تعداد نشریات | 43 |
تعداد شمارهها | 1,675 |
تعداد مقالات | 13,674 |
تعداد مشاهده مقاله | 31,688,934 |
تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 12,517,674 |
آليات انسجام النص القرآني في آيات التعامل بين المؤمنين سور المؤمنون، ولقمان والحجرات أنموذجا | ||
بحوث في اللغة العربية | ||
مقاله 9، دوره 14، شماره 26، تیر 2022، صفحه 105-120 اصل مقاله (1.45 M) | ||
نوع مقاله: المقالة البحثیة | ||
شناسه دیجیتال (DOI): 10.22108/rall.2021.126537.1342 | ||
نویسندگان | ||
عزت ملاابراهيمي* 1؛ بايزيد تاند2 | ||
1أستاذة في قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة طهران، طهران، إيران | ||
2حاصل على الدكتوراه في قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة طهران، طهران، إيران | ||
چکیده | ||
يعد الانسجام أحد المعايير النصية التي اهتمت به الدراسات النصية الحديثة في سعيها لإيجاد صلة وثيقة بين الجمل من جهة، والفقرات من جهة ثانية امتدادا إلى مستوى الخطاب؛ وتكمن أهمية الانسجام في عملية الفهم والتفسير؛ إذ يرتبط الانسجام بالخطاب ككل ولا يتوقف على مستوى الجمل والفقرات فقط. تأتي هذه الدراسة لتكشف معيار الانسجام في آيات التعامل بين المؤمنين في القرآن الكريم من خلال سور المؤمنون، ولقمان والحجرات، لما فيها من الدعوة إلى الفضائل الأخلاقية، حيث تكشف عن جمالية التلاحم بين عناصر السور وتبرز علائ المناسبة بين آياتها ومقاطعها ومناسبة السور لمقاصدها. وتشكل البحث على ركنين أساسين: أولهما الترابطي السطحي الذي يقرب للاتساق؛ وثانيها الترابط المعنوي الذي يقرب للانسجام. يكمن هدف هذا البحث في فك ربط مناهج الانسجام بالمعايير الأخلاقية في السور. أما النتائج تشير إلى أن علاقة المناسبة بالمعنى العام من خلال السور المذكورة، فتنشئ نظاما مكملا، ويشع ملامح التربية والتهذيب بإيحاءات بالغة الوقع والتأثير ولا تقبل التفكيك والتجزئة، فينشئ كل سورة، منفردة شبكة دلالية مختصة بها تارة، وتارة يحاول البحث وراء تقرير التناسب بين السور المذكورة؛ لذلك تقوم نظرية الانسجام على تقرير الغرض الذي يبحث عنه المقال؛ إذ هي شديدة الصلة بالوقع والتأثير على وجدان المتلقي وتشحن الطاقة الإيمانية الإيجابية مستمدة من غرض التربية الإنسانية. | ||
کلیدواژهها | ||
القرآن الكريم؛ تعامل المؤمنين؛ الانسجام؛ آيات التعامل | ||
اصل مقاله | ||
الانسجام هو وسيلة التنظيم اللغوي المقترن بالائتلاف والتلاؤم، الذي يبحث عن الجمال الفني، وإدراك أسرار الترتيبات داخل البناء النصي؛ ومن فوائده الكشف عن التلاؤم والتعالق بين أعضاء النص، مما يتحقق من خلاله الساحة الخصبة للنص. إن الانسجام بالاستمداد من الوسائل اللغوية وغير اللغوية هو السبيل إلى تحقيق الحبكة الفنية، وهو يقود الكلام إلى تلازم بنائه واتحاد أجزائه وينشئ العلاقة بين أعضاء الكلام وأغراضه؛ فهو وسيلة إلى رصد الترابط بين المقومات الأسلوبية من الجمل والمفردات والتراكيب والصور والأصوات، كما يهتم أيضا بالمناسبات الكلامية في الخطاب، وهي تشبع ذائقة المتلقى من خلالها. وعن هذا التكامل والتفاعل، يكسب النص انسجاما وتماسكا؛ لذلك هو بوابة في بروز ما في النص من الجمال والإبداع الفني. وفي ضوء هذه الدراسة، جاءت دراسة الانسجام لتبحث عن آليات رفع تماسك بناء القرآن وترابط أجزائه. والمقصود من الآليات هنا وسائل الترابط السطحي وغير السطحي؛ لذلك نريد من خلال هذه الدراسة إثبات الصلات المعنوية بين آيات التعامل بين المؤمنين في سور الحجرات، والمؤمنون ولقمان، وأغراض السور ومقاطعها، بما ترفض وجود التشتت والانقطاع بين المعاني، خاصة ما ارتبطت بعلم المناسبة والمقارنة، والذي يعزف عن ناحية لسانية بنيوية خالصة، معتمدين على أجهزة آليات الانسجام والترابط العميق. فإننا نقصد بذلك فتح نوافذ الثروة النصية وجماليته وجاذبيته، فيعلو أمر البناء ويحكم تنظيمه بالجودة والقوة بمقدار ما يقدم من بناء محكم ورؤية كلية؛ ولكن يبقى هنا ما تقدمه هذه الدراسة من الأسئلة التي تحاول الإجابة عنها، منها: ـ كيف يسهم الانسجام السطحي في بروز جماليات الترابط والتناسق في آيات تعامل المؤمنين بعضهم بعضا من خلال السور المذكورة؟ ـ كيف يفتح الانسجام العميق المعنوي نوافذ جماليات الترابط والتناسق في آيات تعامل المؤمنين بعضهم بعضا من خلال السور المذكورة؟ 1ـ1. منهج البحث أهم ما سيعتني بها هذا البحث هو الاهتمام بآليات الانسجام للتعامل بين المؤمنين في سور المؤمنون، ولقمان والحجرات بوصفها تمثل مجالا مليئا بالتناسب اللفظي والمعنوي، الذي يبرز من خلاله أهم الأصول الأخلاقية معتمدة على وصف آليات الانسجام وتطبيقها في السورالمذكورة، ثم بيان مدى تأثيرها في روح المتلقی ووجدانه. 1ـ2. خلفية البحث هناك دراسات كثيرة حول الانسجام وأثره في خلق التعالق الدلالي وما يتوقف عليه من الوحدة والاتساق في النص، التي لا نكاد أن نحصل عليها لكثرة عددها؛ لذلك يصعب علينا عدها؛ ولكن أهم الدراسات التي يتم التركيز فيها على هذا المفهوم وتشع ملامحه، تأتي على التشكيل التالي، منها: مقالة آلیات انسجام النص القرآني عند المفسرين: تفسير محمد الطاهر ابن عاشور لسورة المجادلة أنموذجا، لأحمد برماد (2015م)؛ والمقالة تناول العلاقات الدلالية في البنيات النصية لسورة المجادلة، حيث تبرز هذه العلاقات في الاستئناف البياني، والمناسبة، والإجمال والتفصيل والتعليل، وتحاول إثبات العلاقات المعنوية بين آيات السورة ومقاطعها. ورسالة الاتساق والانسجام في سورة يس، لجميلة زكراوي (2017م)، حيث تناولت الباحثة مظاهر الاتساق، والأدوات التي يقوم عليها في السورة، وهذا ما يعتمد على أهم السياقات الواردة فيها. ومقالة الأشكال البديعية في ضوء الانسجام في القرآن الكريم، لمحمد شاكر ناصر الربيعي وأحمد جاسم مسلم الجنابي (2014م)؛ فقامت المقالة بالبحث عن أنواع إستراتیجات الانسجام فی القرآن الکریم، مرتكزة على الموقف والسیاق وفن البديع وما لها من دور في خلق الانسجام. وهناك رسالة لعزوز ختيم (2018م)، معنونة بالانسجام في النص القرآني: دراسة في الأدوات والمستويات؛ وقد تناول الباحث فیها مظاهر الانسجام القرآني من خلال البحث في أدواته المستعملة في اتساق بناه اللغوية وتلاحم مستوياته الدلالية. فما يميز بحثنا هذا عن البحوث الأخرى هو التركيز على العلاقات الدلالية، ضمن صلتها بالجانب السياقي أو المقامي، فكان هذا البحث بحثا تحليليا يجمع بين التماسك السطحي والتماسك المعنوي، ويبرز التطبيق من خلالها أسرار التناسق وجماليات التعبير الحافلة بالحياة، حيث يميز الفكرة المحورية التي يدور حولها النص؛ كأنه وحدة متماسكة، وهي اتحاد الجنس في آداب التعامل؛ فهكذا ميزت هذه الدراسة باستخدام أساليب التناسق الجامعة، حيث يقف المتلقي على عناصر جديدة أو غير متوقعة عند اتصاله بالنص.
