تعداد نشریات | 43 |
تعداد شمارهها | 1,682 |
تعداد مقالات | 13,762 |
تعداد مشاهده مقاله | 32,193,782 |
تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 12,745,649 |
البنية الصوتيّة في شعر توفيق زيّاد (قصيدة "هنا باقون" نموذجاً) | |||||||||||||||||||||||||
بحوث في اللغة العربية | |||||||||||||||||||||||||
مقاله 4، دوره 9، شماره 16، تیر 2017، صفحه 37-52 اصل مقاله (613.89 K) | |||||||||||||||||||||||||
نوع مقاله: المقالة البحثیة | |||||||||||||||||||||||||
شناسه دیجیتال (DOI): 10.22108/rall.2017.80623 | |||||||||||||||||||||||||
نویسندگان | |||||||||||||||||||||||||
علي خضري* 1؛ رسول بلاوي1؛ صغري بياد2 | |||||||||||||||||||||||||
1أستاذ مساعد في قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة خليج فارس | |||||||||||||||||||||||||
2الحاصلة على الماجستير في قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة خليج فارس | |||||||||||||||||||||||||
چکیده | |||||||||||||||||||||||||
البنية الصوتيّة تُعدّ من أهمّ جوانب الدراسات اللغويّة في العصر الحديث وتُعتبَر من أبرز المستويات الأسلوبيّة؛ لأنّ الصوت يؤثّر على المتلقّي تأثيراً عميقاً ويساهم في تحديد المعنى وإبراز الدلالة في الکلام ويقوم بتمييز النصّ عن سائر النصوص موسيقيّاً ونغمةً. فهذا البحث دراسة صوتيّة لقصيدة "هنا باقون" التي تُعتبَر من أشهر قصائد الشاعر الفلسطيني توفيق زيّاد حول الفلسطينيين وهو يدعوهم إلى المقاومة حتّى يصلوا إلى الحريّة. والمنهج الذي اخترناه لمعالجة هذا البحث هو المنهج الوصفي ـ التحليلي وقد اعتمدنا على الإحصاء عند اللزوم. يهدف هذا البحث إلى دراسة البنية الصوتيّة ودور الأصوات في التعبير عن مشاعر الشاعر ودلالاتها التي غلبت على القصيدة للوصول إلى جماليّات رائعة تکمن وراءها، کما يحاول أن يدرس البناء الصوتي من خلال رصد بعض ظواهره مثل: (الصوت المجهور، والمهموس، والشدّة، والرخوة، وتکرار الأصوات وأغراضها وکذلک العلاقة بين الصوت والمعنى) لإلقاء الضوء على أهميّة الصوت في بناء القصيدة "هنا باقون" ومدى تأثيره. ومن النتائج التي توصّلت إليها هذه الدراسة هي: نسبة توظيف الشاعر للأصوات المجهورة والشديدة أکثر من الأصوات المهموسة والرخوة، حتّى يلقي الشاعر روح الثورة والحماسة في نفس المخاطب، ونلاحظ في تکرار بعض الأصوات دلالات تکمن فيها، مثل تکرار صوت الراء يدلّ على حرکة مستمرّة في الدعوة إلى الجهاد، وصوت الشين لبيان انتشار روح المقاومة، وصوت الألف يدلّ على الصيحة الممتدّة من انفعالات وخلجات تجيش في صدر الشاعر، فالجرس الناتج عن تکرار هذه الأصوات يزيد موسيقى القصيدة. | |||||||||||||||||||||||||
کلیدواژهها | |||||||||||||||||||||||||
الشعر الفلسطینی المعاصر؛ البنیة الصوتیّة؛ المقاومة؛ توفیق زیّاد؛ قصیدة "هنا باقون" | |||||||||||||||||||||||||
اصل مقاله | |||||||||||||||||||||||||
المقدمة یُعتبَر الأسلوب من أهمّ طرق البیان، خاصّة عندما یرید الإنسان أن یعبّر عن نفسه وأفکاره، فالأسلوب هو «تعبیر عن الاختیار الذی یقوم به مؤلّف النصّ من مجموعة محدّدة من الألفاظ والعبارات والترکیبات الموجودة فی اللغة من القَبْل والمعدّة للاستعمال» (وهبة، 1984، ص 35)، وأمّا الأسلوب فهو المنهج النقدی الذی یدرس المکونات اللغویّة فی آثار الکتّاب والشعراء ویمیّز الکلام الفنّی من الکلام العادی حتّى یکشف الجمالیّة الکامنة وراء الألفاظ والکلمات. الأسلوبیّة لها أربعة مستویات وهی المستوى الصوتی والصرفی والنحوی والدلالی. وهذا البحث یقصد دراسة المستوى الصوتی من هذه المستویات فی قصیدة "هنا باقون" لتوفیق زیّاد؛ لأنّ الدراسات اللغویّة فی العصر الحدیث تتّجه فی جانب أساسی من جوانبها إلى دراسة الصوت اللغوی ویتجسّد المفهوم الحقیقی لها باعتبارها أصواتاً کما عرّفها ابن جنی: «أمّا أحدها فإنّها أصوات یعبّر بها کل قوم عن أغراضهم» (ابن جنی، 1999، ج 2، ص 28)، أو یقول کمال بشر عن فائدة الصوتیات فی مجال الدلالة والمعانی: «فإنّ المنطوق لا یکتمل معناه ولا یتمّ تحدیده وتوضیحه إلا إذا جاء مکسواً بکسائه المعین من الظواهر الصوتیّة الأدائیّة التی تناسب مقامه کالنبر والتنغیم والفواصل الصوتیّة أو ما یمکن نعتها جمیعاً بالتلوین الموسیقی للکلام» (بشر، 2000، ص 62). وعلى هذا الاعتبار حظی الجانب الصوتی بالکثیر من الدراسات والتحلیلات. إذاً لقیت الأصوات العربیّة من العلماء قدیماً وحدیثاً عنایة وافرة فی بیان صفاتها ومخارجها وتعاملها ممّا جعلها واضحة بیّنة. وکان من الروّاد الذین اعتنوا بالکلام على الأصوات العربیّة، الخلیل بن أحمد الفراهیدی (175هـ) الذی ذکر فی أوّل کتابه "العین" صفات الحروف ومخارجها وعدداً من القوانین الصوتیّة المتعلّقة بها. وکذلک بیّن اللغوییون فی العصر الحدیث أهمیّة الدراسة الصوتیّة حیثما یقول محمود السعران «لا یمکن الأخذ فی دراسة لغةٍ ما أو لهجةٍ ما دراسة علمیّة، ما لم تکن هذه الدراسة مبنیّة على وصف أصواتها وأنظمتها الصوتیّة فالکلام أوّلاً وقبل کل شیء سلسلة من الأصوات فلابد من البدء بالوصف الصوتی للقطع الصغیرة أو العناصرة الصغیرة، أقصد أصغر وحدات الکلمة» (السعران،1997، ص 104). وقد تبیّن لنا من خلال الدراسات الحدیثة فی علم الصوتیات، صعوبة توصیف وتحلیل الجوانب الصرفیّة والنحویّة والدلالیّة فی لغةٍ ما قبل أن ندرک جانبها الصوتی الذی یتکوّن من قوانین تُبنى علیها بقیّة الجوانب الأخرى، فقد صار من الضروری الاهتمام بالجانب الصوتی، فتظهر أهمیّة البناء الصوتی وفوائدها فی العدید من المجالات،کما ذکر معاذ محمّد الحنفی فی رسالته عن أهمیّة الحروف: «فالحروف أساس النسیج اللغوی ومنها تصاغ الکلمات ومن الکلمات الجمل ومن الجمل ینتج البیت الشعری ولأنّ الشعر لیس کالکلام العادی یأخذ السیاق منحنیات مبتکرة فتکون العبارات مکثفة متناسقة وتکون الکلمات منتقاة بعنایة والحروف متناغمة» (الحنفی، 2006، ص 138). لذا یمکن القول أنّ البحث الصوتی یُعدّ من أهمّ الجوانب للدراسات اللغویّة فی وقتنا الحاضر وتزداد أهمیّة دراسته وتتجلّى أکثر فأکثر یوم بعد یوم ویمکن لنتائجه أن تستعمل فی العدید من المجالات التی تصبّ فی خدمة اللغة العربیّة، لذلک یبقى هذا البحث فی حاجة ماسّة ودائمة إلى المزید من الدراسة والتحلیل. وإنّنا فی هذا البحث نسعى إلى دراسة البنیة الصوتیّة فی قصیدة "هنا باقون" للشاعر الفلسطینی توفیق زیّاد کی نکشف مدى اهتمام الشاعر فی بیان أفکاره النضالیّة عبر اختیاره للبناء الصوتی. وکان الهدف الرئیسی فی اختیار هذا الموضوع هو أنّ قضیّة الشعب الفلسطینی أصبحت قضیة کل إنسان واعٍ وحیث کانت أشعار زیّاد مرآة صادقة حول فلسطین والمصاعب والآلام التی عاشها الفلسطینیون فارتأینا أنّ البحث ضروری فی هذا المجال. علاوة على هذا، نرید أن نکشف عن العوامل التی ساعدت القصیدة أن تکون حماسیّة ونبیّن ما هو دور الأصوات فی إلقاء المعانی. فی بحثنا هذا نعتمد على المنهج الوصفی ـ التحلیلی فی دراسة قصیدة "هنا باقون" لتوفیق زیّاد، وإنّنا سنرکز على ظواهر البناء الصوتی فیها وإظهارها من خلال دراسة الأصوات المجهورة والمهموسة والشدّة والرخوة ثمّ أغراض تکرار الأصوات فی هذه القصیدة وأهمیّتها فی إلقاء المعنى وأیضاً معالجة العلاقة بین الصوت والمعنى. أسئلة البحث ومن خلال هذا البحث سنحاول الإجابة عن الأسئلة التالیّة:
الدراسات السابقة یُعتبَر الصوت الأهمّ بین فروع علم اللغة نظراً لاهتمام الکثیر من العلماء إلى الصوت والصوتیات لذا نالت الدراسات الصوتیّة عنایة واسعة فی الأدب العربی وقد أفردت لهذا الموضوع دراسات وبحوث، منها: کتاب «دراسات فی علم اللغة» لکمال بشر، وکتاب آخر «الأصوات اللغویّة» لإبراهیم أنیس، یتطرّقان إلى ظاهرة الصوت وصفاته وکیفیّة إخراجه وعوامل تطوّر الأصوات اللغویّة. وأمّا الرسائل الجامعیّة التی کتبت حول علم الأصوات فهی «البنیّة الصوتیّة فی شعر عبد الناصر صالح دراسة تاریخیّة وصفیّة تحلیلیّة» للباحث إبراهیم مصطفی رجب لنیل شهادة الماجستیر فی اللّغة العربیّة وآدابها سنة (2003م) فی الجامعة الإسلامیّة بغزة، کلیة الآداب، قسم اللّغة العربیّة؛ عالج البنیة الصوتیّة فی شعر عبد الناصر صالح من حیث الأصوات والمقاطع والنبر وما توحیه هذه البنیّة من الدلالات المختلفة باختلاف الغرض الشعری. ورسالة أخرى تحت عنوان «الصوامت الشدیدة فی العربیّة الفصحى» قدّمها رضا زلاقی لنیل شهادة الماجستیر فی اللغة العربیّة وآدابها سنة (2006م) بجامعة بن یوسف بن خدة فی الجزائر فی کلیة الآداب واللغات، قسم اللغة العربیّة وآدابها؛ تناول مفهوم الصوت ونشأته قدیماً وحدیثاً وقام بتصنیف الأصوات وصفاتها. وبحث «الدراسة الصوتیّة فی لغة القرآن ودلالاتها فی الآیات الفقهیة آیات الحجاب نموذجاً» للباحثین کبرى روشن فکر، خلیل بروینی، سعیده ممیزی، وراضیه سادات حسینی، مجلّة آفاق الحضارة الإسلامیّة، السنة 17 (1436هـ.ق)، العدد 2، یدور حول تناسب موسیقى الصوت بالمضمون فی آیات الحجاب والعلاقة بین الصفات ومخارج الأصوات. تناولت هذه الدراسات موضوع الصوت وصفاته ومخرجه وذکر أبوابه ومضمونه کلّها ولم تعالج دور الأصوات وغرضها فی إلقاء المعنى ومشاعر الشاعر أو الکاتب معالجة خاصّة. وهناک بحوث کُتِبت حول الشاعر منها: مقال «مقاومت در شعر توفیق زیّاد» لمحمّد رضی مصطفوی نیا ومحمود رضا توکلی محمّدی وقاسم إبراهیمی، مجلة "ادبیات پایداری" (خریف1389هـ.ش وربیع 1390هـ.ش) عدد 3و4، یتطرّق المقال بنظرة متأنیّة إلى شعر توفیق زیّاد وتصویر روح المقاومة فیه. والمقال الآخر «زیباییشناسی تکرار در شعر توفیق زیّاد» لاسحاق رحمانی ونادیا دادپور وسعیده حسن شاهی، مجلة "ادبیات پایداری" (خریف وشتاء 1393هـ.ش) عدد11، یقوم بدراسة مظاهر التکرار ودلالاته فی شعر توفیق زیّاد الشاعر المقاومة. غیر أنّ أغلب هذه الدراسات تناولت الجوانب اللغویّة فی المستوى الصوتی بالنقد والتحلیل وکانت تتعرّض لها بذکر بعض أبوابها وفصولها فقط وتشیر إلیها بصورة إجمالیّة، وتکاد تکون البنیّة الصوتیّة ودلالاتها الفنیّة غائبة عن تلک الدراسات؛ من هنا یأتی اختیارنا لهذا الجانب من شعر توفیق زیّاد وقد حاولنا ـ قدر المستطاع ـ أن نلقی الضوء على جانبٍ من البناء الصوتی فی قصیدة "هنا باقون" لعلّنا نستطیع من خلاله النفاذ إلى جمالیّات هذه القصیدة. أ. لمحة وجیزة عن حیاة توفیق زیاد إنّ احتلال فلسطین واغتصاب أرض الآباء کان موضع اهتمام الکثیر من الشعراء ومن هؤلاء الشعراء "توفیق زیّاد" الذی «ولد فی مدینة الناصرة عام 1929م، وهو شاعر وکاتب سیاسی درس أوّلاً فی الناصرة ثم ذهب إلى موسکو لیدرس الأدب الروسی، شارک طیلة السنوات التی عاشها فی حیاة الفلسطینیین السیاسیّة فی إسرائیل وناضل من أجل حقوق شعبه کان إلى یوم وفاته رئیساً لبلدیّة الناصرة» (الجیوسی، 1977، ص 65). أصدر توفیق زیاد عدداً من المجموعات الشعریّة وتحدّث فیها عن الأحداث المحلیّة والقومیّة والعالمیّة منها: «أشدّ على أیادیکم، أدفنوا موتاکم، أغنیات الثورة والغضب، تهلیلة الموت والشهادة، سجناء الحریّة، وقصائد کثیرة أخرى. وهو لعب دوراً مهمّاً فی إضراب أحداث یوم الأرض الفلسطینی فی 30 مارس 1976، حتّى توفّی فجأةً فی 5 یولیو 1994 بحادث طریق مروع وهو فی طریقه لاستقبال یاسر عرفات رئیس السلطة الوطنیة الفلسطینیة عائداً إلى أریحا بعد اتّفاقیّات أوسلو[1]» (موقع توفیق زیاد، www.zayyad.com). یتضمّن نتاجه الأدبی عدداً من القصائد التی تدور حول الجهاد والمقاومة وتحوّلت جزءاً من تراث أغانی المقاومة الفلسطینیّة؛ فالمقاومة تظهر فی حیاة الشاعر وتتجلّى فی شعره وهی جزء لا یتجزأ عن حیاته. ومهما نقرأ قصائد هذا الشاعر الفلسطینی المتجدّد نتعرّف علیه أکثر من قبل ونطلّع على همومه وآلامه ولواعجه. عُرِف توفیق زیّاد بأنّه ابن بارّ لوطنه فلسطین لأنّه یتحدّى الظلم والاضطهاد ویتمتّع بصفات قیادیّة وشعبیّة واسعة وکان شعره حماسیاً وقوی العاطفة لخدمة بلاده وأرضه فلسطین ویعتبر امتداداً لشعر المقاومة العالمی.
