
تعداد نشریات | 43 |
تعداد شمارهها | 1,706 |
تعداد مقالات | 13,972 |
تعداد مشاهده مقاله | 33,580,890 |
تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 13,314,551 |
دراسة الآراء النحوية الخلافية بين ابنمالک وابنالناظم (بالترکيز على ألفية ابنمالک وشرحها لابنالناظم) | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
بحوث في اللغة العربية | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مقاله 2، دوره 8، شماره 14، تیر 2016، صفحه 1-13 اصل مقاله (583.67 K) | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
نوع مقاله: المقالة البحثیة | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
شناسه دیجیتال (DOI): 10.22108/rall.2058.20686 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
نویسندگان | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
رسول دهقان ضاد* 1؛ حسين تک تبارفيروزجائي2؛ ابراهيم عبدالرزاق3 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
1أستاذ مساعد في قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة قم (الکاتب المسؤول | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
2أستاذ مساعد في قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة قم. | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
3طالب الماجستير في قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة قم. | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
چکیده | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
هناک تباين بين آراء النحاة ومن ذلک الاختلاف الذي حصل بين آراء ابنمالک وابنه ابنالناظم في المسائل النحوية. إن المقارنة بين آرائهما النحوية المرتکزة على «الألفية» و«شرح ألفية ابنمالک» لابنالناظم تحظى بأهمية بالغة بين المقارنات العديدة التي أنجزت حول آراء النحاة. وذلک بسبب أهمية الألفية وشهرتها وأهمية شرح ألفية ابنمالک لابنالناظم کأفضل شرح للألفية، کما تتبلور أهمية هذه المقارنة عند معرفة شخصية ابنمالک ومکانة الألفية من جانب، وعند معرفة شخصية ابنالناظم العلمية وقوة ذهنه التحليلية، وعدم استغناء طالب أو باحث في النحو العربي عن الألفية وشرح ابنالناظم من جانب آخر. من هذا المنطلق تهدف هذه الدراسة إلى تبيين الاختلاف الموجود بين آرائهما في مسائل وقضايا النحو العربي عبر استخدام منهج يتصف بطابع وصفي ـ تحليلي يقوم على المقارنة بين آرائهما النحوية. ومن أهمّ ما توصل إليه البحث أن ابن الناظم في أغلب الأحيان يوافق آراء ابنمالک في المسائل النحوية. والآراء الخلافية بينهما هي أقل من خمس عشرة مسألة ويتجلى أهمها في الربط بين المبتدا والخبر، ومسألة تقديم خبر «ليس» عليها، وإرجاع الضمير إلى المتأخر لفظا ورتبة في الضرورة الشعرية، وحذف عامل المفعول المطلق الموکد. | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
کلیدواژهها | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
النحو؛ المقارنة؛ ابنالمالک؛ ابنالناظم؛ الألفیة؛ شرح الألفیة | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
اصل مقاله | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
1ـ المقدمة 1ـ 1ـ خطة البحث لقد نال النحو العربی اهتماما بالغا منذ أقدم العصور، فامتاز إثر ذلک بتباین الآراء. إن تعدد آراء النحویین وتباینها یؤدی إلى تفکیر عمیق وثراء فکری کبیر مما ینتج إثراء الدرس النحوی واتساعه وتعمقه. ومن مظاهر تباین آراء النحاة ما نجدها بین آراء ابنمالک وابنه المعروف بابنالناظم فی المسائل النحویة مما یفتقر إلى المقارنة. وهذه من المقارنات المفیدة والمهمة، وذلک لکون صاحبی الآراء المتناقش حولها من النحاة المتصدرین المرموقین المحتلین الذروة العلیا الراقیة ولکون کتابیهما من الکتب التی لا یستغنی عنها طالب أو باحث. والمقارنة بین آرائهما مما یسهل لنا طریق المطالعة معطیة الطلبة والدارسین فرصة ذهبیة للتعرف على المسائل النحویة الخلافیة بینهما عبر استخدام منهج یتسم بسمة وصفیة ـ تحلیلیة تقوم على المقارنة ودراسة المسائل الخلافیة بین هذین النحویین وذلک بهدف إلقاء الضوء على آرائهما وتبیین المسائل الخلافیة وتأیید رأی واحد أو آخر بناءً على الأدلة العلمیة النحویة. ویجدر بالإشارة أن ابن الناظم فی شرحه على الألفیة یقوم بشرح آراء أبیه وقد نجده مدلیا بآرائه بالترکیز فی ذلک على آراء النحاة البصریین أو الکوفیین ولهذا قلیلا ما نجده مخالفا لآراء أبیه بحیث أننا حصلنا على أقل من خمس عشرة مسألة نحویة یختلف فیها رأیه مع أبیه. ونشیر فی هذا المقال إلى أهمّ تلک المسائل النحویة الخلافیة. 1ـ 2ـ أسئلة البحث 1ـ ما هی أهمّ المسائل النحویة الخلافیة بین ابنمالک وابن الناظم؟ 2ـ رأی أیّ من هذین النحویین أقرب إلى آراء الجمهور؟ 1ـ 3ـ الفرضیات 1ـ یبدو أن أهمّ الآراء الخلافیة بین ابنمالک وابن الناظم یتجلّى فی بابی المبتدأ والخبر ومسألة جواز أو عدم جواز إرجاع الضمیر إلى المتأخر لفظا ورتبة، وبابی الاشتغال والتنازع. 2ـ فی المسائل النحویة الخلافیة بین هذین النحویین، یبدو أن رأی ابن الناظم أقرب من آراء الجمهور. 1ـ 4ـ خلفیة البحث وبالنسبة إلى خلفیة الدراسة والبحوث التی سبقتها لابدّ أن نقول بأن هناک مقارنات کثیرة بین آراء ابنمالک والنحاة الآخرین،کالمقارنة بین شرح ابنعقیل وشرح ابنهشام فی الألفیة، والمقارنة بین آراء ابنمالک النحویة وبین جمهور النحاة، والمقارنة بین آراء ابنمالک النحویة والزمخشری، والمقارنة المنهجیة النحویة بین شرح ابنمالک وشرح السیوطی على ألفیة ابنمالک. وأما المقارنة بین آراء ابنمالک وابنالناظم فی المسائل النحویة والصرفیة فلم نعثر على أی أثر دال علیها.