«يرى علم النص أن مهمته هي أن يصف الجوانب المختلفة لأشكال الاستعمال اللغوي وأشكال الاتصال ويوضحها، كما تحلل في العلوم المختلفة، في ترابطها الداخلي والخارجي» (دايك، 2001م، ص 10). ويذكر دي بوجراند[1] للنصية معايير سبعة، وهي: «السبك، وهو معيار الترابط الرصفي، ثم الالتحام، وهو معيار الترابط المفهومي، ثم القصد، فالقبول، فرعاية الموقف، فالتناص والإعلامية. وهذه الخمسة الأخيرة معايير للنص على إطلاقه، وأوثق هذه المعايير صلة بالنص هما السبك والالتحام، وأوثقها صلة بعلم النفس رعاية الموقف والتناص» (حسان، 1998م، ص 8). فالنص هو من آليات نقل الأفكار والمفاهيم، والذي ينقل شيئا ما إلى المتلقي، وهو ليس هدفا لذاته، إنما هو طرق لتبيان ما يقصده الكاتب من الوحدات اللغویة. 2ـ1. الانسجام والتماسك في النص قبل أن ندخل في مجال الانسجام، فلا بد من التعرف على السبك أو الاتساق. فالسبك إذن يتعلق بالبنية الشكلية أو السطحية للنص، ويتم عن طريق تتابع الكلمات تتابعا صحيحا من الوجهة النحوية والمعجمية (زكراوي، 2017م، ص 25). يقصد عادة بالاتساق ذلك التماسك الشديد بين الأجزاء المشكلة لنص ما، ويهتم فيه بالوسائل اللغوية أو الشكلية التي تصل بين العناصر المشكلة لجزء من النص أو للنص كله؛ أما الانسجام فهو تلك العلاقات الخفية التي تنظم كامل النص وتولده، متجاوزة رصد المحقق فعلا، أي الإتساق إلى الكامن وراءه من دلالات وحبكة، لتجلي ذلك الخيط الرفيع الذي يمتد من أول النص إلى آخره، ويحدد العلاقات والمعاني المضمرة والكامنة وراء الأشكال اللغوية والتعبيرية التي يحملها النص، وبذلك يكون الانسجام أعمق من الاتساق وأشمل وما الأخير إلا أداة لتحقيق الأول (ختيم، 2018م، ص 7). إن عملية الجمع تتطلب اللعبة المزدوجة للعزل والجذب، أي إنها تفترض قابلية الاختزال وتركيب الوحدات الدلالية المتقابلة معا، وهذا ما يصوره بشكل رائع النشاط المتعدد لمعدني الكيميائي بيكس المغناطيسية والعازل، ولقد كانت المغناطيسية منجذبة عن بعد إلى معدن خاص أو جوهرة معينة (كريستيفا، 1997م، ص 51). من اللافت أن مقصودنا بالمغناطيسية هنا الإنتاجية الكلامية المقترنة بالتناسق والتجاذب، التي تكون النتيجة الأخيرة من الانسجام اللغوي، ولا النتائج اللغوية. مبدئيا، تشكل متتالية من الجمل، كما يذهب إلى ذلك هاليدى[2] ورقيه حسن[3] نصا، شريطة أن تكون بين هذه الجمل علاقات، أو على الأصح، بين بعض عناصر هذه الجمل علاقات. تتم هذه العلاقات بين عنصر وآخر، وارد في جملة سابقة أو جملة لاحقة، أو بين عنصر، متتالية برمتها، سابقة أو لاحقة. يسمى الباحثان تعلق عنصر بما سبقه علاقة قبلية، وتعلقه بما يلحقه علاقة بعدية (خطابي، 1991م، ص 13). في علم اللغة المعاصر، قد جعل الشرط الجوهري للنص أن يكون كلا موحدا منتظما في وحدة دلالية؛ لا تجميعا محضاً بين جمل، يجوزها الترابط الدلالي، سواء في ذلك أن يكون نصا منطوقا أم مكتوبا، قصيرا أم طويلا؛ من أجل ذلك، نظر إلى النص بوصفه تصميما للمعاني على مستوى أعلى، وفي ضوء ذلك، أيضا عرف النص عند هاليدي ورقيه حسن بأنه وحدة من التنظيم الدلالي الموقفي، أي أنه استمرارية معنوية أو انتظام للمعاني في السياق، تشيده علاقة الحبك الدلالية (العبد، 2014م، ص 71). تأسيسا على ذلك، فهما يهتمان بالنص على مستوى البنية الكلية للخطاب، لدرجة أن الانسجام عند رؤيتهما تعود حقيقته إلى الفهم والتأويل، الذي يمصه المتلقي من الخطاب، لما فيه التنقيب عن الصلات الكبرى الموجودة بين النص، كالعوامل الخارجية للنص من السياق ونفسية الكاتب وغیر ذلك. فالانسجام هو وسيلة التنظيم اللغوي المقترن بالائتلاف والتلاؤم، والذي يبحث عن الجمال الفني، وإدراك أسرار الترتيبات داخل البناء النصي، معتمدا على العوامل الخارجية للنص من السياق والبيئة، ومن فوائده الكشف عن التلاؤم والتعالق بين أعضاء النص، مما تتحقق من خلاله الساحة الخصبة للنص. 2ـ2. الخطاب القرآني والانسجام المتكامل يقول قطب الريسوني في كتابه النص القرآني من تهافت القراءة إلى أفق التدبر، حول الانسجام: «إن علم المناسبات هو علم تعرف منه علل ترتيب أجزاء القرآن بعضها إثر بعض؛ فهذا العلم إذا راجع بلاغة القرآن ونظمه، وثمرته جعل أجزاء الكلام بعضها آخذا برقاب بعض، فيصير التأليف كالبناء المتراص، والنسيج المحكم، جاريا على أحسن نظام، وأتم منوال، فتلوح مقاصد القرآن، تتجلى بدائعه، وأكثرها مودع في الترتيبات، والمناسبات والروابط» (2010م، ص 30). ومن عوامل هذه المناسبة هي الأشكال البديعية التي لها دور واضح في الأسلوب القرآني؛ فنادرا ما نجد آية خلت منها؛ لذا تعد من الأدوات التعبيرية المهمة التي اعتمدها القرآن الكريم في السياق القرآني تؤدي دورها الوظيفي والجمالي على أكمل صورة (الربيعي والجنابي، 2014م، ص 455). وأكثر المفسرين اعتناء بعلم المناسبات، وبيانا لمواضعه، الرازي في مفاتيح الغيب، والبيضاوي في أنوار التنزيل، والآلوسي في روح المعاني، إلا أنه ـ على ندرة التأليف فيه، قلة الاحتفال به ـ أفرد بأوضاع مستقلة، برأسها ما يلي: نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، لأبي الحسن البقاعي، والبرهان في ترتيب سور القرآن، لأبي الجعفر ابن الزبير، وتناسق الدرر في تناسب السور، ومراصد المطالع في تناسب المقاطع والمطالع، للسيوطي، وجواهر البيان في تناسب سور القرآن، لعبد اللّٰه بن الصديق الغماري (الريسوني، 2010م، ص 30). والخطاب القرآني له هيبة وله تعظيم وله تأثير علينا عند القراءة والتدبر، وهو منهج متكامل له قواعد أساسية في التعامل مع الآخرين، وفي التعامل مع الأفراد باختلاف ثقافاتهم وطبيعتهم، وهو يركز على المثل العلياء، وبيان ما يؤديها من إشاعة الأصول الأخلاقية وترويض النفس البشرية على محاربة الشهوات الشيطانية، نرى قمة التأثر في القرآن بما أنه خطاب تأثيري، تقشعر الجلود من سماعه، كأن المستمع يلمسه ويحسه، ويتفاعل معه، وهذا ما يعود إلى ما فيه من الانسجام والترابط الدلالى، حيث يؤدي إلى البيان المتكامل الشامل، ويؤلف بنية دلالية واحدة. قال الخويي: إحدى القاعدة التي استقرأتها، القرآن، أن كل سورة تفصيل لإجمال ما قبلها، وشرح له، وإطناب لإيجازه، وقد استمر معنى ذلك في غالب سور القرآن، طويلها وقصيرها، وسورة البقرة قد اشتملت على تفصيل جميع مجملات الفاتحة، على سبيل المثال، أوائل سورة البقرة مناسبة لأواخر سورة الفاتحة؛ لأن اللّٰه تعالى لما ذكر أن الحامدين طلبوا الهدى، قال: قد أعطيتكم ما طلبتم، هذا الكتاب هدى لكم فاتبعوه، وقد اهتديتم على الصراط المستقيم المطلوب المسؤول. ثم إنه ذكر في أوائل هذه السورة الطوائف الثلاث الذين ذكرهم في الفاتحة، فذكر الذين على هدى من ربهم، وهم المنعم عليهم، والذين اشتروا الضلالة بالهدى، وهم الضالون، والذين باءوا بغضب من اللّٰه، وهم المغضوب عليهم (السيوطي، د.ت، ص 55 ـ 56). مهما يكن من شيء، يحاول البحث التطبيق لمناهج الانسجام في السور المذكورة معتمدا على الترابط السطحي والترابط المعنوي بين عناصر السور.