ب. نظرة عامة على قصیدة «هنا باقون» ظهرت المقاومة الفلسطینیّة بعد هزیمة 1967م (نکسة حزیران)، وعندئذٍ قد راج شعر المقاومة بعدها بقلیل، ومن أشهر شعراء المقاومة فی تلک المرحلة، توفیق زیّاد. إنّ توفیق زیّاد شاعر وطنی وأکثر أشعاره غدت نشیداً وطنیّاً کما وقد أصبح رمز النضال لدى الشعب الفلسطینی حیث کتب الکثیر من الأشعار التی تحثّ على القتال فی سبیل الوطن. فی أیلول عام 1965م أنشد قصیدة "هنا باقون" وهی من أشهر قصائده التی قد راجت فی ذلک الحین. هذه القصیدة تتکوّن من خمسة بنود، وکل هذه البنود مرتبطة ارتباطاً وثیقاً معاً. قصیدة "هنا باقون" تُعتبَر الملمح القوی بحیث أنّ الشاعر یکاد یلغی کل مسافة بینه وبین الأرض لیکون فیها داخلاً متداخلاً ومتحدیاً على الاحتلال حتّى آخر قطرة دم للوصول إلى الثبات والصمود. والجوّ الذی یسیطر على هذه القصیدة أکثره جوّ حماسی مبطّن بالحریّة؛ وإنّنا فی هذا المقام نرید أن نکشف هذا الجوّ عن طریق البنیّة الصوتیّة المستعملة فیها؛ فقمنا بدراسة عنصر الصوت وجوانبه المختلفة دراسة داخلیّة تحلیلیّة وحاولنا أن نکشف تأثیر الصوت فی إلقاء المشاعر فی هذه القصیدة. ج. مفهوم الصوت وأهمیّته فی اللغة فی بدایة بحثنا هذا نتطرّق إلى المعنى اللغوی والاصطلاحی للصوت؛ فمعنى الصوت لغةً: «هو الهواء المنضغط عن قرع جسمین» (الراغب، 1992م، ص 496)، وجاء فی اللسان: «الصَوت إطلاقاً هو الجرس ومن صَات یصوت صَوتاً ومعناه صائح، وقال ابن سکیت: الصَوت صَوت الإنسان وغیره» (ابن منظور، 1999، ج 7، ص435)، فتعریف الصوت لغویّاً، هو صوت خاص، أو حالة خاصة من مجموعة الأصوات، وأمّا تعریفه اصطلاحاً فهو: «ظاهرة طبیعة ندرک أثرها قبل أن ندرک کنهها، فقد أثبت علماء الصوت بتجارب لا یتطرّق إلیها الشکّ أنّ کل صوت مسموع یستلزم وجود جسم یهتز؛ على أنّ تلک الهزات قد لا تدرک بالعین فی بعض الحالات کما أثبتوا أنّ هزات مصدر الصوت تنتقل فی وسط غازی أو سائل أو صلب حتّى یصل إلى الأذن الإنسانیّة» (أنیس، 1999، ص 5). وللأصوات دور مهمّ فی إلقاء بعض المفاهیم العربیّة فی النصوص الأدبیّة شعراً ونثراً إذ إنّه قد ینبعث فی ضمیر الشاعر أو الکاتب معانی جدیدة تفهم فی إطار القصیدة، وبذلک یعتنی الشاعر بشکل ملفت للنظر باختیار أصوات تترجّم مشاعره، لذا التحلیل الصوتی یساعد کثیراً فی کشف جمالیّات النصوص بالإضافة إلى کشف العواطف والمشاعر الکامنة و«لیس یخفى أنّ مادّة الصوت هی مظهر الانفعالات النفسیة، وأنّ هذا الانفعال بطبیعته إنّما هو سبب فی تنویع الصوت، بما یخرجه فیه مدّاً أو غنّةً أو لیناً أو شدةً» (الرافعی، 1997، ص 169). قسّم علماء اللغة الأصوات تقسیمات مختلفة بُنیت على أسس متنوّعة وأهمّ هذه التقسیمات، تقسیمها إلى مجموعات بحسب مخارجها مع ترتیبها وبحسب الصفات والمخارج وفقاً لذلک. تنقسم الأصوات اللغویّة عموماً إلى قسمین رئیسیین :الأصوات الصائتة والأصوات الصامتة، فإنّ الصائت یتحدّد بأنّه «الصوت المجهور یحدثفیتکوینهأنیندفعالهواءفیمجرىمستمرخلالالحلقوالفم،وخلالالأنف،أو معهماأحیاناً،دونأنیکونثمةعائقیعترضمجرىالهواءاعتراضاً تامّاً،أوتضییقلمجرى الهواءمنشأنهأنیحدثاحتکاکاًمسموعاً» (السعران، 1997، ص 124)، و«الأصوات الصائتة تشمل الحرکات القصیرة __َ_ِ_ُ_ والحرکات الطویلة آ ـ ی ـ و» (بشر، 1986، ص 199)؛ أو أنّ الصامت هو «الصوتالمجهورأوالمهموسالذییحدثفینقطةأنیعترضمجرىالهواءاعتراضاًتامّاًأو جزئیاًمنشأنهأنیمنعالهواءمنأنینطلقمنالفمدوناحتکاکمسموع،کمافیحالةالثاءوالفاءمثلاً» (المصدر السابق، ص 124)؛ بناءً على هذا فإنّ أصوات الحروف العربیّة على أساس الهواء الخارج من الفم فمنها ما هو مجهور ومنها ما هو مهموس. نستلخص أنّ البحث الصوتی یُعدّ من أهمّ جوانب الدراسة اللغویّة فی وقتنا الحاضر وتزداد أهمّیة دراسته وتتجلّى أکثر فأکثر یوماً بعد یومٍ ویمکن لنتائجه أن تستعمل فی العدید من المجالات التی تصبّ فی خدمة اللغة العربیّة، لذلک یبقى هذا الدرس فی حاجة ماسّة ودائمة إلى المزید من الدراسة والتحلیل. ومن هذا المنطلق سنتطرّق فی هذه الدراسة إلى أشهر تقسیمات الصوت وهو الأصوات المجهورة والمهموسة وکذلک الأصوات الشدیدة والرخوة فی قصیدة "هنا باقون" لتوفیق زیّاد، فنقسّم البحث إلى محورین: أوّلاً مظاهر الصوت، وثانیاً أغراض تکرار الصوت. د. مظاهر الصوت فی قصیدة "هنا باقون" الصوت من أبرز الظواهر التی له أثر عمیق فی الشعر وهو من میزات الشعر على سائر النصوص لأنّه یحدث إیقاعاً صوتیاً تطرب له الأذن. قال کمال بشر فی أهمیّة الصوت: «قد أدرک اللغویون قیمة الصوت فاستعانوا به على قضاء حاجاتهم، وتلبیة رغباتهم، وإیصال أفکارهم، لذلک أخذ الصوت حظاً وفیراً من الدراسات الأدبیّة باعتباره یحدّد الملامح الأدبیّة والخصائص الأسلوبیّة» (بشر، 1986، ص 119)، ومن علماء العربیة من استعملوا عبارة "صفات الحروف" للدلالة على مجموعة من السمات الصوتیّة التی یتمیّز بها کل حرف؛ من هؤلاء الزمخشری الذی عبّر بصفات الحروف فقال: «أقسام الحروف حسب أصواتها وتنقسم إلى المجهورة والمهموسة والشدیدة والرخوة وما بین الشدیدة والرخوة والمطبقة والمنفتحة والمستعلیّة والمنخفضة» (الزمخشری، 1993، ص 547). بناءً على هذا، صفات الحروف التی ذکرها القدامى کثیرة متعدّدة لا یمکن حصرها جمیعاً فی مثل هذا البحث وإنّنا فی هذا السیاق نکتفی بالصفات المجهورة والمهموسة والشدیدة والرخوة فقط. فإذاً تتجلّى ظواهر البناء الصوتی لهذه القصیدة فی الأصوات المهموسة والمجهورة وأیضاً الأصوات الشدیدة والرخوة.
