تعداد نشریات | 43 |
تعداد شمارهها | 1,673 |
تعداد مقالات | 13,658 |
تعداد مشاهده مقاله | 31,599,651 |
تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 12,486,290 |
دراسة أسلوبية في سورة الجاثية | ||
بحوث في اللغة العربية | ||
مقاله 5، دوره 13، شماره 25، دی 2021، صفحه 59-74 اصل مقاله (1.72 M) | ||
نوع مقاله: المقالة البحثیة | ||
شناسه دیجیتال (DOI): 10.22108/rall.2020.118886.1228 | ||
نویسندگان | ||
عبدالباسط بهادرزهي ملک آبادي1؛ حميد احمديان* 2؛ سميه حسنعليان3 | ||
1طالب الدکتوراه في قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة أصفهان، أصفهان، إيران | ||
2أستاذ مشارک في قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة أصفهان، أصفهان، إيران | ||
3أستاذة مساعدة في قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة أصفهان، أصفهان، إيران | ||
چکیده | ||
لا يخفى على من له إلمام باللغة العربية، أن القرآن الکريم نصّ أدبي فريد ببلاغته، ولا نظير لفصاحته؛ فيؤثّر على المتلقي إثر سماعه وتلاوته؛ لأنّه يحتوي على ميزات أسلوبية، وخصائص فنية، ومؤشرات جمالية تميّزه عن غيره؛ فلذلک جدير بالدراسة والتحليل والکشف عن ميزاته وأسباب جماله. وسورة الجاثية المبدوءة بـ"حم"، من أحسن سور القرآن شکلاً ومعنى، بما فيها من تکرار کلمة "اللّٰه" و"الآيات" الدالة على وحدانية اللّٰه تعالى. من هذا المنطلق، يستهدف هذا البحث تحليل سورة الجاثية على أساس الأسلوبية على مستوی الصوت والترکيب والدلالة، متبعاً المنهج الوصفي ـ التحليلي. وصلت المقالة أخيرا إلى أن الأصوات والکلمات التي تکررت في السورة، أنشأت موسيقى رائعة ونغمات متناسقة تجلب القلوب وتمهّدها للانقياد والانصياع وتکون في خدمة المعنى؛ وعلى مستوی الترکيب، تتبلور ميزات الأسلوبية في التقديم والتأخير، والتعريف والتنکير، والاستفهام، والحذف، وتکرار الجملات وتثبت أن القرآن يستخدم أغراضا أسلوبية لتزيين أسلوبه وإعجاز بيانه؛ والدقة في اختيار الکلمات واستخدام التضاد والترادف والاشتراک اللفظي، ميزات أخری للقرآن تسترعي الانتباه وتتضمن معاني التأکيد والشمول. | ||
کلیدواژهها | ||
سورة الجاثية؛ الأسلوبية؛ الصوت؛ الترکيب؛ الدلالة | ||
اصل مقاله | ||
1. المقدمة الأسلوبية من المناهج العلمية التي ازدهرت في الآونة الأخيرة، وذلک بفضل تطور علم اللغة على يد العالم السويسري دسوسور[1]، حيث قدم آراءه في قالب دروسه المشهورة علم اللغة العام (خفاجي، فرهود وشرف، 1992م، ص 12)؛ فولدت منها علوم فرعية، مثل: السيمائيات، وعلم الدلالة، وعلم النص، ومن أعمها الأسلوبية التي اعتنى بها الباحثون أکثر من غيرها في تحليل النصوص. تستخدم الأسلوبية لتحليل الأعمال الأدبية وتوصيفها وتقوم بالکشف عن جماليتها، أساسا في المستويات اللغوية: الصوتية، والصرفية، والنحوية، والدلالية، والبلاغية. ولا شکّ أنّ القرآن أحسن الکتب حديثا وأتقنها انسجاما وتأليفا وأروعها أدبا بلفظه ونظمه، مما أعجز العرب والعجم أن يأتوا بمثله، فيليق أن نغوص في بحاره ونستخرج من درره، حسب مستطاعنا على أساس الأسلوبية. ونظرا إلى أنّ سورة الجاثية من سلسلة سور "الحواميم" التي سميت بديباج القرآن (السيوطي، د.ت، ج 7، ص 268)، فقمنا بدراستها والکشف عن ميزاتها. وقد سميت السورة بالجاثية؛ لأنها تقدم صورة هائلة من مشهد القيامة، والناس جميعا موقوفون عند ربهم على رکبهم، لا يقدرون القيام على أرجلهم، خوفا من مقام ربهم فاضطرّوا إلى الجثو. تتکون سورة الجاثية من سبع وثلاثين آية؛ ومن ميزاتها تکرار لفظة " اللّٰه" فيها ثمانية عشرة مرة. ولا توجد هذه الکمية في أي سورة من سور القرآن، إلا سورة الأنعام التي جاءت فيها هذه الکلمة إحدى وثمانين مرة، وعدد آياتها مائة وأربع وستون آية. وإثبات وحدانية اللّٰه تعالى هو الموضوع المشترک بين السورتين. ومثل هذا التکرار نشاهد في کلمة "الآيات" التي نشعر بإيقاعات متناغمة أثناء تلاوة السورة لترديدها، ونلاحظ التأکيد الذي توحيه هذه اللفظة في وجوب الإيمان باللّٰه. وبناء على ذلک، طبعت هذه السورة بسمات أسلوبية تمس الحاجة إلى الدراسة الأسلوبية، لکشفها وبيان العلاقة بينهما للحصول على معايير وقواعد لتحليل القرآن أولا، وتفسيره أخيرا. وأما المفاهيم الأساسية للسورة فما يلي: ذکر آيات اللّٰه الکونية والتشريعية للتوحيد والتهديد بأنواع العذاب لمن کفر بآياته، والتأکيد على اتباع الشريعة، والتحذير من اتباع المشرکين، والتصوير لمشاهد القيامة ومحاسبة الأعمال. فرأينا أن ندرسها أسلوبيا وفقا للمنهج الوصفي ـ التحليلي، نقوم أولا بتقديم تعريف عن الأسلوب والأسلوبية، ثم نطبق نظريات الأسلوبية على سورة الجاثية على ثلاثة المستويات: الصوتية، والترکيبية، والدلالية، للوصول إلى أبرز السمات الأسلوبية في هذه السورة المبارکة. ولقد بذلنا جهودنا ـ أثناء العمل ـ على الإجابة عن السؤالين التاليين: ـ ما الظواهر الأسلوبية في سورة الجاثية؟ ـ کيف يؤثر استخدام اللفظ في نقل المعنى؟ ونستهدف دراسة أهم الظواهر الأسلوبية على مستوی الصوت، والترکيب، والدلالة، لکى نتعرف على مؤشرات الجمال ويتيسر لنا فهم معاني القرآن، نتذوق بتلاوته ونهتدي بتدبره ونحاول إدراک العلاقة بين الشکل والمعنى والکشف عن دور الأصوات والکلمات والتراکيب في بيان الأغراض الدينيية، کوحدانية اللّٰه تعالى، وإثبات المعاد، راجين أن تکون هذه الدراسة إلى جانب الدراسات القرآنية الأخری، خير نموذج لتفسير القرآن على أساس اللغة والأدب.
1ـ1. خلفية البحث ظهرت في مجال الدراسات الأسلوبية کتب ومقالات کثيرة؛ ذلک لأن القرآن بنصه المعجز، نال مکانة کبيرة في هذا الإطار، فقام الباحثون يشمرون عن ساق الجد، فجعلوا القرآن نصب أعينهم، ليدرسوه دراسة أسلوبية؛ ومن مؤلفاتهم: الأسلوب البلاغي في القرآن الکريم: سورة الکهف نموذجا دراسة وصفية، لمحمد بو لحية (2010م)؛ والسمات الأسلوبية في القصة القرآنية: قصة إبراهيم أنموذجا، ليوسف سليمان طحان (2011م)؛ ودراسة النظم القرآني في سورة هود: دراسة أسلوبية، لأبي لحية مجدي عايش عودة (2009)؛ وکذلک دراسة أسلوبية في سورة الکهف، لمروان محمد سعيد عبد الرحمن (2006م)؛ ودراسة أسلوبية في سورة مريم، لمعين رفيق لأحمد صالح (2003م)؛ ودراسة سورة طه: دراسة لغوية أسلوبية مقارنة، لإبراهيم عوض (1993م)؛ ودراسة خصائص الأسلوب في سورة النمل، لأحمد بزيو (2007م)؛ وأخيرا، البعد التصويري في القرآن الکريم: سورة يوسف نموذجا، لمريم سعود (2006م). ومن المقالات ما يليق بالذکر هي: دراسة أسلوبية في سورة القدر وفق نظرية دسوسور، لفاطمه بختياری وبتول مشکينفام (2015م)؛ و دراسة أسلوبية في سورة الشمس، لعلي مطوري (2016م)؛ وکذلک دراسة أسلوبية في سورة ص، لنصراللّٰه شاملى وسميه حسنعليان (2011م)، وأيضا مقالة ومضات أسلوبية في سورة الرحمان لمحمد خاقانى ومريم جليليان (2012م)؛ ومقالة ظواهر الأسلوبية في سورة الحج، لعزت ملاابراهيمى وبايزيد تاند (2017م)؛ ومقالة سبکشناسى سوره مريم، لمحمد خاقانى ومحمدجعفر اصغرى (1389ﻫ.ش). ومنهم من تطرق إلى نقل صفات الأصوات، من المجهورة، والمهموسة، وغيرهما ... بالتفصيل، مثل: دراسة أسلوبية في سورة الشمس، لعلي مطوري (2016م). وأما هذه الدراسة اکتفت بذکر ملامح أصوات ترددت في السورة، وأعرضت عن ذکر ما لم يتکرر ولم يحمل سمة أسلوبية، فما تطرقنا إلى الإحصاء إلا إذا مست الحاجة، وظننا أن وراءه غرض أسلوبي. فکثير من الباحثين اختاروا سورا للدراسة لاشتهارها لأجل قصة وردت فيها، کسورة مريم، وسورة الکهف، أو لجاذبيتها لآية کثر تکرارها کسورة الرحمن؛ ولکننا اخترنا سورة لم تکن مشهورة بين أوساط الناس ولم يخطر ببال کثير من الباحثين أنها تحتوي ظواهر أسلوبية بهذه الکمية فلم يدرسها أحد دراسة أسلوبية.