«نسمي معيار النصية الأول باسم التضام، وموضوعة ما يقوم بين مكونات ظاهر النص، أو الكلمات الفعلية التي نسمعها أو نبصرها من ترابط متبادل ضمن تتال لغوي معين، وتعتمد مكونات ظاهر النص بعضها على بعض وفقا للأعراف والأشكال القائمة في علم القواعد، أي أن التضام يعتمد على التبعيات القواعدية، وكما أشار اللغويون في كثير من الأحيان، فإنه لا مندوحة عن وقوع اختلال عند القيام بإعادة ترتيب جذرية للتتاليات اللغوية في لغة ما» (غزالة، 1992م، ص 25). ومن مظاهر الترابط السطحي، نشير إلى الظواهر التالية، كالإحالة والاستبدال ... ثم نطبقها على السور المذكورة. 3ـ1. الإحالة «تتوفر كل لغة طبيعية على عناصر تملك خاصية الإحالة، وهي حسب الباحثين: الضمائر، وأسماء الإشارة، وأدوات المقارنة، تعتبر الإحالة علاقة دلالية، ومن ثم لا تخضع لقيود نحوية، إلا أنها تخضع لقيد دلالي، وهو وجوب تطابق الخصائص الدلالية بين العنصر المحيل والعنصر المحال إليه» (خطابي، 1991م، ص 17). تضفي الإحالة على النص انسجاما وتماسكا؛ ولها أنواع مختلفة، نظير الإحالة من خلال الضمائر، والموصولات، وأسماء الإشارة، والتعريف و... .
3ـ1ـ1. الإحالة من خلال الضمير، والموصول واسم الإشارة في سورة لقمان نظيرها قوله تعالى: «هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنينَ ! الَّذِينَ يُقيمونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّکاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يوقِنونَ ! أُولٰئِك عَلى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولٰئِك هُمُ الْمُفْلِحونَª (لقمان 31: 3-5). فمن أدوات الاتساق في هذه الآيات، هي اسم الموصول "الذين"، وهو یحیل إلى كلمة "المحسنين" المذكورة في الآيات؛ وهناك ضمير متصل "واو" في فعلي "يؤتون" و"يوقنون"، الذي يربط بين الكلام اللاحق وبين الكلام السابق؛ فمرجعه يعود أيضا إلى كلمة "المحسنين"، منها أيضا اسم الإشارة "أولئك"، حيث یقوم بالربط القبلي والبعدي ويعمل على تحقيق تماسك الآيات واتساقها. فعن هذا السبيل، تتولد ساحة خصبة التي تشبع ذائقة المتلقي؛ لذلك تعمل الإحالة النصية على إنشاء التماسك بين عناصر النص في ربط أجزاء الجملة الواحدة من ناحية، وربط عدة جمل مع بعضها البعض وتزيد في ثراء البنية النصية، بالإضافة إلى إنتاجية مفيدة بعيدة عن التجزئة والتفكيك. 3ـ1ـ2. الإحالة من خلال الموصول والضمير في سورة المؤمنون غالبا ما يتحقق الترابط بين الجمل والمقاطع من خلال مظاهر الإحالة كالضمير والموصول؛ وذلك نحو قوله تعالی في سورة المؤمنون: «قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنونَ ! الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعونَ ! وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضونَ ! وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّکَاةِ فاعِلونَ ! وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَª (المؤمنون 23: 1 ـ 5). فمن أدوات الترابط بين هذه الآيات السابقة، اسم الموصول "الذين" الذي لا يملك دلالة خاصة، بل يعود إلى الكلمة اللاحقة أو السابقة، وهي كلمة "المؤمنون". كذلك يلاحظ من مظاهر الإحالة في الآيات السابقة، وذلك نحو عوامل الضمير "هم" التي تمنح الكلام تماسكا وانسجاما، لما فيه من الفاعلية والقوة في تحرك الكلام ونموه؛ هكذا تتآزر عناصر الإحالة كالضمير والموصول وغيرهما من المعوضات في الربط بين الآيات السابقة، بحيث يتحقق ويخطط من خلالها التنظيم النصي؛ ومن جهة أخرى أن التنظيم الصوتي في حروف الفاصلة "ون" يولد وينتج نغمات إيقاعية مضاعفة، تموج بالانسجام والتلاحم تارة وتنبض بالتناغم والتضافر تارة أخرى. 3ـ2. الاستبدال «هو عملية تتم داخل النص، إنه تعويض عنصر في النص بعنصر آخر، ويعد الاستبدال، شأنه في ذلك شأن الإحالة، علاقة الاتساق، إلا أنه يختلف عنها في كونه علاقة تتم في المستوى النحوي ـ المعجمى بين كلمات أو عبارات، بينما الإحالة علاقة معنوية تقع في المستوى الدلالي» (خطابي، 1991م، ص 19). لبيان ما تقدم نأتي بالمثال التالي من القرآن: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَکُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَ... ª (الحجرات 41: 11)؛ هذا الاستبدال يكون قادرا على استيعاب مكنونات هذه الآية بالقدرة المقترنة بالامتلاء الإقناعي؛ فالآية كما تتضح أنها تفتقر إلى هذه الاستبدالات "قوم، ونساء" بدل خطاب المؤمنين، لما فيها من الحقول الدلالية المختلفة، التي تخلق تدرجا منطقيا في هذا التسلسل اللغوي، وتكسب في النص طاقات رحيبة، مؤثرة لحمل كل هذه الكلمات من أساليب الالتفات والتنوع في التفجر التعبيري؛ لأن الإتيان بهذه الألفاظ مختلفة الدلالة يضفي على المضمون المقصود عمقا ورحابة وشمولا، كما في هذه الاستبدالات من فوائد بلاغية هامة كذكر الخاص بعدالعام؛ لأن في كثير من الأحيان، قوم يسخر قوما آخر، وهكذا تكون صفة السخرية كثيرة الوقوع عند النساء؛ إذ تكون فائدتها شمول المؤمنين والعناية بالقوم والنساء؛ لذلك تفرغ في هذه الآية مجموعة من الكلمات بدل ما توجد في بدايتها، لكي تضاعف درجة تحرك النص ويوسع مجال دلالته؛ فلا بد من انفعال المتلقي بالتجديد والتوليد والالتفات، وهذا ما يفي بالمقصود. «سورة الحجرات سورة جليلة ضخمة، تتضمن حقائق كبيرة من حقائق العقيدة والشريعة، ومن حقائق الوجود والإنسانية. حقائق تفتح للقلب وللعقل آفاقا عالية وآمادا بعيدة، وتثير في النفس والذهن خواطر عميقة ومعاني كبيرة؛ وتشمل من مناهج التكوين والتنظيم، وقواعد التربية والتهذيب، ومبادئ التشريع والتوجيه» (قطب، 2003م، ج 5، ص 3335). هكذا، تلاحظ هذه الحقائق والأصول في سورتي لقمان والمؤمنون، وخاصة ما يتعلق بأصول التربية والتهذيب. كما نلاحظ ظاهرة الاستبدال والالتفات في ختام هذه الآية من سورة لقمان: «وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍª (لقمان 31 :18). ختام الآية قد يحمي بدايتها، ويعطيها حياة جديدة، وتستمد هذه القوة الجديدة من الاستبدال والالتفات كوسيلة من وسائل الحياة في التكوين النصي؛ لذلك يبث استخدام مقطع "مختال فخور" في الختام، القوة الخارقة المؤثرة في الآية حتى يشمل الخطاب الناس كلهم. 3ـ3. الحذف إن البنيات السطحية في النصوص غير متكاملة غالبا بعكس ما قد يبدو في تقدير الناظر. وفي النظريات اللغوية التي تضع حدودا واضحة للصواب النحوي أو المنطقي يتكاثر بحكم الضرورة نظرها إلى العبارات بوصفها مشتملة على حذف بحسب ما يقضى مبدأ حسن السبك والحذف مثال آخر للتناوب بين الإيجاز وسرعة الإتاحة، ويتطلب الإيغال في الحذف جهدا أكبر لربط نموذج العالم التقديري للنص بعضه ببعض في الوقت الذي يتقطع من البنية السطحية بشدة (حسان، 1998م، ص 340 ـ 345). وذلك مثل قوله: «الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّکَاةَª (لقمان 31: 4). ومن ثم، نجد في بداية القسم الأخير من الآية فراغا كلاميا، ينقب المتلقي عن ملئه اعتمادا على ما ورد في القسم السابق من الآية؛ فأصل الآية تكون على هذه الشاكلة "الذين يقيمون الصلاة والذين يؤتون الزكاة"، فالحذف يؤدي إلى توسع الدلالة الإيقاعية ومانحة الآية خصوصية وتفردا من حيث الفاصلة والإيجاز، حتى يخرج التماسك النظمي في شكل يتناسب وطبيعة القواعد، حیث يتميز هذا الحذف بأنه أقرب إلى السهولة والتسهيل في القراءة، مما يمنح الآية عذوبة في النطق والبيان وينبض بالحركة والفوران، بينما يتوقف ذلك في أسلوب الذكر. 