تعداد نشریات | 43 |
تعداد شمارهها | 1,652 |
تعداد مقالات | 13,408 |
تعداد مشاهده مقاله | 30,253,530 |
تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 12,089,959 |
مقاربة عتبة العنوان في مجموعة من القصص القصيرة لمحمد تيمور ما تراه العيو ن أنموذجا | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
بحوث في اللغة العربية | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مقاله 3، دوره 14، شماره 27، دی 2022، صفحه 19-30 اصل مقاله (1.46 M) | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
نوع مقاله: المقالة البحثیة | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
شناسه دیجیتال (DOI): 10.22108/rall.2020.122417.1276 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
نویسندگان | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
حسين شمسآبادي* 1؛ طاهره ميرزاده2 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
1أستاذ مشارك في قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة الحكيم السبزواري، سبزوار، إيران | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
2طالب الدكتوراه في قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة الحكيم السبزواري، سبزوار، إيران | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
چکیده | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
نظرا إلى أن الأعمال الأدبية لا تظهر كنص مكشوف، بل ترتبط دوما متواصلة بعناصر تصويرية أو لفظية؛ فمن الواضح أن هذه العوامل، باعتبارها عوامل إضافية للنص الرئيس، يمكن أن تؤثر على القارئ، فيما يتعلق بموضوع النص. تتم تسمية هذه العناصر، والتي تختلف وفقا للفترة، والإصدارات، والمؤلفين، والجمهور والثقافات، من خلال نصوص جيرار جينيت التي كرس لها دراسة واسعة في عمله بعنوان عتبا ت) 7891 (. إن العنوان في العمل الأدبي موضوع حديث لم يتم إيلاء الاهتمام الكافي له حتى الآن، وفقا لأعمال محمد تيمور؛ وخاصة مجموعة من قصصه القصيرة ما تراه العيو نله؛ لذلك يتوخى هذا المقال إلى عتبة العنوان والإثبات أن انتقال المعنى في الأعمال الأدبية لا ينحصر في النص الرئيس فحسب، بل في عتبات الأثر الأدبي، ويناقش كيف يظهر العنوان في هذا العمل ويحدد الدور الذي يمكن أن يلعبه العنوان في فهم وتفسير النص وأغراض الكاتب؛ وبالتالي، نكشف أن المؤلف اختار لعمله الأدبي عنوانا مناسبا، وفقا لمحتواه وغرضه؛ وأن عنوان الكتاب الذي تأثر جيدا بالصفات الجيدة لعنوان لائق، صار قادرا على الاندماج في ذهن القارئ. | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
کلیدواژهها | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
المصاحبات النصية؛ عتبة العنوان؛ جيرارد جينيت؛ محمد تيمور؛ ما تراه العيون | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
اصل مقاله | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
إن السيمائيات، في معناها الأكثر بداهة، تساؤلات حول المعنى؛ فإنها دراسة للسلوك الإنساني باعتباره حالة ثقافية منتجة للمعاني (سعد اللّٰه، 2007م، ص 1). ففي غياب قصدية صريحة أو ضمنية، لا يمكن لهذا السلوك أن يكون دالاً، أي مدركا، وهذه القصدية هي أساس كل القضايا المعرفية التي عبرت عن نفسها من خلال مجموعة من المفاهيم الخاصة بالمعنى، من حيث الوجود والمادة والتداول والسيرورة (الأحمر، 2010م، ص 18). ينظر إلى السيمائية على أنها علم تفسير معاني الدلالات والرموز والإشارات، وتعد من أحدث العلوم في مجالات الأدب واللغة والنقد (المسدي، 1994م، ص 5). تنظر السيميائية إلى النص الأدبي، سواء كان شعرا أم نثرا، حيث يحتوي النص الأدبي على إطار لغوي متعدد الجوانب؛ فإن اللغة في حد ذاتها تحكم النص، وينشأ بناء على مفرداتها وتراكيبها نظام إشاري سيميولوجي، والكلمة إشارة تقف في الذهن على أنها دال يثير في الذهن مدلولا، وهو صورة ذهنية لموجود عيني، وهذا هو الدلالة؛ انطلاقا من أن جوهر النص وحقيقته ينطلقان من مبدأ أن النص، يجب أن يكون قبل كل شيء نسيجا للقول الرفيع المعبر من شطحات الخيال وأطياره المحلقة في عوالمه بدون حدود (العشي، 1985م، ص 93)؛ ومن ثم، فإنك حين تقرأ نصا من منظور منجئ سيميائي، فإن الهدف المنشود من هذه القراءة غالباً ما يتجه نحو العتبات المحيطة به، مثل الفاتحة، والمقدمة، والتصدير، والهوامش، والخاتمة. المناص أو النص الموازي من النظريات الحديثة حول علاقات التناص الذي يقدمه جيرارد جينيت[1] لأول مرة (قبادى وشكريان، 1389ﻫ.