2. الإطار النظري للدراسة الأسلوب والأسلوبية مصطلحان متداولان تطرق إلى بيان معانيهما جمٌ غفير من الباحثين؛ فيعتقد بعضهم أنهما مترادفان ومتلازمان، حيث وجد أحدهما وجد الآخر (النحوي، 1999م، ص 154)؛ ومنهم من يفرق بينهما بأن الأسلوب له جذور في اللغة العربية، حيث ذکره الجرجاني والجاحظ وابن قتيبة في کتبهم؛ ونذکر بالمثال نظرية ابن خلدون في الأسلوب: هو المنوال الذي تنسج فيه التراکيب أو القالب الذي يفرغ فيه الکلام (2004م، ج 2، ص 397). وللأسلوب معان وأقسام مختلفة بالنسبة إلى الفنون والموضوعات وطبائع الرجال والظروف، کما أشار إليها ابن منظور قائلا: «الأسلوب يقال: للسطر من النخيل، وکل طريق ممتد فهو أسلوب. والأسلوب: الطريق، والوجه، والمذهب يقال: أنتم في أسلوب سوء. والأسلوب: الفن يقال: أخذ فلان في أساليب القول، أي في أفانين من القول» (د.ت، ج 1، ص 471).وجاء في تعريفه من رؤية غربية: «الأسلوب: لغة تعني کلمة إستيلوس (الأزميل)، أو (المنقاش) للحفز والکتابة وقد کان اللاتين يستعملونها مجازا للدلالة على شکلية الحفز أو شکلية الکتابة، ثم مع الزمن اکتسبت دلالتها الاصطلاحية البلاغية والأسلوبية وصارت تدل على الطريقة الخاصة للکاتب في التعبير» (بن ذريل، 2006م، ص 43). وقال شميسا في التعريف بالأسلوبية: إنها علم دراسة اللغة للکشف عن الأسلوب (1373ﻫ.ش، ص 296). على أي حال، أنها منهج علمي لتحليل النصوص الأدبية للکشف عن جمالها والنفوذ إلى عمقها واستنباط المعاني الثانوية التي تکمن وراء الاختيارات اللغوية والانزياحات الترکيبية. ومن الرأی الصواب في الأسلوبية أنها هي البلاغة القديمة، وجاء في تعريف البلاغة هکذا: مطابقة الکلام لمقتضى الحال مع فصاحته (القزويني، 1998م، ص 13). «وهذا ما يقرره علم الأسلوب من أن نمط القول يتأثر بموقف المتکلم والمتلقي» (الکواز، 1426ﻫ، ص 148). لکنها تطورت بتطور الظروف العلمية واللغوية، فأصبحت مصطلحا جديدا ذا رسالة جديدة في الوصف والتحليل والتفسير، کما قال محمود فتوحى: إن أکثر الباحثين شغفوا اليوم بعملية تفسير النصوص؛ والتفسير الأسلوبي يشتمل على تحليل المعطيات اللغوية في نص أدبي للکشف عن الفحوی أو القيمة الفنية (1395ﻫ.ش، ص 135). الأسلوبية تدرس اللغة من الجوانب الصوتية، والصرفية، والنحوية، والدلالية، وقد ذکرت مستويات أخری للتحليل والتعرف على النصوص، نشير إلى بعضها. يعتقد شميسا أنها ثلاثة مستويات: أسلوبية الأصوات، وأسلوبية المفردات، وأسلوبية الجملة؛ يذکر أن المستویين البلاغي والدلالي منفصلان عن اللغوي (1373ﻫ.ش، ص 153). ويذکرها أبو العدوس خمسة: الأسلوبية الصوتية، والأسلوبية الصرفية، والأسلوبية المعجمية، والأسلوبية النحوية، والأسلوبية الدلالية (2010م، ص 98). واخترنا لهذا البحث، المستوی الصوتي، والمستوی الترکيبي، والمستوی الدلالي؛ ويدرس عادة في المستوی الصوتية النبر، والمقاطع، والفواصل (السجع)، والجناس ...؛ واکتفينا بتحليل (الفواصل) کظاهرة أسلوبية في سورة الجاثية، وتحليل أصوات ترددت. وتبدو أنها تشکل ميزة أسلوبية. ويقتصر البحث في المستوی الترکيبية على ما يشتهر بالظواهر الأسلوبية: التکرار، والتقديم، والتأخير، والحذف، والاستفهام، والتعريف والتنکير؛ وفي المستوی الدلالي، يتطرق البحث إلى بيان الترادف، والطباق، والاشتراک اللفظي في السورة، يکشف عن أسرار دقة القرآن في اختيار کلمات دون کلمات.
3. القسم التطبيقي للبحث 3ـ1. المستوى الصوتي البيان من نعم اللّٰه اختص به الإنسان دون المخلوقات، وهو ميزة للبشر وترجمان أفکاره وأحاسيسه. وللأصوات في القرآن مکانة خاصة؛ لأن إعجازه يرجع إلى الکلام، والکلام يتألف من الکلمة، والکلمة من الأصوات. الأصوات هي أصغر وحدات ولبنات يبنى عليها الکلام، وهى کالمواد الخام للغات؛ ولذلک تقع الدراسة الصوتية في صميم دراسة النصوص الأدبية؛ لأنّ التحليل الصوتي لهذه النصوص يساعد کثيرا في فهم طبيعتها وفي الکشف عن جوانبها الجمالية، بالإضافة إلى ما فيه من الکشف عن الانفعالات النفسية والعواطف التي تحکم مبدعها والتي تدفعه إلى اختيار أصوات وإيقاعات بعينها (أحمد صالح، 2003م، ص 3). أهمية الدرس الصوتي من جانبين: الموسيقى الداخلية؛ وصفات الحروف وانطباق اللفظ والمعنى. «ومن العناصر المساهمة في إحداث الموسيقية الداخلية: السجع، والجناس والتکرار» (جليليان، وزرکوب وابن الرسول، 2015م، ص 38). والظاهرة التي تلفت الانتباه کل شيء في الدراسة الصوتية للقرآن الکريم هي الفواصل القرآنية التي لها دور أکبر في إنشاء الموسيقى. فقد نرى قراء القرآن يبذلون جهودهم لتحسين أصواتهم بالفواصل، فيمکننا أن نقول: إن الفواصل أکبر مظهر للموسيقى القرآنية. 3ـ2. الفاصلة (السجع) الفواصل لها دور مهم في سورة الجاثية. فلقد أدت إلى جمال إيقاعها من جهة ثمّ شارکت في غنى معناها. «کثر في القرآن ختم الفواصل بحروف المدّ واللين؛ ليکون أکثر تأثيرا وکذلک بصوتى: "الميم"، و"النون". ورود "النون" بعد حروف المد متواکبة في القرآن حتى عاد ذلک سرا صوتيا متجليا في جزء کبير من فواصل آيات السورة» (الصغير، 2000م، ص 155)؛ ولذلک تکررت "النون" في فواصل السورة کظاهرة أسلوبية: حم / الحکيم / للمؤمنين / يؤقنون / يعقلون / يؤمنون / أثيم / أليم / مهين / عظيم / أليم / تشکرون / يتفکرون / يکسبون / ترجعون / العالمين / يختلفون / لا يعلمون / المتقين / يؤقنون / يحکمون / لا يظلمون / أفلا تذکرون / يظنون / صادقين / لا يعلمون / المبطلون / تعملون / تعملون / المبين / مجرمين / بمستيقنين / يستهزؤون / ناصرين / يستعتبون / العالمين / الحکيم. وسورة الجاثية لها سبع وثلاثون فاصلة کلها فواصل نونية إلا ثمانية منها التي ختمت بالميم «وهما حرفا الترنم في اللغات الإنسانية» (خضر، 2000م، ص 166). وردت تسع عشرة فاصلة من السورة على وزن فعل المضارع مناسبة لسياق السورة الذي ذکر فيه نعم اللّٰه. وأفعال المضارع تدل على الاستمرار والتجدد لأنعم اللّٰه التي لا تنفد، فيجب على الناس أن يتعظوا بآيات اللّٰه ويشکروه على نعمه. والهدف الأکبر من رعاية الفواصل في القرآن هو الاهتمام بالمعنى أولا؛ فـ«إنّ القرآن الکريم يهتم بالناحية اللفظية؛ لأنّها جزء من أسلوبه ومن دواعي التأثير، وتلک وظيفة القرآن الکبرى، فالغرض منه أوّلا هو قيادة النفس الإنسانية إلى سبيل الخير، فمن الحتم أن يأخذ کل سبيل إلى هذه الغاية، فلا يهمل الجانب الهام في بلاغته» (طبق، 1993م، ص 15)؛ ولذلک نشاهد الفواصل التي ترجع کصفة إلى اللّٰه جاءت على وزن الصفة المشبه مشيرة إلى ثبوت صفاته ومنها: "الحکيم"، ويعد من ميزات هذه السورة تکرار صفتي "العزيز" و"الحکيم" کحسن مطلع وحسن مقطع في بداية السورة ونهايتها کما نقرأ قوله تعالى: «حمª (الجاثية 45: 1)، و«تَنْزيلُ الکِتابِ مِنَ اللّٰه العَزيزِ الحَکيمِª (الجاثية 45 :2)، و«وَلَهُ الکِبرياءُ فِي السَّمَواتِ وَالأرْضِ وَهُوَ العَزيزُ الحَکيمُª (الجاثية 45: 37). 