 | |||||||
1حاصل علی الدکتوراه في قسم اللغة العربیة وآدابها بجامعة طهران، طهران، إیران | |||||||
2أستاذة مساعدة في قسم اللغة العربیة وآدابها بجامعة فرهنگیان، طهران، إیران | |||||||
3أستاذ مساعد في قسم اللغة العربیة وآدابها بجامعة سمنان، سمنان، إیران | |||||||
چکیده | |||||||
السیمیائیة منهج جدید یسهم إسهاما کبیرا في فهم النص وخبایاه بعد تجاوز الظاهر العلاماتي للنص؛ وتتسم الدراسة السیمیائیة بالحرص الشدید علی فهم النص وفهم العلامة الأدبیة، وهي علاقة جدلیة مع النص للنفاذ إلی الکنه النصي، وأیضا تعطي الفرصة لکشف أعمق عما یحتویه النص الأدبي؛ وتتأتی أهمیة الدراسة السیمیائیة من دورها في استنطاق النص واستجلاء الحقیقیة النصیة، ومما لا یخفی علی الجمهور هو أن النص في صورته الظاهراتیة أیقونة من العلامات، والمنشيء یغطي المعاني والمقاصد بغلالات من الغموض والإبهام، من دون أن یقدمها علی طبق من الذهب للمتلقي، مما یجعل السیمیائیة تحظی بهذه المکانة السامیة عند المشتغلین بتحلیل النصوص، نظرا لدورها الکبیر في فهم النص وفهم مقاصده وإزالة المسافة بین النص وبین المتلقي. منهج عصام واصل السیمیائي منهج متکامل في الدراسة السیمیائیة تبناه الناقد، عصام واصل، من المناهج والمدارس السیمیائیة المختلفة وأسقطه علی مجموعة من القصائد في کتاباته النقدیة، وهذا المنهج خلیط واعي بین طروحات رواد السیمائیة في الخطاب الغربي وما جاء في الخطاب النقدي العربي المعاصر. یحاول هذا البحث دراسة قصیدة طائر یقبل من مذبحة من دیوان سید الوحشتین؛ والمنهج المتتبع في هذه الورقة التي تعکف علی قصیدة علي جعفر العلاق بالفحص والتحلیل، هو منهج عصام واصل السیمیائي؛ وتأتي أهمیة البحث من دور السیمیائیة في فهم النص وبلوغ الوعي الحقیقي عن هذه القصیدة الثوریة من جهة، ومن جهة أخری تنطلق عن الصلة العمیقة بین شعر العلاق ومنظوره الرؤیوي والواقع المعیش، مما یستوقفنا للوقوف عنده بالفحص والتحلیل. هذه القصیدة من أشهر قصائد العلاق، وهي تطفح بالإشارات والشفرات الجمالیة والروافد المختلفة، وتتمتع بالعمق السیمیائي، وتقودنا إلی الوعي الثقافي والحضاري لعلي جعفر العلاق. تشیر النتائج إلی أن الجمل البدئیة والاختتامیة تتمتع بالخاصیة السیمیائیة البارزة ویستخدم العلاق في هذا النص الشعري المکونات الخطابیة المختلفة للتعبیر عن الحالة المأساویة للعراق تحت الاحتلال الأمریکي، وفي المستوی العمیق من الدراسة تبین أن هذه القصیدة عارمة بالرافد التراثي، واستخدم الشاعر في منظومته الشعریة المنسجمة المتکاملة، مجموعة من الرموز المختلفة المرتبة بالحضارة الآشوریة والرموز الخاصة ببلاد الرافدین، للتعبیر عن مأساة الواقع العراقي، ونری المسار الصوري المتنامي في التعبیر عن سلبیة الواقع العراقي أو فاعلیة المرحلة الزمنیة قبل الاحتلال والمربع السیمیائي المتکون من الألفاظ والصور الشعریة والتراکمات الخطابیة لا یخرج عن إطار التشاکل في الحالة السلبیة أو التشاکل الدلالي المرتبط بالمرحلة الزمنیة قبل العاصفة الأمریکیة أو المفارقة والضدیة بین المرحلتین المختلفتین وفق النص الشعري. | |||||||
کلیدواژهها | |||||||
علي جعفر العلاق؛ قصیدة طائر یقبل من مذبحة؛ السیمیائیة؛ عصام واصل | |||||||
اصل مقاله | |||||||
إن السیمیائیة من المناهج النقدیة الجدیدة التي من مهامها دراسة النظام العلاماتي للنص أو الخطاب وتشریح النص والخطاب في المستوی الرموز والإشارات، وهو، في الحقیقة، محاولة نقدیة عبر الخوض في المهاوي النصیة للوصول إلی الحقیقیة النصیة، وهي المعاني والکنه النصي بعد تجاوز الظاهر العلاماتي للنص أو الخطاب. ظهرت السیمیائیة لأول مرة في کتابات تشارلز بیرس ودي سوسیر و«قامت علی مبدأ أساسي، وهو رفض الطرق التقلیدیة في مقاربة النصوص الإبداعیة ودعت إلی الاهتمام بدراسة شکل النص الأدبي باعتباره بنیة داخلیة ذات علائق تحکمها قوانین داخلیة. ومن هذا المنطلق، تعاملت مع النص تعاملا خاصا یختلف كل الاختلاف عن ما سبقها من المناهج والنظریات» (نوال، 2016م، ص 154). وظهرت بعد طلوع هذا المنهج النقدي المناهج الجدیدة وتشعبت وتفرعت إلی الاتجاهات المختلفة التي تختلف في الرؤیة ومجال التحلیل وکیفیة البحث النقدي السیمیائي. ویدخل هذا المنهج النقدي في الخطاب النقدي العربي، وکان لجهود النقاد المعاصرین، وخاصة النقاد الجزائریین المعاصرین، إسهام کبیر في بزوغ هذا الاتجاه السیمیائي داخل الخطاب النقدي المعاصر. وتکسب السیميائیة أهمیتها في الخطاب النقدي المعاصر من دوره الهام في فهم المعاني واستنطاقه وتجلیة المعاني والمقاصد بعد إزالة القناع عن وجوه المعاني والدلالات وتزید دائرة هذا الاهتمام، إذا کان الشعر هو المنصب والمرآی أمام الشاعر. ولا یخفی أن الشعر العربي المعاصر یبتعد فیه الشاعر كل البعد عن الخطابیة والمباشرة ویستخدم الطرق التعبیریة الملتویة ویعمل علی استخدام اللغة الشعریة بصورة التعقید والالتواء، بحیث یحد من البوح بالمعاني والمقاصد. وانطلاقا من هذه الحقیقیة، صارت السیمیائیة مهبط اهتمام النقاد المعاصرین، غیر أن الاتجاه السیمیائي في الخطاب النقدي العربي، یعاني من ضعف التکوین المنهجي، وهذا مما یمنع من التطبیق السیمیائي الجاد والناجح علی النصوص، وخاصة الشعریة منها. عصام واصل هو أول من عمل علی التکوین المنهجي للسیمیائیة، وأسقط نظامها المتکامل المنهجي علی قصائد عبد العزیز المقالح. ترمي هذه الورقة البحثیة إلی دراسة قصیدة طائر یقبل من مذبحة لعلي جعفر العلاق، من دیوان سید الوحشتین (2006م)، ویتم التحلیل وفق نظریة عصام المتکاملة للبلوغ إلی الوعي التام عن هذه القصیدة بالعکوف علیه بالدرس والتحلیل وفي المحاور الفرعیة المختلفة. وأخذت الدراسة علی عاتقها دراسة هذه القصیدة التي تطفح بالإشارات والرموز والخاصیة السیمیائیة. والهدف من خوض في هذه القصیدة المنعرجة والملتویة من حیث التعبیر والشکل هو الاستجابة إلی السؤال الذي یکون بمثابة الدافع للخوض في غمار هذا البحث العلمي، وهو: ـ ما الخاصیة السیمیائیة للممکنات النصیة والمکونات الخطابیة لشعر الشاعر؟ 1ـ1. خلفیة البحث تمت دراسات عدیدة حول شعر علي جعفر العلاق في الحقول المختلفة، نخص بعضها بالذکر: کتب حسین الیاسى ومحمدعلى آذرشب مقالة تحمل عنوان جمالیة التعبیر والدهشة في التشکیل في شعر علي جعفر العلاق: قراءة في ضوء نظریة التلقي (2017م)؛ وهي دراسة تأویلیة لقصیدة نواح بابلي. وکتب الکاتب نفسه مقالة معنونة بشعریة الرمز والتشکیل الصوري: قراءة في شعر العلاق (2017م). وكذلك مقالة مرجعیات العلاق الشعریة الأسطوریة والدینیة 1990 ـ 2013م أنموذجا، لسوسن هادي جعفر (2015م)؛ وهي دراسة عابرة للرموز والإشارات التاریخیة والدینیة في شعر العلاق. وکتبت طاهره حیدری وأمینه سلیمانى مقالة التشاکل الدلالي في شعر علي جعفر العلاق (2020م)؛ وهي دراسة لأنماط التشاکل المختلفة في شعر الشاعر، غیر أن المقالة تعاني من ضعف الفهم في مستوی الأشعار والقصائد ولا تتمتع بالعمق في دراسة الأشعار؛ والتحلیلات التي قدمت الکاتبتان في هذه المقالة مجموعة من تحلیلات المقالات المختلفة جمعتها الکاتبتان من المصادر المختلفة، ثم أسقطتاها علی شعر العلاق، وفي کثیر من الأحیان، تمرّان بالأشعار مرور الکرام وتکتفیان بالتحلیلات المبعثرة المجتمعة. وصدر دار فضاءات سنة کتابا عن شعر العلاق یحمل عنوان الصوت المختلف (2017م). والکتاب مجموعة من المقالات کتبتها الباحثون عن شعر العلاق، وأکثرها دراسة لشعر الشاعر في مستوی الرموز والموسیقی والأنساق اللفظیة لدیوان الممالك الضائعة. مهما يكن من شيء، فلم نعثر علی مقالة تمت بصلة لموضوع هذا الورقة البحثیة، وهي أول دراسة بنائیة منهجیة تعکف علی قصیدة الشاعر بالدرس والتحلیل، وفق المنهج السیمیائیة لعصام واصل لبلوغ الوعي التام بالقصیدة.
