
تعداد نشریات | 43 |
تعداد شمارهها | 1,706 |
تعداد مقالات | 13,973 |
تعداد مشاهده مقاله | 33,617,250 |
تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 13,333,463 |
دراسة البناء الفني لشعر الشّکوى العربي حتى نهاية القرن الثالث الهجري | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
بحوث في اللغة العربية | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مقاله 3، دوره 2، شماره 3، دی 2010، صفحه 41-62 اصل مقاله (323.83 K) | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
نوع مقاله: المقالة البحثیة | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
نویسندگان | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
غلامعباس رضائي* 1؛ شرافت کريمي2 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
1دانشيار گروه زبان و ادبيات عربي دانشگاه تهران | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
2دانشجوي دکتراي زبان و ادبيات عربي دانشگاه تهران | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
چکیده | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
الشکوى تعبير ذاتي عن هموم الإنسان، و کلما تقدّم في ميدان الثقافة والتحضير، اتّسعت. فهي غرض شعريّ قديم يستجيب لنزعات الشاعر. تُلقي الشکوى ظلالها على ملامح القصيدة، فتُکسب الشعر طابعاً حزيناً. لم يعمد الشعراء في شکواهم إلى التوعّر في الأساليب، بل جنحوا إلى الألفاظ السهلة التي توصل المعنى إلى الذهن دون اللجوء إلى المعاجم اللغويّة؛ وهذه البساطة لم تخلّ بقوة المعنى في شعر الشکوى. إنّ الشعراء في شکواهم استخدموا الأوزان ذات التفاعيل الطويلة الّتي تناسب الحزن، ومالوا إلى بعض الأوزان القصيرة التي تلائم متطلّبات الحياة العامّة في القرنين الثاني والثالث، والقوافي سهلة غير صعبة. استخدم الشعراء البديع والجناس والمقابلة والتصريع والصور التي تعطي الشعر الموسيقى الشعريّة، وشعر الشکوى غنيّ من جانب الموسيقى الداخليّة والخارجيّة. | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
کلیدواژهها | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
الشعر؛ الشکوى؛ الجمال الفنّیّ؛ البدیع؛ الأسالیب السهلة؛ اللّغة؛ الموسیقى الشعریّة | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
اصل مقاله | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
المقدمة الشکوى تعبیر ذاتیّ عن هموم الإنسان الناتجة عمّا یعرض له مِن مشکلات الحیاة التی یواجهها، فینفجر بالشکوى مصوِّراً للآخرین مشکلته. إنّ نقّاد العرب بادروا بتقسیم الشعر العربی إلى الأغراض المختلفة؛على سبیل المثال، نرى أبا تمّام جعلها عشرة أبواب فی دیوان الحماسة، وقدامة بن جعفر جعلها ستّة أبواب فی نقد الشعر، کما تبعه أبو هلال العسکری وقصّرها على أبواب خمسة فی دیوان المعانی، وسواهم، مع هذا فلم یدرج أیّ منهم غرض الشکوى ضمن تقسیمه، والحال أن الشکوى تمثّل باباً واسعاً فی الشعر العربی لا یقلّ عن الأغراض الأخرى کالغزل والفخر والرثاء، بما تمتاز به من الصدق والواقعیّة وعمق المعاناة والخصائص الشعریّة والخیال والفنون البدیعیّة وسواها من المواصفات. درسنا فی هذا المقال البناء الفنّی للشکوى من خلال الدراسة التحلیلیّة والاستقرائیّة، مستعینین بالدراسات النّقدیة فی التحلیل من حیث اللغة والأسلوب والصور الشعریة والموسیقى الشعریة،مستفیدین من المصادر العربیّة الرئیسة ودواوین الشعراء والمجامیع الشعریة، خاصة فی العصر الجاهلی والقرون الثلاثة الأولى للهجرة، بما فیها العدد الکثیر من فحول الشعراء وغزارة الشعر. شعر الشکوى شعر مباشر فی کثیر من جوانبه، وقصیدة الشکوى ولیدة اللحظة؛ فلیس فیها مجال للتنقیح والتهذیب، فجاءت الصور الشعریّة تقریریة مباشرة، لکنّها لم تکن تطغى على الصور الفنّیّة التی کان وجودها ملحوظاً مع تفنّن الشعراء فی ذلک؛ حیث وظّفوا جمیع الحواسّ فی بناء تلک الصور الفنیّة التی اتّضحت بصورة مؤثرة فی الشکوى الذاتیة أکثر من الجوانب الاجتماعیة والسیاسیة. من الصعوبات التی واجهتنا فی هذه الدراسة کثرة النصوص ومجموعة کبیرة من دواوین الشعراء، فضلاً عن المجامیع الشعریة والمصادر الأخرى. وأیضاً کانت هناک صعوبة أخرى تکمن فی أنّ شعر الشکوى لیس شعر المناسبات السّارّة، بل شعر الأزمات والهموم الیومیّة، وهو من نصیب الفئات البسیطة التی تکون خارج اهتمام المجتمع، وأشعارهم متفرقة فی کثیر من مصادر الأدب والتاریخ، وهو أمر لیس بالسهل لمن أراد البحث.
اللغة الشعریة إنّ اللغة لا تقتصر وظیفتها على التعبیر عن الفکر فحسب، بل لها إلى جانب هذا خصائص جمالیة تعکس قیمتها الفنیة، وترفع بها لتکون مظهراً من مظاهر الجمال؛ إذ کانت الوظیفة الأولیة للغة تکمن فی التعبیر عن الحقائق. ولها إلى جانب هذا وظیفة أخرى تتجلّى فی التعبیر عن العواطف، وإثارة المشاعر، والتأثیر فی السلوک الإنسانی. وأدرک النّقّاد القدامى سرّ جمال العربیة، وقرّروا أنّها لغة غنیة بأسباب الجمال الذی من أجله فاقت کلَّ لغة «وأربت على کل لسان» (الجاحظ، 1367هـ، ص 347). لللغة الشعریة خصائص تختلف بها عن لغة النثر، فهی انعکاس لخبرات الشاعر الإبداعیة، «ووعاء لاستقباله أحداث الحیاة، کما أنها تکشف من خلال الألفاظ والتراکیب عن أعمق حالاته الوجدانیة، فهی الأداة التی یصل المعنى بواسطتها إلى الذهن مهما تعدّدت طرق الأداء التعبیری، وخرجت عن الاستخدام الحقیقی للألفاظ» (کمال، 1984م، ص 170). «فالشکوى» تعنی التوجّع من شیء تنوء به النفس، ویثقلها بکثیر من الهموم، وألفاظ الشعراء تقطر لوعةً وألماً، کما أنّها جاءت متوائمة مع الحالات الشعوریة؛ حیث عکست حقیقة الشاعر الإنسانیة، وکشفت عن المقدرة الفنیة لدى الشعراء؛ إذ إن لشعراء الشکوى معجماً شعریاً خاصاً یتفق مع کل وجه من الشکوى الذاتیة والاجتماعیة والسیاسیة. ولکل نمط من تلک الأنماط ألفاظٌ إن لم تکن مشترکة، فهی متقاربة إلى حد کبیر؛ وکَثُر الدوران حول معانیها فی شعر الشکوى. إنّ الباعث الأول لشعر الشکوى هو الحزن والألم، فکانت قوة التأثیر فی النفس التی تنشأ من قوة العاطفة المتوهجة بالحزن والأسى (بدوی، د. ت، ص 505 ــ 506). ونرى هذا عند شعراء الشکوى؛ حیث وضّح إحساسهم بالمعاناة، فقویت عواطفهم حتى فی الشکوى الساخرة، وفی الشکوى من بعض الاتجاهات السیاسیة والدینیّة، ولا یفتقد التوهّج العاطفی، والتأثیر النفسی الذی یحمل طابع التهدید والثورة، أو السخریة. إن مستوى التعبیر اللغویّ عند شعراء الشکوى یختلف باختلاف الزمن، بیدَ أنّ هناک مستویات معیّنة ترتبط ببعض الألفاظ، ولا تختلف باختلاف الزمن؛ فهی ألفاظ مشترکة فی مختلف العصور. وتردّدت طائفة من الألفاظ المحملة بالدلالات الشعوریّة فی شعر الشکوى للتعبیر عن الواقع. فی الشکوى من الموت نجد الألفاظ التی توحی بالحزن والفناء نحو: الموت والمنون والحمام والبکاء والبلى والأرَق الحسرة والدموع والرُّزء والزفیر والسقم والسهر والشجو والصرم والفجیعة والفراق والمکابدة والمنایا والنّوح والهیاج والردى. وفی الشکوى من الشیخوخة یردّدون العبارات التی توحی بالانکسار والندم على الزمن الماضی وذکر الشباب الغارب ومجدهُ والمشیب وتغیّر لون شعر الرأس وضعف البصر والسمع ووصف المشیة والتوکّؤ على العصا وعزوف الغوانی وسأم الأهل والانحدار إلى الطفولة مرة أخرى. وفی