ش، ص 152؛ حمداوي، بدري ومداور، 2016م، ص 7 ـ 9). «تعتبر العتبات النصية كعلامة سيمائية وتعتبر الحد الفاصل بين النص وخارجه للقارئ، كما إنها جسر واصل بين النص والقارئ؛ فمن جملة وظائف العتبات تقييم فكرة جامعة وشاملة عن النص الأدبي، فتجعل القارئ أو المتلقي يدرك بعض غيباته من ناحية الموضوع، قبل أن يقرأه، وهذا من خلال سيمائية العتبات؛ إذ إن هذه الأخيرة يمكنها الإجابة عن التساؤلات التي يطرحها المتلقي» (حمداوي، بدري ومداور، 2016م، المقدمة). من هذا القول، ندرك أن العتبات الداخلية تعتبر مجموعة من النصوص الموازية لكل كتاب وتكون ضمن خصائصه؛ وهذا الجزء من أشكال العتبات قائمة طويلة من العناصر التي تبنى عليها العتبات الداخلية أو النص المحيط، وعليه تكون العتبات الداخلية، كل خطاب مادي يأخذ موقعه داخل فضاء الكتاب، مثل: العنوان أو التمهيد ويكون أحياناً مدرجا بين فجوات النص، مثل: عناوين الفصول أو بعض الإشارت (منصر، 2007م، ص 27). يقول بسام طقوس: موضوع سيمائية العتبات تعريف اللغة بالسيمولوجيا أو السيميوطقيا أو بالاصطلاح علم الإشارة أو علم العلامات أو علم الأدلة (2001م، ص 12)، ويرتبط علماء علم اللغة، تلك بالعنوان ودوره في تقرير النص الداخلي. يعتقد محمد رضا شفيعى كدكنى، أن اسم الكتاب أو العمل يكفي للحصول على وصف للخالق ونفسيته، كما يعتقد أن المؤلف لا يحتاج إلى أن يقرأ آثاره، بل يمكنه أن يفصل رأيه عن طريق قراءة عنوان آثاره؛ لأن العنوان تتكفل بتسمية العمل، وأن تسمي كتابا يعني أن تعيّنه، تعنونه، كما نسمي شخصا تماما (1386ﻫ.ش، ص 442؛ وانظر أيضا: ابن منظور، 1997م، ج 4: ص 437). والعنوان هو الطريقة الأولى التي يتعرف بها الجمهور على الكتاب، وتساعد هذه الاقتباسات في قبول تأثير الكتاب، كصورة الغلاف ونوع غلاف الرسالة ولون الغلاف واسم المؤلف والناشر (بشيرى وآقاجانى كلخوران، 1395ﻫ.ش، ص 96 ـ 97). هذه العبارات نصوص داخلية تشير إلى محتوى النص ومحتواه. هناك أيضا موضوعات خارج النص، مثل الانتقادات والمراجعات والردود على الكلام والمقابلات والمنشورات وجميع الموضوعات المتعلقة بالكتاب ومؤلفه (آلن، 1392ﻫ.ش، ص 150؛ منصر، 2007م، ص 27). يتم إنتاج هذا العنوان للجمهور بمناسبة شهادة الميلاد القديمة أو كتاب لتحديد المؤلف. مهما يكن من شيء، فكان محمد تيمور منشغلا على قراءة المنفلوطي والآثار الجديدة التي كان يحدثها أدباء المهجر من أمثال جبران، ثم سافر محمد إلى باريس سنة 1911م، وظل بها إلى سنة 1914م؛ وهناك استوت له معرفة دقيقة بأدب القصة والمسرحية. وعاد محمد، فوقف من جانب أخيه محمود على ما وراء البحر من أدب قصصي وتمثيلي، وأخذ يصور له قواعد وأصوله، وحبَّبّ إليه قراءة حديث عيسى بن هشام للمويلحي وزينب لهيكل. وأخذ محمد يلقن أخاه محمودا المذهب الواقعي في الأقصوصة الغربية وأخذ محمود يقرأ فيه، وخاصة في موباسان القاص الفرنسي الواقعي الذي كان يعجب به أخوه إعجاباً شديدا (ضيف، 1992م، ص 309). ففي قرن التاسع عشر، واجهت القصص المصرية الفن الغربي، وتلاها بعد سنوات محاولة محمد تيمور بتأليف مجموعة من الأقاصيص باسم ما تراه العيون، وهي أقاصيص قصيرة تمتاز بواقعيتها، وبما تحمل من إحساس دقيق بالمفارقات، كما تمتاز بحبكتها القصصية (المصدر نفسه، ص 209 ـ 210). لذلك، تتطرق هذه المقالة إلى عتبة العنوان في سلسلة قصص ما تراه العيون؛ لأنها تستحق الدراسة والاهتمام، فإنّها ترتبط بقصص هذا الكتاب وعنوان الكتاب ولم تتم دراسته بعد. لهذا السبب، يعالج هذا المقال تحليل عتبة العنوان والكشف عن مكوناتها، كما يهدف إلى محاولة تطبيق نظرية نقدية حديثة، وخاصة محاولة المناص لفحص عتبة العنوان في الكتاب، وسيتم فحص الكتاب على المنهج الوصفي ـ التحليلي؛ ويحاول الإجابة عن السؤالين: ـ كيف استخدم المؤلف العنوان ومكوناته كنوع من السياق في كتاب ما تراه العيون لجذب قرائه؟ ـ ما مدى تأثير هذا العنوان على جذب القراء؟ أما النتائج الأولية فهي كما يلي: الدور الهام لعنوان هذا الكتاب واضح؛ لأنه يعكس إلى حد كبير القصص القصيرة والعناوين الداخلية للكتاب، ويميزه عن غيره من كتب القصة القصيرة، حيث اختيار العنوان الغامض يسحب انتباه القارئ إلى قراءة القصة واستيعابها؛ من ناحية أخرى، يتم التعبير عن العنوان بنوع من الغموض والتعميم باستخدام "ما الموصولة"، مما يؤدي إلى فضول القارئ لفهم الغموض ومحاولة متابعة خبرة المؤلف من خلال النص، مما رآه وفهمته عيناه؛ وبالإضافة إلى الوظائف النحوية، قد قدّم عنوان الكتاب أسباب جذب القارئ بمساعدة الوظائف الفنية المختلفة، بما في ذلك من الوظائف الوصفية والدلالية. 1ـ1. خلفية البحث تم إجراء الكثير من الأبحاث حول المناص، وخاصة حول "العنوان" وخصائصه في الأدب؛ لكن لم يتم إجراء أي بحث مستقل حول القصة القصيرة وأعمال محمد تيمور. يوجد مقال واحد فقط عن محمد تيمور، وهو بررسی تطبيقی شخصيتپردازی در داستانهای محمدعلى جمالزاده و محمد تيمور (= التحليل المقارن للتشخيص في أقاصيص محمد علي جمالزادة ومحمد تيمور)، لقد تم بواسطة رضا چلیپی، علی سياحى والهام ميری (1394ﻫ.ش)؛ وفيه تتم مناقشة الشخصيات وكيفية دمجها في القصص، بينما تتم مناقشة الشخصيات الأخرى في قصص جمالزادة وتيمور؛ فلدى المؤلفين العديد من أوجه التشابه، إلّا أن محمد تيمور كان أكثر اهتماما بموضوع حوار الشخصية. وأما في موضوع العنوان، فتم إجراء البحوث في مجال الشعر والنثر. وفي كتابة العنوان، كتب عديد من الباحثين دراسات تعد الأبحاث التالية ذات صلة بها: ودراسة العنوان وسموطيقيا الإتصال الأدبي، لمحمد فكري الجزار (2006م). وكتاب العنوان في الأدب العربي: النشأة والتطور، لمحمد عويس (1988م). ورسالة موسومه بسيمائية العتبات النصية في كتاب أوراق الورد لمصطفى الرافعي، لأمينة حمداوي وهجيرة بدري ومحمد مداور (2016م). وتمّ مقال مسمى بعنوان رواية السراب لنجيب محفوظ: مقاربة سيمائية، لموسى مشاهرة (2006م). وأخيرا، ألفت سعيدة تومي ومصطفى دراوش رسالة بعنوان العتبات النصية في التراث النقدي العربي الشعر والشعراء لابن قتيبة أنموذجا، (2009م).