السیمیولوجیا[1] من الحقول النقدیة المعرفیة في الفکر النقدي المعاصر. هذا المنهج النقدي یسهم إسهاما کبیرا في فهم النص والخطاب، وهو علم یبحث في أنظمة العلامات اللغویة والإشارات. وعند إیکو، یعني بکل ما هو یمکن اعتباره إشارة أو علامة (تشاندلر، 2008م، ص 28)، مما جعل البعض یطلق علیه اسم نظریة الدلالة. کان ظهور هذا الحقل النقدي نتیجة قفز الوعي النقدي عند النقاد المعاصرین والمحاولة والمغامرة لبلوغ المنهج النقدي ذات الفاعلیة في استنطاق النص وکشف مجاهیله وغیاهبه. هذا المصطلح النقدي لا یکون جدید الظهور في النقد المعاصر، بل «یجمع الدارسون علی أن الإرهاصات الأولی لعلم السیمیاء، تعود إلی الحضارة الإغریقیة القدیمة؛ إذ یمکن العثور علی إشارات داخل الموروث الفکري الذي خلفه الیونان منذ القدم، تلك الإشارات التي یلتقي بعضها مع الکثیر من الأفکار التي قالت بها السیمیائیات الحدیثة» (شرشار، 2018م، ص23). في الحقیقة، عمل المشتغلون بحقل السیمیائیة علی تطویرها وتطویر طرقها وأسالیبها وآلیاته في معالجة النص والتعامل معها لحظة التلقي والصدام مع النصوص المختلفة، وعند المحاولة لتشریح النصوص واستنطاقه بالتعکز علی مجموعة من إجراءات التحلیل التي تساعد علی وصف أنظمة الدلالة (بنکراد،2003م، ص 78). السیمیوطیقیا أو السیمیائیة معادل للمفردة الإنجلیزیة في النقد العربي المعاصر. ودخل هذا المصطلح في خطابنا النقدي نتیجة الاستقبال الواعي لخطاب الآخر النقدي من قبل نقادنا المعاصرین البارزین، مثل یقطین والمرتاض والبازعي وصلاح فضل ومحمد مفتاح من الجزائر وغیرهم الذین أسهموا اسهاما كبيرا في تبني السیمیائیة فکرة ومنهجا في الخطاب النقدي العربي المعاصر. والسیمائیة في الفکر النقدي العربي في تأثره بالفکر الغربي النقدي هي «تعني علم دراسة النظام العلاماتي للنصوص أو المنهج النقدي الذي یستنطق النص» (اینو وآخرون، 2008م، ص 33)، وهو منهج نقدي یزیل غطاء الغموض واللاخطابیة عن وجوه العلامات والصور، وهذه هي مهام السیمیائیة في الخطاب النقدي المعاصر في دراسة علامات النص والمنظومة العلاماتیة للنصوص المختلفة التي تبتعد عن الوضوح والمباشرة. وأصبح هذا المنهج مؤثرا ومختارا من قبل الکثیر من الباحثین والدارسین العرب واکبّوا علی النصوص المختلفة بالرؤیة السیمیائیة بعد اعتبارها نظریة المعرفة والعبور، غیر أن اتجاه الدراسة والتحلیل السیمیائي یختلف من ناقد إلی أخری، وراح نقادنا المعاصرون لتطبیق النظریة السیمیائیة علی النصوص المختلفة في النواحي المتعددة. البحث السیمیائي صار میدان الحراك والتشاجر النقدي في الساحة النقدیة المعاصرة، مما حد من بناء المنهج السیمائي المنسجم في خطابنا النقدي المعاصر ورغم ما بذل النقاد من الجهود والممارسات في هذا المیدان، غیر أنها جهود لا تتجاوز الإطار الموضوعي المتحیز والمرتبط بالناقد. ولا نبالغ القول، إن قلنا عصام واصل هو الذي طالع حصیلة الجهود النقدیة للنقاد العرب والنقاد الغربیین، وتبنی فکرة مارسلو داسکال في تحدید الاتجاه السیمیائي إلی التواصلي والدلالي والتعبیري، وتمکن في النهایة من بلوغ الانجاز النقدي في الدرس السیمیائي، وعرض لأول مرة منهجا سیمیائیا منسجما ومتکاملا، وأسقطها في المحاور الفرعیة المختلفة علی مجموعة من قصائد الشاعر والناقد عبد العزیز المقالح، واعترف الناقد في مقدمة کتابه بالعقم المعرفي والمنهجي في مجال الدرس السیمیائي، واعتبر خطوته ومنهجه محاولة حقیقیة ومبارکة في مجال الدرس السیمائي وفي الخطاب النقدي المعاصر، وهذا هو المنهج المتتبع في دراسة شعر علي جعفر العلاق.
أجری کاتب هذه الورقة البحثیة حوارا مع علي جعفر العلاق، وسأله عن القصیدة والأجواء المحیطة بها وظروف إنشادها. إن قصیدة طائر یقبل من مذبحة من القصائد التي نشرت في مجموعة سید الوحشتین التي صدرت عن مؤسسة العربیة للدراسات سنة 2006م. کتبت هذه القصیدة في مناخ ومزاج دموي ساد العراق کله في تلك الفترة. وهذا المزاج الدموي من ناحیتین: ناحیة الاحتلال الأمریکي الذي دمر کل شیء، دمر حضارته وثقافته ودمر الألفة الاجتماعیة والنسیج الاجتماعي بین قواعده ومکوناته؛ والمصدر الثاني لهذه الدمویة في عامي 2006م و2007م في العراق. قال العلاق عن هذه القصیدة: کنت ککل العراقیین نری هذا الوطن الذي کان متماسکا، وعرف بعراقته وأصالته یتفتت ویغدو کالغبار بفعل فاعل. أنا في هذه الفترة کتبت قصائد کثیرة، وکلها تستدعي أساطیر وادي الرافدین. هذه القصیدة من أهم تلك القصائد، واستدعاء الأساطیر الرافدیني القدیمة والأسماء الأسطوریة والأماکن الأسطوریة فیها. هناك جلجامش وعشتار وأنکیدو وأوروك وبابل، وکلها محاولة مني عبر استذکار ثقافة العراق وحضارته وأساطیره، محاولة لترمیم هذه الجراح ولترمیم هذا البلد الذي یعاني التفتت والتشظي، وکأن اللاوعي یقول: إني أعود إلی هذه الأساطیر لأحظی بهذا التماسك الذي افتقده في هذه اللحظة التاریخیة الدمویة. وهذا عن الجو المحیط بالقصیدة في هذه الفترة الحرجة من تاریخ العراق، وهي محاولة مني أن أقاوم هذا القبح وهذه النوایا السوداء والفعل الإجرامي أواجهه بذاکرة تستحضر تاریخ العراق القدیم وحضارته وثقافته ومکونات القوة فیه (13/1/2021م). لمواجهة فعل الخراب والضیاع وإعادة الحیاة إلی الأرض المأزومة بفعل العدوان، وتأسیس الوعي عند الجماهیر والحفاظ علی حلم الإنسان العراقي الذي یعاني من ویلات الحرب بالفعل التوثیقي علی حتمیة الخروج من المذبحة والدوامة. وأما عن ناحیة الإبداع والإیقاع، فیقول علي جعفر العلاق في هذا الحوار عن قصیدته: الإیقاع المهیمنة علیها هي الوزن الخفیف؛ لکن بدأتها وختمتها ببحر الرمل، وکذلك قطعت القصیدة بمقاطع فیها نوع من الندب والشجن ونوع من البکائیات واستنهاض الماضي؛ ولکن هذه المقاطع تخرج من البحر المهیمن إلی البحور الأخری، إلی الرجز، وإلی المتدارك، وإلی الرمل، کما أشرنا (المصدر نفسه). وهذا یعد نوعا من الإبداع بالنسبة للقصیدة. وأما من ناحیة الإبداع في المستوی اللغوي، فیمکن القول إن المسافة الجمالیة وزرع الدهشة في منطقة التشکیل الشعري وسیاقة المتلقي إلی الإدهاش والمباغتة الفنیة، مما یطمح إلیه علي جعفر العلاق في قصیدته. والنسیج اللغوي لهذه القصیدة یمیل إلی اللاخطابیة والخرق والعبور في المستوی التأسیسي بین المفردات في ارتباطها بعض. ولا غرو من أن نشیر إلی حیویة الصور الشعریة لهذه القصیدة وخاصیة الإمتاع ونشاط التلقي نتیجة حرص الشاعر الشدید علی الجانب الجمالي للشعر وتوقه إلی الإبداع وتجاوز المألوف والمعتادة انطلاقا من وعیه بثورة الشعر، وهي تکمن عند العلاق بخرق العلاقات داخل القصیدة وبناء الفضاء الشعري الجدید الذي یحمل وسم الغرابة والدهشة.