3ـ3. تکرار الأصوات وبيان صفاتها علاقة الأصوات بالمعاني مما اعتنى به الباحثون في الدراسات اللغوية الحديثة، ورغم صدقها على شواهد، لا يطمئن القلب أن يکون هذا أمرا شائعا لکل الأصوات البشرية. وأما بالنسبة إلى القرآن فنعتقد أن اللّٰه لم يختر الأصوات اعتباطيا، بل تکمن وراءها معان سواء نعلم سرها أو لم نعلم. ونتناول في هذا السياق بيان أصوات ترددت في سورة الجاثية نوضح ـ حسب المستطاع ـ علاقتها بمعانيها ودورها في إحداث موسيقى السورة؛ ومنها: أصوات المدّ، والنون، واللام، والميم، والکاف، والتاء، والهاء. ولقد منحت أصوات المد ـ ومنها حرکة الفتحة الطويلة "آ" بتکرارها ثماني مرات ـ الکثير من الوضوح والإبانة لکلام اللّٰه (أحمد صالح، 2003م، ص 23)، في تذکير آياته ونعمه المتمثلة في تلک الآيات: «إنَّ فِي السَّمَواتِ وَالْأرْضِ لَآياتٍ للمُؤمِنِينَª (الجاثية 45: 3)، و«وَفي خَلْقِکُم وَما يَبُثُّ مِنْ دآبّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يوقِنُونَª (الجاثية 45: 4)، وقد تأتي أصوات المد للتعظيم «وأکثر ما يبرز غرض التعظيم في الآيات التي ضمير المتکلم فيها عائدا على اللّٰه سبحانه» (أحمد صالح، 2003، ص 24). ولنتأملها في الکلمات: "وَرَزَقْناهُمْ"، و"وَفَضَّلْناهُمْ"، و"آتَيْناهُمْ"، و"جَعَلْناکَ" في الآيات رقم (16، 17، 18) من سورة الجاثية. تکرر صوت "ت" في الآية: «فَاتَّبِعْها وَلاتَتَّبِعْ أهْواءَ الَّذينَ لايَعْلَمونَª (الجاثية 45: 18)، خمس مرّات، وفي التالية: «أفَلَمْ تَکُنْ آيَاتي تُتْلَى عَلَيْکُمْ فَاسْتَکبَرْتُمْ وَکُنتُمْ قَوماً مُجرِمينَª (الجاثية 45: 32)، سبع مرات. يعدّ صوت "التاء" من الأصوات الانفجارية وتسمى أيضا الأصوات الوقفية؛ وإذا ما وردت الأصوات الوقفية في سياق الإنذار والتهدد والأمر والنهى، فإنّها تضاعف من وتيرتهما وتزيد من تأثيرهما، وهو من أصوات لها وقع قوي في السمع، فإذا وقفت خرج معها من الفم صوت (سيبويه، د.ت، ج 4، ص 174). وتکرار "التاء" يتداعى لنا بترديده متواليا في الآية، کأنه يطلق الرصاص أو تضرب الدفوف. تکرار "الکاف" و"الميم" المتمثلان في ضمير الخطاب "کم" في الآيات: «وَسَخَّرَ لَکُمُ البَحْرَ لِتَجْريَ الفُلْک بِأمْرِهِ وَلِتَبْتَغوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّکُمْ تَشْکُرونَª (الجاثية 45: 12)، و«وَسَخَّرَ لَکُمْ ما فِي السَّمَواتِ وَما فِي الأرْضِ جَميعاً منْهُª (الجاثية 45: 13)، يفيدان تأکيد المعنى بأنّ اللّٰه جعل الإنسان مالکا لنعم کثيرة في البر والبحر والأرض والسماء. ونظيره الآية الأخری: «ذلِکُمْ بِأنَّکُمُ اتَّخَذْتُمْ آياتِ اللّٰه هُزُوًا وَغَرَّتْکُمُ الحَياةُ الدُّنْياª (الجاثية 45: 35). وتکرار ضمير الخطاب "کم" في الآيتين ست مرات سبب إيقاعا متوازنا يقع على الآذان، کأنه صوت الدف ينشط الذهن ويجعل القارئ والسامع يهتزان طربا من استماعه. «حرف الکاف حرف مهموس لا تفخيم فيه، ولکنه من جهة المخرج يخرج من أقصى الحنک، فيحتاج نطقه إلى انغلاق مجری النفس تماما لتفجر به الهواء دفعة واحدة عدّه القدماء شديداً والمحدثون انفجاري، فإذا تردد الکاف في عدة کلمات متوالية أشعر هنا بالشدة والحدة والإمعان» (شادي، 1988م، ص 85). ولذلک نرى الکلمات في الآية المذکورة أشد وقعا لتوبيخ المشرکين لتوالي الکاف وتکرارها. وتکرار صوت "اللام" ست مرات في الآية: «تِلْکَ آياتُ اللّٰه نَتْلوهَا عَليْکَ باِلْحَقِّª (الجاثية 45: 6)، «جعل إيقاع الآية في غاية التناسق والانسجام وجعلها في تناغمها، کأنّها لفظة واحدة، فنحن نقرأها بکل سلالة وتدفق وکل کلمة فيها ترتبط بما قبلها وما بعدها برابط من صوت اللام» (أحمد صالح، 2003م، ص 32). تکرر حرف "النون" ست مرات في الآية: «وَقيْلَ اليَوْمَ نَنْساکُمْ کَما نَسيْتُمْ لِقاءَ يَوْمِکُمْ هَذا وَمَأوَاکُمُ النّارُ وَما لَکُمْ مِنْ ناصِرينَª (الجاثية 45: 34). يبرز صوت النون في مقام التهديد وفي سياق الوعيد ويضاعف وقعهما في النفوس ويساهم في التعبير عن الغضب، وصوت النون يمنح هذا الوعيد قوّة وحسما لشدته وجهره (أحمد صالح، 2003م، ص 30). تکرار "الهاء" إحدی عشرة مرة في الآية: «أفَرَأيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إلهَهُ هَواهُ وَأضَلَّهُ اللّٰه عَلَى عِلْمٍ وَخَتَم َعَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً فَمَنْ يَهْديْهِ مِنْ بَعْدِ اللّٰه أفَلَا تَذَکَّرُوْنَª (الجاثية 45: 23)، ظاهرة أسلوبية أخری تحتاج إلى التأمل. و"الهاء" «صوت رخو ومهموس عند النطق به يظل المزمار منبسطا، دون أن يتحرک الوتران الصوتيان، ولکن اندفاع الهواء يحدث نوعا من الخفيف يسمع في أقصى الحلق أو داخل المزمار ويتخذ الفم عند النطق بالهاء نفس الوضع الذی يتخذه عند النطق بأصوات اللين» (أنيس، د.ت، ص 76). نتخيل من تکرار "الهاء" المهموسة وذات الرخاوة تهاون الآلهة وضعف بنيانها، ويؤيد ذلک قول اللّٰه: «وَإنَّ أوْهَنَ البُيوتِ لَبَيْتُ العَنْکَبُوتِ لَوْ کانُوا يَعْلَمونَª (العنکبوت 29: 41)، ولها إيقاع متوازن بترديدها مع الفتحة القصيرة مرتين ومع الضمة القصيرة أربع مرات ومع الکسرة القصيرة خمس مرات. وتوالي "الهاء" في العبارة: «هَذا هُدًیª (الجاثية 45: 11)، سبّب الجمال والنغمة العذبة، وهو قابل للحس لمن تلا هذه الجملة من الآية ووقف على "هُدًی"، لتکرار "الهاء" في الکلمتين وتوافقهما في الوزن والحرف الأخير الساکن والمخرج وخفتهما في الأداء.