3ـ4. علاقة الإعراب الكلام: «وهو القول المفيد بالقصد، والمراد بالمفيد ما دل على معنى يحسن السكوت عليه؛ ولكن الجملة عبارة عن الفعل وفاعله: كـ"قام زيد"، والمبتدأ وخبره: كـ"زيد قائم"، وما كان بمنزلة أحدهما، نحو: "ضُرب اللص"، و"أقائم الزيدان" ... يقال في شرط الكلام الإفادة بخلاف الجملة» (ابن هشام، 2009م، ج 2، ص 48). وأما بالنسبة إلى الإعراب فهو سبب لفهم ما قصده المتكلم من الكلام، فكثير من التعبيرات اللغوية لا تعرف معانيها ودلالاتها إلا بالإعراب، فمن عرف قواعد اللغة وإعرابها يسهل عليه الفهم وسيتلذذ به؛ ولكن من الواجب الغرق في بواطنه ولا نكتفي بظواهره؛ لذلك يكون الإعراب نتيجة التركيب اللغوي وأثره في الإفادة والإبلاغ، مما يؤلف من خلاله الانسجام بين عناصر اللغة. يقول السيوطي: «من فوائد الإعراب معرفة المعني؛ لأن الإعراب يميز المعاني ويوقف على أغراض المتكلمين» (2008م، ص 384)؛ لذلك يختلف معنى الجملة باختلاف الإعراب. وتلك العلاقة تتمثل في قوله تعالى: «يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاَةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْکَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَك إِنَّ ذٰلِك مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِª (لقمان 31: 17)؛ فالجمل المعطوفة في الآية سبب للتناسب والتوافق بين أجزاء الآية، بحيث تجمع أجزاؤها كالكلمة الواحدة، فالعطف كوسيلة من وسائل الإعراب يفتح النوافذ المنيرة للاتحاد والتقارب، مما يعمل حسب تخطيط لغوي منظم وتشكيل فني منضبط إلى حدما. فطبيعة صيغة الأمر من خلال الآية السابقة ذات قدرة على الترتيب بين الأمور الهامة، فصورة الأمر تدخل في هذه العناصر، العنصر الأول "الصلاة"، وينتقل إلى العنصر الثاني والثالث "الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر"، وثم تصل إلى العنصر الرابع، وهو "الصبر"، فالعلاقات الموجودة بين هذه العناصر تشكل نوعا من التطور والتنقل في المعنى إلى أن تنتهي إلى الغوص في المقصود، فهكذا ينمو ويتسع مجال الدلالة، ويأتي ختام الآية بشكل يرتضيه لقمان (j) فيما قصده منها الآية. وكذلك تلك العلاقة تتمثل في قوله تعالى: «أُولٰئِك يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَª (المؤمنون 23 :61)؛ فجاء خبر الجملة الاسمية في السابق من الآية مضارعا، لكي يعبر عن الشيء المحبوب قصدا لإحضار تحققه في الذهن مستمرا ومتجددا، كأنها تلك الصورة البديعة من التفاؤل بالمستقبل تبدأ في برهة من الزمن، ثم تتكرر متقلبة بين أزمان مختلفة، وتأخذ معنى الدوام والاستمرار، حتى تجعله شاهدة أمام الأعين؛ ولكن بالنسبة إلى اللاحق من الآية، جاء خبره مفردا، كما أن إبراز المؤمنين في اتصافهم بفعل الخيرات، حصل حصولا تاما وانتهت؛ هكذا تبرز علاقة الإعراب بين عناصر الآية إشباعا وتدرجا في المعنى، وهذا كاف للتلاحم بين بنية الآية. مثالنا أيضا قوله تعالى: «وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَª (المؤمنون 23: 8)، کما یتبین أن الإعراب تنظيم يصوغ من خلالها الفهم والإفادة في عناصر الآية، وتفتحت طاقاتها التعبيرية، ووسيلة تحرك بها اللغة من أجل تحقيق كل ما تصبو إليه من المعنى المراد، فالإعراب ضمن العناية بالمعاني التركيبية فقد يكون موف للمعنى، لما فيه من مجال توسع الدلالة، بحيث يبحث عن وحدة النص وكماله، كذلك بالنسبة للآية السابقة يتابع حرف "اللام" الاسم المقترن بالكسرة ويتوقف اسم "العهد" على الاسم السابق في الإعراب؛ لأنه المعطوف وتكون كلمة "راعون" خبر المبتداء؛ لذلك كل أجزاء الآية تقرر وتثبت بعضهم بعضا، فبالتالي من اللافت للنظر الإتيان بكلمة "راعون" وما يقترنه من حروف الفاصلة في الآية والآيات السابقة؛ إذ بذلك تقرب التأثير والحركة في بنيتها، لما فيها من الجمع بين إيقاع الفاصلة والوصول بها إلى ما يقصده. 3ـ5. علاقة التلازم «إن البلغاء جعلوا الفصاحة عبارة عن مزية أفادها المتكلم في المعنى؛ لأنه إذا كان اتفاقا أنها عبارة عن مزية أفادها المتكلم، ولم نره أفاد في اللفظ شيئا، لم يبق إلا أن تكون عبارة عن مزية أفادها في المعنى» (الجرجاني، 1991م، ص 402). التلازم قاعدة لغوية أصولية تكون بين اللازم والملزوم، بحيث تساهم في إثراء المعنى وإشباعه، وذلك من خلال الترابط بين شيئين. 3ـ5ـ1. التلازم الصوتي التلازم الصوتي أيضا يعد برهنة على تناسق عناصر النص وتفاعله ضمن النسيج اللغوي؛ ذلك مثل قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَکُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلاَ تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ کَجَهْرِ بَعْضِکُمْ ... ª(الحجرات 41: 2). وترددت أصوات "الصاد، والضاد والقاف ..." في الآية، التي تدل على التيقظ والتنبيه، وتفسح المجال لاستكشاف صورة الفخامة التي تحتضن هذه الآية؛ لأن الموقف هنا موقف التنبيه، فلا بد من الأصوات المفخمة: كـ"الصاد، والضاد والقاف"، التي تضاعف إيقاع الترفع وعلوّ المنزلة، فإنها تضاعف من حدة الموقف وتزيد من تأثير الكلام، بحيث يدخل في نفوس المتلقي الشعور بمكانة الرسول (-) وشوكته؛ فإبراز هذه العلاقة الصوتية بهذه الطريقة يزيد في بناء الموقف الملائم مع التنبيه والتيقظ في مخيلة المتلقي. كما يلاحظ تكرار صوت "السين" في قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَکُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَکُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُوا أَنْفُسَکُمْ وَلاَ تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِª (الحجرات 41 :11). وبالنسبة إلى تكرار صوت السين في كلمات "يسخر، وعسى، ونساء، وبئس، والاسم، والفسوق" وما يرافقه السينات من حروف الصفير: كـ"الزاء والراء" في "تلمزوا" و"تنابزوا"، فالسين صوت مهموس يتبعه الزاء الصفيري ليتناسب كل ذلك مع حالات السخرية والاستهزاء. فالانسجام الصوتى يعتبر نوعا من الدلالة الوظيفية ويدرس من خلاله، الصوت والحرف والموقع والمقطع، ويساهم بأدائها في بيان المعنى العام داخل السياق، حيث يدل كل عبارة منه دلالة طبيعية إلى حدّ ما، بمجرد سماع الأجراس الصوتية للألفاظ، فيحصل معناها في الذهن بطريقة طبيعية؛ ولكن هذه العلاقة في حدود ضيقة لقلة عدد هذا النوع من الانسجام (آلنى، باستان وصالحبک، 1396ﻫ.ش، ص194). 3ـ5ـ2. التلازم في الإسناد اعلم أن معاني الكلام معان لا تتصور إلا فيما بين شيئين: والأصل والأول هو "الخبر"؛ وإذا أحكمت العلم بهذا المعنى فيه، عرفته في الجميع، ومن الثابت في العقول والقائم في النفوس أنه لا يكون خبر حتى يكون مخبر به ومخبر عنه؛ لأنه ينقسم إلى "إثبات" و"نفي"؛ و"الإثبات" يقتضى مثبتا ومثبتا له، و"النفي" يقتضى منفيا ومنفيا عنه، فلو حاولت أن تتصور إثبات معنى أو نفيه من دون أن يكون هناك مثبت له ومنفى عنه، حاولت ما لا يصح في عقل، ولا يقع في وهم. ومن أجل ذلك، امتنع أن يكون لك قصد إلى فعل من غير أن تريد إسناده إلى شيء مظهر أو مقدر، وكان لفظك به، إذا أنت لم ترد ذلك، وصوتا تصوته سواء (الجرجاني، 1991م، ص 527). فنرى علاقة الإسناد بين المبتداء والخبر في قوله تعالى: «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْکُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّکُمْ تُرْحَمُونَª (الحجرات 41: 10)، الإسناد يضم كلمة إلى أخرى، هنا يثبت الإسناد الاسمى مفهوم الأخوة للمؤمنين، ويقرره ويثبته؛ لذلك يفتقر المبتداء إلى الخبر؛ لذلك أصبح مألوفا وصف النص بأنه عنصر مركب، ذو بناء نسيج؛ لأن القيمة الإبلاغية لم تعد في الانفراد والتوحد، وإنما في الازدواجية وقدرتها الموفية للغرض. كما نرى في ختام الآية الإسناد الفعلي، الجملة الفعلية تبدأ بالفعل وتفتقر إلى الفاعل وما تحتاجه للإفادة والإتمام، حتى تصبح الجملة بنية حية، مركبة، منسجمة، منظمة، لغاية إقناعية كمالية. 