الدراسة السیمیائیة لهذه القصیدة تتم من خلال دراسة القصیدة في المحاور المختلفة التي یطرحها الناقد عصام واصل. والمحور الأول من محاور التحلیل السیمیائي عند الناقد هو دراسة العنوان بوصفه البؤرة المرکزیة للدلالات والمعاني المختلفة التي تشیع في طیات النص الشعري. إذن لیس اختیار العنوان في النص الشعري المعاصر علی أساس الصدفة والاعتباطیة، بل انتقاء وتنظیم علی أساس الوعي والمعرفة، ویعد من أهم مفاتیح الدخول إلی عالم القصیدة الفني واستکشاف مکامنها، وهو «یشرف علی النص لا لیضيء ما یعتم منه فحسب، بل لیوجه فعل القراءة ولم یخطيء محمود عبد الوهاب حین سمی العنوان بثریا النص» (الخلیل، 2012م، ص 114). لأهمیته في القراءة وخلق الخلفیة المعرفیة بالنص الشعري عند المتلقي وتوجیه فعل القراءة والمقروئیة النصیة وفي الحقیقة القبض علی الحمولات الدلالیة للعنوان والفهم الواعي للعنوان، یسهم في الإشراف والاعتلاء علی النص الشعري واستجلاء مکامنه الدلالیة. وفي ضوء هذه الحقیقة، یهتم الدرس السیمیائي بالعنوان. وأما عنوان قصیدة علي جعفر العلاق من حیث التنظیم الترکیبي، فهو جملة اسمیة تتکون من الجزئین. وإن قلنا إن "الطائر" مبتدأ في هذا العنوان، فما یسوغ الابتداء بالنکرة هو الصفة المحذوفة للعنوان، والصفة المحذوفة صفة سلبیة تتلاءم وطبیعة المذبحة والمناخ الدموي الذي یعیش فیه الطائر. وهذا الطائر في القصیدة رمز للجمال والزهو، وهو العراق في هذه القصیدة، وهو یقبل من المذبحة لینعی الحضارة العراقیة العریقة، ولیکون إقباله إیذانا بالأفول والغروب للحضارة العراقیة في ظل الحرب الأهلیة والدکتاتوریة. ویمکن أن یکون الطائر في عتبة العنوان، هو الخبر للمبتدأ المحذوف، والحذف في عتبة العنوان يثير عادة حساسیة التلقي عند المتلقي، ویقوي في نفسه فعل المتابعة والاستمراریة والحض علی الولوج في عالم القصیدة. من الناحیة الدلالیة، یمکن القول إن استهلال الکلام بالطائر وإقباله من المذبحة، وهي معادل للمناخ الدموي للعراق، إشارة شعریة إلی توق الأرض إلی الحیاة الجدیدة، وإلی الحیویة الحضاریة وترمیم هذ الحضارة التي صارت عرضة للضیاع والخراب. وهذا من الناحیة التداولیة للعنوان في إشرافه علی النص الشعري لعلي جعفر العلاق، شاعر الرافدین، من خلال التکرار المکثف للمذبحة في النص الشعري للتعبیر، والتعمیق لمأساة العراق، والإقبال محاولة للخروج من دوامة الخراب والضیاع، وإشارة إلی استمراریة الحیاة في العراق بدلالة الحدث الأسطوري. فالطائر في قصة عشتار وجلجامش تقتله عشتار، رغم أنها کانت تستمتع بلونه وجماله وزهوه وصوته المغرد وریشه الجمیل؛ ولکن عشتار قتلت طائر الشقراق؛ ولکن الطائر في عتبة العنوان یقبل من المذبحة ویرفض الضیاع والفناء رغم العناء والمأساة، ویخرج من الدوامة التي حاصرت الطائر في معادله للعراق. 4ـ1. الخصائص السیمیائیة للجمل البدئیة لقد اهتم الدرس السیمیائي عند عصام واصل بالجمل البدئیة، من حیث البناء والترکیب والتنظیم النحوي، ونوعیة الجملة ترتبط عنده بالخاصیة السیمیائیة للنص، ویری أن الجمل البدئیة مفاتیح السیمیائیة في النص لا تقل أهمیة عن بقیة العتبات النصیة، ومن وظائفها عند عصام واصل أنها تقدم فکرة مصغرة عن النص وتختزل مضامینه وتثیر فکر القاريء تمهیدا لإدخاله في عملیة قراءة النص وتقدم رؤیة کلیة (واصل، 2013م، ص 15 ـ 16). وتکون بمثابة أرضیة تغذي وعي المتلقي ویوجه المقروئیة النصیة وتحمل الوظیفة الخاصة. قصیدة علي جعفر العلاق من القصائد التي تحتوي علی الطاقات السیمیائیة الثرّة، وخاصة الجمل البدئیة لهذه القصیدة من ناحیة العلامة وناحیة الوظیفة النصیة التي تحملها في القصیدة. یقول الشاعر في افتتاحیة قصیدته: قبلَ أن تنفلتَ الظلمةُ / من قشرَتها ویَصیرُ اللیلُ / طفلینِ بدائیین / صیفاً وشتاءً / قبلَ أن یَغمسَ عُصفورٌ جناحیهِ / بحبرِ الغیمِ أو یَبتَهلَ الحطّاب / للغابة / والصخرُ إلی طینٍ وماءٍ / کنتُ بَل ما زلتُ بل ربَّما أبقی وأغني / لبلاد تارة تطفح بالضَوء / وتارة بالدماء (2014م، ص 182). وعند التمعن في إفتتاحیة هذه القصیدة، یتسنى لنا أن الشاعر استخدم الظرف للإشارة إلی المظروف المعیش قبل الحدث وقبل الدوامة الجدیدة التي عصفت بالعراق. وخاصیة الجمل الفعلیة في هذه الافتتاحیة ـ وقد أشرفت علیها الظرفیة المتمثلة في لفظة "قبل" ـ تکمن في الدور الوظیفي للجمل الابتدائیة، بحیث یبعث عند المتلقي الحرص علی متابعة القراءة والرغبة للوعي بالزمن الحال، وما یعيه المتلقي عندما یصدم بالجملة المتصدرة بالظرف هو التحول الزمني والمفارقة الزمنیة بین ما مضی وما یحدث. والألفاظ المستخدمة في هذه الابتدائیة تمتلك طاقات سیمیائیة ثرة للتعبیر عن المفارقة بین الزمنین؛ فالشاعر في الزمن الماضي یغني ویبقی تعبیرا عن أجواء البهجة والسرور؛ ولکن خصوصیة الزمن الراهن هي القتامة والظلمة، ویشیر الشاعر إلی قتامة الواقع بتجسید انفلات اللیل وانطلاقه وصیرورة اللیل وغمس جناحي الطیر في حبر الغیم. والدال اللوني المهیمن علی هذا الفضاء الشعري یوجه المتلقي إلی قتامة الوقع والوضع المأساوي للعراق في الزمن الذي یردف الزمن الماضي الطافح بالبهجة والحیاة. ویمکن القول إن السواد في هذا التشکیل الشعري علامة لونیة توجه تلقي القاريء للنص وتجسید حقیقي للکآبة والحزن (ربابعة، 2012م، ص 125)، الذي غطی الشارع العراقي زمن الاحتلال بعد أن کان العراق ردحا طویلا من الزمن یعج بالنشوة والبهجة والسرور. تعلقیة الظرف بالفعل في ختام المقطع الافتتاح یقودنا إلی اختصاصیة الحالة والمعرفة بالزمن الماضي وحالة الخروج والثنائیة مع البعدیة في الزمن. یقول الشاعر بعد هذه الافتتاحیة: جاء شیخ الفصول عذباً / قدیماً والسهول تَرامَت / بینَ کفیهِ أنهراً وأناشیدَ / بلاداً قدیمةً / کنتُ أنمو بین غزلانها / أکان الفجرُ في الغاب حینَها / لم یکُن للریحِ سقفٌ یَرُدُّها / کلُّ شيءٍ غائماً کان کالنعاس (المصدر نفسه، ص 183). والافتتاحیة لهذه القصیدة استرجاع واستذکار للماضي. واستخدم الشاعر في القصیدة الجملة الفعلیة المتمثلة في مجيء شیخ الفصول، وهو الشتاء بدلالاته المألوفة في وعي المتلقي، ثم أردفه بالجملة الاسمیة المتمثلة في السهول، وهي تترامی عن کفیه الأنهر والأناشید. ویبدو أن الشاعر من خلال خلق المفارقة بین الجملتین، من حیث الزمن یشیر إلی حرکیة الزمن وحرکیة إیقاع الزمن في العراق قبل الحدث. وأنسنة السهول في القصیدة تعبیر عن حیویة الحیاة في العراق وانبعاث الأنهر والأناشید عن کفیه في الصورة الأنسنیة «مع کل ما سبقت الإشارة إلیه تأکید من الشاعر علی سیاد الزمن الفاعل في النص الشعري» (فتحي، 2017م، ص 73). وحرکیة الزمن وانتفاء وقوف إیقاع الزمن في العراق رغم کل الممارسات الإجرامیة من قبل عشتار العصر الحاضر وأجواء الحریة والانفتاح في العراق، تتجسد في انتفاء السقف للریح والنشوة المتمثلة في النعاس. والملحوظ الاستفهامي في هذه الافتتاحیة تأکید واعتراف من الشاعر علی فاعلیة الزمن في العراق وسیولته والحالة الإیجابیة وبزوغ الفجر في أجواء الحریة الانفتاح المستمر. والسؤال الذي یطرح نفسه في هذا السیاق الشعري هو الدلالات التي تحملها لفظة الشتاء. والحقیقة أن الشتاء عند علي جعفر العلاق ردیف للحلم وردیف للإبداع، وهو یعتبر نفسه الکائن الشتوي بامتیاز، والشتاء عنده هو شیخ الفصول، وهو الذي یجعل للحدیث الدفء الخاص، وهو الذي یحقق لحظة الحلم والإبداع حول المواقد، ویضرم فتیل الإبداع، وهو بالتأثر مما قال الشاعر الفرنسي یری أن الحالمین وحدهم یحبون الشتاء القاسي، وأنا أصل ذروة الحلم والإبداع في الشتاء؛ ولهذا یسمي الشاعر فصل الشتاء بشیخ الفصول؛ وحضور الشتاء في هذا السیاق یتشاکل من ناحیة الدلالة مع الألفاظ التي وظفها الشاعر للتعبیر عن سیادة الزمن الفاعل في العراق، ولحظة الحلم واستمراریة الحیاة والفعل الحضاري. والشتاء بهذه الدلالات عند اجتماعه مع الدلالات العلاماتیة للرموز الأخری تتشکل بها أیقونة سیمیائیة یرید بها الشاعر مقاومة فعل الهدم والخراب والتأکید علی سیولة الزمن الفاعل واستمراریة الحیاة، رغم مشروع الذبح والقتل والخراب یمارسه العدوان. 