تعداد نشریات | 43 |
تعداد شمارهها | 1,673 |
تعداد مقالات | 13,658 |
تعداد مشاهده مقاله | 31,594,383 |
تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 12,484,032 |
الضّرورة الشّعرية عند الرّضي الأسترآباذيّ في شرح الکافية | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
بحوث في اللغة العربية | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مقاله 3، دوره 9، شماره 16، تیر 2017، صفحه 23-36 اصل مقاله (470.39 K) | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
نوع مقاله: المقالة البحثیة | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
شناسه دیجیتال (DOI): 10.22108/rall.2017.102811.1022 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
نویسندگان | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
علي قهرماني* 1؛ عيسي متقي زاده2؛ يعقوب علي آقاعلي پور3 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
1أستاذ مساعد في قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة الشهيد مدني بأذربيجان | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
2أستاذ مشارک في قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة تربيت مدرس | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
3طالب الدکتوراه في قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة تربيت مدرس | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
چکیده | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
يضطرّ الشعراء في بعض الأحيان إلى الخروج من قواعد اللغة والشعر وأصولهما حتّى يستطيعوا أن يحفظوا موسيقى الشعر وجماله. قد سمّي هذا الاضطرار أو الاختيار الشاعريّ بـ«الضرورة الشعرية». والرضي الأسترآباذي من أشهر العلماء الذين بذلوا جهدا کثيرا في البحث والدراسة في مجال الضرورة الشعرية. ويحاول هذا المقال دراسة الضرورة الشعرية عند الرضي الأسترآباذيّ في کتاب شرح الکافية، بناء على المنهج الوصفي ـ التحليلي لتحديد آراء الرضي حول الضرورة الشعرية وکيفية معالجتها في کتاب شرح الکافية. في رأي الرضي خروج الشاعر من قواعد اللغة ووزن الشعر، مسموح به. ولا يوجد هذا الخروج في الشعر فقط بل يوجد في الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة وکلام العرب، يعني أنّ الشعراء والکتاب والمتکلمون، يحفظون جمال الکلام بالاستعانة من التغيير أو الزيادة أو النقص في الکلمات وعدم مراعاة قواعد اللغة والشعر، وموسيقاه في بعض الأوقات. والرضي يأتي بمثال من دواوين الشعراء لکل ضرورة شعرية ويشرحه ويفسّره بشکل دقيق. | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
کلیدواژهها | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
شرح الکافیة؛ الرضی؛ النحو؛ الضرورة الشعریة | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
اصل مقاله | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
المقدمة إنّ اللغة العربیة من اللغات التی أعطاها الله تعالى میزات لا تشابهها فیها اللغات الأخرى فهی لغة شعریة موسیقیة تتناغم الأصوات فیها فی نظام دقیق تستریح إلیه النفوس وتهفو إلیه الأسماع وإنما تهیأ لها ذلک بما حظیت به من ترکیب أفادت فیه من اختلاف مخارج الحروف وتقسیم أبواب الکلمات یضاف إلیهما دلالة الحرکات على المعانی والمبانی المختلفة إعرابا واشتقاقا وقد تجلّى هذا التمیز فی الشعر العربی الذی اعتمد على لغة ناضجة مقتدرة لشاعر عُرف بإمکانیاته اللغویة ومراسه فی توظیف مفرداتها لخدمة أغراضه الشعریة حتى دارت أشعاره على ألسنة الناس ولا زالت یزین شعره نظام غیر مسبوق فی أوزانه وقوافیه یخضع إلى قواعد عامة اتفق علیها الشعراء اصطلح علیها فیما بعد بفن العروض الذی وضع قواعده الخلیل بن أحمد الفراهیدی (ت 170هـ) فی ضوء ما تکلم به الشعراء فی العصر الجاهلی وما تلاه وکان ذلک میدانا للکثیر من الدراسات التی تناول بعضها المبنى فی الشعر وما یتعلق به فیما دارت الأخرى حول المعنى الذی یؤدی إلیه. ولعلّ من أهمّ الدّراسات التی قامت حول قضایا المبنى فی الشّعر العربی هی الدّراسات التی نشأت حول لغة الشعر فتحدثت عن ضرورة الالتزام بالقواعد اللغویة التی تحکم النص الأدبی باعتبارها الوسیلة الأولى فی التعبیر عما یرید الشاعر إیصاله إلى المتلقّی فی أبیات تتظافر فیها قوة الألفاظ مع عمق المشاعر ولعلّ ما أثارت تلک الدراسات هو ما حفلت به دواوین الشعراء من شواهد شعریة توحی بأن الشاعر أحیانا قد ینسى أو یتناسى القواعد التی اعتاد النظم فی هدیها لضرورة دفعته فی لحظة إنشاده الشعر إلى تعبیر یخالف القیاس المطـّرد فی القواعد ولم یجوّز بعض النحاة هذا الخروج وتسامح آخرون، بل وتوسّعوا فیه فأجازوا للشاعر ابتداع ما یراه مناسبا مستندین إلى الرأی الذی یذهب إلى أنّ الشّعر موضع یجوز فیه ما لا یجوز فی غیره والذی کان فیما بعد من أهمّ العوامل المؤثرة فی ظهور مصطلح الضرورة الشعریة وهو من المصطلحات المهمة التی دخلت فی میدان الدّرس النّحوی وإن اختلفت آراء العلماء فی تعریفه کما اختلفت مواقفهم منه، فذهب سیبویه فی باب ما یحتمل الشّعر إلى «أنّه یجوز فی الشعر ما لا یجوز فی الکلام» (سیبویه، 1977، ج 1، ص37). إنّ القرن السابع الهجریّ حفل بوجود کوکبة من العلماء ضرب کلّ منهم بسهم فی خدمة العربیة، فتنوعت دراساتهم خدمة لکتاب الله $ وکان من بین هؤلاء الأفذاذ الرّضی الأسترآباذیّ أستاذ عصره والرضیّ ممّن اهتمّ بالضرورة الشعریة وأولاها عنایته، إذ کان صاحب مذهب انفرد به مخالفا بذلک جمهور النحویین وهو أنّ الضرورة هی ما وقع فی الشعر دون النثر ممّا لیس للشاعر عنه مندوحة، أی أنّها تعنی الاضطرار بمعناه اللغوی وهو الإلجاء إلى الشیء.