2ـ سیرة ابنمالک وابنالناظم2ـ 1ـ ابنمالک هو أبو عبد الله جمال الدین محمد بن عبدالله بن مالک الطائی الجیانی (الدمامینی، 1983،ج 1، ص25). أجمعت مصادر السیرة أنه کان یکنى بأبی عبد الله، کما أجمعت على أن لقبه «جمال الدین». وقد اختلف المؤرخون فی تحدید سنة ولادته وموطنها، ومنهم السبکی الذی یرى أنه ولد سنة ستمائة، أو إحدى وستمائة (السبکی، 1324هـ، ج 8، ص67). أما عن موطن ولادته فقد ذهب الجمهور إلى أنه ولد سنة600هـ فی جیان (الحموی،1951م، ج 2، ص195) وقلیل من المؤرخین یرجّحون ولادته فی دمشق (سرکیس،1928م، ج 1، ص232). توفی عام672هـ.ق فی دمشق، ودفن بسفح قاسیون، وقد نیف على السبعین (الدمشقی،1977م، ج13، ص267). أخذ العربیة فی بلاده الأندلس عن ثابت بن خیار الکلاعی الغرناطی(الجزری، 1932م، ج 2،ص181). وکان له تلامذة احتل بعضهم مکانة مرموقة، منهم: ابنه بدرالدین بنمالک، وقاضی القضاة ابنخلکان (السیوطی،1965م، ج5، ص371)، وبهاء الدین النحاس، وبدر الدین بنجماعة، (المصدر نفسه، ج 6، ص105) وغیرهم. ومن أهم مؤلفاته: الکافیة الشافیة، وهی أرجوزة فی النحو والصرف (الدمشقی، 1977 م، ج 13، ص267)، والخلاصة المعروفة بالألفیة، وتسهیل الفوائد وتکمیل المقاصد (الیافعی، 1339هـ، ج4، ص172)، وشرح الکافیة الشافیة، وإیجاز التعریف فی علم التصریف، وغیره. 2ـ 2ـ ابنالناظم هو محمد بن عبدالله بن مالک الإمام، بدر الدین بن جمال الدین الطائی الدمشقی النحوی بن النحوی (السیوطی،1965م،1، ص225). أغفل المؤرخون مکان ولادته، کما أغفلوا تاریخها، أما وفاته، فقد ذکرت المصادر أنها کانت فی دمشق سنة 686هـ.ق (الیافعی،1339هـ،ج4، ص153).إن تتلمذه على ید أبیه جعل العلماء ینادونه بـ«الشیخ، العالم، العامل، الفاضل، فرید دهره». تتلمذ على یده عدد ممن أصبحوا علماء کباراً، ومنهم بدر الدین بن زید، وکمال الدین الزملکانی، ومحمد بن علی (طاشکبری زاده، 1329ق، ج 2، ص361).ألّف وشرح ابنالناظم کتبا عدیدة ومن أهمّها: بغیة الأریب وغنیة الأدیب، والدرة المضیئة فی شرح الألفیة، وشرح التسهیل (المصدر نفسه، ج1، ص193)، وشرح لامیة الأفعال (بروکلمان، 1949م، ج 5، ص292)، وشرح الحاجبیة، وشرح الکافیة الشافیة، وغایة الطلاب فی معرفة الإعراب، والمصباح فی اختصار المفتاح، ومقدمة فی العروض (السیوطی، 1965م، ج1، ص225). 3ـ منزلة ابنمالک العلمیة ومذهبه النحوییتبین من خلال مؤلفات ابنمالک أنه دأب خلال حیاته على دراسة جمیع ما کتبه من سبقه من النحاة، وأحاط باللغة والنحو وعلم الحدیث الشریف. کان مجیداً بارعاً فی القراءات، وفی استحضار الآیات القرآنیة على اختلاف قراءاتها للاستدلال بها (الکتبی،1951م، ج 3، ص407). ولعل کثرة اطلاع ابنمالک على شعر القدماء، وحفظه، سهل علیه نظم الشعر. «أما النحو والصرف فکان فیهما ابنمالک بحراً لا یُشقّ لجّه» (المقری، 1968م، ج 7، ص262). کان بصریَ المذهب النحوی، إلا أنه کان یخالفه فی مواضع وینتمی فیها إلى الکوفی، کما کان یخالف الکوفیین والبغدادیین. ومن أبرز سمات أسالیبه المیل إلى التجدید فی التألیف (ابنمالک ،2001م، ص 44)، والاتجاه إلى السهولة فی الآراء، والمزج بین مذاهب النحاة. ومزج النحو بالتصریف واللغة. والتعویل فی استخراج الشواهد من القرآن الکریم، فالحدیث، فإن لم یجد فمن أشعار العرب وکلامهم (ابنمالک،2001م، ص44 ـ 48). کان له ذوقه اللغوی الخاص. جاء القیاس عنده مبنیاً على التوسع والتیسیر، واحترام السماع إلى جانب القیاس، فیما لا یخرج عن نهج العرب. لم یکن لدیه مذهب متمیز فی العامل. ومذهبه فی التعلیل بُعده عن التکلف والمیل إلى الاعتدال (المصدر نفسه، ص54 ـ 61). 4ـ منزلة ابنناظم العلمیة ومذهبه النحوی أما ابنالناظم کان إماماً فی النحو والمعانی والبیان والبدیع والعروض والمنطق (ابنمالک،1967م، ص 14)، جید المشارکة فی الفقه والأصول، عارفا بالبحور العروضیة (السیوطی،1965م ، ج1، ص225 ) و«إمام أهل اللسان، وقدوة أرباب المعانی والبیان» (الیافعی، 1339ق، ج4، ص153) لم تشر المصادر إلى مذهبه النحوی، ولکن قد یکون مذهبه النحوی بصریاً وذلک لتتلمذه بین یدی أبیه، ولکنه کان یخالف البصریین فی أکثر المواضع ذاهباً فیها إلى الکوفی أو البغدادی.