ورد العنوان في لسان العرب لابن منظور: «في باب العين وفي مادة عَنَنَ: عنّ الشيء يَعن ويعُنُّ عَنَنا وعنواناً: ظهر أمامك وعَنَّ ويّعنُّ عناً وعنواناً واعتنّ: اعترَضَ وعرَضَ وعَنَنتُ الكتاب وأعننتُه، أي عرضتُه له وصرفته إليه، وَعَنَّ الكتاب يمينه عّناً وعَّننته كعنونة وَعَنونَة بمعنى واحد مشتق من المعنى» (1997م، ج 4، ص 315). أما دلالته الاصطلاحية فهي مقطع لغوي أقل من الجملة نصاً أو عملا فنيا (علوش، 1983م، ص 155)؛ كما يعتبر العنوان ركيزة أساسية للتعرف على النص، فهو يعني اسم الكتاب، كما نسمي الأشخاص، وهو يحمل من قصدية فاعلية لكشف الباطن بفعل إرادة ملزمة، للبداية وإخراج المعنى (الأسدي، 2009م، ص 154). لقد أولت المناهج النقدية الحديثة اهتماما وثيقا بالعتبات، حيث أكدت بعض الأبحاث في السرد والمنطق وعلم الاجتماع على أهمية الدراسات المتعمقة واستخدمت في علوم جديدة، وهي علم العنوان[2]، الذي اهتم بصياغته وتأسيسه باحثون غربيون وحداثيون، منهم: جيرار جينيت[3]، وليوهوك[4] (حمداوي، 2015م، ص 31)، وكما يعد كتاب[5] جيرار جنيت أهم دراسة علمية للعتبات، وقد شغل العنوان بصفته أحد عناصر العتبات حيزا كبيرا من كتابه (المصدر نفسه، ص 5). يعد عنوان الكتاب واحدا من أهم قسمات تأليف الكتاب ومفيدا في اكتشاف غموض النص الداخلي أو النص الأصلي للكتاب. فهو يعدّ من أهم العناصر المكونة للمؤلف الأدبي ومكونا داخليا يشكل قيمة دلالية عند الدارس، حيث يمكن اعتباره ممثلاً لسطلة النص والواجهة الإعلامية التي تمارس على المتلقي، فضلا عن كونه وسيلة للكشف عن طبيعة النص والمساهمة في فك غموضه (حليفي، 2005م، ص 11). ثم «العنوان عتبة من عتبات النص أو مفتاح من مفاتيحه، أو باب نلج منه إلى العالم النصي» (موسى، 2000م، ص 73؛ الثامري، 2010م، ص 14). ولذلك يعد بمثابة الرأس من الجسد، الرأس الذي بواسطته يفقه الإنسان ما حوله ويستدل على الموجودات أن العلاقة بين العنوان والنص علاقة سببية في الغالب أكثر منها ترتيبية؛ لأ وجود العنوان يعني وجود المعنون، ووجود الأخير يفترض وجود العنوان؛ وفي الحقل الأدبي، العنوان في الغالب يحيل إلى العمل الأدبي وخصوصيته، بما يحمل من إشارات تدل على جنس العمل الذي يتقدمه ذلك العنوان (حليفي، 2005م، ص 14). والعنوان ليس مجرد اسم يدل على العمل الأدبي، فإنما هو مدخل إلى سياق النص وإضاءة بارعة وغامضة لممراته المتشابكة (حمداوي، 2015م، ص 30). ولهذا، لكل شيء في الخطاب الأدبي وظيفة، بدءا من طباعة الصفحة الشعرية ومساحات البياض إلى ما يرد في النص، غير أن بعض العناصر في هذا الخطاب تنتهي بأداء وظيفتها، كالفهارس واﻹهداءات، والبعض الآخر يظل فاعلا على الرغم من أداء وظيفته، وهذا الاستمرار هو ما يميز الكلي عن الجوهري، وهو مجال اهتمام التحليل النصي (الجزار، 2001م، ص 280). کذلك العنوان واقعة لغویة تتموقع علی تخوم النص؛ بعبارة أدق، علی بوابة النص لتؤطر کیانه اللغوي والدلالي ویتمظهر في أنواع، منها: الحقیقي والفرعي؛ والعنوان الحقيقي يسمی بالأساسي أو الأصلي والمركزي (شقرون، 2000م، ص 270)، ويكون في الصفحة الأولى، وهو عنوان كلي كبير يهدف إلى عنونة مجموعة من الأعمال ويكون على سبيل التعميم (غریول، 1973م، ص 168). أما العناوين الفرعية فتسمى بالعناوين الداخلية للنص، كما هو الحال في قصة ما تراه العيون، حيث استخدم محمد تيمور عنواناً أصليا واحدا وعناوين داخلية متعددة. يتجلى عنوان ما تراه العيون في العناوين الداخلية للكتاب. وظيفة العنوان مهمة للغاية في نوعه من أجل تشخيص أو تعريف نوع علاقة عنوان ما تراه العيون بالعناوين الداخلية؛ لذلك تجدر الإشارة إلى أن الوظائف المختلفة للعنوان المركزي موصوفة. فوظائف العنوان في النص الأدبي مرتبطة بأطراف عملية الإرسال (المرسل، والرسالة، والمرسل إليه)، والتي تصبح ـ إن كان العنوان رسالة ـ : معنون، وعنوان، ومعنون إليه، والعنوان مرتبط بنص أدبي معين (جينيت، 2008م، ص 72)؛ وهذه