أسئلة البحث من خلال البحث نحاول الإجابة عن الأسئلة التالیة: 1. ما هو رأی الرضی عن الضرورة الشعریة؟ 2. کیف عالج الرضی الضرورة الشعریة؟
خلفیة البحث إنّ الضرورة الشعریة نالت عنایة واسعة فی الأدب العربیّ وقد أفردت لهذا الموضوع دراسات وبحوث جدیرة نالت قصب السبق ومنها: بحث «مفهوم الضرورة الشعریة عند ابن مالک» (ت 672هـ) لعلی عبد الله حسین العنبکی، جامعة دیالی ـ کلیة التربیة. الأصمعی؛ قسم اللغة العربیة و«الضرورة الشعریة وأثرها فی شرح ابن عقیل على الألفیة» للدکتور عبد الجبار جعفر الفزاز، کلیة الآداب؛ جامعة بغداد، و«مفهوم الضرورة الشعریة عند أهمّ علماء العربیة حتّى نهایة القرن الرابع الهجریّ» للدکتور سامی عوض، و«النحاة والضرورة الشعریة» لوردة صالح نغماس کلیة فقه؛ جامعة الکوفة، والرسالة حول الضرورة الشعریة فنذکر منها: رسالة لنیل درجة الماجستیر تحت عنوان «الضرورة الشعریة فی شرح المفصل لابن یعیش» للکاتب وحید عزّ الرجال متولیّ، ویوجد کتاب عنوانه «ضرورة الشعر» لأبی سعید السیرافی، والکتاب حول حیاة الشاعر والضرورات الشعریة.
ترجمة رضی الدین الأستراباذیّ هو محمد بن الحسن الأستراباذیّ، المشهور برضی الدین، والملقّب بنجم الأئمة، وقد ذکر السیوطیّ أنّه لم یقف على اسمه ولا على شیء من ترجمته (السیوطی، د.ت، ص 248)، وذکر صاحب الخزانة أیضاً أنّه لم یطّلع على ترجمة له وافیة بالمراد إلا ما قد رآه فی آخر نسخة قدیمة من الشرح، ونصّه: "هو المولى الإمام العالم العلّامة صدر الفضلاء، مفتی الطوائف، الفقیه المعظم نجم الملة والدین محمد بن الحسن الأستراباذیّ" (البغدادی،1997، ج 1، ص28)، وجاء فی معجم المؤلّفین "أنّه نحویّ، صرفیّ، متکلم، منطقیّ"، (کحالة، د.ت، ج 9، ص183؛ الزرکلی، 1995، ج 6، ص86). سکت المترجمون عن ذکر الشیوخ الذین أخذ عنهم الرضیّ، کما سکتوا عن ذکر تلامذته الذین أخذوا عنه. وتذکر المصادر آثاراً للرضیّ الأستراباذیّ ما یلی: حاشیة على شرح تجرید العقائد الجدیدة، وحاشیة على شرح الجلال الدوانیّ لتهذیب المنطق والکلام، شرح القصائد السبعة لابن حدید، وشرح الشافیة فی التصریف، وشرح الکافیة فی النحو. توفیّ رضی الدین الأستراباذیّ سنة ستّ وثمانین وستمائة للهجرة (686هـ).
المفاهیم النظریة الضرورة لغةً: اسم لمصدر "الاضطرار" وهو الحاجة إلى الشیء، أو الإلجاء إلیه. قال ابن منظور: ورجل ذو ضرورة أی ذو حاجة، وقد اضطرّ إلى الشیء أی: أُلجئ، والاضطرار الاحتیاج إلى الشیء (ابن منظور، 1405هـ.ق، مادة «ضرر»)، فالضرورة ـ کما أسلفنا ـ تعنی الحاجة، والإلجاء والإنسان لا یلجأ إلى شیء ما فی حال السّعة ویتّضح ذلک جلیاً فی تفسیر من "اضطرّ" فی قوله تعالی: «إنّما حَرّم علیکم المیتة والدمَ ولحمَ الخنزیر وما أُهّل به لغیر الله فمن اضطرّ غیر باغ ولا عاد فلا إثم علیهª (البقرة 173:2). فهذه الآیة، وغیرها من الآیات التی تحمل المعنى نفسه تتساوق مع المعنى الأساسی للضرورة أی أنّ الحاجة فی الأمر من الأمور التی قد تلجئ الإنسان، وتضطرّه إلى عمل ما هو ممنوع، هذه الحاجة ـ أعنی حاجة الشاعر إلى التقید بالوزن والقافیة ـ هی التی دفعت الشاعر إلى الخروج على أصول اللّغة، والنّحو، والصّرف (عوض، 2011، ص 46) والاضطرار: "حالة تبیح للمضطرّ أن یوقع فی کلامه ما لایباح له فی غیر اضطرار ومثل هذه الحالة لا تکون إلا فی الشعر؛ إذ لا ضرورة إلا فیه، ولا ضرورة فی الاختیار أی فی النثر" (محمد سمیر اللبدی، 1985م، ص 131). أما الضرورة فهی بمعنی الاضطرار ومن مرادفاته: "وقد استعمل اللفظان فی التعبیر عن الأحوال التی تلجئ الشاعر إلى ارتکاب ما یخالف القیاس ویجانبه" (أبو حیان الأندلسی،1998م، ص131)، ومن هذا المعنى اللغوی للاضطرار أخذ مصطلح الضرورة الشعریة، وهی أنّه یجوز للشاعر ما لا یجوز لغیره فی النثر مما یعتبر خروجاً على أصول اللغة والنحو والصرف فی باب (الحدیثی، 1980، ص 93). الضرورة اصطلاحاً: یشیر مصطلح الضرورة الشعریة إلى عدد محصور من حالات التجاوز والخروج على القاعدة النحویة والصرفیة وقد ارتبط عند بعض النحاة بالشعر، إذ إنّ «الشعر کلام موزون مُقفّى دالّ على معنى» (ابن فارس، 1963، ص 273). ولأنّ إیصال الدلالات ومکنون شعور الشاعر هو مقصد جمیع الشعراء، کذلک فإنّ الضرورة تتعلّق بما یفرضه الوزن والقافیة من عوارض، فلا مهرب فی کثیر من الأحیان من خروج على قاعدة نحویة أو صرفیة، یقول السیرافی (ت368): «اعلم أنّ الشعر لما کان کلاماً موزوناً تکون الزیادة فیه والنقص منه یخرجه عن صحّة الوزن حتّى یحیله عن طریق الشعر المقصود مع صحّة معناه استجیز فیه تقویم وزنه من زیادة ونقصان وغیر ذلک ما لا یستجاز فی کلام مثله» (السیرافی، د.