4ـ2. الخصائص السیمیائیة للجمل الختامیة إن انتقاء الجمل والمفردات في ختام القصیدة والمقاطع الأخیرة لم تتم علی أساس الصدفة والاعتباطیة، بل اختیار الألفاظ ونوعیة التنظیم الترکیبي للنص الشعري تنم عن الوعي الشعري والسیمیائي عند الشاعر. وفي الحقیقة، أن الجمل الختامیة ذات الشحن الدلالي والطاقة الإیحائیة ومعماریة النص الشعري حصیلة الوعي الشعري والسیمیائي للشاعر، ونتیجة هذا الوعي تصبح النص الشعري بمثابة الأیقونة السیمیائية والمفردات داخل النص الشعري تصبح مرکز الإشعاع الدلالي (کاظم، 2017م، ص 21). والبوح الإیحائي وکل جملة تحمل وظیفتها الخاصة في صیاغة النص الشعري ومن ناحیة الإیحاء الدلالي. ویمکن القول ـ ونحن نتحدث عن الخصائص السیمیائیة للجمل الختامیة وحضور المفردات في هذه الجمل ـ إن الجملة الختامیة محاولة شعریة من الشاعر لمد المتلقي بالعون في مغامرته في فضاء النص الشعري للفهم والمعرفة بالقصیدة؛ وبالنهایة ویری عصام واصل أن الجمل الختامیة «تقدم ما یشبه الإجابات التي تضمرها الجملة الافتتاحیة» (واصل، 2013م، ص 21)، والتي تطرح في وعي المتلقي وتنبثق عنها الحدة والشدة لبلوغ الإجابات الواضحة للمسیرة النصیة. في قصیدة العلاق، نری الشاعر قبل الختامیة یوجه السؤال عن أوروك إلی الجماهیر، ویجسد المراکب لا تزهو، ویسأل عن بقایا القیثارة، وهي واهبة الحیاة في المرجعیة الأسطوریة، لکنما أصابها الخفوت، ویسأله عن انطفاء جذوة الحیاة في العراق تحت سلطة ذئاب تعوي في الشارع العراقي. ویقول الشاعر في المقطع الأخیر من قصیدته: أکانت شَمسُ أوروك / خُدعةً / أ یکونُ الموتُ یوماً بدایةً / نائحاً أسأل الرَّصافةَ / والکرخَ: أغني لبابلٍ وأغني / أرض آشور؟ أنادي خُذ لأوروك عُشبةً / خُذ بقایا جُثثِ الخیلِ / خُذ یدي، خُذ رمادي ... (2014م، ص 193). والمقطع الشعري متصدر بمجموعة من الجمل الفعلیة. وفي الحقیقة، یتأرجح البناء التنظیمي للمقطع الشعري ما بین الماضي والمضارع والأمر. وفعلیة الجمل ونوعیتها تشیر إلی عدم استقراریة الحالة المأساویة للعراق وإمکانیة التحول والتغییر في العراق والخروج من الدوامة التي یعیش فیه. والملفوظ الاستفهامي في بدایة المقطع یؤکد علی حتمیة وهج الشمس والفاعلیة الحضاریة للأرض والفعل الالتماسي المتمثل في "خذ" لإعادة عشبة الخلود الجلجامشي محاولة لبث الحیاة في العراق وإضرام فتیل الفاعلیة الحضاریة للخروج والنهوض. والرماد إشارة إلی الحیاة الفینیقية وخاصیة الانبعاث والحیاة الجدیدة للعراق وحضارته. ومما لا بد من الالتفات إلیه في هذه اللوحة الشعریة هو أن علي جعفر العلاق شاعر الوطن والانتماء إلیه، وبلغ هذا الانتماء في هذه اللوحة حد التوحد والتقمص. یقول الشاعر في المقطع الأخیر من قصیدته: طائرٌ یُفلِتُ مِن مَذبَحةٍ / یتلظّی بَینَ جَمرٍ ورماد . ساطعاً یعلو ... ویهوي / علی أسماله لا شذا الحُزنِ / ولا حبرُ الحداد ... / دامیاً یَعلو ویعلو ... / ناشراً ضوءهُ الدامي / میاهاً وبلاد ... (المصدر نفسه، ص 193 ـ 194). والختامیة تأکید علی سیولة الزمن، واستمراریة الحیاة في العراق حالة المخاض والولادة الجدیدة للعراق وسط الحصار وأجواء الموت والضیاع. والشاعر في هذه الختامیة یعیدنا إلی الطائر في عتبة العنوان في الجملة الاسمیة، والطائر هو العراق والحضارة العراقیة التي تعاني من الحرب والدوامة التي تدور به، والطائر له المرجعیة الأسطوریة. وثمة مفارقة بین الطائر في هذه القصیدة والطائر في ملحمة جلجامش والمفارقة بین نهایة طائر قصیدة العلاق والطائر الشقراق في ملحمة جلجامش. ففي ملحمة جلجامش، نری عشتار تقتل طائر الشقراق، رغم أنها کانت تستمتع بلون الطائر وریشه الجمیل وصوته المغرد (الحواري، 21/1/2014م). لکن عشتار العصر الحاضر، وهي أمريكا قاتل الحیاة، لا تتمکن من قتل الطائر/ العراق وإخماد الوهج الحضاري في أرض الرافدین، ورغم كل المعاناة والعذابات التي أحدقت الطائر في صورته الرمزي، إلا أن الطائر في النهایة یفلت من المذبحة والدوامة، ویتلظی من بین النار والرماد تعبیرا عن الانبعاث والحیاة الجدیدة للعراق، ومواصلة الفعل الحضاري. وهذه هي الخاصیة الحضاریة للعراق. والدال اللوني في المقطع الختام یعزز دلالات النص علی معاني الحیاة الجدیدة والخروج والانفتاح من خلال المفارقة بینه وبین البیاض الذي یحمله الطائر إلی الأرض وانتفاء حبر الحداد علی أسمال الطائر الشقراق. ویمکن القول إن هذه الختامیة والمصیرة المشرقة للعراق تتجسد في خروج الطائر من المذبحة، تکون بمثابة الحل لمجموعة من العقد، تتسرب إلی ذهن المتلقي ووعیه عند تلقي افتتاحیة هذا النص الشعري؛ فتصبح الاختتامیة بدلالاته السیمیائیة شرحا وتفصیلا وتمطیطا لدلالات العنوان . 4ـ3. المکون السردي في البنیة السطحیة إن دراسة الذوات والحالات والتحویلات من أهم محاور التحلیل السیمیائي لعصام واصل بالتأثر من کتابات غریماس[2] جوزف کورتیس السیمیائیة. والنظرة العامة في هذا الاتجاه السیمیائي هي أن النص السردي یتضمن مجموعة من الحالات في الارتباط بالذوات، أي «یتقدم المکون السردي في أي نص بوصفه سلسلة من الحالات والتحولات في مسارات النص المتعددة ومجموعة من الملفوظات، إما أن تکون ملفوظات حالة أو فعل، وبناء علی الفعل التحویلي الذي یؤدیه المعارض، فیحدث اختلالا تسعی الذات بعده إلی التوازن، ومن ثم الامتلاك» (واصل، 2013م، ص 26). وعند التمعن في قصیدة العلاق وفق ما یطرح عند غریماس، نری أن الملفوظات في هذه القصیدة من نوع الحالة والفعل التحویلي معا، والفعل التحویلي یصدر عن الریح وعن عشتار، والریح رمز الخراب والدمار: داهَمتنا الریحُ ... / انکسرَ النهارُ / شممنا الدَّمعَ والمِلحَ في التلالِ / سمعنا دم عشتارَ صاعداً / غرقنا في دمّ الریحِ / وظلَّ السهلُ رطباً / ظلَّت نجمةٌ فِي دمائِنا تَتَلظّی ... / کان الدمُ ضَوءاً / بل وُضُوءاً للعَراقیینَ (2014م، ص 188 ـ 189). ومداهمة الریح ومباغتتها للعراق بدایة للفعل التحویلي من الریح، وهي تزرع الخراب والدمار في الأرض وتجر الأرض إلی الضیاع والخراب. وتأتي عملیة تحویلیة من الأرض ومن الشعب لإعادة التوازن وإعادة الحیاة إلی الأرض وإزاحة الخلل الذي تخلقه الریح علی وجه الأرض بفعل المجابهة والمقاومة والفداء المتمثل في الدم، وهو القرینة المضمرة للشهادة وبها تتلظی وتسطع علی وجه الأرض وتبزغ. وما یجلب الحیاة إلی الأرض هو الشهادة والفداء وفعل الندی مقابل الشرر الأمریکي، وهذا هو رمز الخلاص ورمز إلغاء حالة الافتقار والخلل. یطرح غریماس في دراسة البنیة العاملیة للنص والمکون السردي نوعیة العلاقة بین العوامل، ومن أنماط العلاقة هي علاقة الرغبة؛ فرغبة الذات في الاتصال بالموضوع تتولد نتیجة وجود باعث لها تتمثل في المرسل الذي یعتبر المحرك أو الدافع لتولید الرغبة لدی الذات أو المرسل إلی بهدف إلغاء حالة الافتقار (المرزوقي وشاكر، 1969م، ص 65 ـ 66). والخلل الذي یتأتي من الفعل التحویلي للریح وعشتار العصر الحاضر وعملیة