الوظائف هي ما يلي: 2ـ1. الوظيفة التعيينية إنها وظيفة مهمة في أي عنوان، فلا بد للكاتب أن يختار اسما لكتابه أو نصه، ليحدد به هوية النص وانتماءه وتداوله القراء وليميز الكاتب بوساطة العنوان بين مؤلفه ومؤلف آخر (المصدر نفسه، ص 73). ووفقا لذلك، يكون عنوان الكتاب قريبا لهذا النوع من الوظائف ويتلاءم مع هذه الفئة؛ لأنه يحتوي على اسم محدد يمثل هوية المؤلف من سائر المؤلفين. تكون علاقة مباشرة بين الكاتب وعنوان الكتاب في هذه الوظيفة، فهي نفس الهوية والتمييز. هذه النوعية من وظائف العنونة تشكل الهوية للكتاب خاصاً لمحمد تيمور، ويميزه عن غيره من الكتب؛ لأن عنوان الكتاب له دور الشهادة الأدبية للكاتب في الساحة الأدبيه؛ فإذا عدتم إلى عالم النص في كتاب دراسي، وجدتم حضوراً قوياً للعنوان (حمداوي، بدري ومداور، 2016م، ص 78)، ما تراه العيون إما بشكل واضح وصريح، نحو: «فيا للعجب مما تراه العيون في ظلام هذه الحياة!» (2012م، ص 40)، ونحو: «والوجوه الوضاحة والقدود المائسة والعيون الضعيفة القاتلة» (المصدر نفسه، ص 25). وأيضا قد جاء عنوان من العناوين الداخلية بذلك الشكل والترتيب (أو الصريح) في نص القصة نفسه أكثر من مرة: «فقال مخاطباً ربه: ربي لمن خلقت هذا النعيم؟» (المصدر نفسه، ص 36)، من قصة ربي لمن خلقت هذا النعيم؟ أو بشكل ضمني ومضمر، نحو: «أجال ببصره بين صفوف تلاميذه فلم يجد بينهم من أجاب سؤاله» (المصدر نفسه، ص 49)، من قصة الشباب الضائع، أو بذكر مرادفاته، نحو: «هو قيمتك في أعين الناس» (المصدر نفسه، ص 43)، من قصة العاشق المفتون بالرتب والناشئين. 2ـ2. الوظيفة الوصفية وهذه الوظيفة التي يسعى العنوان عبرها إلى تحقيق أكبر مردودية ممكنة، وهو ما يجعلها مسؤولة عن الانتقادات الموجهة للعنوان والصادرة عن عدد لا بأس به من المبدعين والمنظرين الذين أبدوا دوما انزعاجهم أمام التأثير الذي يمارسه العنوان عند المتلقي بفعل خاصيته التثقفية الموجهة إلى القارئ (رحيم، 2010م، ص 56). يسمي جينيت هذه الوظيفه بالإيحائية؛ لأن التقابل الموجود بين النمطي الموضوعاتي والخبري لا يحددان لنا تقابلا (المصدر نفسه، ص 56)، موازيا بين الوظيفتين: الأولى موضوعاتية، والثانية خبرية تعليقية، غير أن هذين في تنافسهما واختلافهما يتبادلان نفس الوظيفة، وهي وصف النص بأحد مميزاته، إما موضوعاتية (هذا الكتاب يتكلم عن...)، وإما خبرية تعلق على الكتاب، (هذا الكتاب هو...) (2008م، ص 82 ـ 83). بسبب ذلك، يكون هذا الكتاب مجموعا من القطع القصصية، والعنوان على الجلد (العنوان المركزي) يصف القصص والعناوين الداخلية للكتاب، ويلعب دورا هاما في تشخيص وتوصيف الكتاب عند القارئ أو القراء وتدليل الأفكار ونفسيات الكاتب حول الكتاب وموضوعاته. فما تراه العيون، عنوان الكتاب الذي يظهر مميزاته الخاصة والموضوعات المختلفة من القصص الداخلية للنص، كما ينير الطريق لتؤليف الروايات في مجموعته القصصية بناءً على تجارب الشاعر المستمدة من البيئة والمجتمع المحيط به والخبرات التي سمعها بأعينه وآذانه. ولهذا، اختار المؤلف هذا العنوان لكتابه في وصف محتواه، كـ«أيام مضت كما يمر الحلم العذب برأس النائم، والآن أنا بمصر محروم من تلك الجباه المشرقة والوجوه اللامعة والغرر المتألقة والألحان الشجية الجميلة، وما أحوجني إلى رؤية شيء منها، إن لم يماثلها جمالاً وحسناً فلا أقل من أن يكون باعثاً من بواعث الذكرى تهيج في قلبي ناراً كاد أن يطفئ أوارها النسيان!» (2012م، ص 25). يوضح هذا النموذج مشاعر وتجارب وخبرات المؤلف من بلده؛ مصر، التي تصف عنوان الكتاب ما تراه العيون، بأنه جيد مثل هذه التجارب وغيرها من تجارب المؤلف في النص الرئيس. 2ـ3. الوظيفة الدلالية هذه الوظيفة علاقة بين النص والعنوان، حيث تشير إلى النص بالدلالة الضمنية. وقد يعتقد جينيت حول هذه الوظيفة في النص بوصفها قيمة مصاحبة أو ضمنية تعتمد على مدى قدرة المؤلف على الإيحاء والتلميح من خلال تراكيب لغوية بسيطة (رحيم، 2010م، ص 57). وقد لوحظت هذه النوعية الوظيفة العنونية. وتكشف هذه الدراسة التي ترجع العنوان المركزي للكتاب إلى أقاصيص النص، عن الدلالات المختلفة بهذه الوظيفة: الدلالة الرمزية، والنفسية، والاجتماعية، والأخلاقية وإلخ ...