تعداد نشریات | 43 |
تعداد شمارهها | 1,686 |
تعداد مقالات | 13,791 |
تعداد مشاهده مقاله | 32,395,517 |
تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 12,795,028 |
أثر عهد الإمام علي إلى الأشتر في کتاب طاهر بن الحسين إلى ابنه (من حيث المضمون) | |||||||||||||
بحوث في اللغة العربية | |||||||||||||
مقاله 3، دوره 2، شماره 2، تیر 2010، صفحه 17-32 اصل مقاله (597.5 K) | |||||||||||||
نوع مقاله: المقالة البحثیة | |||||||||||||
نویسنده | |||||||||||||
عبدالغني إيروانيزاده* | |||||||||||||
استاديار گروه زبان و ادبيات عربي دانشگاه اصفهان | |||||||||||||
چکیده | |||||||||||||
للأدب الإسلامي العربي عينان نضّاختان، ومنبعهما الأصلي هو القرآن الکريم، هما أدب النبي ـ صلّي الله عليه وآله وسلّم ـ وأدب الإمام علي 4 تفجّر ينبوعهما مع فجر الإسلام وفي عصره الأول. القرآن الکريم يثبت صحة نسبته إلى الله تعالى بنفسه، وأدب النبي 6 يکفيه دلالة قوله «أنا أفصح من نطق بالضاد بيد أني من قريش»؛ کذلک الأدب العلوي خاصة عهد الأشتر النخعي بما فيه من تعابير عالية وجمل بليغة وأدب سام لتأديب الولاة وتدريبهم على إدارة البلاد وسياسة العباد وغير ذلک من الشؤون. کان الکتّاب ينظرون في عهده 4 إلى الأشتر ويجعلونه قدوة وإماماً ينسجون على منواله کتبهم ويکتبون على غراره عهودهم، من هؤلاء طاهر بن الحسين الذي کتب عهده إلى ابنه لما ولاه المأمون الرقة. في هذا البحث سنحاول أن ننظر في العهدين من حيث المضمون مبيّنين مدى تأثر طاهر بن الحسين بالعهد العلوي | |||||||||||||
کلیدواژهها | |||||||||||||
الإمام علی؛ مالک الأشتر؛ طاهر بن الحسین؛ العهد؛ المقارنة | |||||||||||||
اصل مقاله | |||||||||||||
المقدمة (نبذة عن حیاة الأشتر النخعی وطاهر بن الحسین)
«هو مالک بن الحارث بن یغوث بن مسلمة بن ربیعة بن خزیمة بن سعد بن مالک بن النخع بن عمرو بن وعلة بن خالد بن مالک بن أدد وهو من أکابر حزب علی % وعظماء شیعته شدید التحقق بولاء أمیر المؤمنین p ونصره» (الفکیکی، 1402هـ، ص 42). کتب الإمام إلیه عهداً حین بعثه والیاً على مصر حوى أهم النظریات العلمیة وأصوب الآراء الفلسفیة فی الأخلاق والاجتماع وأحدث المسائل القانونیة فی الحقوق الإداریة، وزوّده بهذه التعالیم التی یجب أن تکتب بالتبر على الصفائح الخالدة لا بالحبر على الصحائف البائدة. قال الإمام A فیه: «إن الرجل الذی کنتُ ولّیته أمرَ مصر کان لنا نصیحاً وعلى عدوّنا شدیداً، وقد استکمل أیامه، ولاقى حِمامَه، ونحن عنه راضون. فرضی الله عنه وضاعف له الثواب!» (الفکیکی، 1402 هـ، ص 44).