الجهر: لغةً: «جهر بالقول إذا رفع به صوته فهو جَهیر وأَجْهَر وجَهْر بکلامه وصوته ودعائه» (ابن منظور، 1999، ج 2، ص397)، ووردت کلمة (الجهر) فی القرآن الکریم بمعنى الصوت الظاهر المعلن فی السمع کقوله تعالى: «لا تَرْفَعُوا أَصْواتَکُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِیِّ وَ لا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ کَجَهْرِ بَعْضِکُمْ لِبَعْضٍª (الحجرات:2)، وأمّا الصوت المجهور ((voiced اصطلاحاً کما ذکره سیبویه فهو: «الحرف أشبع الاعتماد فی موضعه ومنع النفس أن یجری معه حتّى ینقضی الاعتماد ویجری الصوت فهذه حال المجهورة» (سیبویه، 1982، ج 4، ص434)؛ فالصوت المجهور هو «الصوت الذی یهتز عند النطق به الوتران الصوتیان فی نتوء الصوت الحنجری، بحیث یسمع رنین تنتشره الذبذبات الحنجریّة فی تجاویف الرأس والأصوات المجهورة هی: الف/ ب/ج/ د/ ذ/ ر/ ز/ ض/ ظ/ ع/ غ/ ل/ م/ ن/ و/ ی» (بشر، 1986، ص 101). هنا نأتی بالبند الأوّل من قصیدة «هنا باقون» کنموذج للأصوات المجهورة التی أشرنا إلیها بخطّ (-) على النحو التالی: «کأنّنا عِشرون مُستَحیلْ/ فی اللّدِ وَالرَملةِ وَالجَلیلْ/ هُنا... عَلى صُدورِکُم باقونَ کَالجِدارْ/ وَفی حُلوقِکم/ کَقِطعةٍ الزُجاج کَالصَبّارْ/ وَفی عُیونِکُم/ زُوبِعةٌ مِن نارْ» (زیّاد، 1970، ص 197) کما نرى فی هذا البند من القصیدة، تکرّرت حروف "ن" (8 مرّات)، و"ع" (5 مرّات)، و"ل" (8 مرّات)، و"الف" (8 مرّات)، کل هذه الحروف تعتبر من الحروف المجهورة؛ وفیها نوع من الحماسة المؤثّرة ونموذج من صمود الشعب الفلسطینی ومقاومتهم؛ لأنّ الشاعر یصف هذه الأوضاع الخانقة واستمرار الظلم والمصائب العدیدة فی بلده باستخدام الحروف المجهورة ویوظّف هذه الأصوات القویّة لیدعو الناس إلى إحساس المسؤولیّة الجماعیّة لمکافحة الجور والاضطهاد. وأمّا الهمس لغةً فهو: «الصوت الخفی من الصوت وقد همسوا الکلام همساً وفی الترتیل: «فَلا تَسْمَعُ إلا هَمْساًª (طه: 108)، والهَمْس من الصوت والکلام ما لا غور له فی الصدر وما هو ما همس فی الفم» (ابن منظور، 1999، ج 15، ص132). وقد عرّف سیبویه الحرف المهموس قائلاً: «وأمّا المهموس فحرف أضعف الاعتماد فی موضعه حتّى جرى النفس معه وأنت تعرف ذلک إذا اعتبرت فرددت الحرف مع جری النفس ولو أردت ذلک فی المجهورة لم تقدر علیه» (سیبویه، 1982، ج 4، ص434)، فالصوت المهموس یدلّ على الخفوت والضعف ولا یمکن أن یکون أقوى من الجهر، والأصوات المهموسة (unvoiced) هی أصوات «لاتتذبذبالأوتارالصوتیّةعندنطقها،فحروفها هی: ء/ ت/ث/ح/ س/ ش/ ص/ ط/ ف/ ق/ ک/ ه» (بشر، 1986، ص 104). ووفی ما یلی نورد المقطع الرابع من القصیدة کنموذجٍ مشیرین إلى هذه الحروف بخطّ: «کأنّنا عِشرون مُستَحیلْ/ فی اللدِ وَالرَملةِ وَالجَلیلْ/ إنّا هُنا باقون/ فَلِتَشْربوا البَحرا/ نَحْرسُ ظِلَّ التّینِ وَالزَیتون/ وَنَزْرَعُ الأَفْکارَ کَالخَمیرِ فی العَجین/ بُرودَةُ الجَلیدِ فی أَعْصابِنا/ وَفی قُلوبِنا جَهَنَّمٌ حُمرا/ إذا عَطَشْنا نَعَصَرُ الصَخرا/ وَنَأکُلُ التُرابَ إن جِعنا ... وَلا نَرْحَل/ وَبِالدَم الزکی لا نَبْخَل؛ لا نَبْخَل؛ لا نَبْخَل/هُنا... لَنا ماضٍ وَحاضرٌ وَمُسْتَقْبلْ» (زیّاد، 1970، ص 199) کما نرى تکرار الأصوات المهموسة فی هذا البند کثیرة بالنسبة للبنود الأخرى من القصیدة فعلى سبیل المثال: تکرّرت الحروف "ک" (5 مرّات)، و"ش" (3 مرّات)، و"ت" (6 مرّات)، و"ح" (5 مرّات)، و"خ" (5 مرّات) و"ص" (2 مرّة). وظّف الشاعر الأصوات المهموسة لیبیّن الغضب والحقد الکامن فی قلبه بالنسبة إلى الحکّام وأفعالهم الشنیعة وکذلک یدعو شعبه إلى تحمّل الظلم والکوارث التی تعرّضوا إلیها حتى یبزغ فجر الأمل والحریّة. ولذا هذه الأصوات المجهورة أو المهموسة تمنح الشعر موسیقى ونغمة متصاعدة تدلّ على ما یدور فی خاطر الشاعر. تبیّن لنا بعد إحصاء الأصوات المجهورة والمهموسة أنّ الشاعر کرّر الأصوات المجهورة فی هذا الشاهد 157مرّة والأصوات المهموسة 51مرّة کما جاء فی الجدول التالی: جدول1: نسبة استعمال الصوت المجهور والمهموس
فکما نلاحظ أنّ الشاعر اعتمد على الأصوات المجهورة أکثر من المهموسة ولعلّ الظروف الصعبة التی عاشها الشاعر دعته إلى توظیف هذه الأصوات. لقد وجدنا الأصوات المجهورة بلغت نسبة 75% والأصوات المهموسة نسبة 25% وتطغى الأصوات المجهورة على المهموسة لأنّ الصوت المجهور یتّصف بحرکة قویّة وحماسیّة ویدلّ على رغبة الشاعر فی شدّة انتباه السامع فیستخدم هذا الصوت بنسبة عالیة؛ والصوت المهموس فیه ضعف وخفوت ویستعملها توفیق زیّاد لعواطفه الملتهفة وأحاسیسه المتدفقة حیث یمتلئ صدره بالحزن وبالألم. 