؛ وهذه الوظيفة الدلالية سيتم وصفها أدناها فيما يتعلق بالعلاقة بين عنوان الكتاب والنص الأصلي. 2ـ4. الوظيفة الإغرائية ترتبط هذه النوعية من وظائف العنوان بدور القارئ؛ لأن العنوان سبب الانجذاب إلى النص أو الفهم من النص أو الدهشة أو الإعجاب من النص. يستشير الكاتب نفسية المتلقي لقراءة نصه أو كتابه بوساطة الإغواء. فإنه يميل إلى أقرب العناوين إلى نفسية المتلقي ليستميله إلى كتابه، رغبة منه في انتشار هذا الكتاب أو نص وتداوله (المصدر نفسه، ص 60). إذا أراد المؤلف استخدام هذه الوظيفة لجذب الجماهير إلى كتابه، فعليه استخدام جماليات العنوان؛ من ناحية أخرى، يجب ألا يختار المؤلف عنوانا مباشرا للنص، بل يجب أن يختار نصا، بينما يتواصل مع النص الداخلي ويشير إليه، ينتقل أيضا إلى ذهن القارئ حتى يتبعه الجمهور. ومن هنا، فإن محمد تيمور قد أوفت بجميع التزامات هذه الوظيفة. 2ـ5. الوظيفة الشعرية ليشكل العنوان إغراء يذكر للقارئ، ينبغي أن يتوفر فيه ما يخترق المألوف ويخرج عن الخط اللغوي المتعارف عليه، أو المعنوي المتوقع، وهذا إنما توفره العناوين ذات الصفة الشعرية التي هي انزياح وخرق وانتهاك لمبدأ العنونة في النثر، وآية ذلك أن العنونة وفق جان كوهن من سمات النص النثري؛ لأن النثر قائم على الوصل والقواعد المنطقية (طقوس، 2001م، ص 58). وفقا لهذه الوظيفة، يكتسب العنوان قوة مضاعفة على الإيحاء وتغدو نصيته أكثر قوة على إخراج نصه من لعبة الثنائيات المتضادة ليعتاش على تخوم اللاحسم ولا نهائية التدويل (حسين، 1978م، ص 108). تكمل هذه الوظيفة الوظائف السابقة؛ لكن الشكل المحدد للعنوان بناء على نحو عملي وبراغماتي، يجعله بعيدا بعض الشيء عن الخاصية الشعرية؛ لأن نص الكتاب هو نص النثر، وهذا في حد ذاته يؤدي إلى سقوط العنوان من هذه الوظيفة. استخدم محمد تيمور المنطق الواقعي والتدفق في هذا الكتاب، مما أدى به إلى اختيار عنوان واقعي مع جوانب أخرى محددة من كتاباته، وبالتالي، بالإضافة إلى كونه نصا نثريا، فإن العنوان ما تراه العيون له جانبان واقعي واجتماعي ينتهك الوظيفة الشعرية. عندما يشير القارئ إلى النص، فسوف يفهم بوضوح ما قيل، على سبيل المثال التالي: «فقال التلميذ: الفلاح يا حضرة العمدة لا يذعن لأوامركم إلا بالضرب؛ لأنكم لم تعودوه غير ذلك، فلو كنتم أحسنتم صنيعكم معه لكنتم وجدتم فيه أخاً يتكاتف معكم ويعاونكم، ولكنكم مع الأسف أسأتم إليه فعمد إلى الإضرار بكم تخلصاً من إساءتكم، وإنّه ليدهشني أن تكون فلاحاً وتنحى باللائمة على إخوانك الفلاحين!» (2012م، ص ص 12). و«ثم جلس أمين أمامي، وأسند رأسه بيديه، ونام أو استسلم للنوم، فنظرت إليه، وظهرت لي على وجهه صورة شنيعة؛ صورة المدمن الذي لا يفارق الحانات والمواخير وبيوت الفسق والدعارة إلا عند الفجر، فقلت في نفسي إن هذه الصورة المرتسمة على وجهه مازالت مرتسمة على وجهي أيضاً، إنه يحب الخمر وإنّا لا أبغضها، هو زير نساء وأنا أبحث عن المرأة في كل مكان، فلا فرق بيني وبينه إلا إنّه متزوج وأنا أعزب» (المصدر نفسه، ص 15 ـ 16). و«كنت شغوفا بالكنسير أيام كنت في باريس، لا تفوتني من لياليه ليلة تجمع بين الأناشيد الشجية والألحان الفكاهية والوجوه الوضاحة والقدود المائسة والعيون الضعيفة القاتلة» (المصدر نفسه، ص 25). و«إما أن تكون هذا الرجل وإما أن تكون الرجل الآخر؛ أي من أعيان الريف الذين إذا أكلوا في منازلهم اكتفوا بالعيش والفتة، وإذا زارهم المأمور ذبحوا له الخروف يتلوه الخروف، والذين ينامون في غرفة ضيقة ...» (المصدر نفسه، ص 42)، كما هو مذكور في الأمثلة، يرتبط النص المجاور له بالجانب المنطقي الواقعي للمؤلف ومنطقه، مما يعزز أيضاً العنوان من حيث النثر.