2. طاهر بن الحسین هو طاهر بن الحسین بن مصعب بن رُزَیق بن ماهان، وفی ما بعد مصعب اختلاف (ابنخلکان، د.ت، ص 517).إن جده رزیق مولى طلحة الطلحات، وکان طاهر من أکبر أعوان المأمون (الصفدی، 1411هـ، ص 394). ولد طاهر بن الحسین سنة «159هـ» أو «157هـ»، وأخذ عن أبیه خبرة إدرایة ودرایة عسکریة، لکنَّ نجمه لم یتألّق حتى انتصف العقد الرابع من عمره، حین أسندت إلیه قیادة الجیش الزاحف من مرو إلى بغداد لیقلب الحکم على الأمین ویجعله للمأمون، وکان ذلک سنة «194هـ » (ناعسة، 1398هـ، ص 109). کان طاهر ذا لسانین، فکان یعرف الفارسیة کما کان یعرف العربیة، ولا تزال له فی لغة الضاد عدة آثار فی التوقیعات والرسائل والخطب والمحادثة. له رسالة بلیغة کتبها لابنه عبدالله لماّ ولاه المأمون الرقّة ومصر وما بینهما ـ أوصاه فیها بجمیع ما یحتاج إلیه فی دولته وسلطانه من الآداب الدینیة والخلقیه والسیاسیة ومکارم الأخلاق (زیدان، 1402هـ، ص 690)؛ أوردها ابنخلدون فی مقدمته فی باب «إن العمران لا بد له من سیاسة ینتظم بها أمره»، تدخل فی ثمانی صفحات (ابنخلدون، د.ت، ص 304 ـ 310)، وأوردها الطبری فی تاریخه فی حوادث سنة ست ومأتین (الطبری، ص 159 ــ 168). کان یُسمّى ذا الیمینین لأنه ضرب شخصاً فی واقعة علی بن عیسى بن ماهان فَقدَّه نصفین. کانت الضربة بشماله وقال فیه الشاعر:«کِلتا یدیک یمینٌ حینَ تَضربُه» (الصفدی، 1411هـ، ص 395؛ وابنخلکان، د.ت، ص 522) وکان طاهر أعور وفیه یقول عمرو بن بانة:
(الصفدی، 1411هـ، ص 396؛ وابنخلکان، د.ت، ص 520) ویحکى أن إسماعیل بن جریر البجلی کان مداحاً لطاهر. فقیل له: إن إسماعیل یسرق الشعر ویمدحک به، فأحبّ طاهر امتحانه فقال له: [ لِـ]تهجوَنّی! فامتنعَ؛ فألزمه بذلک، فکتب إلیه:
فلما وقف علیها، قال له: احذر أن تنشدها أحداً ومزّق الورقة. توفی طاهر بن الحسین سنة سبع ومأتین بمرو (الصفدی، 1411هـ، ص 396 ـ 398؛ وابنخلکان، د.ت، ص 520).
أسانید العهدین
روى هذا العهدَ قبل الشریف الرضی، الشیخُ الثقة الجلیل أبومحمد الحسن بن علی بن الحسین بن شعبة المتوفى سنة «381هـ » فی تحف العقول، باب ما رُوی عن أمیر المؤمنین A تحت عنوان «عهده j إلى الأشتر حین ولّاه مصر وأعمالَها»، وذکر العهد بزیادة بعض الفقرات واختلاف فی بعض الألفاظ مما یدل على أن الشریف الرضی نقل ما اختاره من هذا العهد عن غیر هذا الکتاب؛ کما روى منه القاضی النعمان المتوفى «363هـ» فی کتاب دعائم الإسلام (الحسینی الخطیب، 1405 هـ، ص 431). ورواه النویری فی نهایة الأرب باختلاف بسیط جداً ولکنه یدل على أنه منقول عن غیر نهج البلاغة. وقد مهد له النویری بقوله: «لم أرَ فیما طالعته فی هذا المعنى ــ أی وصایا الملوک ــ أجمع فی الوصایا ولا أشمل من عهدٍ کتبَه علی بن أبی طالب إلى مالک بن الحارث الأشتر حین ولاه مصر، فأحببتُ أن أورده على طوله وآتی على جملته وتفصیله؛ لأن مثل هذا العهد لا یهمل، وسبیل فضله لا یجهل»، ثم ذکر العهد (النویری، د. ت، ص 19 ـ 32). وذکَر أسانید هذا العهد الشیخُ النجاشی فی فهرسته عند ذکر الأصبغ بن نباتة المجاشعی (الحسینی الخطیب، 1405هـ، ص 431). وذکره الشیخ الطوسی أیضاً فی الفهرست عند ذکره الأصبغ بن نباتة، فقال: کان الأصبغ بن نباتة من خاصة أمیر المؤمنین 4 وعُمِّر بعده، وروى عهد مالک الأشتر الذی عهده إلیه أمیر المؤمنین لما ولاه مصر، وروى وصیّته إلى ابنه محمد بن الحنفیة، أخبرنا بالعهد ابن أبی جبد عن محمد بن الحسین عن الحمیدی عن هارون بن مسلم والحسن بن طریف عن الحسین بن علوان الکلبی عن سعد بن طریف عن الأصبغ بن نباتة عن أمیر المؤمنین 4(الحسینی الخطیب، 1405هـ، ص 431).