2. الأصوات الشدیدة والأصوات الرخوة نعالج صفات الحروف من حیث الشدّة والرخوة هنا؛ فالأصوات الشدیدة فی اللغة تعنی «الصلابة وهی نقض اللین؛ تکون فی الجواهر والأعراض، والجمع شِدَدٌ وشیء شَدِیدٌ بَیِّنُ الشِّدَّةِ وشیء شَدیدٌ مُشتَدٌّ قَوِیٌّ» (ابن منظور، 1999، ج 7، ص54)، وقد قال فیها الزمخشری «والشدّة أن یحصر صوت الحرف فی مخرجه» (الزمخشری، 1993، ص 395)؛ ما یسمیه القدماء بالصوت الشدید وما یسمیه المحدثون انفجاریّاً (plosive) هو :«أن یحبس مجرى الهواء الخارج من الرئتین حبسا تامّاً فی موضع من المواضع وینتج من هذا الحبس أو الوقف أن یضغط الهواء ثمّ یطلق سراح المجرى الهوائی فجأةً، فیندفع الهواء محدثاً صوتا انفجاریّا» (بشر، 1986، ص 247)، فهی حروف تمنع النفس عند النطق بها. والأصوات الشدیدة هی ثمانیة أصوات: «ء/ ب/ ت/ ج/ د/ ط/ ض/ ق/ ک» (السکاکی، 1982، ص 109). وأمّا الأصوات الرخوة فعند النطق بها لا ینحبس الهواء انحباساً تامّاً وفی أثناء مروره بمخرج الصوت یحدث نوعاً من الصفیر أو الحفیف فهی الصفة المقابلة للشدّة کما جاء فی اللسان: «الرخاء: اللینة، ورخا یرخو رخاً أی ناعم» (ابن منظور، 1999، ج 5، ص181)، فتُعرّف بأنّها «تضییق فی مجرى الهواء الخارج من الرئتین فی موضع من المواضع ویمرّ من خلال منفذ ضیق نسبیّاً فیحدث فی الخروج احتکاکاً مسموعاً والنقاط التی یضیق عندها الهواء کثیرة متعدّدة» (بشر، 1986، ص 297)، والأصوات الرخوة ((fricatives هی: «ث/ ح/ خ/ ذ/ ز/ س/ ش/ ص/ ظ/ غ/ ف/ ه» (أنیس، 1984، ص 25). ونورد فی ما یلی شاهداً للأصوات الشدیدة التی تتبیّن مع العلامة (-) والأصوات الرخوة مع العلامة (...): «کأنّنا عِشرون مُستَحیلْ/ فی اللدِ وَالرَملةِ وَالجَلیلْ/ إنّا هُنا باقون/ فَلِتَشْربوا البَحرا/ نَحْرسُ ظِلَّ التّینِ وَالزَیتون/ وَنَزْرَعُ الأَفْکارَ کَالخَمیرِ فی العَجین/ بُرودَةُ الجَلیدِ فی أَعْصابِنا/ وَفی قُلوبِنا جَهَنَّمٌ حُمرا/ إذا عَطَشْنا نَعَصَرُ الصَخرا/ وَنَأکُلُ التُرابَ إن جِعنا ... وَلا نَرْحَل/ وَبِالدَم الزکی لا نَبْخَل؛ لا نَبْخَل؛ لا نَبْخَل/ هُنا... لَنا ماضٍ وَحاضرٌ وَمُسْتَقْبلْ» (زیّاد، 1970، ص 199 ـ 200) نلاحظ فی هذا المقطع تکرار الأصوات الشدیدة: "ک" (5 مرّات)، و"ت" (6 مرّات)، و"د" (4 مرّات)، و"ب" (12مرّة)، و"ج" (5 مرّات)؛ وتکرار الأصوت الرخوة "ش" (3 مرّات)، و"س" (3 مرّات)، و"ح" (6 مرّات)، و"ه" (3 مرّات). بعد إحصائنا للأصوات الشدیدة ـ فی هذا الشاهد ـ التی تکرّرت 45مرّة والأصوات الرخوة التی تکرّرت 36 مرّة یتبیّن لنا ما جاء فی الجدوال التالی:
جدول2: نسبة استعمال الأصوات الشدیدة والرخوة
ومن خلال الجدول نلاحظ أنّ توظیف الشاعر للأصوات الشدیدة أکثر من الأصوات الرخوة وکأنّ استخدم زیّاد الأصوات الشدیدة وسیلة للتعبیر عمّا فی نفسه من الآلام والقسوة وکأنّه یرسم حالة الثورة والحماسة للشعب الفلسطینی فلهذا استعان بالأصوات الشدیدة أکثر لیبیّن هذا المعنى ظاهراً وجلیّاً. فوظّف زیّاد الأصوات الشدیدة نسبة 56% وسبب توظیفها هو الظروف الصعبة التی تعایش معها فی وطنه، وما یجول فی ضمیره من أسى وضجر إثر سیطرة الحکّام والطغاة. والأصوات الرخوة التی جاء بها 44% أقلّ بالنسبة الأصوات الشدیدة والشاعر یعکس فیها إحساسه وشعوره بالألم والشقاء. هـ. أغراض تکرار الصوت فی قصیدة "هنا باقون" التکرار من آلیّات موسیقى الشعر لأنّه یسهم فی تثبیت الإیقاع الداخلی فی النص الشعری ومن أهمّ الظواهر التی امتاز بها الشعر المعاصر؛ وهو أحد العناصر المهمّة فی بناء النص الشعری فی تماسکه وانسجامه، علاوة على هذا هو من عناصر علم البلاغة، وقد اهتمّ البلاغیون به اهتماماً بارزاً، فتُوجَد آراء مختلفة حول التکرار منها ابن رشیق القیروانی یقول: «للتکرار مواضع یحسن فیه ومواضع یقبح فیه فأکثر ما یقع التکرار فی الألفاظ دون المعانی وهو فی المعانی دون الألفاظ وهو أقلّ استعمالاً وتکرار اللفظ والمعنى جمیعاً خذلان بعینه ولا یجب للشاعر أن یکرّر اسماً إلا على جهة التشویق والاستعذاب إذا کان فی تغزّل أو نسیب» (ابن رشیق، 1907، ج 2، ص73). یعتبر توفیق زیّاد من هؤلاء الشعراء الذین اهتمّوا بأسلوب التکرار فی شعره، واهتمّ الشاعر بتکرار الصوت من الحروف المصوّتة ( (vowelوالصامتة ( (consonant، إذن تکرار الحرف على أساس قول فهد ناصر عاشور: «هو أسلوب یکرّسه الاستعمال اللغوی لمحاکاة الحدث بتکریر حروف الصیغة مع ما یصاحب ذلک من إبراز الجرس» (عاشور، 2004، ص 60). وأبرز مثال لتکرار الحرف فی هذه القصیدة یتجلّى فی البند الرابع من القصیدة، فقد تکرّر الحرف المصوّت "الف" 23مرّة والصامت "ن" 25 مرّة، ونجد تکرار الصامت "ل" 14 مرّة، وتکرار حرف "ب" 12مرّة، ونرى تکرار حرف "ر" 15مرّة وحرف "د" 8مرّات فی هذا البند. نأتی بالبند الرابع لملاحظة أمثلة تکرار الأصوات: «کأَنّنا عِشرون مُستَحیلْ/ فی اللَّدِّ، وَالرَملةِ، وَالجَلیلْ../ إنّا هُنا باقون/ فَلِتَشْربوا البَحرا.../ نَحْرسُ ظِلَّ التّینِ وَالزَیتون/ وَنَزْرَعُ الأَفْکارَ کَالخَمیرِ فی العَجین/ بُرودَةُ الجَلیدِ فی أَعْصابِنا/ وَفی قُلوبِنا جَهَنَّمُ حُمرا/ إذا عَطَشْنا نَعَصَرُ الصَخرا/ وَنَأکُلُ التُرابَ إن جِعنا.. وَلا نَرْحَل!!../ وَبِالدَم الزکی لا نَبْخَل.. لا نَبْخَل.. لا نَبْخَل../ هُنا.. لَنا ماضٍ.. وَحاضرٌ.. وَمُسْتَقْبلْ» (زیّاد، 1970، ص 199 ـ 200) کما أسلفنا، إن التکرار من المفاهیم الأساسیّة فی معالجة النص والشاعر لدیه أغراض لإتیانه بالتکرار، فهنا نعالج أغراض التکرار عند زیّاد، لکن قبل أن نبدأ بأغراض التکرار فی القصیدة المذکورة، نقوم بإتیان تعریف الغرض من التکرار وهو أنّ «للتکرار أغراض عدیدة تلیها ظروف الأدیب واحتجاجاته النفسیّة، وتکرار الألفاظ فی هجاء الأعداء وخوف من المکروه والنداء للحرب والدفاع عن النفس، فالشاعر یعبّر عمّا یضطرم فی فؤاده من أشجان ولذلک کان التکرار فی هذه المواضع تکراراً بیانیّاً محضاً عن باقی ضروب البیان ولا تفوقه أبواب المعانی فی شیء لأنّه لیس فنّاً من فنون البدیع مصطنعاً ولا محسّناً زائداً من