5ـ المسائل الخلافیة النحویة بین ابنمالک وابنالناظم نذکر هنا المسائل الخلافیة النحویة بینهما، ذاکرین آراء النحویین الآخرین المؤیدین لرأی ابنمالک من جانب، ولرأی ابنالناظم من جانبٍ آخر، ثم نؤید رأی أحدهما معتمدا على الأدلة النحویة. 5ـ 1ـ رابط الجملة الخبریة بالمبتدأ والجملة إن کانت خبراً فلا تخلو من أن تکون فی المعنى المبتدأ نفسه أو لا. فإنْ لم تکن المبتدأ نفسه فی المعنى فلابد لها من رابط یربطها بالمبتدأ. «وذلک الرابط إمَّا ضمیر عائد على المبتدأ، أو إشارة إلى المبتدأ باسم الإشارة، أو إعادة لفظ المبتدأ، أو اسم أعم من ذلک المبتدأ» (ابن عقیل، 1429ق، ص160). وأما إذا کانت الجملة الخبریة نفس المبتدأ فی المعنى فلا تحتاج إلى رابط عند ابنمالک:
(ابنمالک، 1967م، ص13) یعنی «وإن تکن الجملة الواقعة خبرا هی المبتدأ فی المعنى لم تحتج إلى رابط کقوله: نطقی الله حسبی، فنطقی: مبتدأ أول والاسم الکریم: مبتدأ ثان، وحسبی خبر عن المبتدأ الثانی والمبتدأ الثانی وخبره خبر عن المبتدأ الأول واستغنى عن الرابط» (ابن عقیل، 1429ق، ص162)، نحو: «نُطْقی لا إله إلا الله». کما تقول:«لا إله إلا الله نطقی»، وأما ابنالناظم فذهب إلى أن للجملة الخبریة التی تکون نفس المبتدأ فی المعنى رابطاً و«الرابط لها به هو کون مفهومها هو المراد بالمبتدأ» (ابنالناظم،2009م، ص65). وهناک نحاة کثیرون وافقوا ابنمالک فی رأیه، ومنهم: ابنهشام إذ قال: «والجملة إمّا نفس المبتدأ فی المعنى، فلا تحتاج إلى رابط» (ابنهشام،1997م، ج1، ص110). وکذلک السیوطی (السیوطی،2006م، ج1، ص316)، والرضی (الأسترآبادی، 1384هـ.ش، ج1، ص238)، والسنهوری (السنهوری، 2008م، ج1، ص257)، والدمامینی (الدمامینی، 2008م، ج1، ص265)، وأبوحیان (أبوحیان، 1998م، ج2، ص115). وأما ابنالناظم فلم یوافقه إلا السید حمید الجزائری (الجزائری،1433هـ، ص70). یبدو أن ما ذهب إلیه ابنمالک هو أقرب إلى الصواب؛ لدلیلین: أحدهما أن الجملة الخبریة التی تکون نفس المبتدأ فی المعنى هی المفسِّرة له، والمفسِّر عین المفسَّر فی المعنى، فلا یحتاج إلى رابط یربطه بالمفسَّر لأنه نفسه، والثانی: أن رأی ابنمالک هو رأی الجمهور ورأی ابنالناظم شاذ لم یؤیده إلا نحوی واحد معاصر وهو السید حمید الجزائری. 5ـ 2ـ تقدم خبر «لیس» علیها اختلف النحویون فی تقدم خبر «لیس» علیها، بعض ذهب إلى منع تقدم خبر «لیس» علیها، وذهب الآخرون إلى جوازه، فتقول: «مشرکا لیس زیدٌ، أو لیس زیدٌ مشرکاً» ولقد ذهب ابنمالک بمنع تقدم خبر لیس علیها ـ وفاقا للکوفیین والمبرد والسیرافی والزجاج، وابن السراج والجرجانی، وأبی علی الفارسی فی الحلبیات (الأشمونی،1998م، ج1، ص234)، وجمهور البصریین المتأخرین (الأزهری،2006م، ج1، ص245). ونفهم ذهاب ابنمالک إلى هذا المذهب من قوله:
(ابنمالک، 1430هـ.ق، ص15) وأما ابنالناظم یقول بجواز تقدم خبر لیس علیها ـ وفقا للقدماء البصریین والزمخشری، والشلوبین وابن عصفور (السیوطی،2006م، ج1، ص373). ویتضح رأی ابن الناظم من قوله: «قلت: وبین لَیْسَ وعَسَى فرقٌ؛ لأنّ عسى متضمنة معنى ما له صدر الکلام، ... فلا یلزم من امتناع التقدیم على هذه الأفعال امتناعُ تقدیم خبر لیس علیها» (ابنالناظم،2009م، ص81). واستدل أتباع المذهب الأول لإثبات مدَّعاهم بأنه الأول: لم یُسمَع فی کلام العرب تقدم خبر «لیس» علیها (ابن عقیل، 1429هـ.ق، ج1، ص250)، والثانی: أن «لیس» عامل ضعیف؛ لأنها لا تتصرف وضعفها فی عدم التصرف (الأشمونی،1998م، ج1، ص232)، والثالث: أن «لیس» شبیهة لــ«ما» النافیة فی النفی (المصدر نفسه، ج1، ص232). وأما أتباع المذهب الثانی فقد استدلوا بتقدم معمول خبر «لیس» علیها فی قوله تعالى: ]أَلاَ یَوْمَ یَأْتِیهِمْ لَیْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ[ (هود 11: 8)، لأن «یوم یأتیهم» معمول الخبر الذی هو «مصروفاً» وقد تقدم على «لیس»؛ لأنه لا یجوز أن یتقدم المعمول إلا حیث یجوز أن یتقدم العامل (ابن عقیل،1429هـ.ق، ج1، ص250). ومذهب ابنمالک أقرب إلى الصواب؛ لأن تقدم خبر لیس علیها لم یرد فی کلام العرب، وما استدل به ابنالناظم ـ من أنه قد تقدم معمول خبر «لیس» علیها، ولا یتقدم المعمول إلا حیث یتقدم العامل ـ غیر مطرد؛ لأنه توجد مواضع عدیدة أجازوا فیها تقدیم المعمول دون العامل ومنها تقدیم المفعول به على الفعل کـ«عمرا ضرب زید» و تقدیم الحال على عامله کـ«راکبا ذهبت إلى الکلیة» وتقدیم الظرف والجار والمجرور على الفعل کـ«بالله توکلت» وذلک بهدف بلاغی کالتؤکید والحصر أو غیر ذلک. 5 ـ3 اقتران الفعل المضارع الواقع بعد أفعال المقاربة بـ«أن» المصدریة تدخل أفعال المقاربة على المبتدأ والخبر فترفع المبتدأ اسماً لها وتنصب الخبر خبراَ لها. إلا أنه یشترط أن یکون خبرها مضارعاً مقترنا بأن المصدریة وجوبا فی «حَرَى واِخْلَوْلَقَ»، وغالباً فی «عَسَى وأَوْشَک»، وقلیلا فی «کاد وکرب»، ویمتنع الاقتران بها فی أفعال الشروع، فابنمالک یعتبر المضارع المقترن بأن المصدریة بعد اسم هذه الأفعال خبرا لها:
(ابنمالک، 1430هـ.ق، ص 17) وأما ابنالناظم فیفضل کونَ المضارع المقترن بأن المصدریة بعد اسم هذه الأفعال مفعولا لها بنزع الخافض وحینئذ تکون هذه الأفعال تامة؛ وقد وافق ابنمالک فی رأیه ابنُ عقیل (ابن عقیل،1429ق، ج1، ص291 ـ 292)، وابنهشام، والسیوطی (السیوطی،1429هـ.ق، ج1، ص221)، والأشمونی (الأشمونی،1998م، ج1،ص275 ـ 276)، والمرادی (المرادی،2005م، ج1، ص194). إن ما ذهب إلیه ابنالناظم ـ منأن المضارع الواقع خبرا لـ«کاد» وأخواتها إن کان مقرونا بأن المصدریة فالأفضل أن یکون مفعولا بإسقاط الجار ـ أقرب إلى الصواب بدلیلین: أحدهما: أننا إذا جعلنا المضارع المقرون بأن المصدریة خبرا لـ«کاد» وأخواتها یکون خبرها مصدرا؛ لأنک إن قلت: «کادَ زَیْدٌ أَنْ یَقُومَ»، تکون«أن» مع بعدها مؤولة بالمصدر، ویکون التقدیر: «کادَ زیدٌ القِیَامَ»، وإذا حذفت «کاد» یبقى المبتدأ والخبر، وهو: «زیدٌ القیام» وهذا غیر صحیح؛ لأنه لا یخبر بالمصدر عن الذات ولا تقول: «زَیْدٌ الجُلُوسُ» و»زَیْدٌ النَّوْمُ». الثانی: ذهاب سیبویه إلى هذا الرأی، کما نقل ابنالناظم عنه قائلا:«وقال سیبویه: تقول عَسَیتَ أَنْ تَفْعَلَ کذَا، فـ«أن» هاهنا بمنزلتها فی «قاربتَ أن تفعل» (ابنالناظم، 2009م، ص91). یعنی کما أن «أن تفعل»، فی «قاربت أن تفعل» مفعولبه، کذلک «أن تفعل کذا» فی«عَسَیْتَ أَنْ تَفْعَلَ کذَا» مفعولبه. 5ـ 4ـ کثرة اتصال مضارع الفعل الناسخ بـ«إنْ» المخففة إذا خُفِّفَتْ «إن» المکسورة یلیها من الأفعال ما کان ناسخا للابتداء غالباً، ماضیاً کان، أو مضارعا، وهذا رأی ابنمالک:
(ابنمالک، 1967م، ص19) یعنی إذا کان الفعل غیر ناسخ فلا تجده متصلا بإن المخففة. هذا منطوق کلامه، ومفهومه أنه إذا خُفِّفَت «إنَّ» فلا یلیها من الأفعال إلا الأفعال الناسخة للابتداء، لکن ابنالناظم خالف ابنمالک فی هذه المسألة معتبرا أن اتصال الناسخ المضارع بإنَّ المخففة قلیل قائلا:«وأما نحو: ]وَإِن یَکَادُ الَّذِینَ کَفَرُوا لَیُزْلِقُونَکَ[ (القلم 68: 51) مما ولی «إن» المخففة فیه مضارع ناسخ للابتداء فقلیل» (ابنالناظم،2009م، ص106 ـ 107). لقد ذکر ابنمالک فی شرح التسهیل کلاما مخالفا لما ذکره فی الألفیة، مفاده أن اتصال الفعل الناسخ المضارع بـ«إن» المخففة قلیل (ابنمالک،1967م، ج1، ص417). وهذا مطابق لما ذکره ابنالناظم إذن. لکنّنا أخذنا بما جاء فی الألفیة لکون بحثنا هذا منحصراً بین الألفیة وبین شرح ألفیة ابنمالک لابنالناظم. یبدو أن ما ذهب إلیه ابنمالک من أن «إن» المخففة یغلب أن یلیها من الأفعال ما کان ناسخاً، مضارعاً کان أو ماضیا، أقرب إلى الصواب لدلیلین: أحدهما: ذهاب أکثر النحاة إلى هذا الرأی، فأما رأی ابنالناظم فکاد أن یکون شاذا بین النحاة. والثانی: کثرة اتصال إن المخففة بمضارع الفعل الناسخ فی القرآن الکریم. 5ـ 5ـ إرجاع الضمیر إلى المتأخر لفظاً ورتبةً اختلف النحویون فی إرجاع الضمیر إلى المتأخر لفظاً ورتبة نحو:«زَانَ نَورُه الشَّجَرَ» وأدّى ذلک الاختلاف إلى انقسامهم إلى ثلاث طوائف: طائفة جمهور النحویین التی تقول بعدم جواز ذلک لا فی الشعر ولا فی النثر. وطائفة ابنمالک وأبیالفتح التی تقول بجواز ذلک فی الشعر والنثر معاً. وطائفة ابنالناظم وبعض النحاة القائلین بجواز ذلک فی الضرورة الشعریة فقط (الأشمونی، 1998م،ج1، ص407 ـ 410). فأما جمهور النحاة فیؤوِّلون کلَّ نص وُجِدَ فیه إرجاعُ الضمیر إلى المتأخر لفظاً ورتبة إلى شیء آخر (المصدر نفسه، ص407 ـ410). وقال ابنمالک القائل بجواز إرجاع الضمیر إلى المتأخر لفظاً ورتبة فی الشعر والنثر:
(ابنمالک، 1430ق، ص23) واستدلوا لإثبات جواز ذلک فی النثر بنحو: «ضَرَبُونِی وَضَرَبْتُ قَوْمَک» بإعمال العامل الثانی الذی فضّل إعمالَهُ البصریون فی باب التنازع (الأزهری،2006م، ج1، ص416)، وصرَّحَ ابنالناظم بجواز إرجاع الضمیر إلى المتأخر لفظاً ورتبةً فی الضرورة الشعریة فقط دون النثر (ابنالناظم،2009م، ص 136). وهناک مجموعة من النحاة ذهبوا إلى ما ذهب إلیه ابنالناظم، ومنهم: ابنهشام الأنصاری (ابنهشام، 1997م، ج1، ص248)، والأشمونی (الأشمونی،1998م، ج1، ص410)، وخالد الأزهری (الأزهری، 2006م ، ج1، ص416)، والسیوطی (السیوطی،1429هـ.ق، ج1، ص308). وإن ما ذهب إلیه ابنالناظم أقرب إلى الصحیح، لأن إعادة الضمیر فی الشعر على المتأخر لفظاً ورتبة شائع فی الأدب، لکن ما استدل به ابنمالک وأتباعه فی وجود إرجاع الضمیر فی النثر إلى المتأخر لفظاً ورتبة استثنائی وذلک فی باب التنازع، وفی ما أبدل به الظاهر من المضمر، وفی باب «نِعمَ»، وضمیر الشأن، وفی جملة ابتدائیة یکون المبتدأ فیها ضمیراً مبهما عائدا على خبره الذی یفسره. 5ـ 6ـ حذف عامل المفعول المطلق المؤکد یجوز بدلیل حالی أو مقالی حَذْفُ عامل المفعول المطلق باتفاق النحاة إذا کان دالّا على النوع أو العدد، وأما إذا کان المفعول المطلق مؤکداً فللنّحاة فیه رأیان: الأول: عدم جواز حذف عامله، والثانی: وجوب حذف عامل المفعول المطلق وجوازه فی موضع واحد، فأما الرأی الأول فهو رأی ابنمالک إذ یقول:
(ابنمالک، 1967م، ص28) یعنی یمتنع حذف عامل المفعول المطلق المؤکد، ویجوز ذلک فی سوى المفعول المطلق المؤکد، یعنی فی المبین للنوع والمبین للعدد. وقد علَّلَ ذلک فی شرح الکافیة بأن المفعول المطلق المؤکد إنما یؤتى به لتقویة عامله وتقریر معناه وحذفه مناف لذلک (السیوطی، 1429هـ.ق، ج1، ص366). وأما ابنالناظم فیذهب إلى الرأی الثانی ـ القائل بجواز حذف عامل المفعول المطلق المؤکد ووجوبه ـ إذ قال: یجوز حذف عامل المصدر إذا دلّ علیه دلیل [...] ولا فرق فی ذلک بین أن یکون المصدر مؤکدا، أو مبینا. والذی ذکره الشیخ رحمه الله فی هذا الکتاب ـ یعنی بالشیخ ابنمالک ویعنی بالکتاب الألفیة ـ وفی غیره: ـ یعنی شرح الکافیة ـ أنّ المصدر المؤکد لا یجوز حذف عامله [...] فإن أراد أن المصدر المؤکد یقصد به تقویة عامله وتقریر معناه دائما، فلا شک أنّ حذف مناف لذلک القصد ولا دلیل علیه ـ أی لادلیل على أن المصدر المؤکد یقصد به تقویة عامله وتقریر معناه دائما ـ وإن أراد أنّ المصدر المؤکد قد یقصد به التقویة والتقریر وقد یقصد به مجرد التقریر فمسلم، ولکن لا نسلم أن الحذف مناف لذلک القصد؛ لأنه إذا جاز أن یقرر معنى العامل المذکور بتوکیده بالمصدر فلأن یجوز أن یقرر معنى العامل المحذوف لدلالة قرینة علیه أحق وأولى. ولو لم یکن مَعَنَا ما یدفع هذا القیاس لکان فی دفعه بالسماع کفایة،نحو: «أَنْتَ سَیْراً ومَیْراً» نحو: «سَقْیاً، ورَعْیاً، وحَمْداً، وشُکراً لا کفْراً». فَمَنْعُ مثل هذا إمَّا لسهو عن وروده، وإما للبناء على أن المسوغ لحذف العامل منه نیة التخصیص (ابنالناظم، 2009م، ص161). وهناک نحاة أیَّدوا ابنمالک فی رأیه بحجج مختلفة، ومنهم من یعتبر الحذف منافیا للتوکید بشکل مطلق ـ لا کما ذهب إلیه ابن الناظم من أنّ المفعول المطلق المؤکد إذا کان لتقریر معنى العامل فقط، یجوز حذف عامله ـ ذاهبا إلى أن التوکید یقتضی الاعتناء بالمؤکد الذی هو العامل وحذف العامل المؤکد بناءً على ذلک مناف لهدف المجیء بالتوکید. وما ذکره ابن الناظم من أمثلة حُذف فیها عامل المؤکدِّ استثناء من عموم قوله: وحذف عامل المؤکد امتنع (الصبان، 1997م، ج1، ص169). ومنهم ابن عقیل الذی یعتبر الأمثلة التی مثّل بها ابن الناظم لإثبات مدَّعاه غیر صحیحة فی المصدر المؤکد المحذوف عامله؛ لأن نحو: ضَرْباً زَیْداً وسَقْیاً، ورَعْیَاً وحَمْداً وشُکراً، لیس من المفعول المطق المؤکد فی شیء، بل الأول هو نائب وعوض عن فعل الأمر، وأصله: «إضْرِبْ زَیْداً» ولما حذف فعل الأمر عُوِّضَ عنه بالمصدر. والثانی والثالث عوضان عن الفعلین الطلبیین الدّالین على الدعاء، وأصلهما: «سَقَاک اللهُ ورَعَاک اللهُ»، ولما حذف العاملان عُوِّض عنهما المصدران. والرابع والخامس عوضان عن الفعلین الخبریین، أصلهما: «أَحْمَدُک وأَشْکرُک» ولما حذف العاملان عُوِّض عنهما المصدران. ولا یمکن اجتماع المعوض والمعوض عنه فی مکان واحد، وهذه الأمثلة کلها لیست من التأکید فی شیء؛ لأنه لا یمتنع الجمع بین المؤکد والمؤکد وإنما امتنع الجمع فی هنا لعدم جواز الجمع بین النائب والمنوب والمعوض والمعوض عنه. وأضاف إلى أنّ مما یدل على أن هذه الأمثلة لیست من المفعول المطلق المؤکد لعامله: أن المصدر المؤکد لعامله لا خلاف فی أنه لا یعمل، و«زیداً» فی قولک: ضرباً زیداً منصوب بـ«ضَرْباً» وعمله فی هنا دلیل على أنه لیس مصدرا مؤکداً (ابن عقیل، 1429هـ.ق، ج2، ص149). والنحاة یوافقون رأی ابنالناظم، منهم: الدمامینی (الدمامینی،2008م، ج1، ص289)، وابنهشام حین قال: «وأما المؤکد، فزعم ابنمالک أنه لا یحذف عامله؛ لأنه إنما جیء به لتقویته وتقریر معناه والحذف مناف لهما» (ابنهشام،1997م، ج1، ص283 ـ 284) والرضی کذلک إذ قال «وأقول: الذی أرى أنّ هذه المصادر وأمثالها إن لم یأت بعدها ما یبینها ویُعَیِّنُ ما تعلقت به من فاعل أو مفعول إما بحرف جر أو بإضافة المصدر إلیه، فلیست مما یجب حذف فعله، بل یجوز نحو: «سقاک الله سقیا، ورعاک الله رعیا» (الأسترابادی، 1384هـ.