شکوى الشعراء من فراق الحبیبة ومماطلتها فی المواعید یتمثلون بألفاظٍ: الأرق، البین، الجزع، الجوى، الحنین، الصّدع، الصّرم، العناء، الهجران، الهمّ، الوِشایة، الوَجْد، العویل، الکَرْب، الکَمَد، اللُّؤم، النأی، النّزوح، وغیرها فی لغة سهلة تعبّر عن المعنى تعبیراً نراه یتسلسل إلى مشاعر المتلقی، فیثیر فیه العواطف. یطول بنا الحدیث لو نفرد الألفاظ الخاصة بکلّ اتجاهات الشکوى، فنکتفی بما یدّل على بعض الصیغ اللغویة التی استخدمها الشعراء، وکان لها الأثر المناسب فی بسط المعنى الذی یرتبط بذات الشاعر. شعراء الشکوى أکثروا من استعمال بعض الصیغ اللغویة؛ نحو: «ألا» الاستفتاحیة، والاستفهام، والتّعجب، والتوجّع، والنّداء والشرط، والنفی... و«ألا» وهی حرف استفتاح وتنبیه (سیبویه، 1990م، ص 235؛ ابن هشام، 1979م، ص 68)، فیرید الشاعر فی شکواه أن یحمل المتلقی على مشارکة انفعالاته، فصیغة الاستفتاح تناسب بدایة الشکوى؛ إذ تلفت الانتباه إلى الشاکی، وتشکّل فی نسقها الشعری مظهراً حزیناً یدعو السامع إلى الإصغاء والاستجابة. ففی الشکوى من الشیخوخة، ینبّه الشاعر الجاهلی زهیر بن جناب بن هبل بـ«ألا»، حینما عاملتْه زوجته معاملة قاسیة بسبب شیخوخته:
(المرتضى، 1373هـ. ش، ص 240) والأسود بن یعفر النهشلی یتّخذ من «ألا» لیؤکّد على قضیة اعتقاد الجاهلیین بأنّ الدهر أصل لشقائهم:
(النهشلی، د. ت، ص 25) وأبوخراش الهذلی فی شکواه من فراق ابنه «خراش» یُبیّن عن عاطفة حزینة، وشوق شدید:
(فرّاج وشاکر، ج د. ت، ص 1242) وعند شعراء الغزل العذری:
(مجنون لیلى، 2005م، ص 247) وبمثل هذه العاطفة المضطربة السّمهری بن بشر العکلی؛ إذ یقول فی سجنه وقد تخلّت عنه قبیلته:
(الإصفهانی، د د. ت، ص 54) ومن الصیغ اللغویة التی نجدها فی شعر الشکوى بصفة کثیرة بعض أدوات الشرط، ومنها «لو» وهی حرف لما کان سیقع لوقوع غیره (سیبویه، 1990م، ص 224)، وکذلک «لولا» للدلالة على الامتناع أو التحضیض، للتعبیر عن الأحاسیس. فامرؤ القیس فی شکواه یعتمد على هذه الأداة، وقد وصل إلى حالة نفسیّة متعبة، لم یکن أمامه إلا الرضوخ لحقیقة ما یعانیه، ودنا منه الموت بأرض بعیدة، فما کان له أن یتقبل هذا الوافد إلا بین قومه:
(امرؤ القیس، د. ت، ص 213) أما المتلمّس الضّبعیّ، فهو یصوّر لنا عدم انتقامه من قومه الذین أرادوا انتقاصه، فیستخدم أداة الشرط «لو»:
(المتلمّس، 1970م، ص 29) وطرفة بن العبد، فإنه فی شکواه من فقره، وعدم وجود الولد، ویربط ذلک بعدم توفیقه فی الحیاة:
(طرفة، آ 1989م، ص 51) ویتخذ أبوالشمقمق من صیغة الشرط وسیلة للتعبیر عن فقره وسوء حظه فی الحیاة فیقول:
(ابن عبد ربّه، 1982م، ص 216) وفی شکوى السّید الحمیری فی سجنه حیث یقول:
(الحمیری، 1982م، ص 96) جاءت أداة الشرط لتؤکّد على حالة نفسیة، لولاها ما ضعُف الشخص حتى أسلم نفسه للشکوى والأنین. وترد هذه الأدوات فی شعر الشکوى وغیره، لکننا لاحظنا ورودها هنا بکثرة فی شعر الشکوى؛ لارتباطها بحالة الشعراء وتأدیتها للمعنى المراد. وجاءت أداتا الشرط «لو ولولا» فی شعر الشکوى أکثر من غیرهما من أدوات الشرط. وهذه الاستخدامات تنجز فعلاً مهماً فی عملیة التشکیل الشعری، وفی فاعلیة النّظام النحوی التی تعدّ جزءً أساسیاً فی حیویة اللغة، وقدرتها على أداء وظائفها. وتظهر صیغة النداء فی شعر الشکوى باستمرار، لتوجیه الدعوة إلى المخاطب؛ فالنّداء یشبه الصراخ وطلب النجدة والخلاص ممّا یعانی الشاعر. هذا أبوکبیر الهذلی فی شکواه من الشیخوخة یوجّه الخطاب لابنته مستخدماً أسلوب النداء:
(فرّاج وشاکر، ب د. ت، ص 100ـ101) وصیغة النداء فی الشکوى من ظلم الولاة أدّت بمزید من التأثیر؛ کقول عبد الله بن همام السلولی:
(البلاذری، 1938م، ص 191) والنداء من الصیغ التی وجدناها توجَد فی شعر الشکوى بصورة طغت على غیره من الأغراض الأخرى. شاعت العبارات الإسلامیه فی شعر الشکوى؛ حیث یبدوالشعراء وقد تأثروا بالدین. وإذا کان الإنسان یلجأ فی حالة الضّرّ إلى الله ــ کما یحدِّثنا القرآن الکریم بذلک فی قوله تعالى: «وَإِذا مَسَّ الإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبهِ أوْ قاعِداً أوْ قائِماً فَلَمّا کَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ کَأَنْ لَمْ یَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُª (یونس 14: 13)، حیث تسقط الأقنعة، وینکشف کل شیء ــ فإن الشاعر المسلم قد أکّد على هذه الحالة النفسیة الصادقة عندما ینفجر بالشکوى. فنرى صدى الإسلام یظهر فی شعره عندما یتضرّع بشکواه إلى الله فی مناجاة صادقة. فیخفّف حینئذ من وطأة آلامه؛ ولذلک کثرت عبارات «أشکو إلى الله». وفی أشعار اللصوص التائبین، وفی الشکوى من ظلم الولاة والسُّعاة والعُمّال فی العصر الأمویّ وجدنا ألفاظاً دینیّة استخدمها الشعراء، ولم تُعرف إلّا فی الإسلام؛ کأمیر المؤمنین، خلیفة الرحمن، ولیّ أمر الله.... فالراعی النمیری فی شکواه لعبد الملک بن مروان من ظلم العمال یقول:
(الراعی النمیری، 1401هـ، ص 226ـ 230) وقول أنس بن زنیم اللیثی یشکولابن الزبیر:
(ابن قتیبة، آ د. ت ، ص 233) والشعراء فی شکواهم یقتبسون من القرآن الکریم کثیراً، ویظهر هذا فی قول أبی صخر الهذلی:
(فرّاج وشاکر، ب د. ت، ص975) فقد تأثّر بالآیتین الکریمتین: «أَنَّه هُوَ أَضْحَکَ وَأَبْکى µ وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَأَحیاª (النجم 53: 43ـ44). ویقول ابن رهیمة (وهو من شعراء الدولة الأمویّة، وکان مِن شعراء الغزل) فی شکواه من الشیب:
(الإصفهانی، آ د. ت، ص 405) فقد تأثر بقوله تعالى: «قالَ رَبِّ إِنّی وَهَنَ الْعَظْمُ منّی وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَیْباً ª(مریم 19: 4). والشاعر المسلم فی شکواه یعود إلى الله، فیناجیه مناجاة المتضرّع الضعیف الّذی وَکّل إلیه أمرَه. ویظهر لنا من قول أمیة ابن أبی عائذ:
(فرّاج وشاکر، ب د. ت، ص 495ـ496) تظهر فی شعر الشکوى الرّقّة والسهولة فی الألفاظ، ودقة المعنى، وقوة تأثیره فی النفس؛ فکانت الألفاظ سهلة قلّ أن نجد کلمة ینبو عنها الذّوقُ، أو تتّسم بالابتذال. وهذه السهولة لیست من قبیل الضعف، لکنها من الجزالة؛ فقد واکب الشعراء العصر، واستوعبوا کل معطیات الثّقافة الجدیدة، وتأثّروا بأهمّ التحولات الاجتماعیة والسیاسیة. ورغم ذلک فقد بقیت لغة الشکوى سهلة واضحة، وکانت تمیل إلى الشعبیّة فی الشکوى فی أکثر الأحیان. وکان من زعماء هذا الاتجاه أبو الشمقمق، وأبو دلامة، وبشّار، وعمرو بن الهدیر، وأبو فرعون الساسی. فقد هجروا الألفاظ الغریبة فی شکواهم، واتّجهوا إلى ما یلائم وحیاةَ الناسِ الجدیدة.َ