3ـ5ـ3. التلازم بين الموصول وصلته هذه العلاقة تعمل على الربط بين سابق الجملة ولاحقها، من شانها أن تجعل هذا التناسق المتتابع مقبولا حتى ترسل الرسالة إلى متلقيها، ويمكن باستطاعة المتلقي أن يفك شفرة الكلام وما فيه من الرموز من خلالها، وذلك مثل قوله تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِª (لقمان 31: 8). إن اتحاد الموصول وصلته سبب في تجاور أجزاء الآية، مما تبرز من خلالها أوجه التلاحم الدلالي بين عناصرها، بما له من ميزة خاصة تقرر وتثبت الانتظام والتماسك؛ فضلا عن ذلك، هذا التناسق سبب في زرع الحياة الفاعلة، الناشطة في بنية العبارة، فتحقق من ورائه إعادة الحياة، للكلمات المنفصلة. ومن أجل إبراز مدى الترابط في الآية، يمنح ختام الآية تجسيد البشارة والتبشير في قوله تعالى للذين عملوا الصالحات، وله دور بارز في تكملة المعنى وكماله؛ لأن اسم الموصول وصلته منفردان يحتاجان إلى الخبر الذي يكشف عن العلاقة بين عناصر الآية، مما يحقق من خلاله فهم المعنى المقصود والرغبة إلى كل خير وصلاح.
3ـ5ـ4. التلازم بين الشرط وجوابه يساهم التلازم في إثراء المعنى المقصود، فتنمو من خلاله حياة الانسجام والتناسق، ومنه العلاقة بين الشرط وجوابه، التي تتمثل في قوله تعالی: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَکُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَª (الحجرات 41: 6). وكما يتضح مما تقدم، أن الشرط يفتقر إلى جوابه، فهو من أسرار تشكيل اللغة وصياغتها، وهذا ما يثبت القواعد المنطقية المنسجمة التي بنيت على المنطق والتدرج، وبالنسبة لهذه القضية، لا يتحقق جواب الشرط إلا إذا تحقق الشرط؛ هكذا تنبع الوظيفة الكلامية المقترنة بالشرط في أنها توجد مفارقة فادحة بين أسلوب الشرط وبين الأسلوب العادي للكلام؛ وأسلوب الشرط بالنسبة لتلك الآية، تهدف بضغوطه الإيقاعية، تنبيه المتلقي وتشكل نبرة التحذير المكثفة في نفسيته، مما يزيد الاهتمام بالمقصود في الآية. 3ـ6. التكرار تقول نازك الملائكة حول التكرار: « إن التکرار يسلط الضوء على نقطة حساسة في العبارة ويكشف عن اهتمام المتكلم بها، وهو بهذا المعنى ذو دلالة نفسية قيمة تفيد الناقد الأدبى الذي يدرس الأثر ويحلل نفسية كاتبه» (1967م، ص 240). ولها أنواع كثيرة، التي تأتي كالآتي: 3ـ6ـ1. التكرار الاستهلالي وهو تكرار كلمة واحدة أو عبارة في أول كل بيت من مجموعة أبيات متتالية، ووظيفة هذا التكرار التأكيد والتنبيه وإثارة التوقع لدي السامع للموقف الجديد، لمشاركة الشاعر إحساسه ونبضه الشعري (المصدر نفسه، ص 10). وله دور هام في عكس الانفعالات النفسية المكنونة، الذي يرسل الخطاب إلى مرحلة الإقناع والسكوت، ويتمثل ذلك في التناسق التالي من قوله تعالی: «قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ! الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ ! وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ! وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّکَاةِ فَاعِلُونَ ! وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَª (المؤمنون 23: 1 ـ 5)؛ كما يتبين، أنه يلاحظ تكرار كلمة "الذين"، والتي يرجع مرجعها إلى المؤمنين؛ تلح الآيات من خلاله على النظام والتناسق في هندسة السورة، وشدة إيقاعها؛ فهذا التعالق اللغوي يعمق الإحساس باتصاف الصفات التي يريد اللّٰه تعالى نقلها لنفسية المتلقي؛ فبهذا الأسلوب تبعث الحياة في المضمون المقصود وتحيي شد انتباه المخاطب لها، لما فيها تجسيد لأعمق التفاعل الروحي؛ لذلك يجعل الكلام متميزا ذا طاقة إبداعية. فسورة المؤمنون سورة مكية، يتردد صداها في الثناء على أهل الإيمان، وبيان ما فيهم من الخصال الحميدة، ثم ختمت بدعائهم، هكذا نستشعر من خلال هذه الآيات، بالربط بين الآيات السابقة مع نهايتها، ويظهر مشهد التكرار في هذه اللوحة الجميلة للفواصل القرآنية "ون"، وكأنها وحدة واحدة إيقاعية، يحدث نوعا من التناسق بين النغمة الإيقاعية للفواصل ومضامينها، وهذا ما يؤدي إلى إزالة مسافة التوتر والتشويش بين الآيات، فتنفذ إشعاعاتها التفاعلية إلى روح المتلقي، كأن هذه الخصال تتساوق مع نوازعه النفسية، فلا بد لنفسيته من الانفعال والتأثير. وصورة التكرار التي تبرز أمامنا في سورة لقمان يلاحظ فيها تكرار قوله تعالى على لسان لقمان، حیث یقول: "يا بني ..."، فكلمة "بني" تصغير، من حكمه التحنن والتودد والتحبب؛ فتكراره ملاصقا بالنداء سبب لزيادة الحنان والتلطف والتودد، مما يزرع الأمر في قلب الابن. فهذه العبارة تدل على قربك إليه واتصالك الوثيق به، لعله كان بدوره يمزج بين السورة والتسلسل اللغوي أو التلقائي إلى نفسية المتلقي وأحاسيسه، وظل صدى التكرار من خلال هذا النداء يغطي الهوة والحاجز بين عناصر الآية، لما فيه من قوة الامتزاج والتلاحم. وتكرار آية "يا أيها الذين آمنوا ..." في سورة الحجرات مؤثرة في تحويل أحوال المؤمنين، وتكوين شخصيتهم الاجتماعية، مما يؤدي إلى الانتباه في مضامين الآيات والتفكير فيها؛ فمضمون ما في هذه النداءات هو التحفيز والتشجيع إلى الأخلاق والآداب التي تنظم العلاقة والصلة الحميمة بين المؤمنين، ومثل هذا يتمثل في هذا النوع من التكرار الذي يبعث في نفوس المؤمنين النزعة إلى تحسين الأخلاق وتعديلها وتغييرها؛ وهذا ما ينبعث عن التكرار كوسيلة الانسجام؛ إذ يتأتى منه تأثير مضاعف في المتلقي، هكذا يسري هذا التكرار الإحساس بقوة الصلة بين عناصر السورة وبين مقصودها، قد بلغ حد الاتحاد بين الأطراف والجوانب، الأمر الذي أكسب السورة الغنى العاطفي واللفتة غير الشائعة، وهذا ما منبعث عن البناء الفني للسورة. يقول ابن عاشور في تفسيره حول الانسجام لتكرار هذه الآية: ذكر اللّٰه في هذه السورة خمس مرات "يا أيها الذين أمنوا" وأرشد بعد كل مرة من قسم من الأقسام الخمسة (1984م، ج 26، ص 214). 3ـ6ـ2. التكرار البياني هو التكرار الذي يأتي لرسم الصورة، أو لتأكيد كلمة أو عبارة، والغرض العام منه إثارة المتلقي وتوجيه ذهنه نحو الصورة المستحضرة، لخلق ما يسمّى لحظة التكثيف الشعوري؛ أو لحظة التوافق الشعوري بين المبدع والمتلقي (شرتح، 2005م، ص16). كما نشاهد في الآية: «وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّك لِلنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍª (لقمان 31: 18)، أن التأكيد من أبرز الوسائل في استجاشة العواطف وطغيانها، ويعرف بأنه فن الحجاج والإقناع، أو هو يشد المتلقي إلى الخطاب اللغوي، ويستميله. فهنا في هذه الآية، ينهض التأكيد بالمتلقي، ويثيره ما في النفس من التهويل والترهيب؛ لذلك تأتي الصور المختلفة متتالية بمعنى واحد من أجل الزيادة في التأثير عند المتلقي، وقد تكون الصور مترابطة في مجموعها، بحيث تكون منها صورة كبرى تتجسد فيها القضايا الهامة المرتبطة بالموضوع، لتكون في النهاية أعظم لوحة فنية ملونة، التي تصور مدى المقصود أحسن تصويرا، هكذا نلاحظ هذا اللون من التكرار في السور المذكورة، التي مازالت تسعى وراء تقرير التهذيب والتربية.