4. المستوی الترکيبي هذا المستوی ذو أهمية کبيرة في دراسة الأسلوبية؛ لأنه يجعلنا نميز أسلوب الرجل عن غيره. وفيه تدرس ظواهر الأسلوبية، مثل: تکرار الکلمات والعبارات، وأسلوب الجمع والإفراد، والتقديم والتأخير، وتوظيف الاستفهام، والحذف، والتعريف والتنکير. «من الواضح أننا لا نستطيع أن ندرک من اللغة غرضا، ولا أن نفيد منها معنى إلا إذا ارتبطت کلماتها بعضها ببعض، وصار کل لفظة متصلة بالأخرى نوعا من الاتصال، وفي ضوء هذا الترابط، وهذه الصلات تکمن المعاني، والأفکار التي تحتويها النصوص اللغوية» (أبو موسى، د.ت، ص 77). 4ـ1. أسلوب التکرار في سورة الجاثية التکرار من أهم ظواهر الأسلوبية التي قد اهتم بها القرآن، بل يوجد في النصوص الأدبية قديما وحديثا، وقد استخدم في القرآن غير قليل ما يثير الانتباه ويؤکد المعنى ويجمل الموسيقى، «فيکون التکرير منبعثا عن المثير النفسي مفضيا إلى نفس المخاطب بأثره؛ إذ يدق اللفظ بعدد ما يتکرر أبواب القلب موحيا بالاهتمام الخاص بمدلوله. فيشعل شعور المخاطب إن کان خافتا ويوقظ عاطفته إن کانت غافية» (السيد، 1978م، ص 12). وتتبين من خلال دراسة الکلمات المتکررة في سورة الجاثية فوائد أخرى للتکرار: کالتقرير، والتوبيخ، والتعليل، والتشويق، والتجسيد، والتهديد، والتنغيم. ونقوم هنا بدراسة الکلمات المتکررة في سورة الجاثية. کلمة "اللّٰه" أکثر الکلمات ترديدا في سورة الجاثية يبلغ عددها ثماني عشرة مرة، وذلک في الآيات: (2)، و(4)، و(5) مرتين (7)، و(9)، و(11)، و(14)، و(19)، و(22)، و(23)، مرتين (26)، و(27)، و(32)، و(35)، و(36)؛ لأن کلمة "اللّٰه" محور السورة من جهة المعنى أوّلا؛ واللام ما قبلها المفتوح تعد من أصوات المفخمة، ولها دور في تجسيد عظمة الخالق. لا توجد هذه الکمية في أي سورة من سور القرآن إلا سورة الأنعام التي جاءت فيها هذه الکلمة سبعين مرة وعدد آياتها مائة وأربع وستون، وإثبات وحدانية اللّٰه تعالى هو الموضوع المشترک بين السورتين. وکلمة "الآيات" التي تشکل المحور الثاني للسورة، قد تکررت ثلاث عشرة مرة في الآيات: (3)، و(4)، و(5)، و(6)، و(8)، و(9)، و(11)، و(13)، و(25)، مرتين، (31)، (35). التکرار بهذه الکمية الکبرى في هذه السورة القصيرة التي لم يتجاوز عدد آياتها من (37) آية، يثير العجب ويسترعي الانتباه ويعلن أنّ هناک أمر مهم وحجة کبيرة، فقد أتم اللّٰه الحجّة ببيان الآيات في الآفاق والأنفس، وهذه ميزة فريدة لهذه السورة؛ فقد وردت کلمة "الآيات" من أوّل السورة إلى وسطها وإلى نهايتها في مناسبات شتى؛ من التذکير للمؤمنين، والتهديد للمستکبرين، والتوبيخ للمضلين، والتهکم لمن تمسک بالتوهم، إضافة إلى تأکيد المعنى ودلائل الوحدانية لها موسيقى رائعة زادت الجمال وسبّبت التنغيم. تکونت الکلمة من ثلاثة أصوات شديدة: "الالف" و"الياء" و"التاء". تکرار "الألف" المدية وامتدادها في تلفظ "الآيات" يؤدي إلى امتداد المعنى ويؤتي فرصة التأمل أکثر فأکثر، والأصوات الشديدة تزيد المعنى أهمية وتأکيدا وصراحة. تکرار "اليوم" في الآيات: (17)، و(26)، و(27)، و(28)، و(34)، و(35) من سورة الجاثية ينبئ عن يوم يجمع الناس فيه جميعا وأخبر به النبيون (%). وهذه الکلمة ذُکِرت ثمانية مرات في السورة، وهى معبأة مخيفة؛ لأنّها وردت في سياق التهديد والوعيد للکافرين (أحمد صالح، 2003م، ص 48). وبجانبها تکررت کلمة "الساعة" مرتين في الآية: (27)، ومرة في الآية: (32). قد ذکرنا آنفا أنّ مشهد القيامة من المفاهيم الأساسية للسورة؛ ولذلک تکرر المفهوم بلفظ "اليوم" ثماني مرات وبلفظ "الساعة" ثلاث مرات، ليستقر في القلوب الإيمان بالمعاد ويزول الشک، هذا وقد کان کثير من المشرکين منکري البعث: «وَقالوا إنْ هِيَ إلاّ حَياتُنا الدُّنْيا نَموتُ وَنَحْيا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعوثينَª (المؤمنون 23: 37). ومن الواضح أنه صار التکرار للألفاظ التي توحي عقيدة البعث بعد الموت مطابقا لمقتصى الحال والمقام. وتکرار کلمة "ربّ" وقع سبع مرات في الآيات رقم: (11)، و(15)، و(17)، و(30)، و(36) ثلاث مرّات. هذه الکلمة هي اسم اللّٰه تعالى ولا يقال الرب في غير اللّٰه إلا بالإضافة؛ ولها معان: المالک، والسيد، والمربي، والقيّم، والمنعم، والمدبر، والمصلح، وأرباب وربوب (مصطفى وآخرون، د.ت، ص 319). فلا نجد اسما من أسماء اللّٰه أنسب من "ربّ" في هذا السياق الذي ذکرت آيات اللّٰه ونعمه؛ لأنّ الرب هو المالک والمربي والمنعم يدبّر الأمر؛ فعلی هذا، ينبغي للعباد أن يؤمنوا باللّٰه ورسوله ولا يشرکوا به شيئا؛ وکان من الواجب تکرار کلمة "ربّ" لتقرير معنى الوحدانية؛ وبجانب ذلک، تجلب النظر کلمة "ربّ" بتکرار "الراء" وتضعيف "الباء" من الحروف الشديدة التي تُلقن الصراحة وتکمن القوة «ونشأ من تکراره إيقاع منسجم» (أحمد صالح، 2003م، ص 33). ولصدق ما نقول يجدر أن نتأمل في کلمة "ربّ" في الآية: «فَلِلَّهِ لحَمْدُ رَبِّ السَّمَواتِ وَرَبِّ الأرْضِ رَبِّ الْعالَمينَª (الجاثية 45: 36). تکرار کلمة "العذاب" أربع مرّات في هذه الآيات المتجاورة: «فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أليمٍª (الجاثية 45: 8)، و«أولئِکَ لَهُمْ عَذابٌ مُهينٌª (الجاثية 45: 9)، و«وَلَهُمْ عَذابٌ عَظيمٌª (الجاثية 45: 10)، و«وَلَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجزٍ أليمٍª (الجاثية 45: 11)، ظاهرة أسلوبية أخرى لغرض التخويف، وقد ذُکر العذاب کل مرة بصفة خاصة، وهذا التنويع يشير إلى أنّ هذه الصفات بمجموعها موجودة في العذاب ويمکن أن يکون المراد بصفة تناسب جو الآية ونوع الإثم. ونذکر بالمثال أنّ الاستهزاء عمل شنيع يستهدف العِرض ويؤدي إلى الإهانة فناسبه الإهانة متقابلا، فجزاء الاستهزاء هو العذاب المهين کما ذکر في الآية التاسعة لسورة الجاثية. ومادة "الاستکبار" تکررت ثلاث مرات في هذه السورة: «مَسْتَکْبِراًª (الجاثية 45: 8)، و«فَاسْتَکْبَرْتُمْª (الجاثية 45: 31)، و«الکبْرياءُª (الجاثية 45: 37)، وتعد من جناس الاشتقاق الذي هو أحد عناصر المساهمة لتکوين الموسيقى الداخلية؛ وعلاوة على ذلک، يعلل بأن العذاب المختلف سببه الاستکبار؛ لأن الکبر لا يليق إلا باللّه، والاستکبار من باب الاستفعال يأتي للمبالغة بمعنى أن العذاب لا يلحق بالناس إلا إذا بالغوا في الکبر وتعدوا حدود اللّٰه. 4ـ2. الاستفهام في سورة الجاثية «الاستفهام نمط ترکيبية من الجمل الإنشائية الطلبية، فهو طلب العلم عن شيء لم يکن معلوما أصلا، أي هو استخبار وطلب من المخاطب أن يخبر أو أن يفهم عن شيء لم يکن معلوما بأداة خاصة» (الجرجاني، 1961م، ص 108). والاستفهام يخرج عن مفهومه الأصلي إلى معان أخری ليحقق أغراضا بلاغية أخرى: کالتقرير، والتعجب، والنفي، والإنکار، والتهويل، والتشويق، والتعظيم، والتحقير و... (الهاشمي، 1383ﻫ.