الأسلوب لقد تنبّه النّقّاد العرب القدامى للأسلوب فی دراساتهم. فابن طباطبا العلویّ یرى أنّ للمعانی ألفاظاً تشاکلها، فتحسن فیها وتقبح فی غیرها (ابن طباطبا، د. ت، ص 46). ویرى الإمام عبد القاهر الجرجانی أنّ لکلّ نوع من المعنى نوعاً من اللفظ هو به أولى، وضرباً من العبارة هو بتأدیته أقوى (الجرجانی، 1989م، ص 757) إنه یرید باللفظ هنا الأسلوب والترکیب ولیس اللفظ المفرد فقط، ویرى أن الأسلوب هو الضرب من النظم والطریقة فیه (السابق، ص 468ـ 469). ویرى الآخرون أنّ الأسلوب هو الصورة اللفظیة التی یعبَّر بها عن المعانی، أو نظم الکلام وتألیفه لأداء الأفکار وعرض الخیال (الشّایب،1976م، ص 46). فالأسلوب یراد به الطریقة الخاصة التی یصوغ فیها الکاتب والشاعر أفکاره، ویبیّن بها عمّا یجیش فی نفسه من العواطف والأحاسیس. ولقد استثمر الشعراء فی شکواهم کل الأسالیب الممکنة عن قضایاهم التی أقلقتهم، وقد تتفاوت هذه الأسالیب من حیث الصیاغة فی محاور الشکوى، فتکثر فی بعضها وتقلّ فی بعض، وهی تخضع لطبیعة الباعث، وما تدور حوله الشکوى. فقد نجد صیغة الأمر ترد کثیراً فی الشکوى من ظلم الولاة فی العصر الأموی، ویندر وجودها فی محاور الشکوى الأخرى، والشعراء یبرّزون إذاعة الخبر أو یطلبون من السامع أن یبلِّغه للناس. وفی مخاطبة الشاعر للخلیفة أو الوالى بصیغة الأمر مضامینُ معنویة تنأى بالأسلوب عن الرتابة، والقارىء عن السَّأَم، ویخرج الأمر عن معناه الحقیقی إلى معانٍ ذات دلالات فنیة، تفید بأنّ الشاعر قد نفِدَ صبره حینما یرى مظاهر الظلم والانحراف، فلا مندوحة إذاً من الطلب بصیغة الأمر، وتوجیه ذلک إلى من بیده السلطة، وهو قادر على تغییر هذا الوضع أو ذاک. تظهر هذه الصیغة الأسلوبیة کثیراً عند الراعی النمیری فی شکواه من عُمّال عبد الملک بن مروان:
(الراعی النمیری، 1401هـ، ص 226ـ230) ورود صیغ الأمر فی الشکوى من ظلم الولاة کثیرٌ (أبو الأسود الدُّؤَلی، 1982م، ص 108ـ109 والبلاذری، 1938م، ص 191ـ194). ومن الأسالیب التی وجدنا الشعراء یستخدمونها لتوضیح الإطار العام للشکوى، والتأثیر فی نفس المتلقی، تضمین أشعارهم لبعض الأمثال العربیة. تعدّ الأمثال سجلاً من سجلات اللغة التی اهتم العلماء بجمعها وتدوینها منذ القدم؛ فکانت العرب تعارض بها کلامها لتصل إلى ما تُبیّن حاجتها بأقصر الطرق؛ لأن الأمثال کما یقول ابن سلام: «حکمة العرب فی الجاهلیة والإسلام، وبها کانت تعارض کلامها، فتبلغ بها ما حاولتْ من حاجاتها فی المنطق بکنایة بلا تصریح، فیجتمع لها بذلک ثلاثُ خلال: إیجاز فی اللفظ وإصابة فی المعنى وحسن التشبیه» (ابن سلام، 1980م، ص 34) تحدّث الزمخشری عن أثر الأمثال عند العرب فی المعانی فقال: «ولضرب العرب الأمثالَ واستحضارِ العلماء المثلَ والنظائرَ شأن لیس بالخفیّ فی إبراز خبیئات المعانی، ورفع الأستار عن الحقائق حتى تُریک المتخیَّلَ فی صورة المحقَّق، وفیه تبکیتٌ للخصم الألدّ، وقمعٌ لِسَورة الجامح الأبیّ» (الزمخشری، 1972م، ص 195). وتمکّن قوة تأثیر المثل فی أنّه یقصّ قصّة وقعت وتجربة سلفت ونبع منهما هذا المثل، ووروده فی قصیدة کأنما یوجز القصة کلَّها، وینقل التجربة فی بیت واحد، وعندئذ تزداد قوة التأثیر على المخاطب. والمثل یجتمع فیه ما لا یجتمع فی غیره من سمات البلاغة کالإیجار فی اللّفظ، والإصابة فی المعنى، وحسن التشبیه، وجودة الکنایة (المیدانی، آ 1978م، ص 7ـ 8). والأمثال مخزونة فی شعور الناس، وحین ترد فی الشعر، تبعث کلَّ هذا المخزون فی الذاکرة، فیتأثّر المخاطب، فیَطرَب لهذا الذی یحرّک وجدانَه، ویعید له التجارب السابقة فی أبلغ صورة وأوجز کلام. استثمر الشعراء الأمثالَ فی الشکوى، فکان ذلک من میزات الأسلوب. وربما جاءتْ هذه الأمثال فی شعر الشکوى أکثر من غیره للدلالة على حالة نفسیّة قلقة یحاول الشعراء الإفصاح عنها لبیان ما ینتابهم من الهموم. ولماّ کانت الشکوى إظهار ما فی النفس الإنسانیة، ناسب أن یضمّن الشعراءُ الأمثالَ شکواهم؛ لأن هذه الأمثال مَیَدانها الحیاة العامّة، فجاء استخدامهم لها دلیلاً على عنایتهم بهذا الأسلوب لما یمثّله من قیمة فنیة. ونبیّن ذلک من خلال النماذج التی سنوردها هنا. منها قول البریق الخناعی (وهو عیاض بن خوَیلد الهذلی، ویلقّب بالبریق، حجازیّ مخضرم، کان رسولالله % قد أمر بقطع لسانه لماّ شکاه قوم من بنی لحیان لهجائه لهم، نمّ فیه قوم من قریش، فعفا عنه "المرزبانی، 1991م، ص 268") یشکو من قومه بنی لحیان، حیث کان جزاؤهم له کجزاء سنمّار؛ فضربت العرب به المثلَ لمن یجزی بالإحسان الإساءة َ(المیدانی، آ 1978، ص 283):
(فرّاج وشاکر، ب د. ت، ص 746) وقول بعضهم یشکو من ذَهاب ماله:
فقد ضمِن هذه الشکوى المثلَ: «جاء صریمَ سِحْرٍ». یضرب هذا المثل لمن جاء آیساً وخائباً. (المیدانی، آ 1978، ص 313). وفی شکوى الجاهلیّین من الزمان نجدهم یضمّنون الشکوى بعضَ الأمثال العربیة لبیان القلق وخوفهم من الدّهر:
(لبید بن ربیعة، د. ت، ص 274) فقد ضمِن هذه الأبیات المثل: «أخنى علیها الّذی أخنى على لُبَد»[2] (المیدانی، آ 1978، ص 429). ویتخذ طَرَفة بن العبد من المثلین: «أروغ من ثعالة» و«ما أشبه اللیلة بالبارحة» یؤکّد خیبة أمله فی أصدقائه الذین أسلموه للمحنة فیقول:
(طرفة، ب 1989م، ص 78) وفی شکوى امرئ القیس من خیبة أمله فی الحیاة لا یجد بُدّاً من التعبیر بالمثل القائل: «رضیتُ من الغنیمة بالسلامة» (ابن سلام، 1980م، ص 249)، وذلک لیبیّن شدة الیأس فی تَطوافه من أجل ملک آبائه المسلوب:
(امرؤ القیس، د. ت، ص 95) وفی قصیدة رفعها أبو نواس إلى الأمین العباسی یشکو فیها سجنَه ویتوسل إلیه لیطلق سراحه ضمّن شکواه المثلَ القائلَ: «رفع به رأساً؛ أی: إنّه رضی بما سمع وأصاخ له» (المیدانی، ب 1978م، ص 62).
(أبونواس، 1998م، ص 153) وقول الأعرابیّة التی تشکو من عقوق ابنها لها:
(المبرد، 1989م، ص 312) وهو فی معنى المثل: «عَوْدٌ یُعَلَّمُ العَنْج» یضرب مثلاً للمسنّ یؤدَّب (العسکری، 1942م، ص 39). وبقدر ما استخدم الشعراء من الأمثال أو ما فی معناها خلال شکواهم، فإنهم أتوا ببعض صیغ المبالغة بأوزانها الخمسة (فعّال، فعیل، فعول، فَعِل ومِفعال)، یکثر استخدامها فی الشکوى لما تشکّله هذه الأوزان الصرفیة فی السیاق الشعری من معانٍ عمیقة تناسب المقام الّذی قیلت فیه. فامرؤ القیس فی شکواه بعد أن طوّف فی الآفاق وعاد خائباً، لا یجد بدّاً من المبالغة فی هُزال مطیّته، لیبیّن مشقّة طول السفر، فیقول:
(امرؤ القیس، د. ت، ص 98) والمخَبَّل السَّعدیّ فی شکواه من فراق ابنه شیبان یتّخذ أسلوب المبالغة (فعّال) لتهویل ألم الفراق:
(الإصفهانی، ج د. ت، ص 90) ویبالغ أبوالأسود الدُّؤَلی فی الشکوى من بعض عمّال ابن الزبیر یبالغ فی وصف ما یتّصف به هذا الوالى من خُلق لم یکن یرضى عنه عامة الناس، فیقول:
(السابق، ص 90) فقد عمد إلى صیغ المبالغة (فَعِل، فَعول، مِفعال) لزیادة التوضیح، وتصویر الجانب الاجتماعی لحیاة هذا الوالی. والفرزدق یشکو للولید بن عبدالملک ما حلّ بالمجتمع العراقی، ممّا یعانیه الناس من ضیق الحال، وقد رکّز على الناحیة الدینیة لإثارة الخلیفة، فقال:
(الفرزدق، 1407هـ، ص 286) وکانت للأسلوب خصائص تنبع من نوع الشکوى. فالشاعر فی شکواه الذاتیة یعبّر عن نفسه فقط، ویشکو ما حل به، ولم نجد للجماعة دوراً، فکان الصوت الواضح فی هذا الجانب هو صوت «أنا»؛ إذ أنّ الموقف یغمر الشاعر، کما أن المؤثرات الذاتیة تستبدّ بکل عواطفه وانفعالاته، فیذکر هواجسه. وتظهر هذه الناحیة الأسلوبیة واضحة فی الشکوى من الشیخوخة وطول اللیل والسجن والمرض وکل ما یتّصل بذات الشاعر وکوامنه النفسیة. یخفى صوت «أنا» فی الشکوى الاجتماعیة والسیاسیة، ویعلو صوت الجماعة، ویذوب ویتلاشى الشعور الفردی أمام مصلحة الجماعة من ظلم الولاة فی الحیاة الاجتماعیة فی القرن الأول الهجری، ومن أثر الموالی فی الحیاة الاجتماعیة فی القرنین الثانی والثالث؛ کما تجلّت هذه الظاهرة الأسلوبیة فی شعر الشکوى السیاسیة فی عصر بنی أمیة، والعصر العباسی حتى نهایة القرن الثالث الهجری. و یکشف شعر الشکوى لنا بوضوح أن الشعراء لم یعتمدوا التوعّر قی أسالیبهم. فحینما نقرأ شعر الشکوى فی العصر الجاهلی، لا نجد صعوبة تُلجئنا إلى الرجوع للمعاجم اللغویة شأنَ الأغراض الجاهلیة الأخرى التی تفرض على القارئ اللجوء إلى المعاجم للوقوف على معانیها، فغرض الشکوى حافل بالسهولة والعذوبة فی مختلف العصور. والحق أن الحکم بالسهولة على هذا الشعر أو ذلک نسبیّ یختلف من شاعر إلى آخر، وبین قصیدة إلى أخری حتى لشاعر واحد، لکن السهولة فی غرض الشکوى على امتداد هذه العصور یظل دائماً بالقیاس إلى الأغراض الأخرى حکماً صادقاً، وهذه تعود إلى طبیعة هذا الشعر؛ فهو صدًى لإیقاع نفسی تختلج به خفقات قلوبهم، فشعراء الشکوى یرسلون شعرهم إرسالاً طبیعیاً دون تکلّف. تتّسم الخصائص الأسلوبیّة فی شعر الشکوى بالصّدق فی التعبیر؛ حیث لم یعرف الشعراء فی شکواهم تزییف العواطف، والتکلّف فیها. کان الشعراء فی هذا المجال صادقین؛ لأنّهم یعبّرون عن معاناة حقیقیة فرضت علیهم أن یکون أسلوبهم مباشراً بسیطاً لا تکلُّف فیه، فجاءت معانیهم بعیدةً عن التأنّق والزخرفة، فی لغة سهلة یندر أن نعثُر فیها على عبارة معقّدة. والإطناب من سمات الأسلوب فی شعر الشکوى. فالشکوى من الشیخوخة تستغرق قسطاً کبیراً من الألفاظ والمعانی والصیاغات، حیث عمد الشعراء فی هذا النوع من الشکوى إلى تَعداد ضروب لهوهم فی الشباب، وأطالوا الحدیث عن ماضیهم مصوِّرین ما کان لهم من لهو ومفاخر. وقد حفلوا بتصویر أحوالهم التی وصلوا إلیها من ضعف البدن، وکَلال الحواس، وغیرهما من مظاهر العجز، کما نجد الشعراء فی الشکوى من السجن یحنّون إلى أیام الحریة، ویتشوّقون إلى مرابع الأهل. ویکثر الإطناب عند شعراء الغزل العُذْریّ حینما یصوّرون أحوالهم بعد أن هجرهم أحبّاؤهم، یخاطبون الجماد من الجبال والشجر، والأحیاء من الطیر والحیوان فی أسلوب ینمُّ عن الضعف والتهالک وراء المحبوبة. ومثل ذلک شعراء الغربة فی شکواهم وحنینهم لأوطانهم. من میزات أسلوب شعر الشکوى عدم میل الشعراء إلى المحسّنات البدیعیّة؛ لأنّ شعر الشکوى فی جملته واضح بعید عن تزیین أسلوبه بالصنعة البدیعیة. وقد زاد من سهولة أسلوب شعر الشکوى وضوح المعانی؛ فالأسالیب تشفّ عمّا تحتها من معان یقع علیها المتلقی فی سهولة، تنأى عن الغموض والتعقید بما یمکن المتلقّی من فهم معانیه بطریقة تخلو تماماً عن الإغراق فی التفکیر؛ لأن الشعراء یعالجون قضایاهم بلغة سهلة رقیقة بعیدة عن الزخرفة، فجاء الأسلوب سهلاً بسیطاً. وهذه السهولة والوضوح تعود إلى طبیعة الموضوع نفسه؛ فهو تعبیر عن مشاعرَ مجروحةٍ مثقّلة بالهموم؛ فحتّى فی الشکوى الساخرة لا نفتقد تلک العاطفة الدافقة، ودورها فی تشکیل المعنى وتحسین الأسلوب، فظهرت قدرة أولئک الشعراء من أمثال أبی الشمقمق والساسی، وأبی دلامة، وبشّار، وأبی على البصیر وغیرهم على الحکایة والقصة فی نتاجهم، مما أضفى على أسلوبهم صفة السهولة، فراجت أشعارهم. والشعراء قد یتحوّلون فی شکواهم أحیاناً إلى أسلوب الهجاء، فیستعملون ألفاظاً ثقلیة، وقد ظهر هذا فی الشکوى من أثر الموالی فی الحیاة الاجتماعیة والسیاسیة، وعند شعراء الأحزاب التی نشأت فی العصر الأموی (الصفدی، 1911م، ص 62 وابن جراح، د. ت، ص 131).
الصور الشعریة تنبّه النقاد العرب القدامى لأهمیة الصورة الشعریة، وأثرها فی البناء الفنی للشعر العربی، ورأوا أنّ فضیلة الشعر مقصورة على العرب، فلا یترجَم ولا یجوز نقله لاستحالة نقل المعانی التی تحمله الألفاظ بعد نظمها وتألیفها (الجاحظ، د. ت، 74ـ75)، وهذا یعنی أنه قد لاحظ النقاط البلاغیة التی تحدث بسبب النظم، وأنها من خصائص اللغة العربیة، وهو یعلن رأیه فی قضیة اللفظ والمعنى فیقول: «... والمعانی مطروحة فی الطریق یعرفها العجمی والعربی والبدوی والقروی، وإنمّا الشأن فی إقامة الوزن وتخیّر اللفظ وسهولة المخرج وکثرة الماء وفی صحة الطبع وجودة السبک. فإنّما الشعر صناعة، وضرب من النّسج، وجنس من التصویر» (المصدر نفسه، ص 131ـ132). فهو یرى أن الشعر صناعة وضرب من النسج وجنس من التصویر؛ إذ المعنى الأصلی الذی یعبِّر عنه الشاعر کالمادة فی ید الفنّان مِلک لجمیع الناس، وإنما المدار على تناول هذا المعنى والتعبیر عنه تعبیراً تامّاً بألفاظ فصیحة وموضوعة فی أماکنها. وبهذا نفى الجاحظ أن تکون المیزة البلاغیة فی المعنى الأصلی، بل المدار عنده على الصورة والترکیب ولیس اللفظ المفرد. ویرى ابن قتیبة أن «أشعر الناس من أنت موجودٌ فی شعره حتى تفرغ منه» (ابن قتیبة، ب د. ت، ص 82). وأشار عبد القاهر الجرجانی إلى الصورة فیقول: «وأعلم أن قولنا الصورة إنما هو تمثیل وقیاس لما نعملهُ بعقولنا على الّذی نراه بأبصارنا»، إلى أن یقول: «ولیس العبارة عن ذلک بالصورة شیئاً نحن ابتدأناه فینکره منکر، بل هو مستعمل مشهور فی کلام العلماء، وإنّما الشعر صیاغة وضرب من التصویر» (الجرجانی، 1989م، ص 508). وجَعَلَ التهانوی (1963م) للصورة معانی عدّة، لکنها لا تخرج عن المعانی اللغویة والفلسفیة لها (ص 228ـ 230). فیمکن ملاحظة الصورة من خلال عناصرَ عدّةٍ تقرّبها إلینا التشبیهات، والاستعارات، والمجازات، والکنایات التی ینتظمها علم البیان فی البلاغة العربیة. وتأخذ الصورة من هذه الکیفیات مادّتها، وتستمدّ تأثیرها فیصبح الشعر بدونها کمّاً جامداً؛ لأنّ الصورة المجازیة جزء ضروریّ من الشعر، وتمنحه التأثیر فی النفس. فالشعر العربی لیس کلاماً یقوم على وحدة الوزن والقافیة فحسب، و«إنّما هو تعبیر له قوّة دلالیّة تُثیر فینا الرّغبة فی الاستماع والاستمتاع فی آنٍ واحدٍ، متى استطاع الشاعر نقل فکرته إلینا بلغة خاصة ترتبط بالمعانی اللغویّة للألفاظ، وبجرسها الموسیقی، ومعانیها المجازیة، وحسن تألیفها معاً» (الشایب، 1976م، ص 244). الألفاظ والمصطلحات إنّ الالفاظ والمصطلحات شکّلت جزءً کبیراً من البناء الفنّیّ لشعر الشکوى؛ حیث یعمد الشاعر إلى تقریر حقیقة أو حقائق، فلیجأ إلى التعبیر المجرد دون توجیه الاهتمام إلى الصورة الفنیّة والخیال المبدع. هذا مما تقتضیه طبیعة الموضوع. فالشکوى تبدو فی وجهٍ من وجوهها کالمقالة أو کالرسالة التی یوجّهها صاحبها إلى من هو مَعنیّ بالأمر مهما کانت منزلته. فیحرص الشاعر على ذکر الوقائع، وتحدید المشکلة، مما یجعل مجال الخیال والتصویر قلیلاً إذا قیس بأغراض الشعر العربی الأخرى، فهو شعر لیس للتهذیب والتنقیح دور کبیر فیه، وإنّما یکتسب تأثیره من قوة المعاناة. الشعر فی کل حقبة یتأثر بالبیئة الثقافیة. وظهر التجدیدُ فی الشعر العربی بعد القرن الأول متمثلاً فیما استحدثه الشعراء فی العصر العباسی من تجدید فی اللغة الشعریة، وفی المعانی والأخیلة والصور والموسیقى، وما أنشأوه من موضوعات جدیدة، واصطناعهم المحسنات البدیعیة. وفی الشکوى من الفقر عند شعراء القرنین الثانی والثالث نجد أبا فرعون الساسی یبیّن صورة أهله:
(ابن المعتزّ، 2002م، ص 377ـ 378) ولا نرید أن نُکثر من الشواهد على هذا النوع من الصور ــ رغم کثرتها فی شعر الشکوى ــ ؛ إذ قوامها هذه الألفاظ اللغویة فی بناء شعری یصل أحیاناً إلى أدنى درجات الضعف، فیقترب کثیراً من النثر أو النظم التعلیمی؛ حیث یعمد الشاعر فی شعر الشکوى الذی یحمل هذا الطابع أو یقترب منه إلى تقریر حقیقة یشکو منه دون عناء ومن غیر أن یغوص فی أعماق اللغة، أو یغرق کثیراً فی صور المجاز. فهذه الصور أحیاناً ذات سمة واحدة؛ سواء أکانت فی شعر الشکوى أم غیره؛ إذ الغرض نقل معاناة الشاعر وما یشعر به إلى الآخرین دون محاولة التأنّق والتخییل.