أما في بداية تحليل النتائج، فمن الضروري ذكر عنوان ما تراه العيون والعناوين الداخلية للنص. تتضمن القصص الداخلية العناوين التالية:
إن جميع العناوين الداخلية لا تشير مباشرة الى صفة العنوان الأصلي ما تراه العيون الذي يعد مدخلا للعناوين الداخلية، وقد غاب العنوان الثانوي عنها. باعتبار الصيغ التي استغلها الكاتب في مجموعته القصصية، نجد العنوان من حيث التركيب جاء بصيغة الجملة الاسمية التي تتألف من كلمتين، نحو: بيت الكرم، أو أربعة، نحو: عطفة إلى منزل رقم ...، ثم يصنف هذا التركيب من حيث الاسمية بين الاسمية للجملة المضافة البحتة، نحو: صفارة العيد، والوصفية، مثل: الشباب الضائع. وإن عنواناً واحداً جاء بصيغة العنوان التجنيسي، نحو: الشباب الضائع؛ إذ أدرج محمد تيمور تحته عناوين أخرى مرتبة ترتيبا عدديا مغرضاً إلى إضاءة العنوان الرئيس. يبدو أن محمد تيمور استخدم العنوان في عمله الفني لمجرد التقريرية المباشرة وحاول في مثل: عطفة الى منزل رقم ... أن يستفيد من الجانب المعتم من اللغة، إلا أنّه أحال الأمر الى المرجعية أكثر منها الى الجمالية، كما فعل في غيرها من العناوين. إذن، قلما يشاهد القارئ محاولة الكاتب في استعمال الرمزية والمراوغة اللغوية أو التضاد ـ كما يسميه البعض ـ الأمر الذي شاع الاستعماله لدي الجيل الذي أعقب جيل الرواد. هذا، وإن تيمور حرص على تذكير العنوان، مثل ما فعل في العاشق المفتون بالرتب والناشئين، والشباب الضائع كاشفا عن المعاني السطحيه للنص ولم يحترز من بساطة العنوان وسهولة الوصول إلى معناه لتأتي أكثر العناوين على صيغة المركب الإضافي الإسنادي، أو تأتي على صيغة المركب الإسنادي الفعلي، نحو: كان طفلا فصار شابا، أو تأتي شبه جملة متضمنه للظرف مثل: في القطار. إن القارئ للعناوين الداخلية يجد أهم المواصفات الرئيسة التي تتمتع بها هذه العناوين هي الاقتصاد اللغوي في مقابل عنوانين غير مقتصدين؛ جاء واحد منهما على الإنشائية، نحو: ربي لمن خلقت هذا النعيم، ليشير إلى التفات الكاتب بالدور العاطفي للنص، وآخر إخبارية فعلية، نحو: "كان طفلاً فصار شاباً"، ليشير إلى التفاته بدور القارئ. على صعيد آخر، الصيغ المختلفة للعناوين الداخلية تشير إلى التنوع، والحراك والإغراء؛ لأن الكاتب لدى استغلاله للمفردات المعروفة، حرص على انتقاء عناوينه الأصلية والداخلية. من ثم انصرافه عن اختيار العناوين بصيغة الخطاب، يشير إلى عدم اهتمامه بدور القارئ؛ لأن الإخبارية في العنوان الأصلي والعناوين الداخلية للنص تقلل من مدى اطلاع القارئ وقراءته النص، كما أكثر القاص من الأسماء النكرة مقابل المعرفة منها؛ لأن التنكير يشير إلى الإبهام ويؤدي إلى إغراء القارئ لقراءة النص. أما العنوان الرئيس فهو معرفة إلى جانب بعض عناوين الكتاب الداخلية. 3ـ1. دلالة العنوان والإحالة على النص تعد المجموعة القصصية ما تراه العيون، من أهم الأعمال الأدبية لمحمد تيمور، التى نشأت من جوهر القاص الفكري والنفسي وتجاربه الشخصية. يشير العنوان الأصلي إلى المفهوم الاجتماعي وما يرتبط بالاجتماع. من جهة أخرى، كان محمد تيمور من الأوائل الذين مارسوا فن القصة الحديثة ورفعوها إلى المستوى الاجتماعي والواقعي قاصدين الأغراض التربوية والتحولية. ولهذا، يعالج العنوان الأصلي والعناوين الداخلية رسوم وسنن المجتمع العربي في الآن نفسه، ويقدّم تحديثا عصرياً في الرواية أو القصة. من ناحية المضمون، لا نلمس تجليات دينية في أي من العناوين الفرعية، بل يكرس الكاتب جهده على المضمون الاجتماعي وما يتصل به. سنوضح الوظيفة الدلالية للعناوين، وفقاً للعلاقات المختلفة كعلاقة العنوان الأصلي بالعناوين الداخلية وتجليات كل واحد منها في ما يلي: 3ـ1ـ1. العلاقة النفسية هذه العلاقة تنشأ من تأملات الكاتب ونفسيته التي تحيل إلى تأملات المتلقي والمخاطب. فاختار الكاتب بالقوة الواعية عنوان ما تراه العيون عنوانا أصليا لتمييز قصصه عن غيرها؛ لأن انتقاء العنوان يتجلى في مشاهدات وخبرة المؤلف من البيئة حوله؛ لكن لا بد من اختراق النص لتكون له علاقة نفسية به حتى يمكن فهمه، كما يشير النص التالي إلى العنوان الأصلي: «وابتدأ في سرد قصص كثيرة اندهشت لسماعها، وظننت أن ليس في مصر من الإسكندرية إلى أسوان امرأة عفيفة، فقلت له: لا ثقة لي بامرأة بعد اليوم» (2012م، ص 17). فما شاهد أو سمع الراوي أو الكاتب من صديقه "أمين" أدى إلى تشاؤمه من النساء. إذن، كل ذلك يشير إلى العنوان الرئيس ويؤلف علاقة نفسية بينه وبين النص الذي جاء في الأعلى؛ وهذا سبب اختيار الكاتب ذلك العنوان لكتابه. 