كلما زاد الترابط المعنوي بين أشطر النص الأدبي، زادت القيم الجمالية للنص. والنص القرآني قد استطاع أن يصل إلى هذه الدرجة الرفيعة؛ لذلك، نشاهد المضامين المشتركة بين معاني القرآن، وهذا الأمر يمنح المعاني قوة؛ في الواقع، هذا فيه وضوح، بحيث يرتفع مع الآيات الغموض والإبهام؛ لذلك أن الصدر بحاجة إلى بيان سيدركه في العجز ويكمله به (الكرباسي، 2013م، ج 1، ص 23). ومن مظاهر الترابط المعنوي، نأتي بالظواهر التالية: كالإدماج، والتناسب و...، ثم نطبقها على السور المذكورة. 4ـ1. التناسب الكفاية الاتصالية عند ليفاندوفسكي هي كفاية الاستخدام اللغوي. ولا تتضمن الكفاية الاتصالية المعرفة النحوية فحسب، بل تضم إليها أيضا معرفة المناسبة الاجتماعية والموقفية للأحداث اللغوية (العبد، 2014م، ص 42). إن المناسبات بين الآيات القرآنية بعضها ببعض، ظاهرة الانسجام اللغوي، تزيد في التعميق الفكري، وتثري الخصوبة الفنية، لما فيها من العلاقات المعنوية في الربط بين المناسبة الآية للآية المجاورة لها.
4ـ1ـ1. المناسبة بين مطالع السورة وخواتيمها يتعانق المطلع والخاتمة في جمهور سور القرآن تعانقا حميما يأخذ بالألباب، وينبئ عن سرّ الاعجاز البياني، فتلقي السورة تتناول موضوعات متباينة، وتطوف بآفاق شتى، ولا تعدم في نهاية المطاف وشيجة قربى وآصرة رحم بين المطلع والخاتمة. يقول أبو الحيان: «تتبعت أوائل السور المطولة، فوجدتها يناسبها أواخرها، بحيث لا يكاد ينخرم منها شيء، وهي عادة للعرب في كثير من نظمهم، يكون أحدهم آخذا في شيء، ثم يستطرد منه إلى شيء آخر، ثم إلى آخر، هكذا طويلا، ثم يعود إلى ما كان آخذا فيه أولا» (الريسوني،2010م، ص 93). من الأمثلة المناسبة ما نجده في الآية الكريمة: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَکُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَکُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُوا أَنْفُسَکُمْ وَلاَ تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولٰئِك هُمُ الظَّالِمُونَª (الحجرات 41: 11). هذه الآية والتي بعدها نزلت في خلق أهل الجاهلية؛ وذلك أنهم كانوا يجرون مع شهوات نفوسهم، ولم يقوّمهم أمر من اللّٰه ولا نهي، فكان الرجل يسخر، ويلمز، وينبز بالألقاب، ويظن الظنون، ويتكلم بها، ويغتاب، ويفتخر بنسبه، إلى غير ذلك من أخلاق النفوس البطالة، فنزلت هذه الآية تأديبا لهذه الأمة (الثعالبي المكي، 1997م، ج 5، ص 271). فهي تتساوق مع الآيات السابقة التي ذكرت فيها حدود الأخلاق والمعاشرة. إن المتامل يجد الربط المعنوى بين هذه الآية والآيات السابقة، ويری الاقتراب في هذه الدلالات المعبرة عن التمسك المؤمنين بالأخلاق الحسنة في التعامل والمعاشرة، لما جرى ذكر المؤمنين وجرت كيفية تعاملهم بعضهم لبعض، نقل الكلام إلى تهديدهم وتوعيدهم للاحتراز عن السخرية والازدراء؛ فهذا الانتقال لم يكن اعتباطيا، بل هناك جانب من التلاحم بين الآيات؛ ولكن بالنسبة لهذه الآية المذكورة، فالآية تتحدث عن سوء العاقبة للمعصية، فتجد في تعقيبها الترابط بين المعصية والظلم؛ فهكذا الكلام يناديه بعضه بعضا. لكن بصورة كلية، فقد اشتركت هذه الآيات الموجودة في سورة الحجرات في أنها يجمعها غرض التأدب والآداب، فبدايتها متعلقة بالأدب مع رسول اللّٰه (-) وتتوسط بآداب التعامل مع المؤمنين، وهذا الاتحاد في جنس التعامل هو مسوغ للانتقال من الآية إلى الأخرى. يمكننا أن نشير إلى وجه آخر من أوجه المناسبة بين عنصر السورة يتمثل في الانتقال من الجزئية في التعامل، وهو النبي (-) وإيصاله إلى الكلية، وهو تعامل مع المؤمنين، ثم يتصف حالة الأعراب وما لهم من التعامل والمعاشرة مع رسالة الإسلام، فكل هذه من نسقية مترابطة تقودنا إلى إدراك أوجه التناسب والعلائق بين عناصر السورة. من أمثلة العناية بالاهتمام في المناسبة ما نجده في سورة لقمان کقوله تعالی: «تِلْك آيات الْکِتَابِ الْحَکِيمِ ! ... خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ... وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ! ... إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ و... ª(لقمان 31: 2 ـ 34). هذه الآيات كلها تشكل صورة رائعة لقدرة اللّٰه وحده وعلمه المطلق، مما يتمثل في عناصر الطبيعة التي يراها الناس أمام أعينهم، كما بدأت لسورة بتوحيد اللّٰه تعالى، فإنها ختمت بالتركيز على علمه المطلق وقدرته اللانهاية. فمحور السورة كما يتضح من خلال العديد من الآيات، الحكمة في تربية الأبناء وتخطيطهم للتعامل الحسن في الحياة؛ فمثلا، الآية "اقصد في مشيك ..." قد تكون خاتما أو إتماما لسلسلة وصايا لقمان لابنه التي جاءت في السورة، وهي عصارة حكمته وتجاربه في الحياة، يكون المعنى أن يمشى المؤمن على الأرض بسكينة ووقار دون استكبار وخيلاء، وهذا ما يرتبط ببداية السورة ونهايتها؛ لأن ما يستحق العجب والخيلاء هو اللّٰه الواحد القهار؛ لأن كل صفاته من العلم والقدرة قد بلغت غايتها. فكل ما تعنى بالمفاهيم العلاقية ينقل من الجزئية في القرآن الكريم إلى قراءة كلية مترابطة التي تقود إلى إدراك أوجه التناسب والروابط بين آيات السورة، بحيث تكون السورة ككلمة واحدة؛ لذلك مازالت المناسبة تبحث عن وحدة النص ومضمونا جامعا، ويمكن هذا الأصل من مجاوزة التفسير الجزئي إلى التفسير الشامل الذي لا يتم إلا باقتران الآيات المتعددة. 4ـ1ـ2. التناسب بين اسم السورة ومقاصدها وقد التفت إليها الكرماني في كتابه عجائب القرآن قائلا: «فربط بين العنوان ومقصدية الخطاب ربطا واضحا؛ إذ هو جزء حميم من بنية النص، وعتبة دلالية لفهم مقاصده» (الريسوني،2010م، ص 94). ومثالنا في ذلك سورة لقمان، وسبب تسميتها يعود إلى ذكر هذا العبد الصالح آتاه اللّٰه الحكمة والرشد، فكانت وصايا لقمان لابنه التي جاءت في سورة هي عصارة السورة المتكونة من مفاهيم التعامل، وفيها أيضا تركيز على قدرة اللّٰه وعلمه المطلق. 4ـ1ـ3. التناسب بين البيان والتفسير يقول السكاكي في كتابه مفتاح العلوم حول الإيضاح والتبيين: «أما الحالة المقتضية للإيضاح والتبيين، فهي أن يكون بالكلام السابق نوع خفاء، والمقام مقام إزالة له» (1987م، ص 253). هذه العلاقة الدلالية يكثر تواردها في القرآن الكريم، فهي من الموضع الذي يجب الفصل بين الجملتين، قال اللّٰه تعالى: «... وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَª (الحجرات 41: 9). هناك علاقة معنوية بين عناصر هذه الآية، التي تتنوع أساليب الخطاب من خلالها، وهذا التنوع يضفي ترابطا وثيقا عميقا على ظلال الآية، وبالتالي يعتبر اللاحق من الآية جواب للسؤال المقدر المنبعث عن السابق، فهو يثير ما في النفس من السؤال، فيقول: لماذا يأمر اللّٰه تعالى بالقسط؟ فيجاب بما جاء في خاتم الآية؛ لذلك علاقة السؤال والجواب بين بنية النص سواء كانت صريحة أو غير صريحة تراعي الربط المناسب بين عناصر النص والجملة، وهي سبب لإيصال الفكرة بطريقة صحيحة للمخاطب. قال السيوطي حول علاقة السؤال والجواب: «الأصل في الجواب أن يكون مطابقا للسؤال، إذا كان السؤال متوجها، وقد يعدل في الجواب عما يقتضيه السؤال، تنبيها على أنه كان من حق السؤال أن يكون كذلك، ويسميه السكاكي: الأسلوب الحكيم. وقد يجيء الجواب أعم من السؤال للحاجة إليها في السؤال، وقد يجيء أنقص لاقتضاء الحال ذلك» (2008م، ص 416). كما تختار هذه الآية من سورة لقمان ما يناسب للربط بين عناصر الآية، وهذا هو أيضا من علاقة السؤال والجواب؛ ولكن تكون هذه العلاقة هنا ضمنية أو خفية، حيث يقول اللّٰه تعالى: «وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّك لِلنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ کُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍª (لقمان 31: 18)، فالجملة الأخيرة تكون جوابا للسؤال المقدر المنبعث عن السابق؛ إذ جاء اللاحق تقريرا أو تثبيتا للكلام السابق، ويكشف ما به من العناية والاهتمام، فالعلاقة القائمة على هذه الصورة تتكشف أسرار الانسجام، وجمال التعبير. 4ـ2. علاقة الإجمال والتفصيل (علاقة التعميم والتخصيص) «أما علاقة التعميم ـ التخصيص أو الإجمال ـ التفصيل، فهي تعنى إيراد معنى على سبيل الإجمال، ثم تفصيله أو تفسيره أو تخصيصه» (عبد المجيد، 1998م، ص 146). وهذه العلاقة من أهم العلاقات الدلالية التي تكون موضع العناية في البنيات النصية مما يزيد من تقرير المعنى والإقناع الروحي، مثل قوله تعالى: «وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْکُرْ لي وَلِوَالِدَيْك إِلَيَّ الْمَصِيرُª (لقمان 31: 14). والآية تؤكد على حق الأم؛ لأن ما يخشى منه التهاون يجب دعمه؛ لذلك يدعم جانب الضعيف بشيء من التفصيل والتبسيط، إذن الأم أحق بالتكريم والاحترام. جاءت هذه الآية وما بعدها من الآيات التي تبين مختلف حقوق الوالدين بمنزلة التفصيل والشارح لبداية الآية، فتتابع التفسير هو البحث عن زاوية أخرى للآية، تلتحم عضويا وبنية العبارة الأولى وتفسرها، لما فيه من إضافات فكرية أو لفظية. 4ـ3. علاقة التقابل وأما العلاقات التقابلية، فهي تربط بين طرفين أو موقفين أو حدثين متقابلين (عبد المجيد، 1998م، ص 147). وتلك العلاقة تتمثل في قوله تعالى: «يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاَةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْکَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا ... ª(لقمان 31: 17)، والعلاقة الجامعة بين عناصر الآية هي التضاد أو التقارن، التي تتدفق منها درجة عالية من الاتزان النصي ونضوجه المشبع؛ تلك محاولة لغوية يجد فيها المتلقي ترجمان نفسيته فيما تريد تحققه، وما يجول في عاطفته المشبوبة، بما أن الأمر بالمعروف يستلزم النهى عن المنكر، وكليهما يحتاج إلى الصبر والاستقامة. فبهذه الطريقة، تترسخ الصورة في ذهن المتلقي وتظهر أكثر التصاقا بالنفس وأكثر بروزا، وبالتالي تكون هذه العلاقة رافعة للإبهام الذي يلحق السابق، هكذا أراد أن يبث ما في الآية من العبادة وما يتوقف عليها من الصعوبة والمشقة بصورة متناسقة؛ فلا بد في هذه الحالة من الاستمداد بعلاقة التقابل أو التضاد. يقول الشعراوي حول التقابل في تفسيره: «هذه سمة من سمات الأسلوب القرآني؛ لأن ذكر الشيء مع مقابله يوضح المعنى ويعطيه حسنا» (1991م، ج 19، ص 1159). فنبرة التقابل بين عناصر الآية أحدثت انسجاما وتأثيرا جارحا قد يتبعه التوازن والمزواجة. 4ـ4. العلاقات المنطقية 4ـ4ـ1. علاقة السبب والأثر تهتم هذه العلاقة بانتقال الذهن من المؤثر إلى الأثر كانتقال الذهن من النار إلى الدخان (الجرجاني، 2004م، ص 55). وذلك مثل قوله تعالى: «وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّك لِلنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ کُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍª (لقمان 31: 18)، فالانسجام بين السبب والأثر هو هذه العلاقة التي نتسول بها للوصول إلى التقرير والإثبات، ترفض الآية معنى الاستكبار والكبر والتيه، الذي لا يليق أحدا إلا اللّٰه؛ ولكن لا بد من التمسك بخاتم الآية لتقرير المعنى، وبالتالي هو تعليل مقنع لتحريم التبختر والإستكبار بما أنه تعالى لا يحب اتصاف العباد بهذه الصفة، هكذا يترقرق الانسجام شفافا، حافلا بالإشعاعات النباضة من خلال هذه العلاقة. 4ـ4ـ2. علاقة السبب والنتيجة لننظر إلى هذه العلاقة في قوله تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِª (لقمان 31: 8). كانت هذه العلاقة في الوقت نفسه من أهم الطرق الترابط النصي، تطمح إلى محاولة تحقيق وحدة النسيج لبنية الآية، وربط محاورها لفظيا وفكريا، بحيث تبدو بداية الآية منسجمة التركيب مع نهايتها، وكان الإيمان والعمل الصالح يستلزمان تبشير الجنة والدعوة إليها؛ لذلك حين تكون الآية تتحدث عن الإيمان والعمل، فتجد في التعقيب البشارة والسعادة. 4ـ4ـ3. علاقة التعليل تعتبر علاقة التعليل من العلاقات التي تتجاذبها ثلاثة مجالات على الأقل في الثقافة العربية الإسلامية، وهي: المجال الفلسفي، والنحوي، والبلاغي. وقد تسربت معاني هذه المجالات بأشكال وأحجام مختلفة أيضا إلى التفسير، وتعنى هذه العلاقة في عرف المناطقة «انتقال الذهن من المؤثر إلى الأثر كانتقال الذهن من النار إلى الدخان، أو بتعبير آخر إظهار علية الشيء سواء كانت تامة أو ناقصة، والصواب أن التعليل: هو تقرير المؤثر لإثبات الأثر» (برماد، 2015م، ص 195). ويمكن أن نأتي بمثال من قوله تعالی في القرآن الکریم: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا کَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُوا وَلاَ يَغْتَبْ بَعْضُکُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُکُمْ أَنْ يَأْکُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَکَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌª (الحجرات 41: 11)، فمضمون هذه الألفاظ، أي عدم الظن وعدم الغيبة، لا يتحقق من بداية الآية؛ لذلك عقب اللّٰه بقوله "إن بعض الظن إثم أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا". فكل هذه المقاطع تعليل لعبارة تسبقها، فهذه ما يثري النص، ويشحنه بطاقات مليئة بالعلية والتعليل تدفع المتلقي إلى مواصلة النص وتجعل الإقناع والإمتاع في النفوس، بحيث تندمج هذه العناصر اللغوية مع ملامح الإثبات والتقرير، وتندغم فيها لتحدث بها آية متكاملة، منسجمة وما شابهت تلك من توسع الدلالة وتكثيفها. وقوله تعالى: «وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْکُرْ لِي وَلِوَالِدَيْك إِلَيَّ الْمَصِيرُª (لقمان 31: 14)، فـ"ووصينا الإنسان بوالديه" إلى آخر الآية، اعتراض واقع بين الكلام المنقول عن لقمان وليس من كلام لقمان، وإنما اطرد ههنا للدلالة على وجوب شكر الوالدين كوجوب الشكر للّٰه تعالی، بل هو من شكره تعالى لانتهائه إلى وصيته وأمره تعالى، فشكرهما عبادة له تعالى، وعبادته شكر (الطباطبايي، 1360ﻫ.ش، ج 16، ص 216). والآية تتحدث عن حقوق الوالدين وعدم عقوقهما؛ لذلك تجد في التعقيب التحذير والتنبيه على صورة "إليّ المصير"؛ لذلك يشحن خاتم الآية المضمون المقصود بالعلية والتعليل، فيلزم المتلقي تكريم الوالدين؛ لأن عدم التكريم يتبعه سوء العاقبة وما يلحق بها من الخسران والضرر، وهكذا يكشف اللاحق بعدا نفسيا ممزوجا بالتوعيد والتهديد ويعمق النظر في أحوال الوالدين.