ش، ص 94). وأداة الاستفهام متنوعة بين "هل"، و"أ"، و"أم"، و"أیّ"، و"من" و.... ومن أداة الاستفهام في سورة الجاثية ما يلي: "أيّ" في الآية: «فَبِأيِّ حَديثٍ بَعْدَ اللّٰه وَآياتِهِ يُؤْمِنونَª (الجاثية 45: 6)؛ وقد وجه اللّٰه الاستفهام إلى الذين ينکرون نعمه وآياته، والغرض هو التعجب بمعنى کيف تنکرون کل هذه النعم والآيات، مع أنّکم تعرفون أنها من عند اللّٰه؛ و"أم" في الآية: «أمْ حَسِبَ الَّذينَ اجْتَرَحوا السَّيِّئاتِ أنْ نجْعَلَهُمْ کَالَّذِينَ آمَنوا وَعَمِلوا الصّالِحاتِª (الجاثية 45: 21)، «والاستفهام الذي يلزم تقديره بعد أم استفهام إنکاري، والتقدير: لا يحسب الذين اجترحوا السيئات أنّهم کالذين آمنوا لا في الحياة ولا في المماتِ» (ابن عاشور، 1984م، ج 25، ص 351)؛ و"أ"، نحو: «أفَرَأيتَ مَنِ اتَّخَذَ إلَهَهُ هَواهُª (الجاثية 45: 23)، وهو «تعجيب من حال من ترک متابعة الهدى إلى مطاوعة الهوى فکأنّه عبده، أي أنظرت فرأيته فإنَّ ذلک مما يقضى منه العجب. وقريء آلهةً هواهُ لأن أحدهم کان يستحسن حجرا فيعبده، فإذا رأى أحسن منه، رفضه إليه فکأنه اتخذ آلهة شتى» (أبو سعود، د.ت، ج 8، ص 73)، ونحو: «أفَلَا تَذَکَّرونَª (الجاثية 45: 23)؛ والاستفهام هنا للتوبيخ، وما کان من المطلوب بعد ذکر الآيات إلا الإيمان والتسليم، وإذا لم يحصل ذلک المقصود فوجه اللّٰه إليهم التوبيخ بأسلوب الاستفهام والنفي؛ و"مَن"، نحو: «فَمَن يَهْديهِ مِنْ بَعْدِ اللّٰهª (الجاثية 45: 23)، والغرض منه الإنکار، أي: لا هادي لمن أضلّه اللّٰه. 4ـ3. التقديم والتأخير في سورة الجاثية لا يأتي من ترکيب خلاف النحو تقديما وتأخيرا إلا وراءه أغراض بلاغية قد لا يلمس أثرها وفق الترتيب المعياري لتراکيب اللغة، وقد صرح العلماء أن التقديم «باب کثير الفوائد جم المحاسن بعيد الغاية لايزال يفتر لک عن بديعة ويفضي بک إلى لطيفة ولا تزال ترى شعرا يروقک مسمعه ويلطف لديک موقعه، ثم تنظر فلا تجد سبب أن راقک ولطف عندک أن قدم فيه شيء وحول اللفظ عن مکان إلى مکان» (الجرجاني، 1961م، ص 72). ويتمثل هذا الأسلوب في الآية: «إنّ في السَّمَواتِ وَالْأرْضِ لَآياتٍ للمُؤْمِنينَª (الجاثية 45: 3). والأصل في المسند إليه هو التقديم، ولکنه يؤخر لأغراض بلاغية؛ وفي هذه الآية تأخر المسند إليه لغرض التشويق إلى المتأخر (الهاشمي، 1383ﻫ.ش، ص 141). ويتتبع الغرض نفسه في آيات أخرى من السورة، نحو: «وَفِي خَلْقِکُمْ وَما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ آياتٌ لِقَومٍ يُوقِنونَª (الجاثية 45: 4)، و«وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما أنْزَلَ اللّٰه مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ ... آياتٌ لِقَومٍ يَعْقِلونَª (الجاثية 45: 5)، و«إنَّ فِي ذَلِکَ لَآياتٍ لقَومٍ يَتَفَکّرُونَª (الجاثية 45: 13). إن اللّٰه يجعل الإنسان يتطلع بعد ذکر السموات والأرض وخلق الإنسان والدواب إلى ما يمکن أن يقول اللّٰه ويذهب الفکر کل مذهب فينتهي الانتظار بقوله: آيات لقوم يؤمنون ويعقلون ويتفکرون. ويبدو أن رعاية الفواصل هدف آخر لهذه التقديمات، نحو: «وإذا عَلِمَ مِنْ آياتِنَا شَيئا اتَّخَذَهَا هُزُواª (الجاثية 45: 19)؛ وکان يمکن أن يکون نسق العبارة حسب المعيار النحوي: "وَإذَا عَلِم شيئا مِنْ آياتِنا"، تقديم المفعول على المتعلق، فنسبة الآيات إلى اللّٰه وتقديمها على ذکر "الشيء" تشريف لها وثبت أن التشريف من أسباب التقديم. و«منْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُª (الجاثية 45: 10)، «أي من قُدامِهم؛ لأنهم متوجهون إلى ما أعد لهم، أو من خلفِهم؛ لأنهم معرضون عن ذلک مقبلون على الدنيا، فإن الوراء اسم للجهة التي يواريها الشخص من خلف وقدام» (أبو سعود، د.ت، ج 8، ص 69)، وتقديم ورائهم للأهمية بشأن الکفار وعملهم؛ و«فَبِأيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللّٰه وَآياتِهِ يُؤْمِنُونَª (الجاثية 4: 6)، أي بعد آياته ودلائله الباهرة، وتقديم اسم اللّٰه للمبالغة والتعظيم، کما في قولک: "أعجبني زيد وکرمه"، إلا إنهم عدلوا عنه للمبالغة في الإعجاب، أي: فبأي حديث بعد هذه الآيات المتلوة بالحق يؤمنون وفيه دلالة على أنّه لا بيان أزيد من هذ البيان (الطنطاوي، 1997م، ج 13، ص 147)؛ و«إنَّ فِي ذَلِکَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتفَکّرُونَª (الجاثية 45: 13)، فيها التشويق إلى المتأخر؛ و«ثُمَّ إلَى رَبِّکُم تُرْجَعونَª (الجاثية 45: 15)، فيها إفادة قصر المسند على المسند إليه، ووجه آخر لتقديم الجار والمجرور يرجع إلى رعاية الموسيقى لتوفيق الفاصلة مع الأخری في الواو والنون؛ و«وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشاوَةًª (الجاثية 45:23)، تقديم الجار والمجرور لأهمية البصر (أبو موسى، د.ت، ص 314)؛ و«وَقِيلَ اليَوْمَ نَنْساکُمْª (الجاثية 45: 34)، تقديم المفعول للأهمية؛ وکذلک في الآية: «فَاليَوْمَ لايُخرَجونَ مِنْها وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبونَª (الجاثية 45: 35)، لا شک لأهمية يوم الآخرة في قاموس القرآن وفي اعتقاد المسلم، بل غالب الإنسانية يصدقون بأنه يأتي يوم مصيري يقام فيه العدل. ونجد الاختصاص دليلا آخر لتقديم الجار والمجرور، أي الخبر، «ثم إنّ الصور التي تفيد الاختصاص لا تخلو دلالتها من التوکيد والتقرير، وإن کانت الدلالة الواضحة هي الاختصاص؛ لأنّ الحقيقة هي أنّ الاختصاص متضمن للتوکيد» (أبو موسى، د.ت، ص 228). بعد ما ذکر اللّٰه أنعمه على البشر وذکر أنه يحيي ويميت ويدخل من يشاء في رحمته ويعذب من يشاء فناسب أن يقول: أن الملک والکبرياء والحمد له ولا لغيره. وهذه الآيات تصرح بهذه المفاهيم: «وَلِلَّهِ مُلْکُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِª (الجاثية 45: 27)، و«فَلِلّهِ الحَمْدُª (الجاثية 45: 36). کما أسلفنا أنه من حق الخبر هو التأخير، فلا يقدم إلا لغرض بلاغي، وهو اختصاص الحمد للّٰه. وبهذا المعنى وردت الآية التالية: «وَلَهُ الکِبرْياءُ فِي السَّمَواتِ وَالْأرْضِª (الجاثية 45: 37). 