محسّنات الألفاظ أو المعانی« (الشهرانی، 1983، ص 373). مع أنّه ورد فی هذا الشعر أنواع مختلفة من الحروف لأمثلة التکرار کما ذکرناها سابقاً، لکن هنا نختار الحروف التالیّة (الراء، الالف، الدال) نموذجاً للکشف عن غرض الشاعر: الحرف الصامت «ر»: ورد هذا الحرف فی البند الرابع 15مرّة، ومن صفات هذا الحرف أنه من الحروف المهجورة، متوسط الشدّة والرخاوة، ومن خصائصه الرّقة والنظارة، وتکراره یجعل المقطع یفیض بدلالات الحرکة بالتردید والتتابع ویثیر نغمةً وجرساً موسیقیّاً فکان تکراره یحاکی الحرکة المستمرّة. والشاعر استطاع أن یلقی إحساسه الرقیق باختیاره صوت "ر" الذی یتمیّز بالجهر، ومع وجود تکرار هذا الصوت یرسم لنا استمرار ظلم الدهر الذی یحمل الکوارث والمصائب معه، لذا توفیق زیّاد بمساعدة هذه الاستمراریّة یصرخ فی آذان أبناء شعبه لاستیقاظهم من سبات ونوم الغفلة وإدراءهم من الأوجاع والآلام الراهنة. الحرف المصّوت «الف»: کرّر الشاعر هذا الحرف ـ وهو من الأصوات المهجورة ـ فی البند الرابع (23 مرّة)، فهذا الحرف یُعدّ من الحروف التی فیها الاتّساع واللیونة، فتکراره یساعد الشاعر فی بیان ما فی نفسه من المصائب ویغطّی هذا المقطع بهذه الصفة. هذا الحرف فی ضمن الحروف الانفجاریّة[2] کأنّه یوحی بالشکوى والصراخ أمام الدهر، وفی الواقع توفیق یخاطب العرب کی یستنهض هممهم ویضخّ روح الحماسة فی نفوسهم. وصوت "الدال" الذی تکرّر ثمانی مرّات وهو من الحروف الانفجاریّة والقلقلة التی «إذا وقفت، خرج معها من الفم صویت ونبا اللسان عن موضعه» (سیبویه، 1982، ص 174)، ویطلب حبس النفس عند النطق وفی هذا الشاهد ربّما یرسم الشاعر حیاته التی کادت تنتهی بسبب الظروف الصعبة فی بلده عبر هذا الحرف فکأنّه یفجّر عمّا فی قلبه من الشکوى والألم من کثرة الظروف الضنکة. وتکراره فی هذا المقطع یولد موسیقى قویّة کأنّ زیّاد یرید أن یذکی الجرأة للصراخ فی وجه الطغاة ویبثّ الحماسة لکی تقوی الأمم وتدحر کید الحکّام والطغاة. بناءً على هذا، تکرار هذه الحروف سبب ربط أجزاء القصیدة وتماسکها فی تأکیدها وأهمیّة عمّا فی نفس الشاعر، فتکرار الحرف حسب موقعها یمنح النص إیقاعاً متنوعاً ویحمل الجرس الذی یحدثه فی السمع. نلاحظ فی النص السابق کثرة الأصوات الشدیدة وکثرة الأصوات المجهورة التی تدلّ على حالة الفخر والحماسة. وإلحاح الشاعر على تکرار الأصوات بین ارتفاع وخفض، ورخاوة، وهمس، مثل (وَنَزْرعُ الأَفْکارَ کالخَمیرِ فی العَجین ...) کأنّها تخلق طاقة صوتیّة کبیرة وتلاحق هذه القصیدة مع المعنى فی نسیج رائع، وهذه الأصوات أثّرت فی إبراز المعنى لوضوحها وقدرتها. لقد قمنا بإحصاء الأصوات المجهورة والمهموسة وأیضاً الأصوات الشدیدة والرخوة فی هذه القصیدة، وقد أثبتت نسبة تکرار هذه الأصوات: جدول3: مقارنة بین نسبة تکرار الأصوات
عن طریق هذا الجدول نفهم بأنّ الشاعر استعمل الصوت المجهور أکثر بالنسبة للصوت المهموس وکذلک الصوت الذی فیه الشدّة أکثر بالنسبة للصوت الذی فیه الرخوة، وتکرار هذه الأصوات تسهم فی ترابط فقرات النص وانسجامها والتعرّف بالمشاعر المسیطرة علیها؛ لأنّ الشاعر عندما یتکلّم عن إحساسه بالمسؤولیة تجاه الشعب الفلسطینی، یستخدم الأصوات المجهورة والشدّة حتّى یکون کلامه ثوریّاً وحماسیّاً وحینما یتکلّم عمّا فی نفسه من الألم والشکوى من الدهر اختار الأصوات المهموسة والرخوة. و. العلاقة بین الصوت والمعنى فی قصیدة «هنا باقون» للأصوات دور کبیر فی التعبیر عن المعنى اللغوی للنصوص وذلک لأنّ صفة الأصوات ومیزاتها هی المعیار الأساسی الذی یعتمدها الشاعر أو الکاتب للتعبیر عن غرضه أو هدفه، فتتجلّى أهمّیة دراسة الصوت فی کشف معنى الشعر واستخراج مضمونه ومحتواه وکذا العلاقة التی تربط الصوت بالمعنى والمعنى بالصوت. ومنذ القدم افترقت الآراء بوجود العلاقة بین الصوت والمعنى، وابن جنی وابن فارس وسیبویه من اولئک الذین یرون العلاقة بینهما، فیربط سیبویه بین الصوت والمعنى ویظهر ذلک من خلال قوله «ومن المصادر التی جاءت على مثال واحد حین تضارب المعانی قولک: النَزَوان والنَقَزان والقَفَزان وإنّما هذه الأشیاء فی زعزة البدن واهتزازه فی ارتفاع ومثله العَسَلان والرَتَکان ومثل هذا الغَلَیان لأنّه زعزعة وتحرّک ومثله الغلیان لأنّه تجیش نفسه وتثور ومثله الحَطَران واللَّمَعان لأنّه هذا اضطراب وتحرّک ومثل هذا اللَّهَبان والوَهَجان لأنّه تحرّک الحرّ وتثوره فإنّما هو بمنزلة الغَلَیان» (سیبویه،1982، ج 2، ص218). على أساس هذه الأقوال، الحروف ذو قیمة دلالیّة بارزة ووظیفة فی تکوین المعنى فیدّعی أسعد علی أنّ لکل حرف عربی معنى: «فالهمزة علة الجوفیة والباء تدلّ على بلوغ المعنى فی الشیء بلوغاً تاماً والراء على الملکة وشیوع الوصف والسین على السعة والبسطة والشین على التفشی بغیر النظام والعین على الخلو الباطن أو على خلو مطلقاً» (علی، 1968، ص 63 ـ 64). إنّ الدراسات التی تناولت المستوى الصوتی تحاول الکشف عن الارتباط الوثیق بین الأصوات ومعانیها لأنّ الشاعر یسعى أن یظهر رؤیته الفکریة من خلال هذه الأصوات، ولا شکّ أنّ هناک علاقة بین أصوات الحروف وصوت الشاعر، والأصوات تلائم العاطفة التی یعبّر عنها الشاعر. ووفقاً لهذه النقطة الأساسیّة سوف نتناول تکرار بعض الأصوات وسنحاول أن نشیر إلى ما هی العلاقة بین هذه الأصوات والجوّ الذی یسیطر على قصیدة "هنا باقون" وکذلک نشیر إلى