الصور الفنّیّة الصور الفنّیّة تشکّل فی شعر الشکوى جزءً مهماً، واعتمدها الشعراء فی بسط المعنى، وإعطاء المتلقّی مزیداً من الحریة فی التدقیق فی الصور الشعریّة وخبایاها الفنیّة لما لها من دلالات عمیقة ومثیرة. وقد سلک الشعراء فی صورهم کل أسالیب البیان الممکنة، وجسموا المعنویَّ وجعلوه محسوساً، وأضفَوا إلى صورهم بعض ملامح الإنسان أو صفاته من خلال «التشخیص» فی کثیر من الصور الفنیة. ففی الشکوى من الدهر أعطَوه کل صفات الإنسان، فهو فی رأیهم ذوغِیَر، یُبلی کل جدید، ویرمی ما تطیش سهامه، وقد استأثر بالأحباب والأهل. وتظهر هذه الصورة للدّهر عند کثیر من الشعراء منذ الجاهلیة مثل: الخنساء والأعشى والحارث بن حلّزه الیَشکُریّ وزهیر و.... أما المنایا، فإنها تغادی الناس، وتطرقهم صباح مساء، فتحزّهم حزّاً، وحبالها قد رعت للفتى کل مرصد، ومن أخطأته الیوم علقته من غد. وجعلت الخنساء من المنایا شیئاً محسوساً یراه الناس کل صباح فی صورة خفیّة ارتبطت فی ذهنها بالغدر والفجیعة، فهی تطرقهم، وکأنهم من جرّاء ذلک یُقطعون بالفؤوس:
(الخنساء، 2001م، ص 148) وبنفس التجسیم المعنویّ، وجعله محسوساً فی صورة شعریة نجد ابن براق الهذلیّ یصوّر لنا کثرة همومه وعدم استقرار حیاته برکوبه البحرَ المتلاطم، وکأنها قطیع نِعاج تسعى إلى قطیع آخر. واستطاع من خلال هذا التجسیم أنْ یصوّر تحوّل الموج بقوة اندفاع المیاه من قوة متلاشیة إلى جسد مادیّ هو قطیع النعاج:
(فرّاج وشاکر، ب د. ت، ص 878) واستمدّت الصورة هنا قوّتها من التشبیه الّذی صوّر الشاعر من خلاله السفینةَ وهی تمخُر عُبابَ الماء، فشبّهها بالزوراء وهی الناقة. ثم أمعن فی التشبیه لیستکمل جزئیات الصورة، فشبّه دفعات الموج بنعاج ترتمی إلى نعاج أخرى. وبهذا یرید أن یجسّد آلامه. وفی الشکوى من الشیخوخة نجد تداخلاً عجیباً فی الصور الشعریة یدلّ على خیال واسع، ویرتبط بالحالة النفسیة والجسمیة. ویصوّر ذلک أبوالطمحان القینی ــ وهو من الشعراء اللصوص عاش فی الجاهلیة والإسلام وعُمِّر طویلاً (الإصفهانی، ج د. ت، ص 3ــ14؛ المرتضى، 1373هـ. ش، ص 257؛ ابن قتیبة، ب د. ت، ص 388 ــ 389) ــ:
فالشاعر یرسم لنا صورة دقیقة من عیشه حِقبة طویلة تقلّب خلالها بین الضّعف والقوة، ثم عاد إلى مرحلة الضّعف مرة أخرى، فیقول: إن الصیّاد حینما یرى الصید یقترب منه رویداً رویداً، یُحنی ظهره حتى لا یراه الصید، وبهذا العمل کأنّه مقیّدُ الخطو حتى لا یراه أو یسمعه أثناء اقترابه، کذلک حال الشاعر الذی خانته السِّنون، فأبلتْ قوّته، فهو منحنی الظهر، لکن لیس بإرادته کالصیاد، وإنما نتیجة لشیخوخته، فأصبح حتى لَیخیَّل إلى من یراه أنه یمشی بقید لا یُسمع له بمدِّ الخطو. أجاد الشعراء الفرسان فی بناء الصّور الفنیة، وهم یشکون من عجزهم نتیجة شیخوختهم. ولنأخذ مثلاً دُرَید بن الصمة، سید بنی جشم، فقد غزا نحو مائة غزوة (ابن منظور، 1966م، ص 478)، وعندما أدرکته الشیخوخة، أهمله قومه، فأخذ یصوّر حاله:
(درید بن الصمة، 1981م، ص 66) فالصورة تجسّد ما یعانیه من ضعفه الذی أصبح معه لا یبرح مکانه، فهو کالدّریئة التی تصوَّب إلیها النِّبال، وفی هذا تصویر بلیغ لشخص عجوز یأتیه الموت من کل جانب، کما تأتی النبالُ الدّریئةَ، وفی هذا استعارة للأمراض التی تنهال علیه، وهذه الأمراض أدوات المنون. ویضیف صورة أخرى له فهو کالخرب الّذی قُصّت قوادمه لا یستطیع حِراکاً فلا یطیر، ثم ینتهی إلى جثة هامدة یعبث بها الأسد الهَصور. بعض الشعراء یعمدون فی صورهم إلى تجسید الشباب والمشیب، فیخلعون علیهما صوراً محسوسة یعمدون فیها إلى تشبیه الشباب بالبرود الموشّاة الجمیلة والأفراس الجوامح، کما یشبّهون الشیب بالملاءة البالیة التی تطوی. وتارة یصوّرون الشباب المدبّر الذی تولّى بضیف لیس له إقامة، وسَرعان ما یرحل حین ینزل، کما فی شعر الأخطل ینعى شبابَه الغارب:
(الأخطل، 1975م، ص 155) الصور الفنّیّة تظهر بوضوح فی الشکوى من الشیخوخة أکثر من ظهورها فی الشکوى الذاتیة والاجتماعیة والسیاسیة. ونرى فی الشکوى من عقوق الأبناء تصویراً ینمّ عن حسرة هؤلاء الآباء من جرّاء عقوق أبنائهم لهم؛ حیث تزداد المعاناة عندما یکون الآباء والأمهات شیوخاً، یتجرّعون مرارة الشیخوخة، فتخیب آمالهم فی أبنائهم. وما أروع هذه الصورة التی تقدّمها لنا «أم موتورة» من عقوق ابنها، وهی التی رعته، کما یتعهد مؤبِّر النّخل بالتشذیب والعنایة:
(المبرد، 1989م، ص 312) یصف الشاعرُ طفلاً رضیعاً کالفرخ الضعیف تعطیه أمّه الطعام وتحنوعلیه حتى یستوی عوده، کما یشتدّ عود النخل، وعندئذ أخذ یقسو على الأمّ. فحشدت فی هذه الأبیات ما یمکن من الأسالیب الفنّیّة دون تکلّف، والتقطت صورها من البیئة المحیطة بها، ثمّ دعمت هذه الصور بالکنایة اللطیفة فی البیت الأخیر عندما کَنَتْ عن عقوقه بها بتمزیق أثوابها. الصورة البصریّة تکاد تکون السمة الممیزة، فهی تحظى بنصیب کبیر فی هذا الغرض، بل إن الشعر العربی فی جزء کبیر منه یمیل بوجه عام إلى رسم الصور البصریّة فی شتى أغراضه. وإذا کان لذلک أسباب عامة، ففی غرض الشکوى ترجع إلى طبیعة هذا الشعر المرتبط بالهموم والآلام، فالهموم مَدعاة لاستثارة الدموع، کما أن فی الشکوى من الشیخوخة إشارة إلى العیون عندما ینتابها الضعف. ولهذا یعبّر الشعراء فی شکواهم عن الصورة البصریّة کثیراً مهما اختلفت المناسبة، ولا سیّما إذا کان الهمّ أبدیاً. وحینئذ یکون الشاعر دائم البکاء؛ کأنّ فی عینه قذًى، أو کأنها سُمِلت بشوک، کما یقول أبوذؤیب الهذلی:
(فرّاج وشاکر، آ د. ت، ص 9) وفی الشکوى السیاسیة یبدو للصورة البصریة دور ملحوظ فی تجسید المعنى؛ کقول الفرزدق حینما یشکو من بطش الحجّاج:
(الفرزدق، 1407هـ، ص 251) فهو یبالغ فی خوفه من بطش الحجاج حتى لقد تمثّل الموت فی صورة رجل والحجاج رجل، وکلاهما یُقبلان علیه، وهو یخشى الصورتین، ولکنّ صورة الحجاج أقبح وأشد قسوة من صورة الموت. وفی الشکوى من الحب نجد جمیل بُثَینة قد خانته عینه، فلم یستطع التحکّم فیها، فتنهمر بالدموع بمجرد ذکره بثینةَ:
(جمیل بُثَینة،د. ت، ص 21) وقد یجد الباحث صعوبة فی ردِّ نوع من الصور إلى حاسة واحدة؛ لأنها قابلة لأن تدرکَ بأکثر من حاسة، لکن النوع الغالب هوالنوع البصریّ؛ لأنّ العین أکثر الحواسّ استقبالاً للصور. الصورة السمعیة فی شعر الشکوى تظهر فی أشکال مختلفة، ومن ذلک قول ذی الإصبع العدوانی فی شکواه من الشیخوخة:
(ذو الإصبع العدوانی، 1973م، ص 34) حیث یبدو وقد فقد کلّ سمعه إلا القلیل، فهو یعجز عن سماع الصوت من أی جهة أتى حتى یستدیر له أذنیه، وهو یحدّد فترة اللیل؛ لأنّ الصوت فی اللیل أوضح، والهدوء یخیّم على الوجود، فینساب الصوت یتهادى صداه عبر الجبال فی صورة واضحة یسمعها بعد، وفی هذه الفترة لا یکاد اَنْ یسمع شیئاً إلا أن یتهیأ له. ولم تکن الصورة اللمسیة غائبة فی شعر الشکوى، لکنّها تبدو أقلّ من غیرها، ومن هذا القبیل قول عمروبن الهدیر، وهو یشکو من الفقر:
(ابن عبد ربّه، 1982م، ص 216) وبعد هذا الاستعراض للصورة الشعریة فی غرض الشکوى، اتّضح لنا أنّ تلک الصورة کانت تُفصح عن تطلعات الشعراء، ولذلک غلب على هذه الصور الوضوح والصراحة؛ لأنها نابعة من نفوس عانت الآلامَ، فنطقت العواطفُ الإنسانیة، فکانت تلک الصور حافلةً بالبراعة والإبداع، وقد تداخلت الصور الفنیة فی هذا الغرض تداخلاً أضفى علیها مزید خصوصیة فنیة، ومن هنا فإنّها قد مثّلت فی بابها جوهرَ الشعر الشاکی؛ حیث أحالت المجرداتِ إلى أشیاءَ عینیّةٍ، أو سمعیة، أو ذوقیة، أو شمّیّة، أو لمسیّة، وعن طریق هذه الحواسّ یخاطَب العقل، وتصدر الانفعالات. وقد شکّلت هذه الصور الحسّیّة أوسعَ أبواب الشعر، لکونها عنصراً أصیلاً فی البناء الشعریّ، بل هی أبرز الوسائل لنقل التجربة الشّعریّة، فإلیها ترجع قیمة الشعر الجمالیة.