ش، ج1، ص305). وخلیل الفراهیدی وسیبویه، لأنهما یجیزان الجمع بین الحذف والتأکید. یبدو أنّ ما ذهب إلیه ابنالناظم فی هذه المسألة هو أقرب إلى الصحیح لأن أمثلة المفعول المطلق المؤکد المحذوف عامله التی اعتبرها ابن عقیل معوَّضةً عن عواملها ولیست من التأکید فی شیء، إما أن تکون عواملها المحذوفة منویة وإما أن تکون منسیة، وإن کانت منویة یثبت التأکید بحسب تکرار المعنى، وحینئذ لا معنى لقول ابن عقیل: لیست من التأکید فی شیء. وإن کانت منسیة یلزم أن تکون المصادر معمولة بلا عامل وهذا غیر ممکن أن تکون المصادر معمولة بلا عامل. وبهذا یثبت لنا أنّ تلک المصادر مفاعیل مطلقة لعوامل محذوفة. والسبب الآخر أنّ مکانة الخلیل الفراهیدی وسیبویه وابن هشام العلمیة بین النحاة تجعل رأیهم موضع التفات لشبه استحالة اجتماعهم کلِهم فی رأی نحوی خاطئ. وکل هؤلاء الثلاثة الکبار وافقوا رأی ابنالناظم ولأجل ذلک نراه أقرب إلى الصواب والله أعلم. 5ـ 7ـ الإضافة المعنویة تکون بمعنى «من» أو«لـ» إنّ الاضافة المعنویة تکون على معنى حرف من حروف الجر. ولقد اختلف النحاة فی عدد حروف الجر التی تکون الإضافة المعنویة بمعناها، وانقسمت آراؤهم فیها إلى أربعة آراء. الأول: أن الإضافة المعنویة تکون بمعنى «من» إذا کان المضاف إلیه جنسا للمضاف،نحو «خاتم ذهب» وبمعنى «فی» إذا کان المضاف إلیه ظرفا للمضاف سواء کان الظرف مکانیا نحو «صلاة المسجد»، أو زمانیا نحو «مکر اللیل». وبمعنى«لـ» إذا کان المضاف إلیه جنسا للمضاف ولا ظرف له، نحو: «غلام زید». والثانی: أن الإضافة المعنویة تکون بمعنى «من» و«لـ» فقط ولا تکون بمعنى «فی». والثالث: أنّ الإضافة المعنویة تکون بمعنى«لـ» فقط. والرابع: أنّ الإضافة المعنویة تکون بمعنى أی حرف من الحروف. فالرأی الأول هو رأی ابنمالک، وابنالحاجب (الأسترابادی،1384هـ.ش،ج2، 206)، وابنهشام (ابنهشام، 1997م، ج1، ص363)، وعبدالقاهر (المرادی،2005، ج1، ص376)، والحسن بن محمد بن شرف شاه الأسترابادی (الأسترابادی،1427هـ.ق، ج1، ص654)، والزمخشری (الزمخشری، 2003م، ج2، ص126)، ونفهم ذهاب ابنمالک إلى هذا الرأی من قوله:
(ابنمالک، 1967م، ص37) والرأی الثانی هو رأی ابنالناظم، وسیبویه والجمهور (الأزهری، 2006م، ج1، ص670)، وقال ابنالناظم مؤیدا لهذا الرأی:«والذی علیه سیبویه وأکثر المحققین أنَّ الإضافة لا تعدو أن تکون بمعنى «اللام» أو بمعنى «من»، وموهِمُ الإضافة بمعنى «فی» محمول على أنها فیه بمعنى «اللام» على المجاز، [...] والإضافة بمعنى «فی» مختلف فیه والحمل على المتفق علیه أَوْلى من الحمل على المختلف فیه» (ابنالناظم، 2009م، ص232 ـ 233). وکذلک وافق الرضی هذا الرأی (الأسترابادی، 1384هـ.ش، ج2، ص207). والرأی الثالث هو رأی ابن عقیل، وابن الضائع (المرادی، 2005م، ج1، ص 377)،وقال ابن عقیل: «ثم الإضافة تکون بمعنى اللام عند جمیع النحویین وزعم بعضهم: أنها تکون أیضا بمعنى "من" أو "فی"» (ابن عقیل، 1429 هـ.ق، ج 3، ص36). والرأی الرابع هو رأی أبی حیان وأبی درستویه (الخضری، 1998م، ج2، ص4)،لکنه أضعف من جمیع هذه الآراء وأکثرها شذوذا ولم یذهب إلیه إلا أبوحیان وابن درستویه. إنّ ما ذهب إلیه ابنالناظم وسیبویه والجمهور أقرب إلى الصواب؛ وذلک لأن ملکیة «اللام» إما حقیقیة أو مجازیة، والحقیقیة هی نحو:«غُلامُ زَیْدٍ»، والمجازیة مثل:«مَکرُ اللیلِ والنَّهَارِ»، وکنحو: «صَلاةُ المَسْجِدِ». والإضافة المعنویة فی هذه الأمثلة کلِّها تکون متضمنة معنى «اللام» الملکیة حقیقة ومجازا وما أوهم الإضافة بمعنى «فی» فی نحو: «مَکرُ اللَّیْل» محمول على معنى «اللام» مجازا، وذلک لأنّ أدنى ملابسة واختصاص یکفی فی الإضافة المعنویة بمعنى «اللام» (الأسترابادی، 1384هـ.ش، ج2، ص207). ثم إنَّ دعوى کون الإضافة بمعنى «فی» یستلزم دعوى کثرة الاشتراک فی معناها وهذا خلاف للأصل، ویجب اجتناب ما هو خلاف للأصل. وکل ما اُدُّعِی فیه أن إضافته على معنى «فی» حقیقة یصلح فیه أن تکون الإضافة بمعنى «اللام» مجازا، وحملها على المجاز خیر من حملها على الاشتراک. ثم إنّ الإضافة المعنویة التی بمعنى «اللام» الملکیة والاختصاصیة مجازا ثابتة باتفاق جمیع النحاة وذلک کقول الشاعر:
(شرح ألفیة ابنمالک لابن الناظم، قائله مجهول، ص233) فـ«الخرقاء» فی البیت الأول معناها: الأرض الواسعة التی تتخرق فیها الریاح (لویس معلوف،1973م، مادّة «خرق»). وهی ظرف والإضافة فیها بمعنى «اللام» مجازا. وأما الإضافة المعنویة التی بمعنى «فی» فمختلف فیها، والذهاب إلى ما هو متفق علیه أولى من الذهاب إلى ما هو مختلف فیه. والإضافة فی نحو قوله تعالى: ]مَکْرُ اللَّیْلِ[ (سبأ، 34: 33). إما بمعنى «اللام» على جعل الظرف مفعولا به على سعة الکلام وإما بمعنى «فی» على بقاء الظرفیة، لکنّ هناک الاتفاق على جواز جعل الظرف مفعولا به على السعة والاختلاف فی جواز جعل الإضافة بمعنى «فی»، ولذلک یترجح جعلها بمعنى «اللام» (ابن الناظم، 2009م، ص233). وکذلک ذهاب الجمهور إلى ما ذهب إلیه ابنالناظم یدل على أن رأی ابن الناظم أقرب إلى الصواب.