4ـ4. التعريف والتنکير وللتعريف والتنکير دور مهم لأداء المعاني السياقية في سورة الجاثية، تکشف للمتأمل فيهما أبعاد جمالية قد لا تتحقق من خلال اللغة وقواعدها المعجمية والمعيارية. المعارف لها أقسام: معرف "بأل" التعريف، والضمائر، والاسم الموصول، واسم الإشارة. * "أل" التعريف: وهو يؤدي معاني وظيفية وبلاغية مختلفة. يشير المعرف بـ"أل" إلى ما هو معهود بين المتکلم والمخاطب، أو إلى الجنس، والحقيقة. ومن فوائد التعريف بـ"أل" التعريف: ـ التعظيم: وذلک نحو: «تَنْزيلُ الکِتابِª (الجاثية 45: 2)، و«وَلَقَدْ آتَينا بَني إسْرائيلَ الْکِتابَ وَالْحُکمَ وَالنُّبُوَّةَª (الجاثية 45: 14). والمعرف باللام مبين لعظمة الکتاب والنبوة والحکم. وفي هذا السياق، کلمة "الأمر" في الآية: «وَآتَيناهُم بَيِّنَتٍ مِنَ الأَمْرِª (الجاثية 45: 15)، أي: أمر الدين؛ فلام التعريف في الأمر لعظم شأن الدين؛ ويمکن أن يکون التعريف للشمول، أي: وللدين في سائر أجزائه دلائل محکمة من عند اللّٰه ورسوله. ـ الشمول والإحاطة: وذلک نحو: «وَرَزَقْناهُمْ مِّنَ الطَّيِّباتِª (الجاثية 45: 14)، فکلمة "الطيبات" تشتمل على کل رزق حلال من الثمار والزروع واللحوم وکل ما يحتاج إليه الإنسان لاستمرار حياته. * المعرف بالإضافة: ومن أغراض المعرف بالإضافة في سورة الجاثية ما يلي: ـ التعظيم: «هَذا کِتابُناª (الجاثية 45: 29)؛ ونسبة الکتاب إلى اللّٰه تدل على دقة محتواه وعظم شأنه وعدالة حکم يقضى على أساسه «من تمام ما يقال حينئذ، وحيث کان کتاب کل أمة مکتوب بأمر اللّٰه تعالى أضيف إلى نون العظمة تفخيما لشأنه وتهويلا لأمره» (أبو سعود، د.ت، ج 8، ص 74). ـ التهويل: «أيام اللّٰهª (الجاثية 45: 14)؛ وانتساب الأيام إلى اللّٰه تخويف وإشارة وتذکير بأيام نحسات أهلک اللّٰه فيها الأمم الماضية بذنوبهم. * اسم الإشارة: فـ«يؤتى بالمسند إليه إشارة: إذا تعين طريقا لإحضار المشار إليه في ذهن السامع بأن يکون حاضرا محسوسا ولا يعرف المتکلم اسمه الخاص ولا معنا آخر؛ أما إذا لم يتعين طريقا لذلک فيکون لأغراض أخری» (الهاشمي، 1383ﻫ.ش، ص 130). ومنها: ـ التعظيم، نحو: «هَذا هُدًیª (الجاثية 45: 11)، أي القرآن هو الکامل في الهداية کما قيل: "هذا رجل"، أي الکامل في الرجولة. الإشارة للقريب، لکن جيء هنا لغرض أسلوبي، وهو لفت انتباه المخاطب نظرا إلى أهمية القرآن، وکلمة "هدى" بمعنى "هاد" عدل عن اسم الفاعل إلى المصدر للمبالغة، واسم الإشارة زاد المبالغة تأکيدا وساعد على تصوير القرآن وتجسيمه. «فالإشارة بقوله: "هذا" إلى القرآن الذي هو في حال النزول والتلاوة فهو کالشيء المشاهد» (ابن عاشور، 1984م، ج 25، ص 334)؛ ومثله: «هذا بَصائِرُ لِلنّاسِ وَهُدًی وَرَحمَةٌ لقَومٍ يؤقِنونَª (الجاثية 45: 20)، إشارة إلى تعظيم درجته بالقرب؛ و«تِلْکَ آياتُ اللّٰه نَتْلوهَا عَلَيکَ بِالحَقِّª (الجاثية 45: 6)، "تلک" إشارة للبعيد استعمل للقريب، وذلک للبعد المقامي تعظيما لشأن الآيات، فشبه بُعد المقام ببُعد المکان، وذلک کثير في الآيات القرآنية التي استهدفت فيها الأغراض البلاغية «فيظهر من اسم الإشارة سمو المشار إليه وعظم شأنه، فالآيات لها من الشأن العظيم والعلو ما يجعل المتأمل لها ينظر إليها بإجلال وتعظيم» (عبد الرحمن، 2006م، ص 143). ـ التعليل: «ذلِکُمْ بِأنَّکُمْ اتَّخَذتُمْ آيَاتِ اللّٰه هُزُوًاª (الجاثية 45: 35)، ورد اسم الإشارة في هذه الآية ليبين علة العذاب، فالاستهزاء إحدی علل العذاب للکافرين. ـ التنبيه: «هَذا کِتابُنا يَنطِقُ عَلَيکُم بِالحَقِّª (الجاثية 45: 29)، ومن فوائد اسم الإشارة تقريب التصوير إلى ذهن المخاطب؛ ليرى نفسه أمام اللّٰه جاثيا يُحاسَب حسابا عسيرا. ـ البعد عن الرحمة: «ذَلِکُمْ بِأنَّکُمْ اتَّخَذْتُمْ آياتِ اللّٰه هُزُوًاª (الجاثية 45: 35)؛ وفي سياق آخر، فإنّ اسم الإشارة للبعيد يدل على بُعد المشار إليه "الکفار" عن رحمة اللّٰه، کما يفيد تحقير شأن الکفار وتقليل أعمالهم. 4ـ5. التنکير النکرة في القرآن ليس أمرا اعتباطيا، وإن کان له معنى معياريا نحويا، کما قيل: تأتي النکرة لمعنيين أساسيين: هما النوع والإفراد (أبو موسى، د.ت، ص 163). ولکن قد يفيد التنکير معاني بلاغية أخری من خلال تفاعلها مع سياق الآيات، ومنها: ـ ما دلّ على العموم: «وَتَری کُلَّ أمَّةٍ جاثِيَةٍª (الجاثية 45: 28)، أي مسلما کان أو کافرا يخضع أمام اللّٰه وينتظر الحساب؛ وسياق الآيات يؤيد ذلک، وذلک قبل الفصل بين المؤمنين والکافرين. ـ التحقير: ويمکن أن تعد النکرة للتحقير. وتنکير "شيئاً" في الآية: «وإذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنا شَيئاً اتَّخَذَها هُزُوًاª (الجاثية 45: 9)، للتحقير بمعنى أنّ علمهم بالنسبة إلى آيات اللّٰه قليل، وتؤيد ذلک آيات أخری، نحو: «ما لَهُمْ بِذَلِکَ مِنْ عِلْمٍ إنْ هُمْ إلَّا يَخْرُصونَª (الجاثية 45: 24)، يعني أنّ استهزاءهم باللّٰه من الکبائر، بل هو کفر، ولکن لا يضر اللّٰه شيئا، بل کل کيد أمام اللّٰه هباء منثور. ـ التعظيم: «وآتَيناهُمْ بَيِّناتٍ مِنَ الأمْرِª (الجاثية 45: 17)؛ أفاد التنکير في هذه الآية عظمة کل بينة نزلت من اللّٰه، عظيمٌ شأنها من حيث الوضوح والاستدلال؛ والبينة تشتمل على المعجزات المادية: کناقة صالح (7)، وعصا موسى (7)، وإحياء الموتى لعيسى (7)، وتشتمل المعجزة المعنوية کالقرآن للرسول (-). ـ التخويف والتهويل والتفخيم: إذا أراد اللّٰه أن ينذر الکافرين مما ينتظرهم من العذاب، إن لم يؤمنوا به ورسوله ولم ينتهوا عن العصيان، فاستخدم التنکير للويل والعذاب ليکونا أکثر تأثير على قلوبهم، بمعنى أن هناک ويل لا يعلم ماهيتها إلا اللّٰه ويذهب الفکر کل مذهب لمعرفته وأن هناک عذاب لا تسأل عن ألمها وعظمها وإخزائها للمجرمين لم يعهد بمثله في الدنيا؛ فقال اللّٰه تبارک وتعالى: «وَيلٌ لِکُلِّ أفّاکٍ أثِيمٍª (الجاثية 45: 7)، ومثله جاء تنوين "عَذابٌ" في السورة في المواقع الثلاثة: «وَلَهُمْ عَذابٌ ألِيمٌª (الجاثية 45: 8)، و«وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌª (الجاثية 45: 9)، و«وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينُª (الجاثية 45: 10) للتفخيم (أبو سعود، د.ت، ج 8، ص 69). ـ التوسع في الرحمة: «وَهُدًی وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يؤقِنونَª (الجاثية 45: 20)؛ فتنوين التنکير يشير إلى سعة رحمة اللّٰه وهدايته الواسعة الشاملة. ـ التکثير: «وَما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ آياتٌ لِقَومٍ يؤقِنُونَª (الجاثية 45: 4)، الدواب کثيرة لا يعلم عددها إلا اللّٰه، منها من يمشي على بطنه، ومنها يمشي على رجلين، ومنها يمشي على أربع؛ فالتنکير أحسن تعبير موجز لبيان الکثرة. 4ـ6. أسلوب الحذف الحذف من أدق أبواب البلاغة وأعظمها خطرا وأکثرها تنوعا، کما يقول عبد القاهر الجرجاني: «هو باب دقيق المسلک، لطيف المأخذ، عجيب الأمر، شبيه بالسحر، فإنک تری فيه ترک الذکر أفصح من الذکر، والصمت عن الإفادة أزيد للإفادة» (1961م، ص 95). ومنه في السورة ما يلي: ـ حذف المضاف، نحو: «إنَّ فِي السَّمَواتِ وَالْأرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنينَª (الجاثية 45: 3)، أي: في خلق السموات. حذف المضاف ليعم الخلق والتنوير وکل ما فيهما، لو لم يکن الحذف لفاتت هذه الفائدة الأسلوبية. ـ حذف الفاعل: «لِيَجْزِي قَومًا بِما کَانُوا يَکْسِبونَª (الجاثية 45: 14)، حذف الفاعل؛ لأنه معلوم بأنه لا يجزي إلا اللّٰه فلا يحتاج إلى الذکر، ويمکننا أن نذکر لها وجها آخر، وهو إشارة إلى أنّ الأعمال لها دور مباشر کالفاعل وأنّ کسب الإنسان يحدد مصيره إلى الجنة أو النار.