ت، ص 1/95). وتابعه ابن عصفور (ت66هـ) دون أن یشیر إلى أخذه منه: «اعلم أنّ الشعر لما کان کلاما موزوناً یخرجه الزیادة فیه والنقص منه عن صحّة الوزن، ویحیله عن طریق الشعر أجازت العرب فیه ما لا یجوز فی الکلام» (ابن عصفور، 1999، ص7). وبهذا الفهم ـ عند غالبیة النّحاة ـ تکاد تقترب ضرورة الشعر من الضرورات الشرعیة التی تشملها قاعدة (الضرورات تبیح المحظورات)، وکما أنّ الضرورات الشرعیة محددة مقننة کذلک فإنّ الضرورات الشعریة محددة عند النحاة «فلیس للشاعر أن یحذف ما اتفق له ولا أن یزید ما شاء، بل لذلک أصول یعمل علیها» (ابن السراج، 1985: ص430). أمّا ما تقع فیه الضرورة، فقد شملت عند بعض النّحاة الشعر وما یلحق به من کلام مسجوع کذلک الحدیث النبویّ، وزاد بعض النّحاة أنّ الضرورة قد تتمثّل فی الآیات القرآنیة مراعاة لقواعد الفواصل القرآنیة، فبالإضافة إلى الکلام الشعریّ یضیف أبو حیان (ت745هـ) السجع مجیزاً وقوع الضرورة فیه کما یقع فی الشعر. ولکنّ ما یجب الاحتراز عنه أنّ أبا حیان جعل آیات القرآن الکریم والحدیث النبویّ مشمولة ضمن مفهوم السجع على ما للقرآن الکریم من خصوصیة تحیط بقداسته، فقد أورد فی باب الضرائر تجویز الضرورة فی الشعر والسجع دلیل ذلک قوله تعالی: ]وتظنّونَ بالله الظّنونَ[، (15:33) و]فأضلّونا السبیل[، زاد الألف لتتفق الفواصل کزیادة الألف فی الشعر للإطلاق، ومن کلامهم: (شهر تری، وشهر ثری، وشهر مرعی) حذف التنوین من ثری ومرعی اتباعاً لــــ (تری) (أبو حیان، 1989، ص 2377). ویماثله ابن عصفور (ت669ه) إذ یرى أنّ النّحاة ألحقوا الکلام المسجوع فی ذلک بالشعر، لما کانت الضرورة فی النثر أیضاً هی ضرورة النظم، وفی الحدیث عن النبیّ (&) أنّه قال: "ارجعن مأزورات غیر مأجورات" والأصل موزورات لأنّه من الوزر فأبدلوا الواو ألفا اتباعاً لمأجورات، وقد جاء مثله أیضاً فی فواصل القرآن (ابن عصفور،1985، ص7)، مصرّحاً بأنّ السجع یجری مجرى الشعر (المصدر نفسه، ص 7). ومن هنا انقسم العلماء فی حدّهم للضرورة فریقین؛ الأوّل ـ وهو مذهب الجمهور ـ یقول بأنّ الضرورة ما وقع فی الشعر ممّا لا یجوز نظیره فی النثر، سواء أکان للشاعر عنه مندوحة أم لا، أمّا الثانی ـ و هو مذهب ابن مالک (ت672هـ) ـ یرى بأنّ الضرورة ما لیس للشاعر عنه مندوحة اعتماداً على أنّ الضرورة مشتقّة من الضرر، وهو النازل الذی لا مدفع له. ومن أعلام المذهب الأوّل: سیبویه (ت180هـ) فموقفه لیس کما وضّحه لنا أبو حیان (ت745هـ) أو نسبه إلیه السیوطی (ت911هـ) من أنّ سیبویه لا یسمّی الضرورة إلا ما یضطّر إلیه الشاعر ولا یجد ملجأ منها إلى غیرها (الحدیثی، د.ت، ص 314)، وإنّما یتلخّص موقف سیبویه من الضرورة بأنّها لا تختصّ بالشعر فقط لاضطرار أو لغیر اضطرار وإنّما هناک ضرورة تقع فی الکلام المنثور حیث لا یضطرّ المتکلّم إلى أن ینطق بعبارات ممنوعة فی الاختیار (المصدر نفسه،320) وکذلک ینهج منهجه ابن جنی ( ت392هـ) ومن بعدهما ابن عصفور (ت663هـ) الذی یحدّ الضرورة موضّحاً إیاها بقوله: "إنّ الشّعر لمـّا کان کلاماً موزوناً یخرجه الزیادة والنقص منه عن صحّة الوزن، ویحیله عن طریق الشعر، أجازت العرب فیه ما لا یجوز فی الکلام اضطرّوا إلى ذلک أو لم یضطرّوا إلیه، لأنّه موضع ألّفت فیه الضرائر" (ابن عصفور، د.ت، ص7). أمّا المذهب الثانی فیقف على رأسه ابن مالک (ت672هـ)، ومن قبله کلّ من اتّجه وجهة الکوفة الذین لا یرون فی هذه الألوان المختلفة ضرورة أو شذوذاً، وإنّما هی صور متعددة من التعبیر لنا أن نترسّم خُطاها وننسج على منوالها (عبد اللطیف، د.ت، ص116) وقد ردّ السیوطی رأی ابن مالک نافیا أن یقصد النحویون بالضرورة أنّه لا مندوحة عن النطق بهذا اللفظ، وإنّما یعنون ما ذکرناه وإلا کان لا توجد ضرورة، لأنّه ما من لفظ إلا ویمکن الشاعر أن یغیره (السیوطی، 1988، ص 484).