المعنى الذی یرید توفیق زیّاد أن یعبّر عنه من خلال القصیدة، فالعلاقة قائمة بین الصوت والمعنى إذ لا یمکن أن یُوجَد أی معنى دون إیقاع صوتی لأنّ الصوت هو البنیة الأساسیّة لأی نصٍّ، وکما نشاهد قصیدة "هنا باقون" أنشدت فی مجال المقاومة فیجب أن تُستخدَم فیها أصوات تستلهم شعوراً من التحدّی والمقاومة وهذا ما یمکن ملاحظته فی شعر توفیق زیّاد. فی هذه القصیدة یتناول الشاعر أصوات مکرّرة للتعبیر عن دلالات ومعانٍ یقصدها الشاعر. وفی ما یلی ننتخب بعض الأصوات فی القصیدة المذکورة للدراسة فی هذا القسم. إذا ننعم النظر فی هذا القسم من القصیدة (فلتَشریوا البَحرا/ وَنَزرعُ الأَفکارَ کَالخَمیرِ فی العَجین) نجد تتابع الراءات ممّا یجعل المعنى یتکرّر فی ذهن القارئ وهذا التکرار یوحی بالاستمراریّة ویفید الحرکة والانتقال. وهذه الاستمراریّة فی المقاومة تدلّ على الثورة وروح الأمل لدى الشعب الفلسطینی، ولصوت "ر" علاقة وطیدة بالمعنى وهی الدعوة إلى المکافحة والجهاد وهذا یتطلّب حرکة مستمرّة وهذه الحرکة تتناسب مع الراء المکرّرة. وأمّا حرف "ش" فیحمل بعداً دلالیّاً مثل ما جاء فی هذا النص: ( نَنْشدُ الأَشعار/ ونَملأُ الشَوارع الغِضاب بِالمظاهرات)، فکما أسلفنا أنّ التفشّی صفة بارزة فی هذا الصوت، وهذا یدلّ دلالة مباشرة على معنى الانتشار، وکما نلاحظ هذا النص یدلّ على انتشار صوت المقاومین والمکافحین وجهادهم للوصول إلى الحریّة. وصوت (الف) هو من الحروف المدیّة التی تکرّر فی هذا القسم من القصیدة (إنّا هُنا باقون...) وهذا الصوت یدلّ على امتداد واتّساع ویعطی الشعر لیونة ویذکّرنا بالصیحة الممتدّة؛ هذا الصوت بحضوره القوی باعتباره صوتاً انفجاریّاً، یظهر انفعال الشاعر ویبیّن مدى شعره بالغیظ، ویکشف عن حقیقة مؤلمة حیث یفجّر الانفعالات الکامنة فی صدر الشاعر أمام هذا الظلم والطغیان؛ ففی الواقع هذا الصوت یطابق المعنى الذی یحمل دلالة المقاومة على وجه العدوّ احتجاجاً على تصرّفاته الغاصبة وسیاساته الظالمة. یظهر من خلال قصائد المقاومة أنّ الهمّ والغم من أبرز المعانی التی لا تنفکّ عن الأدب المقاومة، وهذه المعانی تناسب الحروف التی تؤدّی إلى الهمس واللین مثل: تاء، حاء، سین، هاء، ...، ونرى أمثلة منها فی القصیدة المذکورة (کأَنّنا عِشرون مُستَحیلْ/ نَحْرسُ ظِلَّ التّینِ وَالزَیتون/ وَلا نَرْحَل!!) وعلى هذا الأساس یجب أن تبقى المقاومة النافذة فی ضمیر الشعب المقاوم ولا شکّ أنّ الأصوات التی استخدمت تؤثّر على مضمون النص فالأصوات المهموسة والرخوة یستعملها الشاعر لمعانی فیها همس ولین، وحینما المعنى یحتاج إلى إیضاح وإظهار یلجأ إلى أصوات الجهر والشدّة. وأمّا حرف "ن" المتکرّر فإنّه حرف رنین ذو غنة یتردّد صداه، والرنین فی الفراغ یحدث صدى ذا وقع مؤثّر وتامّ کما ظهر فی هذا المقبوس (ونَأکلُ التُرابَ أنْ جِعنا وَلانرَحل/ وَبِالدَمِ الزَکی لا نَبْخل، لا نَبْخل، لانَبْخل) فنلاحظ حرف (ن) فیه نوع من اللیونة وربّما یرید الشاعر من شعبه أن یستیقظ مع التسامح واللیونة من نوم الغفلة، أو یخبرنا بالشکوى والألم فی صدره. إذن هذه الأبیات تتمحور حول الثورة والحماسة فلهذا استعان الشاعر بالأصوات المجهورة أکثر حتّى یبیّن المعنى بشکل جلیّ وواضح وهو تحریض إلى إحساس المسؤولیّة الجماعیّة وترغیب أمّته إلى المقاومة والمکافحة حتّى یصلوا إلى التحریر من کل القیود، لأنّ هذه الأصوات توحی فی النفس والذهن بدلالة إیحائیة وتمنح المتلقی إحساساً عمیقاً بهذه المعانی الکامنة فیها. ویمکن أن نقول کل هذه الأصوات فی القصیدة المذکورة هی العامل الرئیسی الذی یساعد توفیق زیّاد الشاعر الفلسطینی أن یکون متحمّساً وثوریّاً فی أشعاره؛ لأنّه رأى أحزان أبناء وطنه ومصائبهم وکذلک تحمّل هذه المصائب والضغوط ولهذا کان یثور فی قصائده الحماسیّة، ونستطیع أن نفهم هذا من خلال أشعاره، على سبیل المثال فی هذا الشاهد من القصیدة (هُنا.. عَلى صُدورِکُم باقونَ، کَالجِدارْ/ نَجوعُ ... نَعْرى ... نَتَحدَّى .../ نَنْشدُ الأَشعارْ .../ وَنَمْلَأُ الشَوارعَ الغِضاب بِالمظاهرات/ وَنَمْلَأُ السُجونَ کِبریاء/ وَنَصْنعُ الأَطْفالَ ... جیلاً ثائراً ... وراءَ جیلْ) (زیّاد، 1970، ص 199)، یبیّن لنا اهتمام الشاعر بقضیة شعبه الفلسطینی فهو من الشعراء الذین رفعوا رایة الشعر المقاوم فی الأرض المحتلّة وقاموا بتشیید اسم فلسطین فی العالم وأعلنوا التمرّد فی وجه الطغیان وتحدّی احتلال المستعمرین والطغاة. الخاتمة هذه أبرز النتائج التی توصّلنا إلیها فی هذا البحث: إنّ فی قصیدة "هنا باقون"نسبة توظیف الأصوات المجهورة والشدیدة تحتلّ مساحة أکثر من الأصوات المهموسة والرخوة وتحتلّ المرتبة الأولى فیها، وهذا یدلّ على الجوّ العام المسیطر على النصّ وهو إلقاء الحماسة والثورة فی النفس المتلقّی. وأمّا الأصوات المهموسة والرخوة فیها نوع من الهمس واللین فتبیّن الحقد الکامن فی قلب الشاعر وتحمّل الکوارث؛ لأنّ بلده أصیب بالآلام والأوجاع من قبل الطغاة والحکّام، وتوصّل الشاعر إلى نتیجة حتمیّة لاستمرار هذا الوضع وهو محاولة بثّ الإثارة والروح الثوریّة لدى الشعب لذا یقتضى أصوات مجهورة قویّة وشدیدة ذات حدّة وقدرة. وکذلک الشاعر استطاع عبر استخدام هذه الأصوات بشکل مکرّر أن یمنح نصّه موسیقى تهزّ القلب وتثیر ما فی نفسه من الألم والشکوى. یتبیّن لنا أنّ التکرار فی نص "هنا باقون" وسیلة