تولید الرغبة لدی الذات تأتي من توجیه الفعل الالتماسي إلی المرسل إلیه للبحث عن عشبة الخلود الجلجامشي لإعادة الحیاة إلی الأرض. وأما بالنسبة لمراحل الحالات وفق ما یطرحه عصام واصل في مقاربته، فنری ثلاث حالات: ما قبل، أثناء، وما بعد. وحالة ما قبل في القصیدة ترتبط بأجواء الفرح والبهجة وإدامة الحیاة، وأثناء هو الحالة الراهنة المأساویة وتحویل العراق من الحالة السابقة إلی الحالة السلبیة وإلی المذبحة: غزاةٌ یَعبُرونَ الفراتَ / یقطعونَ المیاه / غیومٌ قدیمةٌ تتلوّی ظمأً والفرات یرفلُ / بالموج / نهارٌ مهشَّمٌ / شمس ذَبُلت / أي غروبٍ / صنعته الغِربانُ والغرب (2014م، ص190). وتتحول الحالة السابقة إلی حالة أخری تحت الاحتلال الأمریکي الغربي. وفي هذه الحالة، تنطفيء الشمس تذبل ویتهشم النهار والنجمة تخفت والغیوم تتلوی من العطش إثر الفعل الإجرامي للآخر الأمریکي. وثمة حالة أخری في القصیدة، وهي الحالة الإیجابیة وخروج العراق من المذبحة والدوامة. وما یحقق التحولیة في الحالة الوسطی هو المغامرة والمجابهة وفعل الشهادة والفداء في سبیل الأرض والوطن. وهذا هو الذي یعید الأرض إلی حالة التوازن والاستقرار السابق، بحیث یصبح الهدوء سیّد المواقف. 4ـ4. المکون الخطابي في البنیة النصیة وبعد دراسة المکون السردي في المقاربة السیمیائیة، یقوم عصام واصل ـ شأن غریماس ـ في طروحاته السیمیائیة بدراسة المکون الخطابي للنص الشعري. وإذا کان المکون السردي دراسة للبنیة العاملیة للنص، فالمکون الخطابی دراسة للمسارات الصوریة والاشتغال الصوري في النص الشعري. وفي الحقیقة، هو المستوی المرتبط مباشرة بعملیات التصویر والمسارات التصویریة التي تعد عنصراً مولدا لسلسلة من الأدوار الثیماتیکیة (بنت محیسن القثامی، 2019م، ص197). والإستاطیقیة في النص، ویمثل هذا المستوی عند عصام واصل حلقة وصل بین المستوی السطحی والعمیق، من حیث إنه یحدد الدلالة الأولیة للنص. ویتم عبر هذا المحور دراسة الصور المحوریة المتمفصلة في النص، ومن ثم تحدید الأدوار الموضوعاتیة للممثلین (واصل، 2013م، ص 37). من خلال دراسة التصویریة والمسار الصوري للنص والتشاکلات الخطابیة وفي هذه القصیدة التي بین أیدینا، نحن أمام الصورتین المرکزیتین: صورة الحیاة، وصورة الموت أو صورة الأرض، وخاصیة الحیاة لها؛ وصورة عشتار العصر الحاضر، وهي أمریکا، وخاصیتها الخراب والدمار. والمسار الصوري للنص الشعري عن علي جعفر العلاق یتکون من مجموعة من الصور المتضامة الشعریة تجسد خاصیة کل من الممثلین في هذا النص الشعري: النهارُ یصعَدُ عَذباً / من سَواقي أوروك یُلقي / لعشتار رداءهُ / تتعالی غیمةٌ مِن سَریرها الخصبِ / یعلو طائِرٌ مِن ثیابِها / فضجّت أنهُرٌ ثَرَّةٌ / فاضَ النهارُ والغیوم تکسَّرت / سالَ منها / الضوءُ والعنبرُ القدیمُ ... (2014م، ص 185). والنهار والغیمة من الألفاظ المرکزیة للتشکیلات الصوریة في هذه القصیدة. ومرکزیة النهار والغیم في هذا التجمع الصوري والنهار في صورته اللکسیمیة یحمل الدلالة المألوفة. وفي حقیقتها الدلالیة، تحمل هذه اللفظة دلالات الإشراق والبیاض والهدوء ونقیض السواد والقتامة والغیم حامل المطر، وفي حقیقته الدلالیة، یحمل دلالات الخصب والنماء، وکلُّ من الغیم والنهار في هذا التجمع الصوري، وفي مرکزیتهما تتمتع بالحرکة والتصاعدیة في الحرکة والنهار، مثل الطائر الشقراق یسیر نحو الصعود والتعالي في المشهد الشعري، لیصل إلی الغیم لتکون الصورة الشعریة تعبیرا عن رحبة فضاءات الحیاة والخلود والتوهج. وفي هذا التشکیل الشعري، یصعد النهار عذبا، کما یعلو الطائر الشقراق، ویلقي النهار رداءه علی عشتار لیقاوم مشروع القتل والضیاع والغیوم تنهض من سریرها حاملة الخصب والنماء إلی الأرض. وفي المسار الصوري لهذه القصیدة، نری الأنهر الثرّة تضجُّ والنهار بعد صعوده یفیض والغیوم في حرکتها تتکسر ویسیل منها الضوء والتوهج لتکون حاملة الوهج والإنارة إلی الأرض ویسیل منها العنبر القدیم وتتنزه عنها رائحة الحیاة والغیم إلی جانب دلالات الخصب والنماء. یبدو أن الشاعر یتوخی برمزیة الغیم الإشارة إلی إرهاصات الثورة والخلاص في العراق المعاصر. وما یلفت الانتباه في هذا المسار الصوري هو الاتصال بین النهار وبین الغیوم، وهذا الاتصال هو اتصال الأرض بالسماء، وفي تجسید هذه التواصلیة تعمیق لفاعلیات الأرض والتعبیر عن فضاء الحیاة الرحبة للعراق. وأیضا اسمیة الجمل في صعود النهار من سواقي أوروك لیلقي رداءه علی عشتار للحد من خفوت جذوة الحیاة، واسمیة تکسُّر الغیوم لیسیل منها الضوء، و"العنبر" تأکید علی دلالات الصورة وتعزیز لها، ودلالة الدال المرکزي المتمثل في النهار وفي الغیوم، ومثل هذا المسار الصوري نراه في قوله: صعدنا مع المیاهِ / طائرٌ یحتضنُ الحیاة / کان یختضُّ نشوةً / یمضي صوب أرض من القصائد / یمضي إلی المنی لا المنایا / طیرٌ یتحدّی الظلام / کلُّ آجرة تضيءُ / لآشورَ طریقاً لقبره وللفتوحات ...(المصدر نفسه، ص 188). وفي حرکة الصورة في المشهد الشعري، نری الحیاة بدلالاتها المختلفة تمثل محوریة النص الشعري، و"الطائر" في هذا النص الشعري هو الممثل في حرکته المتنامیة، وهو یصعد مع المیاه، ویحتضن الحیاة، وفي حرکته یمضي نحو أرض من القصائد. والقصیدة رمز للحلم الإنساني، وهو ما یمضي صوبه الطائر، وثم یمضي صوب المنی ویرفض المنایا وبعده یتحدی القتامة والسواد. ونجد، في هذا المسار الصوري، نوعا من التجمع الخطابي في الدلالة علی الحیاة والحلم؛ لتکون للصور المجموعة في هذه الحرکة السیاقیة خاصیة التکثیف لحالة الحیاة ورفض الغیاب وتجسید حالة الذات في صراعه مع المعارض الذي یجلب القتامة إلی الأرض وتوقه وحرکته صوب الحلم والقصیدة والحیاة العارمة بالنشوة والوهج. وأما التجمع الصوري لهذا التشکیل الشعري، فهو من ناحیة البناء الترکیبي یتکون من الجملة الفعلیة في أکثر من جملة. وحضور الجمل الفعلیة في هذا السیاق یتلاءم وحرکة الطائر صوب المنی والحلم الجمیل کما في هذه الجمل؛ وهیمنتها علی الفضاء النصي تأکید علی «خاصیة الاستمرار والتجدد للأرض وألق الحیاة القابلة للتجدد والاستمرار» (یونس، 2010م، ص 105)، في الحضارة العراقیة والانبعاث الجدید والخروج المستمر من رکامات الموت والضیاع؛ وفي الحقیقة، إشارة إلی استمراریة الزمن وحرکیته وانتفاء إیقاف إیقاع الزمن الفاعل في العراق، وانتفاء الجمود والتحجر وحتمیة حالة الانفتاح، واستمرار الحیاة رغم کل العذابات والمعاناة. والبنیة السردیة في هذا التجمع الصوري یعزز دلالات الصورة والدلالات المنبعثة عن البناء التنظیمي للجمل. فالسرد یسرع حرکة الزمن وجریان الأحداث. وأیضا هیمنة المضارع في هذا النص الشعري تدفع بحرکة النص نحو الامتداد کصعود الشاعر والطائر معا، وهذا الحضور للأفعال المضارعة «تنحاز بها الرؤیا الشعریة لصالح الحرکة علی السکون والحیاة علی الموت» (المصدر نفسه، ص 117 ـ 119)؛ وتأکید هذا الحضور علی استمراریة المقاومة والمجابهة والتحدي من قبل الأرض في مواجهة الأعداء من دون الرضوخ والانتکاسة، وهذا هو خاصیة الأرض عند علي جعفر العلاق. 