3ـ1ـ2. العلاقة الخلقية إن العنوان الرئيس له علاقة وطيدة بالنص الداخلي الكتاب لفهم دلالته؛ إذ العنوان يشير إلى دلالات مختلفة لمضامين النص. فبعد أن شاهد الرذائل والتعهر في المجتمع العربي؛ عزم على الكتابة واختيار عنوان يتناسق مع فكرته. لقد تم العثور على العديد من الأمثلة في هذا المجال: 1ـ «فلم يبق في قوس الشركسي منزع، فصاح وهو يبصق على الأرض طوراً، وعلى جبة الأستاذ وعلى حذاء العمدة تارة: أدبسيس، بس فلاح» (المصدر نفسه، ص 12). ما هو سيء أن يبصق وما هو أسوأ من ذلك أن يبصق على وجه وأحذية آخرين، الأمر الذي يعد مهما جداً خلقيا، حيث يمكن إدراكه بالمشاهدة. 2ـ «ياللعار! لقد ارتكبت إثما هائلاً، ولكني لم أتعمد ارتكابه. لقد أصبحت حليلة صاحبي خليلة لي، ولكنها كانت خليلة سواي من قبل» (المصدر نفسه، ص 18). فارتكاب الإثم يعني ألا تجتنب الفواحش وتتعامل مع من لا تعرفه، بينما لديك زوجة وهذا أمر غير خلقي عزم الكاتب على تغييرها في المجتمع. 3ـ1ـ3. العلاقة الاجتماعية لقد تجلى هذا النوع من العلاقات بارزاً في المجموعة القصصية، ولربّما الناص تعمد في تركيزه على هذه النوعية، حيث العنوان يتناسق بشكل كبير مع القضايا الاجتماعية. لقد يلمس القارئ في النص نماذج غير قليلة ترتبط بالعنوان الرئيس، مثل دور الفلاح، ودور النساء في المجتمع؛ ثم كل النص يخضع تماماً للأغراض الاجتماعية. فيمكن الإشارة إلى الفصل الثامن من العنوان "الشباب الضائع"؛حيث فيه التباين الثقافي والاجتماعي في طريقة الزواج بين أمريكا ومصر ودور الصحافة في لفت انتباه عامة الناس إليها وإلى غيرها من المواضيع. 3ـ1ـ4. العلاقة التربوية تحتل هذه العلاقة المركز الثاني من حيث العلاقة بين العنوان والنص؛ لأن الأدب يلعب دورا هاما في إظهار سلوك الناس وتغيير سيئاتهم إلى الحسنات. نرى في المثال التالي أن الكاتب يسعى إلى تقديم نوع سليم من تربية الأطفال من جانب الأبوين والمعلّمات في عنوان كان طفلا فصار شابا، مثلا: «لقد بلغ محجوب العشرين، ولكنه لا ينسى أيام كانت تضربه مربيته، وهو طفل إذا هفا هفوة أو ارتكب إثما ... وهل ينسى يوم أن التقط من الأرض بقية سيجارة كان يدخنها أبوه وأراد أن يستنشق الدخان، فرأته مربيته من النافذة ونادت به، فهمّ بالهرب وأبى الدخول بمنزل إلى أن حمله الخصي وأتى به إليها لينال جزاءه؟!» (المصدر نفسه، ص 37 ـ 38). 3ـ1ـ5. العلاقة المكانية يعتبر المكان أهم عناصر العمل الأدبي؛ ذلك لأنّه يقوم بدور فاعل في بنائه وتركيبه. فبعد أن شاهد محمد تيمور البلاد التي سافر إليها مثل باريس، ألف تجاربه ومشاهداته في قصة حفلة طرب، وتحدث عن اللغة والموسيقى الشعبية في باريس. فعنوان في القطار، يشير إلى العلاقة المكانية واتصاله بالعنوان الرئيس، حيث يحكي عن حوار الشخصيات المختلفة حول المسألة وموقف الفلاح في القطار. 3ـ1ـ6. العلاقة الزمنية هذه العلاقة المكانية، باختلاف أنها تتجلى في الزمن وتربط العنوان الداخلي أو النص الداخلي بالعنوان الرئيس من حيث الزمنية، كقصتي كان طفلا فصار شابا والشاب الضائع، يسرد الكاتب فيهما الزمن ويقارن مسار نشأة الشخصيات بتطورهم في الحياة.
الخاتمة توصلت المقالة إلى ما يلي: أدى العنوان دورا بالغ الأهمية في توجيه دلالة المعنى، فهو يعد عتبة أساسية تمكننا من الولوج داخل متن مجموعة القصص القصيرة لمحمد تيمور. فمن خلال دراستنا لعنوان ما تراه العيون، تبين لنا أنه يحمل وظيفة تعيينية أو مرجعية بالدرجة الأولى، ثم الإغرائية. كما تعد هذه المجموعة قصصية زمكنية نتيجة توافر عنصري الزمان والمكان داخل النص في القصص، مما ساهم في تدليل حركة السرد وإيصالها إلى المتلقى بسهولة تامة في الآن نفسه. هذا، وقد تبين لنا غرض الكاتب لصدم المتلقي ولفت انتباهه إلى النص عنوانا. فالعنوان جاء مطابقا لمضمونه ومرآة عاكسة لنسيجه النصي. فعنوان ما تراه العيون بمركبته اللغوية قد فتح آفاقا للمتلقي من خلال التوظيف الإغرائي الذي يظهر في موصول "ما" مع صلته وصيغة، أي العيون دون تحديد لمفهومه أو تخصيص لطبيعته. فـ"ما الموصولية" تدل دلالة مبهمة على العمومية من دون أن تبين القضايا المتفشية في المجتمع، كما تقدم وجوها شتى من المعاني. مهما يكن، فإنها بهذا النمط تغري القارئ على كشف موضوعات النص والنص ومعانيه وتزيد رغبته في قراءة النص. فيكون هذا الجزء من العنوان كليا وشاملا لتجيء العناوين الداخلية توضحه بالتفصيل وتكشف عن صلتها بالعنوان الرئيس كشفاً يؤدي إلى الإلمام بنوايا الكاتب التربوية والاجتماعية. وأخيرا، امتاز محمد تيمور في عنونة مجموعته القصصية بتخصيص عنوان مستقل لها، على خلاف معاصريه من أمثال نجيب محفوظ، كعتبة رئيسة للولوج إلى العتبات الثانوية التي تتألف من ستة عشر قصة؛ ولكن الأمر يختلف تماما لدى نجيب محفوظ، حيث اختار من بين مجموعته القصصية عنوانا منها وأطلقه على الكتاب كله، ليأتي بأقل قسط من الارتباط بينه وبين مجموعته.