5. المستوی الدلالي لا بد من الدراسة في دلالة الألفاظ معجميا وسياقيا، وذلک يمکن بطرق مختلفة، ومنها: دراسة الأضداد، والترادف، والاشتراک اللفظي. يأتي السيد الشريف الجرجاني في التعريفات، بکلام جامع عن الدلالة في الثقافة الأصولية يقول: «الدلالة هي کون الشيء بحالة يلزم من العلم به العلم بشيء آخر والشيء الأوّل هو الدال والثاني هو المدلول» (1983م، ج 1، ص 104). يبحث علم الدلالة عن العلاقة بين اللفظ والمعنى؛ بعبارة أخری بين الدال والمدلول. وتحظى الکلمات والألفاظ بمکانة مهمة في دراسة النصوص؛ لأنّها تمثل الوحدات الصغری التي يتشکل منها النص، وللألفاظ في القرآن الکريم مکانة خاصة؛ إذ هي تنفرد عن غيرها بدقة متناهية، وهي تنسجم مع السياق الذي ترد فيه، بحيث لو استبدل بکلمة ما کلمة أخری لاختل المعنى وانتقض التعبير. ولا نعني أن نبحث عن معنی کل لفظٍ مستقلا بذاته، بل نبحث عن معناه ضمن السياق، وهو يعين المعنى المقصود. وربما اتضح معنى اللفظ إذا ذکر بجانب ضده أو مع مترادفه، ولنتأمل أمثلة من سورة الجاثية: 5ـ1. التضاد والتقابل يقصد بالتضاد ورود اللفظ الواحد على معنيين مختلفين، ونعني بالمخالفة هنا أن يکون کل معنى من هذين المعنيين ضدا للآخر (سليمان، 1991م، ص 35). وإذا کان التضاد بين کلمتين فيسمى الطباق، وأما إذا کان التضاد بين کلمتين أو أکثر فهو المقابلة. التقابل هو الإتيان بمعنيين متوافقين أو أکثر ثم الإتيان بما يقابلهما، أي يناقضهما بالترتيب نفسه (أبو حاقة، 1988م، ص 186). وفي هذه التراکيب معان ودلالات بلاغية يلزم کشفها، ومن هذه الأغراض: ـ العموم: وقد أفاد التضاد الإحاطة والشمول في تحقيق معنى إحاطة ربوبيته تعالى بمخلوقاته: «فلِلّهِ الحَمْدُ رَبِّ السَّمَواتِ وَرَبِّ الأرْضِ رَبِّ العالَمِينَª (الجاثية 45: 36)، أي: أن اللّٰه رب کل شيء (أحمد صالح، 2003م، ص 99). وقد يفيد التضاد الدلالة على الشمول بما يشعر المتلقي بالتسليم المطلق للّه. وبهذا المعنى، ذکرت آية أخرى في السورة: «واخْتِلافِ اللَيْل وَالنَّهارِª (الجاثية 45: 5)، تؤکد أنه بيده ملکوت السموات والأرض وهو مقلب الليل والنهار، لا يشارکه أحد في تدبير العالم. ـ إنشاء مقارنة بين نقيضين بهدف التبیين والوعظ: وقد يرد التضاد فيحدث مقارنة بين نقيضين، ليزيد الترغيب في الحسنات ويرهب من السيئات، وذلک من خلال استحضارهما معا بما يشتمل عليه أحدهما من الصفات المثالية وما ينطوي عليه الآخر عليه من صفات السلب والقصور (أحمد صالح، 2004م، ص 94). وذلک يتمثل في الآية: «مَنْ عَمِلَ صالِحا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْهاª (الجاثية 45: 15). هناک التضاد بين العمل الصالح والسيء ليزيد الترغيب إلى العمل الصالح ويثير التنفير من السيئات، ولنتأمل التقابل في الآيتين: «وَاللّٰه وَلِيُّ المُتَّقينَª (الجاثية 45: 19)، و«وَإنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أولِيَاءُ بَعْضٍª (الجاثية 45: 21). وبهذا التقابل، يوضح مقام المؤمن عند اللّٰه، ولکن الظالم لا يواليه إلا ظالم مثله فيهويه في جهنم؛ وفي هذا المعنى وردت الآية: «أمْ حَسِبَ الَّذينَ اجْتَرَحُوا السَّيّئاتِ أنْ نَّجْعَلَهُمْ کَالَّذِينَ آمَنوا وَعَمِلوا الصّالِحاتِ سَواءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْª (الجاثية 45: 21)؛ وفي الآية «فَاتَّبِعْها وَلاتَتَّبِعْ أهْواءَ الَّذينَ لا يَعْلَمونَª (الجاثية 45: 18)، قد قارن اللّٰه بين الشريعة الإسلامية وبين القوانين البشرية الوضعية المبنية على أهواء الذين لا يعلمون. وبناء على ذلک، أمر اللّٰه باتباع الشرع والحذر من اتباع غيره. 5ـ2. الترادف ومن أقرب التعريفات للترادف أنّه ما اختلف لفظه واتّفق معناه أو أنّه التعبير عن المعنى الواحد بأکثر من لفظ (أحمد صالح، 2003م، ص77). والبحث في مترادف القرآن يلفت انتباهنا إلى دقة القرآن في اختيار لفظ في سياق غير ما اختاره في سياق آخر، وذلک يصلنا إلى نکتة بلاغية؛ «لأن هذه الألفاظ قد اختيرت بعناية ويؤدي الواحد منها المعنى المطلوب على أکمل وجه ومن جميع النواحي، وهذا ومثله إنما يکشف لنا جوانب من دقة اللغة، واستخدام القرآن الکريم لکلماتها، وحروفها استخدام بلغ الغاية في دقّة التعبير، کما أنه کشف عن طاقة عجيبة تکمن في کلمات اللغة وتراکيبها» (أبو موسى، د.ت، ص 322). ومن أمثلة الترادف: ـ نستنسخ ونکتب: وکان من الممکن أن يقول: "ننسخ"، ولکن زيد اللفظ لغرض أسلوبي، وهو الاختيار مستهدفا زيادة المعنى وتأکيدا من اللّٰه لضبط الأعمال؛ دقها وجلها، وقد جاء في القرآن: «وَنَکْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْª (يس 36: 12)، بيانا للمعنى نفسه، ولکن السياق في سورة الجاثية يقتضي الاستنساخ، وهذا أکثر تناسبا والمقام مقام الحساب للأعمال، نلاحظ الآية: «إنّا کُنّا نَسْتَنْسِخُ مَا کُنْتُمْ تَعْمَلونَª (الجاثية 45: 29). ـ الإفک والکذب: وهما کلمتان مترادفتان على الظاهر، ولکن اختار القرآن کلمة "أفّاکٍ" بدلا من "الکذّاب" لغرض بلاغي؛ والأفک بالفتح قلبه وصرفه عن الشيء، والإفک في اللغة هو صرف الشيء عن وجهه المستحق له ثم استعمل للقول الذي لا وجود له في الحقيقة، فهو مبالغة في تصوير الباطل في ثوب الحق، فالإفک کذب لا شبهة فيه، فهو بهتان يفجأ الناس، وهو مشتق من الإفک: هو قلب الشيء؛ والکذب في اللغة نقيض الصدق، ولکنّه أقل درجة من الإفک يجمعهما معنى الخلو من الحقيقة (داود، 2008م، ص 66). 5ـ3. المشترک اللفظي وتقصد بالاشتراک اللفظي دلالة اللفظ الواحد على أکثر من معنى (سليمان، 1991م، ص 38). ومن المشترکات اللفظية کلمة "الآيات"، ولها معان مختلفة في سياقات مختلفة، وهى بمعنى "العلامة" لهداية المؤمنين: «إنَّ فِي السَّمَواتِ وَالْأرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنينَª (الجاثية 45: 3). وفي سياق آخر، تأتي الآيات لمعنى آيات القرآن المنزّلة على الرسول (-): «تِلْکَ آيَاتُ اللّٰه نَتْلوها عَلَيکَ بالْحَقِّª (الجاثية 45: 6)، کما أن کل شيء في الکون يدل على قدرة اللّٰه لصنعه العجيب والمتقن؛ فکل آية في القرآن علامة على قدرته ووحدانيته. وفي نظرة متأملة، نری أن الإعجاز لا ينحصر في القرآن بل الکون بأجمعه معجز يعجز الخلق عن إتيان واحدة منها. ومن المشترک اللفظي کلمة "الکتاب" في السورة؛ والمراد منه في الآية: «وَلَقَدْ آتَيْنا بَنِي إسْرائِيلَ الْکِتابَª (الجاثية 45: 17)، هو التوراة التي نزلت على موسى (7)، وفي سياق آخر يقصد منه القرآن: «تَنْزِيلُ الْکِتَابِ مِنَ اللّٰه العَزِيزِ الْحَکِيمِª (الجاثية 45: 2). ويطلق الکتاب في سياق آخر على سجل الأعمال المکتوبة على أيدي الملائکة؛ رغم تفرق المعنى، تساند الکلمة أخواتها من جهة المعنى، فيمکننا أن نقول: يصدر الکتاب باختلاف معناها وتنوعها من اللّٰه، المصدر الوحيد وتحت أمره فلا ريب في صحة الکتب ودقة محتواها (عبد الرحمن، 2006م، ص 76).