الضرورة الشعریة عند الرضیّ الأستراباذیّ یعدّ الرضیّ من أشهر شارحی الکافیة فی النحو، وقد اخترنا هذا الشرح لکثرة انتشاره حتّى عدّ من مصادر النّحو المتداولة لدى قرّاء العربیة وطالبی علومها، فحقّق رواجاً لم یحقّقه کتاب نحویّ آخر. ویتلخّص موقف الرضیّ من الضرورة فی أنّه فَهمها على أنّها خروج وتجاوز للقاعدة الخاصّة بالشعر، اضطرّ الشاعر إلیها أو لم یضطرّ، وانطلاقا من هذا الفهم فقد أغلق الباب دون القیاس على الضرورة، لأنّها خروج لا یصحّ القیاس علیه. وارتبط مصطلح الضرورة بالشعر یشیر إلى أنّها تجاوبمحدود تُبیحه قوانین الشعر الخاصّة، فی حین ارتبط مصطلح الشاذّ بالخروج الواقع فی غیر الشعر، یدخل فی غیر الشعر عند الرضیّ الآیات القرآنیة والأحادیث النبویة وکلام العرب. ولتوضیح هذا الموقف وهذا الفهم للضرورة عند الرضیّ، سیتمّ استعراض عدد من الأمثلة المبینة لموقفه:
التطبیقات 1. دخول (الألف واللام) على الفعل:
أورده الشارح الرضی على أنّ «ال» فی الیجدع اسم موصول، دخل على صریح الفعل لمشابهته لاسم المفعول، وهو مع ذلک شاذّ قبیح لا یجیء إلا فی ضرورة. وقال الأخفش: أراد الذی یجدع کما تقول: هو الیضریک ، ترید الذی یضربک. وقال ابن السراج فی کتاب الأصول: لمّا احتاج إلى رفع القافیة قلب الاسم فعلا، وهو من أقبح ضرورات الشعر، وقول الشارح المحقق «لمشابهته لاسم المفعول» یرید أنّها إذا دخلت على مضارع مبنیّ للمفعول إنّما تدخل علیه لمشابهته لاسم المفعول (الأستراباذیّ، 1431، ج 1، ص44، البغدادی، 1997، ج1، ص 31 و32). قال الشاطبی فی شرح ألفیة ابن مالک: وأمّا أل فمختصّة بالأسماء على جمیع وجوهها: من کونها لتعریف العهد، أو الجنس، أو الزائدة، أو الموصولة أو غیر ذلک من أقسامها. واعلم أنّ صریح مذهب الشارح المحقق الرضیّ فی (الضرورة) هو المذهب الثانی وهو ما وقع فی الشعر، وهو مذهب الجمهور (البغدادیّ، 1997، ج1، ص33).
على أنّ الواو تولدت من إشباع الضمة، والأصل أنظُر.