لتزیین الکلام ویسهم فی تثبیت الإیقاع الداخلی وتشکیل نغمة موسیقیّة قویّة لکی لا یبعث الملل والتعب فی النفس، لهذا استخدم التکرار فی الحروف لخلق الموسیقى ولإلقاء مقاصد الشاعر وأغراضه وصولاً إلى أعلى مستوى. والجرس الناتج عن التکرار الذی یتجلّى فی ثنایا الأبیات الشعریّة یزید موسیقى الشعر ویزید الحماسة والثورة فی القصیدة ویبعث روح المقاومة بین کلماته. تکرار بعض الأصوات فی قصیدة "هنا باقون" لها بُعد دلالی ینسجم مع المعنى العام تارةً ومع دلالة اللفظ مرّة أخرى. وقد استطاع زیّاد أن یوظّف الأصوات توظیفاً دلالیّاً جاءت فی تکوین البناء الصوتی فی القصیدة مطابقة لمعانیها وإذا أمعنا النظر فی جوّ المقاومة والحماسة الذی یسیطر على القصیدة نلاحظ أنّ دلالات الأصوات تدور فی بناء هذا المعنى دوراّ هامّاً. یتناول الشاعر فی هذه القصیدة أصوات مکرّرة لها دلالات مقصودة، فمثلاً تکرار صوت (الراء) یدلّ على حرکة مستمرّة فی الدعوة إلى الجهاد، وتکرار صوت (الشین) یدلّ على انتشار صوت المقاومین وروح المقاومة للوصول إلى الحریّة، وکذلک (الالف) یدلّ على الصیحة الممتدّة من انفعالات فی صدر الشاعر أمام الظلم والطغیان. 1. اتفاقیّة أسلو أوّل اتفاقیّة رسمیّة مباشرة بین إسرائیل ومنظمة التحریر الفلسطینیّة، تمّ توقیعها فی 13أیلول 1993. وسمّی هذا الاتفاق بهذا الاسم نسبة إلى مدینة أسلو. وأمّا من أهمّ ما تنص علیه الاتفاقیّة هو نبذ منظمة التحریر الفلسطینیّة للإرهاب والعنف والمقاومة المسلحة ضد إسرائیل، وتعترف إسرائیل بمنظمة التحریر الفلسطینیّة على أنّها الممثل الشرعی للشعب الفلسطینی. | |||||||||||||||||||||||||
مراجع | |||||||||||||||||||||||||
المصادر والمراجع µ القرآن الکریم 1. ابن رشیق. (1907م). العمدة. القاهرة: مطبع السعادة. 2. ابن جنی، أبو فتح عثمان. (1999م). الخصائص (تحقیق محمّد علی النجّار). (ط4). القاهرة: الهیئة المصریّة العامة للکتاب. 3. ابن منظور، محمّد بن مکرّم. (1999م). لسان العرب. بیروت: دار إحیاء التراث العربی. 4. أنیس، إبراهیم. (1999م). الأصوات اللغویّة. القاهرة: مکتبة الأنجلو مصریّة. 5. بشر، کمال. (1986م). دراسات فی علم اللغة. (ط9). القاهرة: دار المعارف. 6. الجیوسی، سلمى. (1997م). موسوعة الأدب الفلسطینی المعاصر. بیروت: المؤسسة العربیّة للدراسات والنشر. 7. الحنفی، معاذ محمّد. (2006م). البنیة الایقاعیة فی الشعر الفلسطینی المعاصر. رسالة للحصول على درجة الماجستیر فی اللغة العربیّة تخصص الأدب والنقد والبلاغة. جامعة الإسلامیّة ـ غزة. کلیة الآداب. قسم اللغة العربیّة. 8. الراغب الأصفهانی، حسین بن محمّد. (1912م). المفردات فی غریب القرآن. (تحقیق صفوان عدنان الداودی). بیروت: دار الشامیّة. 9. الرافعی، مصطفى صادق. (1997م). إعجاز القرآن والبلاغة النبویّة. القاهرة: دار المنار. 10. رجب، إبراهیم مصطفى. (2003م). البنیة الصوتیّة ودلالاتها فی شعر عبد الناصر صالح. رسالة تاریخیّة وصفیة استکمالاً لمتطلبات الحصول على درجة الماجستیر. جامعة الإسلامیّة ـ غزة. کلیة الآداب. قسم اللغة العربیّة. 11. رحمانی، اسحاق؛ و نادیا دادپور؛ و سعیده حسن شاهی. (پاییز وزمستان 1393هـ.ش). «زیبایی شناسی تکرار در شعر توفیق زیّاد شاعر مقاومت». نشریه ادبیات پایداری (دانشگاه شهید باهنر کرمان). شماره 11: ص 77 ـ 106. 12. روشنفکر، کبرى؛ وخلیل پروینی؛ وسعیده ممیزی؛ و راضیه سادات الحسینی. (الخریف والشتاء 1436هـ.ق). «الدراسة الصوتیّة فی لغة القرآن ودلالاتها فی الآیات الفقهیة آیات الحجاب نموذجاً». مجلّة آفاق الحضارة الإسلامیّة. السنة السابعة عشرة. العدد الثانی: ص 59 ـ 85. 13. زلاقی، رضا. (2006م). الصوامت الشدیدة فی العربیة الفصحى. دراسة مخبریّة لنیل شهادة الماجستیر فی اللغة العربیّة وآدابها. جامعة بن یوسف بن خدة ـ الجزائر. کلیة الآداب واللغات. قسم اللغة العربیّة وآدابها. 14. الزمخشری، أبو القاسم محمود بن عمر. (1993م). المفصل فی صنعة الإعراب (تحقیق علی بو ملحم المفضل). (ط9). بیروت: دار ومکتبة الهلال. 15. زیّاد، توفیق. (1970م). الدیوان. بیروت: دار العودة. 16. السعران، محمود. (1997م). علم اللغة. (ط2). القاهرة: دار الفکر العربی. 17. السکاکی. (1982م). مفتاح العلوم (تحقیق أکرم عثمان یوسف). بغداد: دار الرسالة. 18. سیبویه. (1982م). الکتاب (تحقیق عبد السلام هارون). (ط2). (ج4). القاهرة: مکتبة الخانجی. 19. الشهرانی، عبد الرحمن محمّد. (1983م). التکرار مظاهره وأسراره. بحث مقدم لنیل درجة الماجستیر. فی اللغة العربیّة وآدابها جامعة أم القرى فی المملکة العربیّة السعودیّة. کلیة اللغة العربیّة. 20. عاشور، فهد ناصر. (2004م). التکرار فی شعر محمود درویش. الأردن: المؤسسة العربیّة للدراسات والنشر. 21. علی، أسعد. (1968م). تهذیب المقدمة اللغویّة. لبنان: دار النعمان. 22. مصطفوی نیا، محمّد رضی؛ ومحمود رضا توکلی محمّدی؛ وقاسم إبراهیمی. (بهار 1390هـ. ش). «مقاومت در شعر توفیق زیّاد». نشریه ادبیات پایداری (دانشگاه شهید باهنر کرمان). شماره4: ص565 ـ 588. 23. وهبه, مجدی, المهندس، کامل. (1984م). معجم المصطلحات العربیّة فی اللّغة والأدب, (ط2). بیروت: مکتبة لبنان.
المواقع الإلکترونیة توفیق زیّاد http://www.zayyad.com | |||||||||||||||||||||||||
آمار تعداد مشاهده مقاله: 3,520 تعداد دریافت فایل اصل مقاله: 2,061 |