الخاتمة قد حصل البحث على نتائج عدة، منها: ـ أن اللّٰه لم يختر الأصوات في القرآن اعتباطيا، بل تکمن وراءها معان، ولها دور في إحداث الموسيقى. وذکرنا بالمثال أن أصوات المد أفادت غرض الظهور والإبانة في بيان نعم اللّٰه والتعظيم لذاته وأدت إلى إيقاع متوازن في الآيات. ـ کثر في السورة ختم الفواصل بحروف المد واللين ليکون أکثر تأثيرا، وإتيان "النون" بعد حرف المد يشکل موسيقى جميلة للسورة؛ لأن "النون" ذات وضوح سمعي وتعتبر من الحروف المجهورة الرنانة، وهذا يفيد لفت الانتباه والإقرار أمام النعم وتعظيمها. ـ صيغ المضارع أکثر الظواهر الأسلوبية استخداما في فواصل السورة، ولها دور في إثراء المعنى بما يدل على الاستمرار والتجدد ويشکل إيقاعات متناغمة مع ما يختم بالنون. ـ لفظ الجلالة "اللّٰه" أکثر الکلمات ترددا في سورة الجاثية يبلغ عدده ثماني عشرة مرة، حيث لا توجد هذه الکمية في أية سورة من سور القرآن إلا سورة الأنعام التي جاءت فيها هذه الکلمة إحدى وثمانين مرة، وعدد آياتها مائة وأربع وستون آية، وإثبات وحدانية اللّٰه تعالى هو الموضوع المشترک بين السورتين. ـ في السورة ظواهر أسلوبية تتبلور في التقديم والتأخير، والتکرار، والاستفهام، والتعريف والتنکير، والحذف، مما ساعد على استجلاء المفاهيم الأساسية للسورة من توصيف آيات اللّٰه وتصوير مشاهد القيامة، وأشرنا إلى اسم الإشارة بأنه ساهم في تأدية العديد من المعاني: کالتعظيم، والتصوير، والتجسيم، والاستحضار لآيات اللّٰه. ـ استخدم التقديم والتأخير في السورة سبع عشرة مرة محافظة على الموسيقى وتبيينا لمعنى الاختصاص والاهتمام والتشويق إلى المتأخر، وهذه ميزة فريدة بالنسبة إلى کثير من سور القرآن، وهي تملک آيات أکثر بالنسبة إلى سورة الجاثية. ـ اختيار الکلمات بدقة متناهية في السورة ظاهرة أسلوبية أخری تثبت أن القرآن کلام فوق کلام البشر. برزت فاعلية کل من التضاد والمقابلة في تأکيد المعنى وفي إنشاء مقارنة بين نقيضين بهدف التبيين والوعظ وفي الدلالة على معاني الإحاطة والشمول والاستمرار. | ||
مراجع | ||
* القرآن الکريم. أ ـ العربية ابن خلدون، عبد الرحمن. (2004م). المقدمة. تحقيق عبد اللّٰه محمد الدرویش. دمشق: دار یعرب. ابن عاشور، محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر. (1984م). التحرير والتنوير. تونس: الدار التونسية للنشر. ابن منظور، محمد بن مکرم. (د.ت). لسان العرب. بيروت: دار صادر. أبو العدوس، يوسف. (2010م). الأسلوبية بين النظرية والتطبيق. عمان: دار المسيرة. أبو حاقة، أحمد. ( 1988م). البلاغة والتحليل الأدبية. بيروت: دار العلم للملايين. أبو سعود، محمد بن محمد بن مصطفى العمادي. (د.ت). إرشاد العقل السليم إلى مزايا الکتاب الکريم. بيروت: دار إحياء التراث العربي. أبو موسى، محمد. (د.ت). خصائص التراکيب: دراسة تحليلية لمسائل علم المعاني. ط 7. القاهرة: مکتبة وهبة. أحمد صالح، معين رفيق. ( 2003م). دراسة أسلوبية في سورة مريم. رسالة الماجستير. جامعة النجاح الوطنية، نابلس، کلية الدراسات العليا. أنيس، إبراهيم. (د.ت). الأصوات اللغوية. القاهرة: مطبعة نهضة مصر. بختياری، فاطمه؛ وبتول مشکين فام. (2015م). «دراسة أسلوبية في سورة القدر: وفق نظرية دسوسور». دراسات أدب المعاصر. ع 28. ص 91 ـ 108. بزيو، أحمد. (2007م). دراسة خصائص الأسلوب في سورة النمل. الجزائر: جامعة الجزائر. بن ذريل، عدنان. (2006م). النص والأسلوبية بين النظرية والتطبيق. دمشق: اتحاد الکتاب العرب. بو لحیة، محمد. (2010م). الأسلوب البلاغي في القرآن الکريم: سورة الکهف نموذجا دراسة وصفية. رسالة الماجستير. جامعة الحاج خضر باتنه. کلیة الآداب والعلوم الإنسانیة. الجرجاني، الشريف علي بن محمد بن علي. ( 1983م). التعريفات. بيروت: دار الکتب العلمية. الجرجاني، عبد القاهر. (1961م). دلائل الإعجاز. تعليق السيد محمد رشيد رضا. القاهرة: شرکة الطباعة الفنية المتحدة. جليليان، مريم؛ ومنصوره زرکوب؛ وسيدمحمدرضا ابنالرسول. (2015م). «رؤية أسلوبية في وصية الإمام علي». آفاق الحضارة الإسلامية. س 17. ع 2. ص 35 ـ 85. خاقانى، محمد؛ ومريم جليليان. (2012م). «ومضات أسلوبية في سورة الرحمن». بحوث في اللغة العربية وآدابها. ع 6. ص 41 ـ 54. خضر، السيد. (2000م). فواصل الآيات القرآنية: دراسة، بلاغية، دلالية. القاهرة: مکتبة الآداب. الخفاجي، عبد المنعم؛ ومحمد السعدي فرهود؛ وعبد العزيز شرف. ( 1992م). الأسلوبية والبيان العربي. القاهرة: الدار المصرية اللبنانية. داود، محمد محمد. (2008م). معجم الفروق الدلالية في القرآن الکريم. القاهرة: دار غريب. سعود، مريم. (2006م). البعد التصويري في القرآن الکريم: سورة يوسف نموذجا. رسالة الماجستير. جامعة الجزائر. کلية الآداب واللغات. سليمان، فتح اللّٰه أحمد. (1991م). مدخل إلى علم الدلالة. القاهرة: مکتبة الآداب. السيد، عز الدين علي. ( 1978م). التکرير بين المثير والتأثير. القاهرة: دار الطباعة المحمدية. السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بکر جلال الدين. (د.ت). الدر المنثور في التفسير بالمأثور. بيروت: دار الفکر. شادي، محمد إبراهيم. ( 1988م). البلاغة الصوتية في القرآن الکريم. القاهرة: الرسالة. شاملى، نصراللّٰه؛ وسميه حسنعليان. (2011م). «دراسة أسلوبية في سورة ص». آفاق الحضارة الإسلامية. ع 1. ص 61 ـ 84. الصغیر، محمد حسین علی. (2000م). الصوت اللغوي فی القرآن. بیروت: دار المؤرخ. طبق، عبد الجواد محمد. (1993م). دراسة بلاغية في السجع والفاصلة القرآنية. بيروت: دار الأرقم للطباعة والنشر والتوزيع. طحان، يوسف سليمان. (2011م). «السمات الأسلوبية في القصة القرآنية: قصة إبراهيم أنموذجا». أبحاث کلیة التربیة الأساسیة. ج 10. ع 3. ص 205 ـ 223. الطنطاوي، محمد سيد. ( 1997م). التفسير الوسيط للقرآن الکريم. القاهرة: دار نهضة مصر للطباعة والنشر. عبد الرحمن، مروان محمد سعيد. (2006م). دراسة أسلوبية في سورة الکهف. جامعة النجاح الوطنیة، نابلس. کلیة الدراسات العلیا. عودة، أبو لحية مجدي عايش. (2009م). النظم القرآني في سورة هود. رسالة الماجستير. الجامعة الإسلامية، غزة. کلية الآداب. عوض، ابراهيم. (1993م). سورة طه: دراسة لغوية أسلوبية مقارنة. الطائف: السعودية الطبعة. القزويني، الخطيب. (1998م). الإيضاح في علوم البلاغة. تحقيق الشيخ بهيج غزاوي. بيروت: دار إحیاء العلوم. الکواز، مجمد کریم. (1426ﻫ). الأسلوب فی الإعجاز البلاغی للقرآن الکریم. بنغازي: دار الکتب الوطنیة. مصطفى، إبراهيم؛ وآخرون. (د.ت). المعجم الوسيط. القاهرة: دار الدعوة. مطوري، علي. (2016م). «دراسة أسلوبية في سورة الشمس». آفاق الحضارة الإسلامية. ع 2. ص 73 ـ 88. ملاابراهيمى، عزت؛ وبايزيد تاند. (2017م). «ظواهر الأسلوبية في سورة الحج». اللغة العربية وآدابها علمية محکمة. ع 1. ص 137 ـ 161. النحوی، عدنان علي رضا. (1999م). الأسلوب والأسلوبیة بین العلمانیة والأدب الملتزم بالإسلام. الریاض: دار النحوي للنشر والتوزیع.
ب ـ الفارسية خاقانى،محمد؛ ومحمدجعفر اصغرى. (1389ﻫ.ش).«سبکشناسى سوره مريم». لسان مبین. ش 1. ص 93 ـ 106. شميسا، سيروس. (1373ﻫ.ش). کليات سبکشناسی. ط 2. تهران: فردوس. فتوحى، محمود. (1395ﻫ.ش). سبکشناسی، نظریهها، رویکردها وروشها. تهران: سخن. | ||
آمار تعداد مشاهده مقاله: 4,139 تعداد دریافت فایل اصل مقاله: 919 |