الموسیقى الشعریة تشکل الموسیقى الشعریة عنصراً هامّاً إلى جانب اللغة والأسلوب والصورة، ویتکوّن البناء الفنی للشعر العربی من هذه العناصر. والموسیقى الشعریة تنفرد بأهمیة خاصة؛ لأنّ الشعر العربی ضرب من الموسیقى تمتزج نغماته بالدلالة اللغویة (هلال، د. ت، ص 463)، فتمکّنه من إیصال معانیه إلینا حسب مستویات معیّنة من الأداء الشعری، وما یترتّب علیه من قوة التأثیر (النویهی، د. ت، ص 20). ویمکننا بحث الموسیقى فی شعر الشکوى من جوانب عدّة،لکلّ منها دور هامّ فی البناء الفنی للبیت أو القصیدة. وتؤلَّف فی نهایة الأمر الموسیقى الخارجیة والداخلیة، فتُکسبه صفةَ التأثیر، ومغایرةَ الکلام المنثور.
الموسیقى الخارجیّة إیقاع الشعر الخارجی یکون فی الوزن والقافیة، وهو الجانب الظاهر فی الموسیقى الشعریة الذی تضبطه قواعد علم العروض والقافیة، وهما عنصران أساسیّان للبناء الشعری لا یمکن أن یطلق على الکلام مسمّى الشعر ما لم یکن موزوناً مقفّى. فالوزن من أعظم أرکان القصیدة العربیة، بل هو عنصر هامّ من عناصر البناء الفنّیّ للشعر، لما للأنغام العروضیة من أثر فی تحدید الشاعریّة، وهذا ما جعل ابن رشیق یقول: «الوزن أعظم أرکان الشعر وأولاها خصوصیةً» (ابن رشیق، 1401هـ، ص 88). ولقد تعدّدت الأوزان الشعریة طولاً وقصراً، وفخامة ولیناً، ونظم الشعراء أغراضهم على بحور متنوعة، ولم یکن مسوّغ للقول بأن هذا الوزن أو ذاک یصلح للرثاء والآخر للمدیح أو الهجاء، ولکنه کانت هناک صلة بین الوزن والعاطفة لدى الشعراء، حیث إنّ قصیدة بوزنها ونغمتها الخاصة بها تلائم حالة الشاعر النفسیة. مع هذا، فقد بقیت هذه القضیة مجال بحث ودراسة؛ خاصة وأن الشعراء القدماء أنفسهم لم یتخذوا لأیِّ موضوع شعریّ وزناً خاصاً به من بین أوزان الشعر العربی، فإن استعراض القصائد القدیمة فی جمیع الأغراض لا یکاد یشعرنا بمثل هذا التخیر، أو الربط بین موضوع الشعر ووزنه (أنیس، 1965م، ص 177)، فلیس لدى الشاعر فی لحظة انفعاله الشعریّ مجال لاختیار نغمة معیّنة، وإنما یندفع بفطرته إلى أیّ وزن یقوده إلیه طبعه (بدوی، د. ت، ص 329). مسألة الربط بین الوزن والغرض الشعری لا یمکن إخضاعها لمعاییر محددة، إنّما المعوَّل علیه فی هذه المسألة تجربة الشاعر الفنّیّة التی تقوده تلقائیاً إلى هذا الوزن أوذاک، مهما کان الغرض؛ فالوزن ولید القصیدة ولیست القصیدة ولیدة الوزن. ذکرنا هذه العجالة لنعالج هذه المسألة فی غرض الشکوى، باعتبار أن الوزن یمثّل جانباً هاماً من جوانب الموسیقى الشعریة، والشکوى جاء فی أغلب الأحیان متلاحماً مع الموضوعات الأخرى التی تمثّل تطلعات الشاعر إلى الواقع، فلم یکن لقصیدة الشکوى بناء واحد مطرد، فهی إما جزء من قصیدة، وإما مقطوعة شعریة، شکا فیها الشاعر من الزمن أو الموت أو الحبیبة وغیرها. ونجد قلیلاً قصائد خصصت بکاملها لِبَثّ الشکوى، خاصّة فی الشکوى من ظلم العمال، کالقصیدة اللامیة لعبدالله بن همام السلولی فی شکواه لابن الزبیر من ظلم عمّاله للرعیة، وهو فی وزن بسیط (البلاذری، 1938م، ص 191ـ 194)، وقصیدة الفرزدق الرائیة فی شکواه للولید بن عبدالملک التی یبیّن فیها ما حلّ بأهل العراق من الظلم(1407هـ، ص 285ــ 286)، وقصیدة نصر بن سیار المیمیة (الإصفهانی، ب د. ت، ص 56) الموجّهة لآخر خلفاء بنی أمیة، فقد جاءت على وزن الوافر، وهو من بحور الشعر الجمیلة ذات الإیقاع الغنائی الذی ینساب فی الأسماع.
وفی الشکوى من الفقر وسوء الحال نجد قصیدة عمروبن الهدیر البائیة (ابن عبد ربّه، 1982م، ص 216) جاءت على وزن الطویل. وفی الشکوى من فراق الأبناء فی القرن الأول الهجری لم تخرج الشکوى من أوزان البسیط والطویل والوافر. وقد وردت الأوزان المجزوءه والمجتثّ والخفیف والمتقارب والرمل نتیجة انفعال النفس، فیکون للإیقاع حینئذ خاصیة حزینة تناسب طبیعة الحدث الذی دفع الشاعر إلى الشکوى، کما فی شکوى الخنساء عندما فقدت أخاها، وکذلک شکوى السلکة أم السلیک عندما فقدت ابنها (الخنساء، 2001م، ص 94 وأبی تمّام، 1993م، ص 447). کانت البحور الغالبة فی هذا الغرض بحور طویلة ذات تفاعیل تناسب حالات الحزن والانفعال، لاتساع مقاطعها وکلماتها لآلام الشاعر وشکواه (هلال، د. ت، ص 429)، وملاءمة موسیقاها لمحاور الشکوى، وکذلک ما فیها من الجدّیّة والصدق. ومن هنا کانت الأوزان الأکثر دوراناً فی غرض الشکوى الطویل، والبسیط، والوافر، والکامل. أمّا القافیة، فإنها ضرب من الموسیقى الخارجیة، وهی بمثابة الفواصل الموسیقیة یتوقّع السامع تردیدها، والقافیة عنصر أساسی لبناء الشعر، وذات قیمة جمالیة تعطی الشعر صفة التأثیر. وتحدّث عنها القدماء ورأوا «أنّها من خصائص الشعر العربی وحده» (الرازی، 1957م، ص 123 والفارابی، 1967م، ص 191)، وتکرارها یزید فی وحدة النغم، کما أنه یدل على ثراء اللغة العربیة، واتساع مفرداتها، واستیعابها لمقتضیات العصر ومتطلبات الحیاة. القافیة ذات معان متصلة بموضوع القصیدة، ولابدّ أن یکون معناه مبنیّاً علیها، ولا یمکن الاستغناء عنها فیه؛ إذ هی نهایة طبیعیة لأبیات القصیدة، کما «أنها وسیلة لإبراز الإیقاع، وقفل الوزن وختامه، فهی تفصل بین البیت والبیت، وتحدّد انتهاء البیت کوحدة موسیقیة مستقلة» (عبدالبرّ، 1983م، ص 343). وقوافی الشعراء فی غرض الشکوى نائیة عن التکلّف، متلائمة مع عواطفهم؛ لأن بساطة هذا الشعر وسهولته تقود إلى بساطة القوافی وسهولتها. والشعراء فی شکواهم عموماً قد طرقوا القوافی (مقیدة ومطلقة)، وکانت حروف الباء والتاء والحاء، والدال، والراء، والسین، والعین، والقاف، واللام، والمیم، والنون، والیاء من أکثر الحروف رویّاً لدى الشعراء فی تلک القصائد، وفی شعر الشکوى عموماً. وقلّ نظمهم على القوافی الأخرى، ویندر نظمهم على الغین والظاء والشین والذال والثاء والجیم والفاء. أیضاً نجد ظاهرة التصریع فی غرض الشکوى کثیراً، مما یعطی الشعر میزة موسیقیة، لما للرّویّ المزدوج فی الأبیات المصرّعة من مظاهر النغم، فلایکاد الإنسان ینتهی من مقطع صغیر یقف فیه على حرف فی ضرب البیت حتى ینتهی إلى عروضه بنفس الرویّ والنّغمة، ویتّضح هذا التأثیر فی وزن الرجز فی الشکوى من الفقر وسوء الحال فی القرنین الثانی والثالث. على سبیل المثال:
(عدی بن زید، 1965م، ص 59) ویکثر التصریع فی شکوى النابغة الذبیانی:
(النابغة الذبیانی، 1960م، ص 67) وقول الأعشی یشکو من الأرق:
(الأعشى، 1987م، ص 267) والبحتری فی شکواه من الزمان یکثر فی مطالع قصائده التصریع:
(البحتری، 1987م، ص 109) ولم تخلُ قوافی الشعراء فی غرض الشکوى من عیوب القافیة کالإقواء، والسناد، ولزوم ما لا یلزم، ولکنّها تبدو قلیلة أو نادرة إذا قیست بغزارة شعر الشکوى؛ کما أنّ هذه العیوب لیست صوتیة تُخلّ بالنّغم الشعریّ، وإنّما هی عیوب نحویّة شکلیّة. فتکون قوافی الشعراء فی غرض الشکوى سهلة؛ حیث لم یجنحوا إلى استخدام القوافی الصعبة والمهجورة، الأمر الذی زاد هذا الشعر سهولة، وأضفى علیه عذوبة موسیقیة یلمسها القارئ، وتتفاعل معها نفسه.