[1]. Gerard Genette [2]. Tetralogy [3]. Gerard Genet [4]. Leo H.Hock [5]. Seuils | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مراجع | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
أ. العربية ابن منظور، أبو الفضل جمال الدين. (1997م). لسان العرب. بيروت: دار صادر للطباعة والنشر. الأحمر، فيصل. (2010م). معجم السيميائيات. الجزيرة: الاختلاف. الأسدي، ناصر شاكر. (2009م). التحليل السيمائي للخطاب: قراءة في حكايات كليلة ودمنة لابن المقفع. لندن: دار السياب لطباعة والنشر والتوزيع. تومي، سعيدة؛ ومصطفى دراوش. (2009م). العتبات النصية في التراث النقدي العربي "الشعر والشعراء" لابن فتيبة أنموذجا. رسالة الماجستر. المركز الجامعي العقيد محند أولحاج بالبويرة. قسم اللغة العربية وآدابها. تيمور، محمد. (2012م). ما تراه العيون. القاهرة: هنداوي للتعليم والثقافة. الثامري، أ.م.د. ضياء. (2010م). «العنوان في الشعر العراقي المعاصر: أنماطه ووظائفه». مجلة القادسية في الآداب والعلوم التربوية. ج 9. ع 2. ص 17 ـ 29. الجزار، محمد فكري. (2006م). العنوان وسيموطقياء الاتصال الأدبي. القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب. ـــــــــــــــــــــ . (2001م). لسانيات الاختلاف: الخصائص الجمالية لمستويات بناء النص في شعر الحداثة. القاهرة: دار ايتراك للطباعة والنشر والتوزيع. جينيت، جيرار. (2008م). عتبات جيرار جينيت من النص إلى المناص. تقديم سعيد يقطين. الجزيرة: الاختلاف. حسين، د.خالد حسين. (2007م). في نظرية العنوان مغامرة تأويلية في شؤون العتبة النصية. بيروت: التكوين للتأليف والترجمة والنشر. حليفي، شعيب. (2005م). هوية العلامات في العتبات وبناء التأويل. بيروت: دار الثقافة الدار البيضاء. حمداوي، أمينة؛ وهجيرة بدري؛ ومحمد مداور. (2016م). سيمائية العتبات النصية في كتاب أوراق الورد لمصطفى صادق الرافعي. رسالة الماجستر. جامعة الجيلالي. قسم اللغة والأدب العربي. حمداوي، جميل. (2015م). سيموطيقياء العنوان. الدوحة: مصدق حبيب. رحيم، عبد القادر. (2010م). علم العنونة: دراسة تطبيقية. دمشق: دار التكوين للتأليف والترجمة والنشر. سعد اللّٰه، محمد سالم. (2007م). التحليل السيميائي للنقد البلاغي: الجرجاني نموذجا. عمان: جدارا للكتاب العالمي. شقرون، شادية. (2000م). سيميائية العنوان في ديوان مقام البوح لعبد اللّٰه العشي، الملتقي الوطني الأول للسيمياء والنص الأدبي. بیروت: الجامعة. ضيف، شوقي. (1992م). عصر الأدب العربي المعاصر في المصر. ط 10. القاهرة: دار المعارف. طقوس، أ.د. بسام موسى. (2001م). سيمياء العنوان. عمان: وزارة الثقافة. العشي، علي. (1985م). «مساهمة في التعريف بالسيميائية». وزارة الشؤون الثقافية: تونس: مجلة الحياة الثقافية. ع 36. ص 10 ـ 21. علوش، سعيد. (1983م). معجم المصطلاحات الأدبية. بیروت: دار الكتاب اللبنان. عويس، محمد. (1988م). العنوان في الأدب العربي: النشأة والتطور. القاهرة: مكتبة الإنجلو مصرية. المسدي، عبد السلام. (1994م). ماوراء اللغة: بحث في الخلفيات المعرفية. تونس: مؤسسة عبد الكريم عبد اللّٰه للنشر والتوزيع. مشاهرة، موسى. (2006م). «العنوان رواية السراب لنجيب محفوظ: مقرابة سيمائية». منتدى الأستاذ. ع 65. ص 329 ـ 351. منصر، نبيل. (2007م). الخطاب الموازي للقصيدة العربية المعاصرة. بيروت: دار توبقال للنشر/ الدار البيضاء. موسى، خليل. (2000م). قراءات في الشعر العربي الحديث والمعاصر. دمشق: اتحاد الكتاب العرب.
ب . الفارسية آلن، گراهام. (1392ﻫ.ش). بینامتنیت. ترجمه بسام يزدانجو. تهران: مركز. بشيرى، محمود؛ و سمیه آقاجانى كلخوران. (1395ﻫ.ش). «بررسی تطبیقی عنوان در رمانهای ادبیات پایداری با تکیه بر رمانهای ام سعد و دا». متنپژوهی ادبی. ش 68. ص 94 ـ 115. چلیپی، رضا؛ و علی سیاحی؛ و الهام میری. (1394ﻫ.ش). «بررسی تطبيقی شخصيتپردازی در داستانهای محمدعلى جمالزاده و محمد تيمور». مجموعه مقالات کنفرانس بینالمللی ادبیات و پژوهشهای تطبیقی در آن. شفيعى كدكنى، محمدرضا. (1386ﻫ.ش). زمینۀ اجتماعی شعر فارسی. تهران: اختران قبادى، مطهره؛ و محمدجواد شكريان. (1389ﻫ.ش). «بررسی موضوع پیرامتن با تکیه بر "سهگانه نیویورکی" و ترجمههای فارسی و فرانسه». نقد زبان و ادبیات خارجی. ش 5. ص 151 ـ 165. ج . اللاتينية غريول Grivel, charle. (1973). production de l’interet romate que. Paris: lehat. | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
آمار تعداد مشاهده مقاله: 1,496 تعداد دریافت فایل اصل مقاله: 498 |