على أنّ الألف تولدت من إشباع الفتحة، والأصل ینبع. رفض الرضیّ إشباع الحرکات، وعدّ ما جاء بها فی الشعر ضرورة قبیحة، وذلک فی معرض ردّه على من یقول بإعراب الأسماء الستّة بالحرکات، وإنّ حروف المدّ واللین المتصلة بها ناشئة عن إشباع تلک الحرکات، فقال راداً هذا القول: إنّ الإشباع بالحرکات إنّما هو من قبیح ضرورات الشعر (الأستراباذیّ، 1431، ج 1، ص 78، البغدادی،1997، ج1، ص122) 3. حذف الف (کلا وکلتا):
(المصدر نفسه، ج1، ص83 و123) على أنّ (کلت) أصلها کلتا، حذفت ألفها ضرورة، وفتحة التاء دلیل علیها، أوردها الشارح على أنّ «کلت» مفرد «کلتا»، لکن هذا المفرد لم یستعمل ویجوز استعماله للضرورة، کما فی هذا البیت؛ ذهب (البصریون) إلى أنّهما لیستا بمأخوذتین من کلٍّ، لأنّ کلّاً للإحاطة، وهما لمعنی مخصوص، لیس أحد القبیلین مأخوذاً من الآخر، بل مادّتهما الکاف واللام والواو وهما مفردان لفظاً مثنیان معنى، والألف فی کلا کألف عصا وفی کلتا للتأنیث، ویدلّ لما قالوا عود الضمیر إلیهما تارةً مفرداً حملاً على اللفظ، وتارةً مثنّى حملاً على المعنى، هذا وقد قال أبو حیان فی تذکرته: «هذا البیت من اضطرار الشعراء، وکلت لیس بواحد کلتا، بل هو جاء بمعنی کلا، غیر أنّه أسقط الألف اعتماداً على الفتحة الّتی قبلها» (أبوحیان الغرناطی، 1994، ص139). رفض الرضیّ أن یکون «کلت» مفرد «کلتا»، بل قال: أنّ الألف محذوفة للضرورة (الأسترآباذی، ج 1، ص83 و133). 4. ترکُ صرفِ ما ینصرفُ بشرطِ العلمیةِ:
على أنّ الکوفیین وبعض البصریین جوّزوا للضرورة ترک المنصرف بشرط العلمیة. وأنشده أیضاً هنا فی آخر الکلام على منتهى الجموع على أنّ الکوفیین یمنعون الصّرف بالعلمیة وحدها، لأنّها سبب قویّ فی باب منع الصرف. أراد ببعض البصریین أبا الحسن الأخفش وأبا علی الفارسی وابن برهان. وأمّا الکوفیون فهم یجیزون ترک الصرف للضرورة مطلقاً، فی الأعلام وغیرها، فمرداس منصرف ولکن ترک صرفه لضرورة الشعر. أورد الرضیّ هذا الشاهد لترک صرف ما لا ینصرف فی الضرورة والتناسب، وأورد آراء الأخفش والکسائیّ والکوفیین والبصریین وابن الأنباری ولکنّه لم یبد رأیأ خاصّا فی هذه المسألة (الأستراباذیّ،1431، ج 1، ص107؛ والبغدادی، 1997، ج 1، ص147) 5. دخولُ النّواسخِ على ادواتِ الشّرطِ الجازمةِ:
وأمّا کلمات الشرط الجازمة الثابتة الأقدام فی الشرطیة، فلا یدخلها شیء من نواسخ الابتداء إلا فی الضرورة، فیضمر مع ذلک، بعدها، ضمیر شأن، حتّى لا تخرج کلمات الشرط فی التقدیر عن التصدّر فی جملها (المصدر نفسه، ج 1، ص271). 6. حذفُ الفاءِ الداخلةِ على خبرِ المبتدأ الواقعِ بعدَ (أمّا):
على أنّ حذف الفاء الداخلة على خبر المبتدأ الواقع بعد (أمّا) ضرورة، فإنّ القتال مبتدأ وجملة لا قتال لدیکم خبره، والرابط العموم الذی فی اسم لا (المصدر نفسه، ج1، ص267 وج 1، ص452). والأصل فلا قتال. 7. دخولُ التنوینِ على المنادی المبنی على الضَّمِّ:
وقال الرضیّ: وإذا اضطرّ إلى تنوین المنادی المضموم، اقتصر على قدر المضطرّ إلیه من التنوین، والقدر المضطر إلیه هو النون الساکنة؛ فألحقت وأبقیت حرکة ما قبلها على حالها، إذ لا ضرورة إلى تغییرها، فإنّها تندفع بزیادة النون (المصدر نفسه، ج1، ص351). 8. الجمعُ بینَ «یاء» النّدا و «المیم» المشدّدة:
قال الرضیّ: والمیمان فی «اللهمّ» عوض من «یا». أخّر، تَبرّکاً بالابتداء باسم الله تعالى؛ وقال الفراء: أصله: یا اللهُ أمّنا بالخیر، فخّفف بحذف الهمزة، ولیس بوجه، لأنّک تقول اللهمّ لا تَؤمّهم بالخیر. ویجمع بین «یا» والمیم المشدّدة، ضرورة. وقد یزاد «ما» فی آخره (الرضی، 1431، ج1، ص384).