5ـ 8ـ تؤکید المثنى بــ«أجمعان» و»جمعاوان» یؤکد المثنى المذکر فی رفع توهم عدم إرادة الشمول بــ«کلا» والمؤنث بــ«کلْتَا» باتفاق جمیع النحاة (الأشمونی،1998م، ج2، ص336). وأما فی تؤکید المثنى المذکر بـ«أجَمَعَانِ» والمؤنث بـ«جَمْعَاوَانِ» فمحل خلاف؛ لأن بعض النحاة یقول بعدم جواز تؤکید المثنى المذکر بـ«أَجْمَعَانِ» والمؤنث بـ«جَمْعَاوَانِ» والثانی یقول بجواز ذلک، فتقول: «جَاءَ الجَیْشَانِ أَجْمَعَانِ» و»جَائَتِ القَبِیلَتَانِ جَمْعَاوَانِ» والمذهب الأول هو مذهب البصریین (ابنعقیل،1429هـ.ق، ج3، ص175)، وتبعهم فی ذلک ابنمالک إذ قال:
(ابنمالک،1430هـ.ق، ص50) وکذلک تبعهم فی ذلک ابنهشام حین قال: «ولا یجوز تثنیة «أَجْمَعَ» ولا«جَمْعَاءَ» استغناء بـ"کلا" و"کلتا"» (ابنهشام،1997م، ج1، ص460). ودلیلهم على منع تؤکید المثنى بـ«أجمعان» و«جمعاوان» هو أنه لم یسمع من العرب تؤکید المثنى بهما کما أَقَرَّ به الکوفیون أنفسهم (ابنالناظم،2009م، ص310). والمذهب الثانی هو مذهب الکوفیین (ابنعقیل، 1429هـ.ق، ج3، ص175)، وتبعهم فی ذلک ابنالناظم حین قال: «فلو قلت: جَاءَ الجَیْشَانِ أَجْمَعَانِ، لَم یأبه القیاس» ( ابنالناظم، 2009م ، ص 310 ـ 311). إن مذهب البصریین وابنمالک هو أقرب إلى الصواب؛ لأنه لم یسمع من العرب تؤکید المثنى المذکر بــ«أجمعان» ولا المؤنث بــ«جمعاوان» کما اعترف به البصریون والکوفیون. وإذا لم یسمع مثل هذا التؤکید من العرب فکیف نجیزه نحن بالقیاس؟ والقواعد النحویة هی مجموعة عما سُمِع من العرب، فإن کان استعمال العرب، لشیء معین مطرداً سُمِّیَتِ القاعدة قیاسیة، وإن کان استعمالهم له قلیلا سمیت القاعدة سماعیة. وأما ما لم یسمع منهم فلا یجوز استخدامه. 5ـ 9ـ العطف على الضمیر المجرور بدون إعادة الجار اختلف النحاة فی العطف على الضمیر المجرور بدون إعادة الجار. وأدَّى هذا الاختلاف إلى انقسامهم فی هذه المسألة إلى ثلاثة مذاهب: أحدها: أنه یجوز العطف على الضمیر المجرور بدون إعادة الجار، نحو: «مُحَمَّدٌ صَلَى اللهُ عَلَیْهِ وآلِهِ خَیْرُ البَشَرِ» و«سَلَّمْتُ عَلَیْک وإخْوتِک» فعُطفَ «آله» و«إخوتک» على الضمیرین المجرورین بدون إعادة الجار. الثانی: أنه لا یجوز العطف على الضمیر المجرور بدون إعادة الجار،لا یجوز أن یقال:«محمد صلى الله علیه وآله خیر البشر» من دون إعادة الجار. الثالث: أنه یجوز العطف على الضمیر المجرور بدون إعادة الجار بشرط تؤکیده، نحو: «مررت به هو وزیدٍ» والمذهب الأول هو مذهب یونس، والأخفش والکوفیین (ابنهشام،1997م، ج1، ص485) وتبعهم فی ذلک ابنمالک:
(ابنمالک،1430هـ.ق، ص52 ـ 53) واستدلوا فی ذلک بقراءة ابنعباس، والحسن، وابنمسعود، والقاسم، وابراهیم النخعی: ]وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِی تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامِ[ (النساء 4: 1) بجر «الأرحام» على أنه معطوف على الضمیر المجرور الذی هو الهاء، بدون إعادة الجار. وکذلک استدلوا بقوله تعالى: ]وَصَدٌّ عَن سَبِیلِ اللّهِ وَکُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ[ (البقرة2: 217) بعطف «المسجد الحرام» على الضمیر المجرور بالباء بدون إعادة الجار، لأنه لو أعید لقیل: «و بالمسجد الحرام»، إذ لا یمکن أن یکون «المسجد الحرام» معطوفا على «سبیل الله» المجرور بــ«عن»؛ لأن «عن سبیل الله» معمول لـ«وصد» الذی هو مصدر، وقد عطف على«صد» کلمة «کفر»، والقاعدة النحویة تقول بعدم جواز العطف على المصدر حتى تکتمل معمولاته، وحینما عُطِفَتْ کلمة «کفر» على المصدر الذی هو «صد» فهمنا أنه انتهت معمولات المصدر الذی هو «صد» وصار «المسجد الحرام» معطوفا على الضمیر المجرور بالباء ولا یمکن أن یحتمل غیر هذا (الأزهری، 2006م، ج2، ص183). والمذهب الثانی هو مذهب البصریین (المرادی،2005م، ج2، ص144). وتبعهم فی هذا ابنالناظم إذ قال:«ولا یبعد أن یقال فی هذه المسألة: إنّ العطف على الضمیر المجرور، بدون إعادة الجار غیر جائز فی القیاس، وما ورد منه فی السماع محمول على شذوذ إضمار الجار، کما أُضْمِرَ فی مواضع أُخَرَ، نحو: «مَا کلُّ بَیْضَاءَ شَحْمَةٌ ولَا سَوْدَاءَ تَمْرَةٌ» [...] وقولهم: «بِکمْ دِرْهَمٍ اِشْتَرَیْتَ ثَوْبَک؟» على ما یراه سیبویه من أنّ الجر فیه بعد«کم» بإضمار «من» لا بالإضافة» (ابنالناظم،2009م، ص333). یعنی ما مر من العطف على الضمیر المجرور بدون إعادة الجار لا یبعد أن یقال فیه: إنه سماعی حُذِفَ منه الجار شذوذا وقوله تعالى: ]وَصَدٌّ عَن سَبِیلِ اللّهِ وَکُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ[ (البقرة2: 217) تقدیره: «وکفر به وبالمسجد الحرام» وأما فی القیاس فلا یجوز ذلک. وبهذا بَیَّنَ أَنّ جرّ الاسم بالجار المحذوف لیس أمراً غریباً. والمذهب الثالث هو مذهب الجرمی والزیادی. وحکی عن الفراء ما یثب هذا المذهب وهو: «مرَرْتُ بِهِ نَفْسِهِ وزَیْدٍ» و«مَرَرْتُ بِهِمْ کلِّهِمْ وزَیْدٍ» (المرادی،2005م،ج2، ص 145). إنّ ما ذهب إلیه البصریون وابن الناظم من أنّه لا یجوز العطف على الضمیر المجرور بدون إعادة الجار هو أقرب إلى الصواب بدلیلین؛ الأول: لأنّ إعادة الجار فی العطف على الضمیر المجرور هی الأکثر کقوله تعالى: ]فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ[ (فصلت41: 11) و]وَعَلَیْهَا وَعَلَى الْفُلْکِ تُحْمَلُونَ[ (الغافر40: 80)، ]ویُنَجِّیکُم مِّنْهَا وَمِن کُلِّ کَرْبٍ[ (الأنعام6: 64) ]ونَعْبُدُ إِلَهَکَ وَإِلَهَ آبَائِکَ[ (البقرة2: 133) وغیر ذلک. وأما ما ظاهره العطف على الضمیر المجرور بدون إعادة الجار فاثنان فی القرآن الکریم، وأقل من القلیل فی غیر القرآن، وهو کله سماعی شاذ حذف منه الجار؛ لقرینة تدل علیه، وجر الاسم بالجار المحذوف لیس أمرا غریبا کما بَیَّنا وأتینا بالأمثلة التی جُرَّ الاسم فیها بالجار المحذوف. الثانی: ولمشابهة الضمیر المتصل بالتنوین فی مجیء کل منهما فی آخر الکلمة، وکون کل واحد منهما على حرف واحد، وکما لا یجوز العطف على التنوین کذلک أیضا لا یجوز العطف على الضمیر المجرور، لمشابهته التنوینَ فی الشیئین المذکورین.