4ـ5. البنیة العمیقة للنص الشعري یجري التحلیل وفق ما یطرحه عصام واصل في دراسته السیمیائیة السردیة من البنیة السطحیة بمکونیها السردي والخطابي، ودراسة ترتیب الحالات والتحولات والبنیات العاملیة للنص والمسارات الصوریة في المکون الخطابي، وهذه المسارات الصوریة التي یحینها النص بواسطة الأشکال الخطابیة (زاهیة، 2016م، ص 71). وبعد دراسة المکون السردي والخطابي والبنیة السطحیة، یتطرق الناقد إلى دراسة البنیة العمیقة للنص. ویهدف المستوی العمیق إذن إلی إضفاء تمثیل منظم ومنطقي علی شکل المضمون. ویتم تناول النصوص في البنیة العمیقة بواسطة آلیتي "الوحدات الدلالیة الصغری"، وکذا "المربع السیمیائي"، وما بینهما من آلیات تابعة لهما (واصل، 2013م، ص 49). والمربع السیمیائي المدروس في نظریة السیمیائیة السردیة هو لغریماس في نظریته السیمائیة، ومحاولة لدراسة البنیات والوحدات الدلالیة العمیقة للنص الشعري من خلال علاقة التباین أو التشاکل الدلالي والموضوعاتي بین الصور والألفاظ داخل القصیدة. 4ـ6. الوحدات الدلالیة الصغری دراسة المسارات الصوریة تتمّ علی أساس التشاکل والعلاقة الدلالیة بین الصور الشعریة والتجمعات الصوریة التي بین الصور فیها خیط دلالي، وبین الصور علاقة دلالیة خاصة. وفي هذا المستوی، یعمل التحلیل علی استخراج الوحدات الدلالیة الصغری التي تتحدد دوما بکون العلاقة الدلالیة أو الثیمة الدلالیة بین الألفاظ، مما یشکل نوعا من الوحدة الدلالیة الصغیرة في النص الشعري. وفي الحقیقة، لا تشتغل الألفاظ بمعزل عن بقیة الألفاظ؛ إذ لا بد من علاقة رابطة بین لفظ وآخر والألفاظ في الصور تقیم علاقات بینها وترتبط وتتجمع أو تتقابل (انتروفرن، 2012م، ص 171)، حسب السیاقات التي تستخدم فیها الألفاظ، أي إن العلاقة بین الألفاظ لا تخرج عن إطار علاقة التشاکل والوحدة والاجتماع أو التقابلیة بین المفردات داخل النص الشعري. ومن العلاقة التشاکلیة أو التقابلیة من ناحیة الدلالة، نجده في قوله: أمةٌ قصائدٍ / خیولٍ / أین یمتدُّ ذلك البرج / الهوادج / کلُّ مجدٍ لِبابِلَ / کلُّ غیم / لرملها / لا هَواهَا یَنحَني وَیشِیخ / لا النار تفني / یتحدّی الظَّلام / کلُّ آجرة تُضِيءُ (2014م، ص 187 ـ 188). ونجد العلاقة الدلالیة بین الالفاظ والمحور الدلالي الواحد بین الألفاظ والمفردات في هذا التشکیل الشعري، ویتکون عند اجتماع هذه الألفاظ الحقل الدلالي الموحد للتعبیر عن الخاصیة الحضاریة للأرض. فالقصیدة ذات طابع حضاري، وهکذا الخیول إشارة إلی حضارة الصحراء، وبابل عنوان للحضارة العراقیة العریقة، ولفظة "بابل" في هذا التشکیل الشعري عنوان الزمن الحضاري، زمن نبؤخذ نصر، والزمن الطافح بالفاعلیة الحضاریة، و"الهودج" لا تخلو من الشحنة الدلالیة في التعبیر عن الحضارة العریقة للعراق والتکثیف والإکثار من الألفاظ ذات المحور الدلالي الواحد محاولة من الشاعر لتأسیس الوعي عند المتلقي أو إعادة الوعي إلیه لخلق فعل النهوض وإثارة المشاعر والأحاسیس عند المتلقي. ونجد في هذا التشکیل الشعري إلی جانب العلاقة الدلالیة أو القاسم الدلالي المشترك بین الألفاظ، نوعا من الوحدة الدلالیة المبنیة علی علاقة التعارض والتقابلیة، مثلما نجد في العکسیة بین النار وبین الظلام في هذا النص الشعري؛ فالنار تحمل دلالات النور والوهج والإشراق، وهي في علاقة عکسیة مع الظلام والقتامة. والشاعر من خلال خلق بنیة التعارض بین النار وعدم فنائها في العراق وبین الظلام، یشیر إلی عدم خفوت الفاعلیة الحضاریة للعراق والحساسیة الحضاریة له ومواجهة الظلام وثبوت الحالة الحضاریة وثبوت المجابهة والتحدي. 4ـ7. المربع السیمیائي المحور الأخیر من الدراسة السیمیائیة هو دراسة النص علی أساس المربع السیمیائي الذي یرتبط باسم غریماس في کتاباته السیمیائیة، وهو في دراسته للنص یقوم بالتفصیل الدقیق عن العلاقات الدلالیة أو هو شرح لمعنی مقولة دلالیة بطریقة منطقیة ظاهرة، مجسدة في شکل یحمل العلاقات التي تنطوي علیها المقولة، ویمثل المعنی العمیق علی الشکل بعلاقات تنتج عن التفاعل السیمي الحاصل بین السیمات وتعبیرها عن الدلالة (فداق، 2019م، ص 37)، وهناك تجتمع بعلاقة التناقض أو العلاقة الدلالیة المشترکة. ویری عصام واصل أن المربع السیمیائي یمثل تجسیدا حیا للقیم والموضوعات المتمفصلة في النص، فهو یعید مفصلتها وتفکیکها تفکیکا منطقیا (2013م، ص 54)، أو تجسیدا للحالات المختلفة التي یحتویه النص. وترتبط هذه الحالات المختلفة أو المتشاکلة بالذات أو المرسل أو الممثلین في النص الشعري. وعند دراسة قصیدة علي جعفر العلاق، یمکن بناء المربع السیمیائي في المحاور والموضوعات التي تتمفصل في النص ویتمحور حولها النص الشعري، ویمکن إدراجها في المربعات الثلاثة في المستویات المختلفة أو المرتبطة بالحالات المختلفة قبل العدوان وزمن بعد العدوان الأمریکي علی أرض آشور. المربعات الثلاث وفق النص الشعري والمربع السیمیائي الأول یرتبط بالعلاقة الضدیة بین الحالتین المختلفتین: الحالة الأولی قبل العدوان وقبل الغزو الأمریکي علی العراق، وهذه الحالة حالة حضاریة موسومة بالحرکة والانفتاحیة وأجواء الفرج والبهجة؛ والحالة الثانیة التي تفارق الحالة الأولی وفق المربع السیمیائي بالحالة السلبیة بعد الغزو الأمریکي علی العراق وتدمیره وخرابه. وهذه الحالة تختلف عن الحالة الأولی، کما یشیر إلیه المربع السیمیائي؛ والحالة الأولی تتسم بعبق الحضارة ونشوة الحیاة ودفئها والفعل الحضاري المتمیز؛ والحالة الثاني هي التي تحمل وسم الخراب والضیاع وخفوت الوهج الحضاري بعد الغزو الأمریکي للعراق في محاولة لطمس معالم الحضارة الآشوریة واستلاب خیراتها، غیر أن الشاعر في محاولته لیرمم شروخات الأرض، یوجه الأنظار إلی حقیقة، مفادها عند العلاق، وهو أن الأرض تمنع من أن یکون مصدر الخیر والعطاء لغیر الشعب العراقي، وتقاوم الأعداء إلی جانب الشعب العراقي؛ ونتیجة هذه المقاومة من قبل الأرض وإنسانها هي خروج العراق من المذبحة والدوامة الأمریکیة التي حاصرت العراق: السهول ترامت عن کفیه الأنهر والموج
النهار وإشراقة الشمس لفَّ اللیل أوروك
سماء من الخراب والعلاقة بین الطرفین في هذا المربع السیمیائي علاقة قائمة علی أساس التضاد والضدیة، وهي نتیجة المفارقة بین الحالتین المختلفتین للعراق؛ ففي الحالة الأولی، نری الشاعر یجسد الحیاة وأجواء الفرح والبهجة وحرکیة الحیاة واستمراها من خلال التجسید الشعري لترامي الأنهر والموج عن کفیه السهول؛ وفي الحالة الثانیة، نری المفارقة تتأتی من تجسید خراب السماء، مما یعمق دلالات النص علی مأساة العراق. وفي الحقیقة، تعمیق للوضع المأساوي للعراق من خلال الإشارة إلی استمراریة الحیاة وحرکیتها المتمثلة في النهر والموج، وهما من الدوال المرتبطة بالأرض أو الدوال الأرضیة تعبر عن الحیاة المفعمة بالحرکة والاستمراریة والتوهج؛ ولکن الشاعر عند التعبیر الشعري عن مأساة العراق وخرابه، یشیر إلی خراب السماء، مما یزعزع الوعي والإدراك الإنساني، ویقودنا مثل هذا التشکیل الشعري إلی القول إن الشاعر یتوخی تعمیق مأساة العراق بلحاق الخراب وإسناده بالسماء. وإذا کان الشاعر للتعبیر عن فاعلیة الحیاة والتعبیر عن الوهج الحضاري للعراق قبل العدوان، یسند هذه الفعلیة إلی الأرض وإسناد الخراب بالسماء، فلیس هذا إلا محاولة شعریة لتعمیق مأساة العراق، وتعظیم حجم المأساة والضیاع. وثمة المربع السیمیائي العراق یتمحور بالحالات السلبیة التي بینها التشاکل الدلالي: شمس ذبلت