وقال أیضاً: قد یزداد «ما» فی آخره کما فی «یا اللهمّ ما» (الرضی، 1431، ج 1، ص384). 9. ترخیمُ المنادی معَ خُلوِّهِ منَ التأنیثِ والعلمیةِ:
ویجوز ترخیم المنادی للضرورة وإن خلا من تأنیث وعلمیة على تقدیر الاستقلال کان أو على نیة المحذوف عند سیبویه، والمبرد یوجب تقدیر الاستقلال، واستدلّ سیبویه بهذا البیت (المصدر نفسه، ج 1، ص395)، الشاهد فی أماما؛ أی أمامة. 10. استعمالُ بعضِ الکلماتِ المختصّةِ للمنادی فی غیر المنادی: فِی لُجّةٍ أَمْسَک فلاناً عَن فلِ قال الرضیّ: ربّما اضطرّ الشاعر إلى استعمال بعض الأسماء المذکورة غیر منادی، کــــ«فل»، الشاهد فی «فل» أی فلانة،اضطرّ الشاعر فی استعماله فی غیر منادى (الرضی، 1431، ج 1، ص430). 11. الفصلُ بینَ الأسماءِ الجوازم المتضمنة معنی الشرط وبین الفعل:
قال الرضیّ: الأسماء الجوازم المتضمنة معنى الشرط نحو متى وأینما، لا یفصل بینها وبین الفعل إلا عند الضّرورة (الرّضی، 1431، ج1، ص460) الشاهد فی "فمتى واغل یزرهم" حیث فصل بین «متى» و«یزرهم». 12. حذفُ حرفِ الجرِّ مع غیر «أن وأنّ»:
قال الرضیّ: وحذف حرف الجرّ مع غیر «أن» و«أنّ» سماعیّ نحو: استغفرت الله ذنباً، أی من ذنب، ولکن فی البیت إمّا لضرورة الشعر، وإمّا لأنّ إیاک إیاک، من باب: الأسد الأسد، أی المحذّر منه مکرّر، والمراء منصوب باحذر (المصدر نفسه، ج 1، ص484 و 485). 13. تقدّمُ المفعولِ معه على المعمولِ المصاحب:
جوّز أبو الفتح تقدّمه (المفعول معه) على المعمول المصاحب تمسّکا بالشعر، وقال الرضیّ: والأولى منعه، رعایة لأصل الواو، وفی الشعر ضرورة، (المصدر نفسه، ج 1، ص518)، الشاهد فی «جمعت و فحشاً غیبة» والأصل جمعت غِیبةً و فُحشاً». 14. الفصلُ بینَ الممیز و الممیز:
قال الرضی: «لا یتقدّم التمییز على عامله، إذا کان عن تمام الاسم اتّفاقاً، وکذا لا یفصل بین عامله وبینه، تقدّمه فی الشعر ضرورة» (المصدر نفسه، ج 2، ص 70). على أنّه فصّل بالمجرور ضرورةً بین التمییز وهو (حولاً) وبین الممیز وهو (ثلاثون). 15. تقدّمُ المُستثنى على المُستثنى منه:
قال الرضیّ: «واعلم أنّه إذا تقدّم المستثنى على المستثنى منه، وجب أن یتأخّر عمّا نُسب إلى المستثى منه، نحو: ما جاءنی إلا زیداً أحد، وإن تقدّم على المنصوب وجب تأخیره عن المستثنى منه، نحو: القومَ إلا زیداً ضربت، ولا یجوز، عند البصریین، تقدّمه علیهما معاً فی الاختیار، لکن تقدّمه فی البیت المذکور شاذّ وعندهم للضرورة» (المصدر نفسه، ج 2، ص 84). 16. التّرخیم فی غیر المنادی:
قال الرضیّ: ویجوز أن یرید: إلا ثمانیة جِمال، فرخّم فی غیر النداء ضرورة (المصدر نفسه، ج 2، ص105). 17. عدم تکرار (لا):
وأجاز أبو العبّاس، وابن کیسان، عدم تکریر «لا» فی المواضع الثلاثة، أمّا مع المعرفة فنحو: لا زید فی الدار، وقولهم: لانولُک أن تفعل کذا، وأمّا مع المفصول فنحو: لا فیها رجل، وکالبیت رقم 1، وأمّا مع المنکر المتّصل، فنحو: لا رجلٌ فی الدار، وکالأبیات رقم 2، و3، 4، وأجیب بأنّ قولهم: لانولُک أن تفعل کذا، بمعنى: لا ینبغی لک أن تفعل فهی فی المعنى، هی الداخلة على المضارع، وتلک لا یلزم تکریرها، والنول، مصدر بمعنى التناول، وهو ههنا بمعنى المفعول، أی: لیس متناولک ومأخوذک هذا الفعل، أی لا ینبغی لک أن تأخذه وتتناوله. قال الرضی: والأولى حمل ذلک کلّه على الضرورة والشذوذ، وإلا فهو تحکم (المصدر نفسه، ج 2، ص161 و 162). 18. الفصل بالظرف بین المتضایفین:
على أنّه قد فُصل لضرورة الشعر، بالظرف بین المتضایفین. والأصل: کأنّ أصواتَ أواخر المَیس من إیغالهنّ بنا إنقاض الفراریج (المصدر نفسه، ج2، ص182). 19. عدم حذف نون الجمع فی حالة الإضافة:
قال الرضیّ: قال سیبویه هذا (محتضرونه) لضرورة الشعر، وجعل الهاء کنایة، وقال المبرد: الهاء فی: محتضرونه للسکت، لم یحذفها إجراء للوصل مجرى الوقف، وحرّکها تشبیهاً لها بهاء الضمیر لمّا ثبتت وصلاً (المصدر نفسه، ج 2، ص232). 20. تکرار (أیّ):
إنّ الرضیّ بعد إیراد الآراء المختلفة حول «أیّ» یقول: وأمّا قولهم: أیی و أیک، فالمراد به: أینا، لکنّهم قصدوا التنصیص على أنّ المراد: المتکلم والمخاطب، إذ کان لا یدلّ علیه الضمیر فی «أینا» فصرّحوا بالضمیرین، فوجب إعادة «أیّ» للمحافظة على اللفظ لا المعنى، کما فی قولک:بینی وبینک؛ مع أنّ مثل هذا، لا یکون إلا فی ضرورة الشعر. 21. تکرار میم (فم): حتّی إذا ما خرجت مـــــــــــن فمّـــــــــــــــــــــــــــــــه یقول الرضیّ: قال ابن جنیّ: فمّ مشدّد المیم للضرورة، ولیس بلغة، وکأنّ المیمین من العین واللام، والجمع أفمام (المصدر نفسه، ج 2، ص274). 22. الاستغناء بالضمّة عن الواو:
قال الرضیّ: وقد یستغنی بالضمّة عن الواو فی الضرورة کالضمّة فی «کان» فی البیت،والأصل کانوا (المصدر نفسه، ج 2، ص413). 23. حذف الواو والیاء من الضمائرالمنفصلة:
وقال الرضیّ: وقد تسکن بعد کاف الجرّ شاذّاً، وقد تحذف الواو والیاء اضطراراً، کـ(ه) فی (بیناه)، والأصل بینا هو (المصدر نفسه، ج 2، ص419). وکـــ (إذه) فی قوله: دار لسُعدی إذهِ مِن هَوَاکا[1]
24. تقدیم العامل على ضمیر المنفصل المنصوب:
قال الرضیّ: تقدیم المفعول على الفاعل لا یفید ذلک، بل قد یکون لاتّساع الکلام، بلى، قیل إن تقدیم المفعول على الفعل یفید کونه أهمّ، والأولى أن یقال: إنّه یفید الحصر کقوله تعالی: Pبل اللهَ فاعبدO (الزمر، 66)، أی لا تعبد إلا الله؛ وکذا تقول فی المفعول المطلق: ضربته زیداً ضرباً، ولا تقول: ضربت زیداً إیاه، وکذا تقول: یوم الجمعة لقیت زیداً، ولا تقول: لقیت زیداً إیاه، أمّا نحو البیت المذکور فضرورة (المصدر نفسه، ج 2، ص435). 25. حذف نون الوقایة:
قال الرضیّ: المشهور فی «لیت» أنّ حذف نون الوقایة لا یجوز فیه إلا لضرورة الشعر، لا فی السعة، کذا قال سیبویه وغیره (المصدر نفسه، ج2، ص452 و453).