الخاتمة قد جاء هذا البحث ليثبت أشكال الانسجام والتلاحم بين آيات القرآن وسوره ومقاطعه. تظهر قوة الانسجام أهمية القرآن ومنزلته البنيوية، فهذا الانسجام في القرآن الكريم بصورة كلية تكون على المنهج التالي: عندما يتحدث عن الأشياء التي جاءت من الغيب، يعقبه بقوله: "أفلا يسمعون"؛ وعندما يتحدث عن دلائل الإيمان في الكون والنفس، نرى في تعقيبه "أفلا تعقلون"، فهذه الدقة القرآنية تحتاج إلى الاستشعار والاستمالة، كما نلاحظ في نهاية الخطاب لأهل الإيمان مقطع "أفلا تتقون"، وحينما يخاطب الكفار، فتجد في التعقيب "أفلا تؤمنون". ولكن بالنسبة لهذه السور المذكورة، انبثقت أشكال الترابط السطحي فيها من علاقة بين البنية والنسق، وأكسبت فاعلية كل من الأنساق اللغوية في إنشاء المقارنة بين عناصر الآيات ومقاطعها بهدف تحقيق التوازن بين حالات لغوية مختلفة. وهذا ما يتمثل في الإعراب والتكرار والإحالة والحذف و.... ويكون محور الانسجام أو الترابط المعنوي في السور المذكورة على الترتيب الآتي: تبحث آلية الانسجام في سورة الحجرات عن آداب التعامل والمعاشرة، وتكون هذه المعاشرة مع النبي (-) والمؤمنين، وتمتد إلى المجتمع البشري كله؛ لذلك الآيات الموجودة فيها تكون إتماما لسلسلة الذوقيات والأخلاق التي تشكل الانسجام المعنوي في السورة، كما يساعدنا محور الانسجام في سورة المؤمنون في عملية الفهم والمقصود من نزول السورة؛ فالفكرة المحورية فيها هي بشارة المؤمنين وجزاؤهم بما تنفي الضلالة والكفران؛ لأنها تبين دلائل الإيمان في الكون والنفس؛ لذلك بدئت بثناء أهل الإيمان لما فيهم من آداب المعاشرة الحسنة وختمت بدعائهم، وحلقة الاتصال بين سورة المؤمنون وسورة النور التي جاءت بعدها تحقق ذلك الهدف الرئيس، الذي تدور حوله المعاشرة وآداب التعامل؛ وأما سورة لقمان يتدرج محور الانسجام فيها تدرجا منطقيا متسلسلا، والمحور الرئيس في تلك السورة هو الاعتقاد بقدرة اللّٰه وكماله المطلق، كما تخطط لمناهج الحياة والدنيا، وتلك تكون على لسان لقمان، الذي يبث معاني التربية والعشرة، حينما يقول: "لا تمش في الأرض مرحا"، أراد أن يجسد قدرة اللّٰه المطلقة؛ إذ تشكل هذه الآية مثالا رائعا؛ لأن ما يستحق الغرور هو اللّٰه القاهر؛ هكذا نلاحظ التعالق الدلالي بين مقاطع الآيات، فتكون حلقة الاتصال بين هذه السورة والسور الأخرى هي التربية والتهذيب؛ لذلك استعانت الدراسة بالوسائل اللغوية وغير اللغوية لإثبات التلاحم والترابط بين السور المذكورة، فاهتمت بعلاقة المناسبة وأفاضت في بنيته، ووقفت على أسرار العلاقات الجامعة بين الآيات.
[1] .Robert De BeauGrande [2]. Holiday [3]. R. Hassen | ||
مراجع | ||
* القرآن الكريم. ابن عاشور، محمد طاهر. (1984م). تفسير التحرير والتنوير. تونس: الدار التونسية للنشر. ابن هشام، عبد اللّٰه. (2009م). مغني اللبيب عن کتب الأعاريب. تحقيق صالح عبد العظیم الشاعر. القاهرة: مکتبة الآداب. ساقى آلنى، حسن؛ وخليل باستان؛ ومجيد صالحبک. (1396ﻫ.ش). «دراسة المعاني الضمنية لانسجام الصوائت في سورة آل عمران». ادب عربى. ع 1. ص 191 ـ 209. برماد، أحمد. (2015م). «آليات انسجام النص القرآني عند المفسرين: تفسير محمد الطاهر ابن عاشور لسورة المجادلة أنموذجا». النص. ع 18. ص 176 ـ 200. الثعالبي المكي، عبد الرحمن. (1997م). الجواهر الحسان في تفسير القرآن. بيروت: دار إحياء التراث العربي. الجرجاني، عبد القاهر. (1991م). دلائل الإعجاز. تحقیق محمود محمد شاكر. جدة: دار المدني. حسان، تمام. (1998م). النص والخطاب والإجراء. القاهرة: عالم الكتاب. ختيم، عزوز. (2018م). الانسجام في النص القرآني: دراسة في الأدوات والمستويات. أطروحة الدكتوراه. جامعة باتنة. كلية اللغة والأدب العربي. خطابي، محمد. (1991م). لسانيات النص مدخل إلى انسجام الخطاب. بيروت: المركز الثقافي العربي. دايك، فان. (2001م). علم النص مدخل متداخل الاختصاصات. ترجمة سعيد حسن بحيري. القاهرة: دار القاهرة للكتاب. الربيعي، محمد شاكر الناصر؛ وأحمد جاسم مسلم الجنابي. (2014م). «الأشكال البديعية في ضوء الانسجام في القرآن الكريم». مجلة كلية التربية الإسلامية. ع 17. ص 451 ـ 481. الريسوني، قطب. (2010م). النص القرآني من تهافت القراءة إلى أفق التدبر. المغرب: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. الزكراوي، جميلة. (2017م). الاتساق والانسجام في سورة "يس". رسالة الماجستير. جامعة محمد بوضياف. كلية الآداب واللغات. السكاكي، أبو يعقوب. (1987م). مفتاح العلوم. ط 2. بيروت: دار الكتب العلمية. السيوطي، جلال الدين. (2008م). الإتقان في علوم القرآن. تحقیق مصطفى شيخ مصطفى. بيروت: مؤسسة الرسالة. ــــــــــــــــــــــــ . (د.ت). أسرار ترتيب القرآن. تحقيق عبد القادر أحمد عطاء ومرزوق على ابراهيم. القاهرة: دار الفضيلة. شرتح، عصام. (2005م). ظواهر أسلوبية في شعر بدوي الجبل. دمشق: اتحاد الكتاب العربي. الشعراوي، محمد متولي. (1991م). تفسير الشعراوي. القاهرة: مجمع البحوث الإسلامية. الطباطبائي، محمد حسين. (1360ﻫ.ش). الميزان في تفسير القرآن. قم: جماعة المدرسين في الحوزة العلمية. عبد المجيد، جميل. (1998م). البديع بين البلاغة العربية واللسانيات النصية. القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب. العبد، محمد. (2014م). النص والخطاب والاتصال. القاهرة: الأكادمية الحديثة للكتاب الجامعي. غزالة، خليل حمد. (1992م). مدخل إلى علم لغة النص. نابلس: دار الكاتب. قطب، سید. (2003م). في ظلال القرآن. ط 32. بیروت : دار الشروق. الكرباسي، محمد صادق. (2013م). ديوان التخميس. لندن: المركز الحسيني للدراسات. كريستيفا، جوليا. (1997م). علم النص. ترجمة فريد الزاهي. ط 2. المغرب: دار توبقال للنشر والدار البیضاء. الملائكة، نازك. (1967م). قضايا الشعر المعاصر. ط 3. بيروت: مكتبة النهضة. | ||
آمار تعداد مشاهده مقاله: 2,908 تعداد دریافت فایل اصل مقاله: 607 |