توارت الشمس انکسر النهار الغیوم تتلوّی ظمأ ویتمحور المربع السیمیائي حول الوضع المأساوي للعراق بعد العدوان. والعلاقة بین الأطراف الأربعة للمربع علاقة علی أساس التشاکل في المستوی السلبي المرتبط بالوضع المأساوي للعراق بعد الاحتلال الأمریکي؛ فکل طرف تفصیل للحالة المأساویة للعراق تحت الاحتلال؛ والوعي السیمیائي بالتجمع الصوري للنص الشعري، کما یتجسد في المربع السیمیائي، یحیلنا إلی قتامة الواقع العراقي. ونری شمس العراق تذبل؛ وذبول الشمس تعبیر شعري عن خفوت وهج الحیاة وانطفائه في العراق. والعلاق بتجسید موت الغیوم من العطش والظمأ، یشیر في هذا التشکیل الشعري الذي بني علی الأنسنة إلی الجدب والقحط. وانکسار النهار تعبیر شعري عن مأساة العراق وتعمیق لما آل إلیه العراق من الخراب والضیاع والتقهقر في ظل بطش السلطة الأمریکیة. إذن، نری نوعا من التشاکل الدلالي بین أطراف المربع السیمیائي والمفردات داخل الصور الشعرية یجمعها الخیط الدلالي الواحد. وتلوي الغیوم وذبول الشمس واختفائها وانکسار النهار في هذا المربع السیمیائي، مما یجعلنا أمام أیقونة سیمیائیة في التعبیر عن الوضع المأساوي للعراق بعد الاحتلال الأمریکي، ولینتصب معادلا شعریا للوضع التراجیدي في بلاد آشور، بعد أن کانت أرض العراق مصدر الخصب والنماء. وثمة المربع السیمیائي الآخر یأتي تفصیلا وتمطیطا للحالة العراقية في الصدام مع الآخر المعارض. والدلالة المنبعثة من المربع السیمیائي هي حتمیة الولادة الجدیدة للعراق، وإزالة السواد الهالك المقیت. وفي هذا المربع السیمیائي، نری الشاعر یدلك علی جمالیة الموت وسط ساحات القتال ودوامات الضیاع والخراب، وفعل التدمیر الذي یمارسه العدوان في بلاد آشور: نجمة في دماءنا تتلظّی
کان الدم ضوءاً ووضوءاً للعراقیین ظلَّ السهل رطباً من الدماء المطر واحد منهم ونری عند التمعن في هذا المربع المتماثل من ناحیة الدلالة والإیحاء، أن الألفاظ والمفردات في الأطراف الأربعة للمربع السیمیائي تصب في سبیکة دلالیة واحدة، وتشکل أیقونة سیمیائیة متکونة من الرموز والعلامات التي بینها عقد التماثل والتشاکل من ناحیة الدلالة؛ فالأیقونة تتأسس من فکرة التشابه؛ والشاعر لبناء الأیقونة السیمیائیة، یستعین بالاستعارة والعلامة، وبها تتحول القصیدة کلها إلی شبکة من الاستعارات والعلامات التي تجعل من القصیدة صورة متکاملة (ربابعة، 2012م، ص 16). واللوحة الدلالیة الموحدة، مثلما نلحظ في العلاقة الدلالیة بین الرموز والاستعارات والعلامات في المربع السیمیائي، مما یحیل إلی الحیاة الجدیدة والانتقالیة من الحالة الراهنة إلی زمن الدفء والنشوة والفعل الحضاري. المطر دلالة علی الخصب والنماء والرطوبة والبلل، والمفردات التي تنتمي إلی الماء ومعطیاته، تحمل نفس الدلالة علی حالة الخصب والنماء. ونری مثل هذه العلاقة التشاکلیة في مستوی الدلالة بین الضوء والنجمة في المربع السیمیائي وبزوغ النجمة من بین دماء الشهداء وکون الدماء ضوءا ووضوءا لأهل العراق، تأکید شعري من الشاعر علی معاني الخلود والکینونة للإنسان العراقي وتأکید علی فعل الشهادة والفداء بوصفه رمز الخلاص والإنقاذ للعراق، وخروجه من المذبحة والدوامة، وهو فعل فینیقي یعید الحیاة إلی الأرض المأزومة، ویحقق الخلود للإنسان العراقي. وبهذا الفعل، یمکن خرق الحالة السلبیة الراهنة، وتجاوز المرحلة الزمنیة المعیشة، وبلوغ المرحلة قبل العاصفة الأمریکیة، وبلوغ الحیاة وترمیم الشروخات التي أحدثها الاحتلال علی وجه بلاد آشور وأرض الرافدین الأسطوري. النجمة هو رمز الحلم في شعر علي جعفر العلاق، وبزوغ الفجر من بین دماء الشهداء تعبیر عن انتفاء إجهاض الحلم العراقي بفعل العدوان، وهذا هو نتیجة فعل الشهادة والفداء، والدال اللوني في الدم قتال ضد التشتت وضدّ الدوامة التي تدور بالإنسان العراقي المعاصر (البستاني، 2015م، ص 88). والشاعر باستخدام الدم وداله اللوني ـ وهو قرینة لفعل الشهادة والفداء ـ یکرس جمالیة الموت وجمالیة الحیاة في العراق. یری الشاعر أنه ما یتخیله العدوان من الاستمرار في الفراق والموت لیس إلا وهما، وأن الزمن لا یتوقف؛ لأن فعل الشهادة هو الذي یحقق الإضاءة المتمثلة في الفجر، ویعید الحلم إلی الإنسان العراقي والحیاة إلی الأرض. ما یلفت الانتباه في هذا المربع السیمیائي هو الاتصال بین ما هو مرتبط بالأرض وما هو من معطیات السماء؛ وهذا الدمج الشعري بین الأرضي والسماوي لا یکون علی أساس الصدفة والاعتباطیة، بل هذا المزج تعبیر عن الانفتاح وشمولیة فضاء الحیاة، والدیمومة نتیجة فعل المقاومة والشهادة والفداء في سبیل الأرض. 4ـ8. العاملیة أو الأطراف الخطابیة في المربع السیمیائي وأما القصیدة من حیث البنیة العاملیة أو الأطراف الخطابیة ووفق المربع السیمیائي، فهي متکونة من الأجزاء الثلاثة المختلفة في کل قسم منها:
ترسیمة البنیة العاملیة للنص وفق منهج عصام واصل (واصل، 2013م، ص24) والبنیة العاملیة للنص ردیف لدراسة الشخصیات في السردیة؛ والظاهرة العامة المسیطر علی علاقات الشخصیات أو العوامل في البنیة العاملیة للنص هي علاقة الصراع والتضاد بین العوامل. وتطرح البنیة العاملیة في الکتابات السیمیائیة لغریماس والبنیة العاملیة ترتبط بالنص السردي، و«قد توصل غریماس في سیمیائته إلی هذه البنیة العاملیة في صوتها هذه اعتمادا علی أعمال بروب وستراوس» (قوراري، 2015م، ص 31). وواصل في منهجه ومحاولته التطبیقیة علی نصوص المقالح، قام في جزء من دراسته بدراسة البنیة العاملیة للنص الشعري أو ما یسمی، في کتابات غریماس السیمیائیة، العامل وموضوع القیمة. وفق ما جاء في کتاباته السیمیائیة، یتجلی دور العامل المرسل في إقناع الذات بالبحث عن موضوع القیمة، والمعیق یرتبط بحالة الصراع، والمساعد یساعد الذات في البحث عن موضوع القیمة، في حین یعمل المعیق علی تعطیل الذات في حصولها علی موضوع القیمة (بوعیطة، 2013م، ص 52). ودراسة قصیدة العلاق وفق الترسیمة المطروحة في السیمیائیة المرتبطة بالبنیة العاملیة للنص، لا تخرج عن ثلاث حالات مختلفة بالنسبة للعوامل، وبینها علاقة الصراع والضدیة. والمعیق في کل هذه الحالات هو السلطة الأمریکیة وعشتار العصر الحاضر بفعلها التدمیري وممارساتها الإرهابیة. ففي الحالة الأولی للبنیة العاملیة للنص الشعري، أن المرسل هو الطائر، والموضوع هو جدلیة الموت والحیاة، والمرسل إلیه هو الأرض المأزومة بفعل الحرب والعدوان؛ وفي الحالة الثانیة، أن المساعد في البنیة العاملیة للأرض هو الخاصیة الحضاریة للأرض أو استعداد الأرض وتوقها للبناء من الجدید، والموضوع هو الحیاة، والمرسل إلیه هو أرض العراق؛ وفي الحالة الثالثة أن المرسل هو الطائر والأرض والرافدین، والموضوع هو الحیاة أو الموت، والمعارض وفق الترسیمة هو عشتار في المرجعیة الأسطوریة، وأمریکا في قصیدة علي جعفر العلاق، وهي یمارس القتل والذبح والإبادة، ورغم ما ينویه العدوان من القتل والنهب والضیاع؛ لکن الأرض لا تخضع ولا تستسلم، بل تقاوم العدوان؛ وفي حالة أخری للبنیة العاملیة، أن المساعد هو الجماهیر الذین یرید منهم الشاعر أن یأخذوا عشبة الخلود لأوروك لکینونة الأرض وخلودها، والذات هي الأرض، والمعارض هو عشتار العصر الراهن ترفضه الأرض، وتقاومها ویواجهها الجماهیر في محاولتهم لإعادة عشبة الخلود إلی الأرض عبر الفعل الجلجامشي، وخلق الحالة التحویلية للأرض أو إعادة الأرض إلی الزمن العارم بالحیاة والحرکة والانفصال من الحالة الراهنة. والتحویلیة في هذا المستوی تتأتي من فعل الرفض والمجابهة والمحاولة للخروج من المذبحة والدوامة؛ وأما علاقة البنیة العاملیة، فالعلاقة بین الأرض وبین الآخر الخارج من نوع علاقة التضاد والصراع؛ فالأرض تعارض والطائر یعارض عشتار / أمریکا. وثمة نوع من العلاقة بین العوامل، وهي علاقة الانتماء والتماهي بین الأرض والطائر وبین الإنسان، أي بین المرسل الأول والثاني، والمساعد بینهم علاقة الرغبة تتمثل في الفعل الالتماسي لإعادة عشبة الخلود إلی الأرض، وإلی الوطن. ونتیجة هذه الاجتماعیة القائمة علی الصراع وعلی الرغبة هي الحیاة والخروج من المذبحة ودوامة عشتار العصر.