قال الرضیّ: قوله: «مِن، وعَن، وقد وقط»، کذا قال الجزولی: إنّ الإثبات فیها هو الأشهر، وعند سیبویه: الحذف فی هذه الکلم ضرورة لا تجوز إلا فی الشعر» (المصدر نفسه، ج2، ص453). 26. مجیء (مئة) بشکل المجموع بعد (الثلاث إلی التسع):
قال الرضیّ: قوله: «ألا فی: ثلثمائة إلى تسعمائة»، استثناء من قوله: مجموع، لأنّ المائة المضاف إلیها ثلاثة إلى تسعة: مفردة غیر مجموعة، وقد جاء فی ضرورة الشعر، ثلاث مِئین وخمس مئین» (المصدر نفسه، ج 3، ص302). 27. تذکیر الفعل للضرورة على خلاف القیاس:
قال الرضیّ: إذا کان الفاعل ضمیراً یرجع إلى المؤنّث، فالعلامة لازمة لرافعه إلا لضرورة الشعر، والشاهد فعل «أبقل» یرجع إلى «أرض» (المصدر نفسه، ج 3، ص342). 28. حذف نون التثنیة:
قال الرضیّ: قد تسقط نون المثنى للضرورة الشعریة، والشاهد کلمة «خطّتا» (المصدر نفسه، ج 3، ص358). 29. مجیء ما بعد الفاء منصوباً فیما لیس فیه معنی النفی:
قال الرضیّ: وقد جاء ما بعد الفاء منصوباً فی ضرورة الشعر، فیما لیس فیه معنى النفی أصلاً، کـ«فأستریحا»فی البیت المذکور (المصدر نفسه، ج 4، ص65و66). 30. الفصل بین «لم» و«فعله»:
قال الرضیّ: جاءت فی الضرورة مفصولاً بین «لم» وبین مجزومها (المصدر نفسه، ج4، ص82). 31. الاستغناء بـ(لم) عن ذکر المنفیّ:
قال الرضیّ: یجوز الاستغناء بها فی الضرورة الشعریة عن ذکر المنفی (المصدر نفسه، ج 4، ص83). 32. دخول «حین» على «مَن» الشرطیه:
قال الرضیّ: و إن جئت بالظروف قبل مَن، وما، وأیّ، على تقدیر إضافة الظروف إلى الجمل فالواجب، کما ذکر سیبویه: جعلها موصولة، سواء وَلِیَ الکلمَ المذکورَة ماضٍ نحو "أتذکر إذ مَن أتانا أکرمناه" أو مضارع نحو "أتذکر حین ما تفعله أفعله" وقد یجوز فی ضرورة الشعر جعلها شرطیة، کمن بعد «حین» فی البیت المذکور (المصدر نفسه، ج 4، ص101). 33. التقدیم والتأخیر:
قال الرضیّ: برفع أنفع، لأنّ القوافی مرفوعة، فعلى التقدیم والتأخیر على أنّ (أنفع)مرفوع، وهو مؤخّر من تقدیمٍ لضرورة الشّعر، والأصل فیه:ولکن أنفعُ متى أملک الضّرّ (المصدر نفسه، ج 4، ص103). 34. کون فعل الشرط مضارعاً وجوابه ماضیاً:
قال الرضی: إن کان فعل الشرط مضارعاً والجواب ماضیاً فالأوّل مجزوم، ومثله قلیل، لم یأت فی الکتاب العزیز؛ وقال بعضهم لا یجیء إلا فی ضرورة الشعر (الرضی، 1431، ج 4، ص106)، والشاهد فی «یکدنی» فعل الشرط، و«کنت» جواب الشرط. 35. الاکتفاء بالنّون عن اللام:
على أنّـــه قد یخلو المضارع عن اللام استغناءً بالنّون کما هنا، والأکثر لأثــــــأرنّ،بهما جمیعاً. وهذا کقول ابن مالک فی التسهیل: وإن کان أول الجملة مضارعاً مثبتا مستقبلا غیر مقارنٍ حرف تنفیسٍ ولا مقدمٍ معموله،لم تغنیه اللامُ غالبا عن نون التوکید وقد یستغنى بها عن اللام (المصدر نفسه، ج 4، ص311 ـ 312). 36. تنوین «جیر»:
قال الرضیّ: ربّما نُوّنت «جیر» ضرورة (المصدر نفسه، ج 4، ص318).