6. الخاتمة تشیر الدراسة إلى أنّ فی أهمّ المسائل الخلافیة بین ابنمالک وابنالناظم قد یقترب آراء ابنمالک إلى جمهور النحویین، وقد یبدو آراء ابنالناظم أقرب إلى آراء الجمهور؛ کما نشاهد أن هذین النحویین قد یرغبان إلى المدرسة البصریة وقد یمیلان إلى الکوفیة ولهذا لا یمکن أن نعدّهما من منتسبی مدرسة نحویة خاصة دون غیرها وإضافة إلى ذلک، نرى ابنالناظم فی شرحه وتفصیله وتسهیله لآراء ابنمالک النحویة مؤیدا وموافقا لأبیه وقلما نجده یخالف آراءه ونراه فی تلک المسائل النحویة الخلافیة یأتی بآرائه مرتکزا على آراء النحاة المشهورین، ومحتجا بها، کما توصلنا فی هذا البحث إلى أنّ: أ. رأی ابنمالک فی المسائل التالیة یترجح على رأی ابنالناظم: ـ عدم وجود رابط بین المبتدأ وبین الجملة الخبریة إذا کان الخبر نفس المبتدأ فی المعنى. ـ عدم جواز تقدیم خبر «لیس» علیها أصحّ من رأی ابنالناظم القائل بجواز الأمر. ـ القول بأنّ «إنْ» المخففة یغلب أن یلیها من الأفعال ما کان ناسخا مضارعا کان أو ماضیا. ـ صوابیة رأی ابنمالک والبصریین المخالفین لرأی ابنالناظم والکوفیین فی القول بعدم جواز تؤکید المثنى بـ«أجمعان» و»جمعاوان». بــ. رأی ابنالناظم فی الآراء التالیة مرجّح على رأی أبیه: ـ القول بترجیح جعل المضارع الواقع بعد أفعال المقاربة مفعولا به بإسقاط الجار إذا کان مقرونا بأن المصدریة. ـ القول بجواز إرجاع الضمیر إلى المتأخر لفظا ورتبة فی الضرورة الشعریة فقط، هو أقرب إلى الصواب بالنسبة لرأی ابنمالک القائل بجواز ارجاع الضمیر إلى المتأخر مطلقا. ـ القول بجواز حذف عامل المفعول المطلق المؤکد ووجوبه ـ القول بأنّ الإضافة المعنویة تکون بمعنى«من» أو«لــ» فقط ولا تکون بمعنى «فی». ـ صوابیة رأی ابنالناظم فی القول بعدم جواز العطف على الضمیر المجرور بدون إعادة الجار.
BBB | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مراجع | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
µ القرآن الکریم
10. ابنهشام الأنصاری، جمال الدین. (1997م). أوضح المسالک إلى ألفیة ابنمالک. (قدّمله ووضع هوامشه د. إمیل بدیع یعقوب). بیروت: دار الکتب العلمیة. 11. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ.(د.ت). شرحقطرالندىوبلالصدى ومعه کتاب«نهج التقى بتحقیق وإعراب شواهد قطرالندى» لإبراهیم الکرباسی. بیروت: دار ومکتبة الهلال. 12. أبوحیان الأندلسی،محمد بن یوسف. (1998م). ارتشاف الضرب من لسان العرب. (تحقیق وشرح ودراسة: د. رجب عثمان د. رمضان عبدالتواب). القاهرة: مکتبة الخانجی. 13. بروکلمان، کارل. (1949م). تاریخالأدبالعربی. (ترجمة علی شوشان). القاهرة: دار الأمم للترجمة. 14. الجزائری، حمید. (1433هـ). النحو الجامع. (طبعة مزیدة ومنقحة). قم: مرکز المصطفى العالمی للترجمة والنشر. 15. الجزری، شمسالدین. (1932م). غایة النهایة فی طبقات القراء. مصر: مکتبة الخانی بمصر. 16. الخضری، محمد. ( 1998م). حاشیة الخضری على شرح ابن عقیل. (شرح وتعلیق: ترکی فرحان المصطفى). بیروت: دار الکتب العلمیة. 17. الدمامینی، بدر الدین. (1983م). شرح التسهیل للدمامینی،تعلیق الفرائد على تسهیل الفوائد. (تحقیق الدکتور محمد بن عبد الرحمن بن محمد المفدى). المجلد الأول. د.م. 18. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ. (2008م). المنهل الصافی فی شرح الوافی. (دارسة وتحقیق: د.فاخر جبر مطر). بیروت: دارالکتب العلمیة. 19. الدمشقی، ابن کثیر. (1977م). البدایة والنهایة. (ط2). بیروت: مکتبة المعارف. 20. الزمخشری، محمود. (2003م). المفصل فی صنعة الإعراب. بیروت:دار ومکتبة الهلال للطباعة والتوزیع. 21. السبکی، عبد الوهاب. (1324هـ). طبقات الشافعیة الکبرى. (تحقیق: محمود الطناجی وعبدالفتاح محمد الحلو). مصر: مطبعة عیسى الحلبی. 22. سرکیس، یوسف. ( 1928م). معجم المطبوعات العربیة والمعربة. مصر:مطبعة سرکیس. 23. السنهوری، علی. (2008 م). شرح الآجرومیة فی علم العربیة. (ط 2). د.م: دار السلام للطباعة والنشر والتوزیع والترجمة. 24. السیوطی، جلالالدین. (1429 هـ.ق). البهجة المرضیة فی شرحالألفیة. (ط 6). د.م: مطبعة سرور. 25. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ.(1965م). بغیة الوعاة فی طبقات اللغویین النحاة. (تحقیق: محمد أبو الفضل إبراهیم). د.م: طبعه عیسى البابی الحلبی وشرکاه. 26. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ.(2006م). همع الهوامع فی شرح جمع الجوامع. (ط 2). (تحقیق: أحمد شمس الدین). بیروت: دارالکتب العلمیة. 27. الکتبی، ابنشاکر. (1951م). فوات الوفیات. (تحقیق: محمد محییالدین عبدالحمید). قاهرة: مطبعة السعادة. 28. طاشکبری زاده، عصام الدین. ( 1329هـ). مفتاح السعادة ومصباح السیادة. د.م: طبع فی حیدرآباد. 29. معلوف، لویس. (1973م). المنجد فی اللغة والأعلام. بیروت: دار المشرق. 30. المرادی، بدر الدین. (2005م). توضیح المقاصد والمسالک بشرح ألفیة ابنمالک. بیروت: شرکة أبناء شریف الأنصاری للطباعة والنشر والتوزیع. 31. المقری، أحمد. (1968م). نفحالطیب من غصنالأندلسالرطیب. ( تحقیق: د. إحسان عباس). بیروت: دار صادر. 32. الیافعی، عبدالله.(1339هـ). مرآة الجنان وعبرة الیقظان فی معرفة ما یعتبر من حوادث الزمان. حیدر آباد الدکن: مطبعة دار المعارف. | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
آمار تعداد مشاهده مقاله: 1,285 تعداد دریافت فایل اصل مقاله: 726 |