الموسیقى الداخلیّة الموسیقى الداخلیة تحرّک الشعراء فی نتاجهم الشعری، وتمنح الشعر ظلالاً فنّیّة مؤثرة تنبعث من ترکیب الألفاظ وبنائها الفنی، بما یحملها فوق معانیها اللغویة بإیحاءات موسیقیة تجعل السامع یدرک المعنى من مصدرین هامّین: أحدهما المدلول الوضعی للکلمة، والثانی دلالتها الموسیقیة على المعنى. وفی شعر الشکوى نحسّ أثر الموسیقى الداخلیة، تنبع من الاختیار المناسب للألفاظ، والتألیف بینها فی نسق صوتیّ، یمثل فی مجموعه حالة الحزن وشدة الانفعال التی یکون علیها ذوالشکوى: «فتکون إحساسات الشاعر ومعانیه بمنزلة الموسیقى التی تفتح وجدان المتلقی بمزید من التقبّل والارتیاح أمام الإحساسات والمعانی» (عبدالبرّ، 1983م، ص 341) والسامع أو القارئ یشارکان الشاکی ویحسّان معاناته. والتکرار نمطٌ من التتابع الصوتیّ والمعنویّ، ولکل أسلوب إیقاعه الخاص به؛ سواء کان هذا الإیقاع ظاهراً أم خفیاً حسیاً أم معنویاً، وهو یمثّل ضرباً من ضروب الموسیقى الشعریة، ویبدو واضحاً فی شعر الشکوى؛ حیث یکون للحروف أو الحرکات أو یکون تکراراً للألفاظ حروفاً أو أسماء أو أفعالاً أو صیغاً بعینها.
(الصولی، 1934م، ص 171) وتبدو الموسیقى الداخلیة فی شعر الشکوى من ترکیب بعض الألفاظ الثنائی، حیث یکرَّر الحرف الواحد مرتین فی لفظ واحد، فیوحی بعمق المعنى من خلال موسیقى اللفظ القویة؛ کما فی قول عدی بن زید العبادی یشکو من الدهر:
(عدی بن زید، 1965م، ص 64) وقد انعکس هذا التکرار على التشکیل اللغوی والموسیقى الشعریة بما یوحی بشدة الحزن، واضطراب الحالة النفسیة للشاعر؛ فکان لهذه الألفاظ دور فی تعمیق المعنى، والتأثیر المباشر فی السامع. وقد یکرَّر الاسم، فتکون میزة صوتیة تزید فی وحدة النغمة الإیقاعیة للمقطع الواحد، مما تؤثّر فی النفس وتکسب المعنى قوة.
(المتلمس، 1970م، ص 29) والتکرار للفعل یعطی بالإضافة إلى عمق المعنى تأثیراً موسیقیاً:
(عروة بن الورد، 1966م، ص 78ـ79) وهنا أعطى تکرار الفعل «عَیَّرَ» بصیغة الماضی والمضارع مزیة صوتیة تدلّ على حالة نفسیة مضطربة. ولم یکن التکرار وحده من مظاهر الموسیقى الشعریة فی غرض الشکوى، فقد تنتج هذه الموسیقى من اعتماد الشعراء على بعض صور البدیع، کالجناس بأیِّ وجه من وجوهه:
(حارث بن حلّزة، 1991م،ص 10) فإن الجناس فی لفظ «أصبح» قد انفرد بخاصیة صوتیة مؤثّرة. وقد نلمس هذه الموسیقى فی شعر الشکوى من خلال «تشابه الأطراف»؛ حیث یعمد الشاعر إلى إعادة اللفظة التی وردت فی القافیة فی أول البیت الذی یلی البیت الذی وردت فیه:
(قیس بن ذریح، 2005م، ص 106) والجناس لما له من خاصیة موسیقیة، وکذلک صنعة المقابلة تعطیان لإیقاع الشعری خاصیة فنیة فی الأذن، کما تعطیان للمعنى قوة وتأثیراً من خلال التقابل بین الصور الشعریة، ویظهر هذا الأمر فی شکوى معن بن أوس المزنی یشکو من ذی رحمه:
(القالی، 1925م، ص 102) ونجد للطباق دوراً فی الموسیقى الشعریة؛ حیث أن المطابقة بین کثیر من الألفاظ قد تکون بها دلالة صوتیة معینة:
(کثیّر عزّة، 1971م، ص 97ـ100) المطابقة بین (قاربت، تباعدت، أکثرت، أقلت، ثبتتْ، زلّت) تعطی الألفاظ موسیقى عذبة تدلّ حقاً على حالة هذا الشاعر المتعبة. إنّ الموسیقى الداخلیة رغم ما قدّمنا من الحدیث عن بعض الجوانب التی قد تکون لها أثر فی تشکیلها، فإنّما هو شیء وراء ذلک کلّه. فهی روح القصیدة بکل ما فیها من عناصر فنیة، والشعر یعتمد على هذه الموسیقى اعتماداً کبیراً لاتّصالها بالحالة النفسیة لدى الشاعر. وقد اتّضح فی شعر الشکوى عمق هذه الموسیقى لارتباطها بدواخل الشعراء النفسیة؛ حیث تختلف حالة الشاعر عند قوله شاکیاً عن حالته فی أیّ غرض من أغراض الشعر العربی. وعندما یتحرّر الشاعر فی شکواه من أسلوب المدیح والمناسبات والفخر والهجاء والوصف والحکمة والعتاب والاعتذار، ویعیش قضیته الذاتیة أو الاجتماعیة أو السیاسیة بکل ما لدیه من براعة القول وجمیل المعنى، فیکون لموسیقاه حینئذ خاصیّة فنّیّة راقیة مؤثرة، وهذا ما نلمسه فی شعر الشکوى؛ سواء أکان ملتحماً بالأغراض الأخرى، أم کان مقطوعة، أم قصیدة مستقلة بذاتها.
النتیجة: شعر الشکوى یعنی التوجّع من شیء تنوء به النّفس کالمرض والشیخوخة والموت والدّهر والحرب والظلم والهجران والفقر وغیر ذلک من المظاهر التی تعرض للشخص، وتکدِّر صفو حیاته، ویشعر إزاءه بالهمّ والیأس. هذا الشعر یمتاز بأنّه یعالج قضایا کثیرة. ورغم أنّه شعر ذاتیٌّ فی جانب کبیر، فإنه یضمّ مشاهد اجتماعیّة وسیاسیّة، ویشتمل على عناصر عقلیّة ومعان إنسانیّة بعیداً عن المجاملات أو تجاوز الحقیقة. أبرز ما فیه السهولة فی اللغة والبعد عن التکلّف فی الصنعة؛ لأنه صادر عن عاطفة متألّمة، وولید التجربة الشعوریّة المحضة، فله التأثیر الدائم فی النّفس. یبدو فی شعر الشکوى عمق الموسیقى الخارجیّة من حیث الوزن والقافیة والتصریع فی الأبیات، والموسیقى الداخلیّة مِن حیث التکرار والجناس والطباق والمقابلة والصور البدیعیه الأخرى. وکانت الأوزان الأکثر دوراناً فی شعر الشکوى، الطویل والبسیط والکامل والقوافی فیه سهلة ونائیة عن التکلّف، ومتلائمة مع عواطف الشعراء. . | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مراجع | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
القرآن الکریم. 1ــ ابن المعتز، عبدالله. (2002م). طبقات الشعراء. (تحقیق صلاح الهواری). (ط 1). بیروت: دار ومکتبة الهلال. 2ــ ابن جرّاح، محمد بن داوود. (د. ت). الورقة. (ط 2). القاهرة: دار المعارف. 3ــ ابن رشیق، الحسن بن رشیق. (1401هـ). العمدة. (ج 1). (ط 5). بیروت: دار الجیل. 4ــ ابن سلام، محمد بن سلام. (1980م). کتاب الأمثال. (ط 1). مرکز البحث العلمیّ وإحیاء التراث الإسلامیّ. 5ــ ابن طباطبا العلویّ، محمد بن أحمد. (د. ت). عیار الشعر. (تحقیق محمد زغلول سلام). (ط 2). الإسکندریّة: مطبعة التقدّم. 6ــ ابن عبد ربّه، أحمد بن محمد. (1982م). العقد الفرید. (شرح أحمد امین وآخرین) (ج 6). بیروت: دار الکتاب العربی. 7ــ ابن قتیبة، عبدالله بن مسلم. (آ د. ت). عیون الأخبار. (ط 1). القاهرة: دارالمعارف. 8ــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ. (ب د. ت). الشعر والشعراء. القاهرة: دار المعارف. 9ــ ابن منظور، محمد بن مکرّم. (1966م). مختار الأغانی فی الأخبار والتهانی. (ج 3). القاهرة: الدار المصریّة للتألیف والترجمة. 10ــ ابن هشام ، عبدالله بن یوسف. (1979م). مغنی البیت عن کتب الأعاریب. (تحقیق مازن مبارک ومحمدعلی حمدالله). (ج 1). (ط 5). تبریز: مکتبة بنی هاشمی (أوفسیت). 11ــ أبو الأسود الدُّؤَلیّ، ظالم بن عمرو. (1982م). دیوان. (ط 1). بیروت: مؤسسة إیف للطباعة والنشر. 12ــ أبو نواس، حسن بن هانی. (1998م). دیوان. (تحقیق عمر فاروق الطبّاع). (ط 1). بیروت: دار الأرقم بن أبی الأرقم. 13ــ أبو تمّام الطائی، حبیب بن أوس. (1993م). دیوان الحماسة. (ط 2). القاهرة: المکتبة الأزهریّة. 14ــ أبوعبیدة، معمّر بن المثنى. (د. ت). نقائض جریر والفرزدق. بیروت: دارالکتاب العربی. 