37. حذف فاء الجزاء عن الجمله الاسمیه: مَن یفعلِ الحسناتِ اللهُ یشکرها قال الرضیّ: حذف فاء الجزاء لضرورة الشعر (الرضی، 1431، ج4، ص463)، والأصل فالله ... 38. حذف التنوین:
قال الرضیّ: حذف التنوین من کلمة «ذاکر» ضرورة (المصدر نفسه، ج 4، ص483)، على أنّ حذف التنوین من (ذاکر الله) لضرورة الشعر، فإن ذاکراً بالنّصب والتنوین معطوف على غیر، ولفظ الجلالة منصوب بذاکراً، ولو کان مضافاً لکان حذف التنوین واجباً ولاضرورة. وإنّما آثر حذف التنوین للضرورة على حذفه للإضافة لإرادة تماثل المتعاطفین فی التنکیر (البغدادی، د.ت، ج 11، ص375). 39. دخول نون التأکید بعد «لم»:
نقل الرضی عن سیبویه على أنّ نون التأکید تدخل بعد "لم" تشبیهاً لها بلا النّهی عند السیبویه وأنّه عنده ضرورة، وأصله ما لم یعلمَنْ، فقلبت النون ألفاً للوقف (الرضی، 1431، ج 4، ص478). 40. دخول نون التأکید على اسم الفاعل:
أقائلُنَّ أحضری الشّهودا على أنّ نون التأکید قد تلحق اسم الفاعل ضرورة، تشبیها به بالمضارع (المصدر نفسه، ج 4، ص488)، والشاهد کلمة «قائلنّ» اسم فاعل ألحق به نون التأکید.
الخاتمة بعد الانتهاء من هذا البحث الموسوم بـ(الضرورة الشعریة عند الرضی الأسترآباذیّ فی شرح الکافیة) یمکننا أن نلخّص أهمّ نتائجه فی النقاط الآتیة: 1ـ اتضح لنا من خلال متابعة آراء النحاة فی الضرورة الشعریة،إنّ أغلب النحاة لم ینکروا على الشعراء خروجهم عن القواعد العامة للغة الأدبیة الموحدة ولم ینسبوا إلیهم عجزا أو خطأً بل عدّه ابنُ جنی من شجاعة الشعراء أنْ یتخذوا طریقا خاصا بهم فی التعبیر وإن اقتضى ذلک التوسع فی اللغة بإدخال ما خالف اللغة الأدبیة الموحدة ولایتناقض ذلک مع اختلافهم فی جواز استخدامها بین من أجازها اضطرارا وآخر لم یرَ بأسا فی اللجوء إلیها فی السعة مضافا إلى الاضطرار وهذا الاتفاق إن دلّ فإنما یدلّ على أنّهم أدرکوا بأنّ للشّعر لغة خاصة یجوز فیها ما لا یجوز لغیرها. 2ـ للنحویین فی مفهوم الضرورة الشعریة من حیث الاصطلاح مذهبان: أحدهما لجمهور النحویین، وهو أنّ الضرورة ما وقع فی الشعر ولم یقع فی النثر سواء أکان للشاعر عنه مندوحة أم لا، والمذهب الآخر لابن مالک، وهو أنّها ما لیس للشاعر عنه مندوحة. 3ـ یمکننا القول: إنّ الضرورة عند النّحاة تُعدّ شاذّة عند الرضیّ غالباً. 4ـ أخرج الرضیّ کثیراً من الشواهد الشعریة من باب الضرورة بناء على مذهبه فی أنّ الضرورة ما لیس للشاعر عنه مندوحة، فهذه عنده جائزة فی الاختیار، أی فی النثر، فی حین عدّه غیره من باب الضرورة الشعریة. 5ـ یتخلّص موقف الرضیّ من الضرورة فی أنّه فهمها على أنّها خروج وتجاوز للقاعدة خاصّ بالشعر، اضطرّ الشاعر إلیها أم لم یضطرّ، وانطلاقاً من هذا الفهم فقد أغلق الباب دون القیاس على الضرورة، لأنّها خروج لا یصحّ القیاس علیه.
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مراجع | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
المصادر والمراجع
10. الحدیثی، خدیجة. (1980). دراسات فی کتاب سیبویه. وکالة المطبوعات. اکویت: دار غریب للطباعة فی قاهرة. 11. الزرکلی، خیرالدین. (د.ت). الأعلام قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربین والمستشرقین. (ط7). بیروت: دار العلم للملایین. 12. السیوطی ، عبد الرحمن بن الکمال. (2006). الاقتراح فی علم أصول النّحو. (تحقیق:محمد حسن إسماعیل). (ط2). بیروت: دار الکتب العلمیة. 13. السیرافی، أبو سعید. (1989). ما یحتمل الشعر من الضرورة . (تحقیق الدکتور عوض ین حمد القوزی). (ط1). الریاض: د.ن. 14. السیرافی، الحسن بن عبد الله. (1985). ضرورة الشعر. (تحقیق رمضان عبد التواب). (ط1). بیروت: دار النهضة العربیة للطباعة والنشر. 15. سیبویه، عمروبن عثمان بن قنبر. (1977). الکتاب. (تحقیق عبد السلام محمد هارون). (ط2). مصر: مکتبة الخانجی. 16. عبد اللطیف محمد الخطیب. (1999). ابن یعیش وشرح المفصل. الکویت: جامعة الکویت. 17. کحالة، عمر رضا. (د.ت). معجم المؤلفین تراجم مصنفی الکتب العربیة. دار إحیاء التراث العربی. بیروت: الناشر مکتبة المثنی بیروت. اللبدی، محمد سمیر. (1985). معجم المصطلحات النحویة والصرفیة. (ط1). بیروت: مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزیع. | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
آمار تعداد مشاهده مقاله: 1,927 تعداد دریافت فایل اصل مقاله: 521 |