الخاتمة شعر علي جعفر شعر موضوعي ممتاز، ویعد الشاعر من الأصوات الشعریة المتألقة في جیل الستینیات من الشعر العربي المعاصر. يمتلك الشاعر المخزون الثقافي والحضاري الممتاز، ویتبلور الوعي الثقافي والحضاري في کل أشعار الشاعر وكذلك في مراحله الشعریة الأربع، بحیث لم نکد نجد قصیدة لم یستثمر فیها الشاعر الإشارت الثقافیة والحضاریة المرتبطة بالحضارة الآشوریة. إن علي جعفر العلاق، إلی جانب توظیف الحضارة والإشارات والمعطیات الحضاریة والثقافیة في شعره، شدید الحرص علی الانتقاء اللغوي. وتوظیف المفردة في شعره ینطلق عن الوعي والمعرفة بوظیفة اللغة والمفردة. ویهتم الشاعر بالنیات اللغویة والمسافات الجمالیة في شعره بغیة خلق الإمتاع وفعل الانجذاب ومعاودة القراءة عند المتلقي. وما یلفت الانتباه ـ کما یکشف عنه الفعل السیمیائي ـ هو العلاقة الدلالیة بین العنوان والنص الشعري عند العلاق، مثلما نلحظ في قصیدة طائر یقبل من مذبحة. وهذا العنوان ذو شحن دلالي وطاقات سیمیائیة وفرة، وهو اختزال للدلالات الکامنة في النص. والوعي السیمیائي یکشف أن الشاعر بصیاغة هذا العنوان یعبر عن حالات المخاض، والخروج من الدوامة والمذبحة والجمل البدئیة. والختامیة في هذه القصیدة ذات خاصیة سیمیائیة. نلحظ في هذه القصیدة أن الأنساق اللفظیة تخدم مقصدیات النص والتراکیب النصية؛ والمسلمات ذات الحمولة الدلالیة في هذه القصیدة تعزّز الدلالات المنبعثة من الرموز والدلالات. وعند دراسة البنیة العاملیة للنص الشعري، نری الجهات الثلاث في مستوی العوامل النصیة ما بین المرسل والمساعد والمعارض، والذات والأرض هي الموضوع والذات في هذا النص الشعري. ونری التجمع الخطابي المتکون من الألفاظ والإشارة المختلفة والمرتبطة بالممثلین النصي والحقل الدلالي المرتبط بالموت وبالحیاة من خلال استثمار الألفاظ الإیحائیة. ووفق المربع السیمیائي لغریماس، نری بالصورة الدائرة نوعا من المفارقة بین الحالتین القبلیة والبعدیة؛ وفي المربع الثاني، نری العلاقة المؤسسة علی التشاکل في المستوی السلبي والحالة السلبیة للأرض نتیجة الحرب والعدوان؛ والحالة الثانیة وفق المربع السیمیائي الآخر هي ترتبط بالحالة الایجابیة المرتبطة بأجواء الحیاة والفرح والوهج بعد التخلص والإنقاذ بفعل الشهادة والفداء.
[1]. Semiology [2] .Greimas | |||||||
مراجع | |||||||
أ. العربية أحمد یونس، سعود. (2010م). أدوات التعبیر الشعري: دلالیة العتبات وفضاء المتن النصي؛ ضمن کتاب محمد صابر عبید: فضاء الکون الشعري من التشکیل إلی التدلیل: مستویات التجربة الشعریة عند محمد مردان. دمشق: دار نینوی. الیاسى، حسین؛ ومحمدعلى آذرشب. (2019م). «جمالیة التعبیر والدهشة في التشکیل». مجلة کلیة التربیة الأساسیة. ع 42. ص 641ـ 649. ــــــــــــــــ . (2017م). «شعریة الرمز والتشکیل الصوري: قراءة في شعر العلاق». مجلة دراسات الأدب المعاصر. ع 38. ص 9 ـ 25. انتروفرن، فریق. (2012م). التحلیل السیمیائي للنصوص: مقدمة، نظریة، تطبیق. ترجمة حبیبة جریر. مراجعة عبد الحمید بورایو. دمشق: دار نینوی. اینو، آن؛ وآخرون. (2008م). السیمیائیة. عمان: دار مجدلاوي للنشر والتوزیع. البستاني، بشری. (2015م). وحدة الإبداع وحواریة الفنون. عمان: دار فضاءات. بنت محیسن القثامي، أمل. (2019م). «سیمیائیة الاستلاب والمقاومة في روایة أجساد جافة». البحث العلمي في الآداب. ع 20. ص 193 ـ 220. بنكراد، سعید. (2003م). السیمیائیات: مفاهیمها وتطبیقاتها. المغرب: الزمن. بوعیطة، سعید. (2013م). «المرجعیة المعرفیة للسیمیائیات السردیة:جریماس نموذجا». سمات. ع 1. س 1. ص 45 ـ 55. تشانىلر، دانیال. (2008م). أسس السیمیائیة. ترجمة طلال وهبة. بیروت: المنظمة العربیة للترجمة. جعفر، سوسن هادي. (2015م). «مرجعیات العلاق الشعریة والأسطوریة والدینیة 1990 ـ 2013م أنموذجا». آداب الفراهیدي. ع 21. ص 46 ـ 65. حمید کاظم، سعید. (2017م). وعي التجربة والتجدید في شعر نوفل أبو رغیف. دمشق: دار تموز للنشر. حیدرى، طاهرة؛ وامينه سلیماني. (2020م). «فاعلیة التشاکل في شعر علي جعفر العلاق». لسان مبین. ع 44. ص 35 ـ 51. الخلیل، سمیر. (2012م). علاقات الحضور والغیاب في شعریة النص الأدب. دمشق: دار تموز. ربابعة، موسی. (2012م). آلیات التأویل السیمیائي. الکویت: مکتبة الآفاق. زاهیة، بواشري. (2016م). التحلیل السیمیائي لقصة إحسان عبد القدوس. رسالة الماجستير. جامعة عبد الحمید ابن بابدیس. شرشار، فاطمة. (2018م). تجلیات المنهج السیمیائي في خطاب النقد الأدبي العربي المعاصر. أطروحة الدکتوراه. جامعة جیلالي لیابس. العلاق، علي جعفر. (2014م). الأعمال الشعریة الکاملة. عمان: دار فضاءات للنشر. فتحي، غانم. (2017م). تداخل الفنون في شعر بشری البستاني. عمان: دار فضاءات. فداق، ذهیبة. (2019م). المنهج السیمیائي عند غریماس. رسالة الماجستير. جامعة عبد الحمید بن بادیس. قوراري، تومیة. (2015م). مقاربة سیمیائیة سردیة لسیرة بني هلال. رسالة الماجستیر. جامعة محمد بوضیاف المسیلة. المرزوقي، سمیر؛ وجميل شاکر. (2019م). مدخل إلی نظریة القصة: تحلیلا وتطبیقا. بغداد: دار الشؤون الثقافیة. نوال، بحوص. (2016م). مقاربة الخطاب الروائي العربي في النقد المغاربي المعاصر: القراءة البنیویة والسیمیائیة نموذجا. أطروحة الدکتوراه. جامعة جلالي الیابس بسیدي بالعباس. واصل، عصام. (2013م). تحلیل الخطاب الشعري: دراسات سیمیائیة. الجزيرة: دار التنویر. یونس، سعود أحمد. (2010م). أدوات التعبیر الشعري: دلالیة العتبات وفضاء المتن النصي. دمشق: دار نینوی.
ب. المواقع الإلكترونية الحواري، رائد. (12/1/2014م). ملحمة جلجامش. https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=396862
ج. الحوارات العلاق، علي جعفر. (13/1/2021م). جلسة نقدیة مع الشاعر عبر الواتساب. المحاور: حسین الياسىمفرد. | |||||||
آمار تعداد مشاهده مقاله: 651 تعداد دریافت فایل اصل مقاله: 357 |