15ــ الأخطل، غیاث بن غوث. (1975م). شعر الأخطل. (شرح فخرالدین قباوة). (ج 1). (ط 2). بیروت: دار الآفاق الجدیدة. 16ــ الأعشى، میمون بن قیس. (1987م). دیوان. (ج 2). (ط 1). بیروت: دار الکتب العلمیّة. 17ــ الإصفهانی، أبوالفرج علی بن الحسین. (آ د. ت). الأغانی. (ج 4). بیروت: دار الثقافة. 18ــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ. (ب د. ت). الأغانی. (ج 7). بیروت: دار الثقافة. 19ــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ. (ج د. ت). الأغانی. (ج 13). بیروت: دار الثقافة. 20ــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ. (د د. ت). الأغانی. (ج 21). بیروت: دار الثقافة. 21ــ امرؤ القیس، حُندج بن حجر. (د. ت). دیوان. (ترجمة وتحقیق عمر فاروق الطبّاع). (ط 1). بیروت: دار الأرقم بن أبی الأرقم. 22ــ أنیس، إبراهیم. (1965م). موسیقى الشعر. لجنة البیان العربی. 23ــ البحتری، الولید بن عبید. (1987م). دیوان. (ج 2). (ط 1). بیروت: دار الکتب العلمیّة. 24ــ بدوی، أحمد. (د. ت). أسس النقد الأدبی عند العرب. القاهرة: دار نهضة مصر للطبع والنشر. 25ــ البلاذری، أحمد بن یحیى. (1938م). أنساب الأشراف. (ج 5). بغداد: مکتبة المثنّى. 26ــ التهانوی، محمد أعلى بن علی. (1963م). کشّاف اصطلاحات الفنون. (ج 4). القاهرة: وزارة الثقافة والإرشاد القومی. 27ــ الجاحظ، عمرو بن عثمان. (1367هـ). البیان والتبیین. (تحقیق عبدالسلام محمد هارون). (ج 3). القاهرة: مطبعة لجنة التألیف والترجمة والنشر. 28ــ ــــــــــــــــــــــــــــــــ (د. ت). الحیوان. (تحقیق عبدالسلام محمد هارون). (ج 1). (ط 2). القاهرة: المطبعة الحلبیّة. 29ــ الجرجانی، عبدالقاهر بن عبدالرحمن. (1989م). الرسالة الشّافیة فی الإعجاز. (ضمن کتاب دلائل الإعجاز). (تحقیق محمود محمد شاکر). (ط 2). مکتبة الخانجی. 30ــ جمیل بثینة، جمیل بن معمر. (د. ت). دیوان. القاهرة: دار مصر للطباعة والنشر. 31ــ حارث بن حلّزة الیشکری. (1991م). دیوان. (ط 1). بیروت: دار الکتب العربی. 32ــ الحمیریّ، یزید بن المفرّغ. (1982م). دیوان. (ط 2). مؤسسة الرسالة. 33ــ الخنساء، بنت عمرو (2001م). دیوان. (تحقیق إبراهیم شمسالدّین). (ط 1). بیروت: مؤسسة النور. 34ــ درید بن الصمّة. (1981م). دیوان. (تحقیق محمد خیر البقائی). بیروت: دار القتیبة. 35ــ ذوالإصبع العدوانی، حرثان بن الحارث. (1973م). دیوان. (تحقیق عبدالوهاب العدوانی ومحمد الدیلمی). الموصل: مطبعة الجمهور. 36ــ الرازی، أبو حاتم أحمد بن حمدان. (1957م). الزینة. (تحقیق وتعلیق حسین بن فیض الله). القاهرة: دار الکتب العربی. 37ــ الرّاعی النّمیری، عُبید بن حُصین. (1401 ه(. دیوان. (جمعه وحقّقه راینهرت فایبرت) بیروت: فرانتس شتاینر. 38ــ الزمخشری، محمود بن عمر. (1972م). الکشّاف. (ج 1). القاهرة: المطبعة الحلبیّة. سیبویه، عمرو بن عثمان. (1990م). الکتاب. (ج 4). (ط 3). بیروت: مؤسسة الأعلمی للمطبوعات. 39ــ الشایب، أحمد. (1976م). الأسلوب. (ط 7). القاهرة: مکتبة النهضة المصریّة. 40ــ الصفدی،خلیل بن أیبک. (1911م). الوافی بالوفیات. (ج 3). بیروت: دار صادر. 41ــ الصولی، أبوبکر محمد بن یحیى. (1934م). الأوراق. (تحقیق ج. هیوارث). القاهرة: مطبعة الصاوی. 42ــ طرفة بن العبد. (آ 1989م). دیوان. (شرح سیفالدین الکاتب وأحمد الکاتب). (ج 1). بیروت: دار ومکتبة الحیاة. 43ــ ــــــــــــــــــــــ. (ب 1989م). دیوان. (شرح سیفالدین الکاتب وأحمد الکاتب). (ج 2). بیروت: دار ومکتبة الحیاة. 44ــ عبدالبرّ، طه عبدالرحیم. (1983م). قضایا النقد الأدبی بین النظریّة والتطبیق. (ط 1). القاهرة: دار التألیف. 45ــ عدیّ بن زید العبادی. دیوان. (1965م). (تحقیق محمد جبار المعیبد). بغداد: دار الجمهوریة. 46ــ عروة بن الورد. (1966م). دیوان بشرح ابن سکّیت. (حقّقه وأشرف على طبعه ووضع فهارسه عبد المعین الملوحی). دمشق: مطابع وزارة الثقافة والإرشاد القومی. 47ــ العسکری، أبو هلال الحسن بن عبدالله. (1942م). جَمهرة الأمثال. (تحقیق محمّد أبو الفضل إبراهیم وعبد المجید قطامش). (ج 2). (ط 1). القاهرة: المؤسسة العربیّة الحدیثة. 48ــ الفارابی، محمد بن طرخان. (1967م). الموسیقى الکبیر. بیروت: دار الکتاب العربی. 49ــ فرّاج، عبدالستّار و محمود شاکر. (د. ت). شرح أشعار الهذلیین. (ج 1). القاهرة: المطبعة المدنیّة. 50ــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (د. ت). شرح أشعار الهذلیین. (ج 2). القاهرة: المطبعة المدنیّة. 51ــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (د. ت). شرح أشعار الهذلیین. (ج 3). القاهرة: المطبعة المدنیّة. 52ــ الفرزدق، همام بن غالب. (1407هـ). دیوان. (شرح على حسن فاعور). (ج 1). (ط 1). بیروت: دار الکتب العلمیّة. 53ــ القالی، إسماعیل بن القاسم. (1925م). ذیل الأمالی والنوادر. (ج 2). بیروت: دار الکتاب العربی. 54ــ قیس بن ذریح (قیس لبنى). (2005م). دیوان. (ط 1). بیروت: دار ومکتبة الهلال. 55ــ کثیّر عَزّة، کثیّر بن عبدالرحمن. (1971م). دیوان. (جمعه و شرحه إحسان عباس). بیروت: دار الثقافة. 56ــ کمال، ألفت محمد. (1984م). نظریة الشعر عند الفلاسفة المسلمین من الکندی حتّى ابن رشد. القاهرة: الهیئة المصریّة العامة الکتّاب. 57ــ لبید بن ربیعة. (د. ت). دیوان. بیروت: مکتبة الأندلس. 58ــ المبرد، محمد بن یزید. (1989م). الکامل فی اللغة والأدب. (ج 1). (ط 1). بیروت: دار الکتب العلمیّة. 59ــ المتلمّس الضّبعی، جریر بن عبد العزّى. (1970م). دیوان. القاهرة: معهد المخطوطات العربیّة. 60ــ مجنون لیلى، قیس بن ملوّح. (2005م). دیوان. (قدّم له وضبطه وشرحه ووضع فهارسه صلاح الدین الهواری). (ط 1). بیروت: دار ومکتبة الهلال. 61ــ مدرّسی، کمالالدین. (1378هـ. ش). شرح معلّقات دهگانه. (ط 1). ارومیه: نشر حسین. 62ــ المرتضى، على بن الحسین. (1373هـ/1954م). الأمالی (غرر الفوائد ودرر القلائد). (تحقیق محمد أبو الفضل إبراهیم) (ج 1). (ط 1). القاهرة: دار إحیاء الکتب العربیة. 63ــ المرزبانی، محمّد بن عمران. (1991م). معجم الشعراء. (تحقیق زکی مبارک ومحیی الدین عبد الحمید). (ط 1). بیروت: دار الجیل. 64ــ المیدانی، أحمد بن محمد. (آ 1978م). مجمع الأمثال. (ج 1). القاهرة: المطبعة الحلبیّة. 65ــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ . (ب 1978م). مجمع الأمثال. (ج 2). القاهرة: المطبعة الحلبیّة. 66ــ النابغة الذبیانی، زیاد بن معاویة. (1960م). دیوان. بیروت: دار صادر. (آ 1978م). 67ــ النویهی، محمد. (د. ت). قضیة الشعر الجدید. (ط 2). بیروت: دار الفکر. 68ــ النهشلی، أسود بن یعفر. (د. ت). دیوان. بغداد: وزارة الثقافة والإعلام. 69ــ هلال، محمد غنیمی. (د. ت). النقد الأدبی الحدیث. (ط 1). القاهرة: دار نهضة مصر.
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
آمار تعداد مشاهده مقاله: 1,252 تعداد دریافت فایل اصل مقاله: 1,036 |