أما عهد طاهر بن الحسین إلى ابنه، فقد ذکره الطبری (د. ت) فی حوادث سنة ست ومأتین (ص 159 ــ168)، وذکره ابنخلدون (د. ت) فی مقدمته فی الفصل الحادی والخمسین بباب «فی أن العمران البشری لا بدّ له من سیاسة ینتظم بها أمره»، قائلاً: من أحسنِ ما کتب فی ذلک وأودِع کتاب طاهر بن الحسین لابنه ـ عبدالله بن طاهر ـ لما ولاه المأمونُ الرِّقَّةَ ومصرَ وما بینهما، فکتب إلیه أبوه طاهر کتابَه المشهور، عَهِدَ الیه فیه، ووصّاه بجمیع ما یحتاج إلیه فی دولته وسلطانه من الآداب الدینیة والخلقیة، والسیاسة الشرعیة والملوکیة، وحَثَّه على مکارم الأخلاق ومحاسن الشیم بما لا یستغنی عنه مَلِک ولا سُوْقَةٌ (ص 304 ــ310). وقال الطبری (د. ت): ذُکِر أن طاهراً لما عهد إلى ابنه ـ عبدالله ـ هذا العهد تنازعه الناس وکتبوه وتدارسوه وشاع أمره حتى بلغ المأمون، فدعا به وقرئ علیه، فقال: «ما بقّى أبوالطیب شیئاً من أمر الدین والدنیا والتدبیر والرأی والسیاسة وإصلاح الملک والرعیة وحفظ البیضة وطاعة الخلفاء وتقویم الخلافة إلا وقد أحکمه وأوصى به». وتقدّم وأمر أن یکتب بذلک إلى جمیع العمال فی نواحی الأعمال، وتوجه عبدُالله إلى عمله، فسار بسیرته واتبع أمره وعمل بما عهد الیه (ص 168). ولطاهر بن الحسین أیضا رسالة إلى المأمون عند فتح بغداد أشار إلیها ابنالندیم (1415هـ) فی کتابه الفهرست (ص 148). هذا وقد شکّک بعض الدراسین فی نسبة هذا العهد إلى الإمام 7 وجاؤوا بأدلة، ذکرها سیدهبةالدین الحسینی فی مقدمة کتبها على کتاب الراعی والرعیة وأجاب عنها ما نصّه: ومما یؤید هذا العهد العلوی وصدوره من یراعة علی j : أ) أن الخبراء البلغاء لو تأملوا فی نسج هذا العهد العلوی ومواده لحکموا مبدئیاً على أن الناسج لبردته لا بد أن یکون ممن قضى شطراً من عمره فی سیاسة الأمم وإدارة المدن، وهو فی عین الزمان من بلغاء العرب الأفذاذ ومن العلماء فی فنون الحکمة والدین معاً، أی أن المنشئ لهذا العهد أمیر عربی، أدیب قضائی، فقیه، فلسفی، سیاسی، إداری، روحانی، اجتماعی، لم یسمح الدهر للعرب برجل جامع لهذه المزایا بعد محمد 6 وعلیّ g حتى ولا تدنو من ذلک نفسیة الشریف الرضی أیضاً. ب) أن المتأمل فی إنشائه لا یشک فی إسناده إلى أدیب خطیب علامة نابغة عبقری من أبناء الجیل الأول الإسلامی فإن صریح العبارة فی عروبة خالصة، وقد ذابت هذه العروبة فی القرن الثانی وما بعده ذوبان السکر فی الماء بعد امتزاج الأمة العربیة بالأمم الأعجمیة، فهذا طاهر بن الحسین فی عهده المشهور، وذاک الشریف الرضی فی کتابه حقائق التأویل وذیاک الحریری فی مقاماته و... لا یشبه شیء من إنشائهم عروبة هذا العهد العلوی الخالص. ج) وهنا نقطة ثالثه بارزة متلألأة هی أن الإمام علیاً کغیره من أفذاذ البلغاء ینفرد بکلم وجمل یستعملها فی إنشائه أکثر من غیره، تلمع فی نظر المتتبع المتوسع فی أدب الإمام. إن مثار الشک فی هذا العهد أمور منها:طوله وإسهابه؛ والجواب عنه أن الطول أو بالأحرى زیادة الحجم مدعاة للشک فی الخطب التی تحفظ ظهر الغیب لا فی الکتب التی ضبطتها الأقلام فی بطون الصحائف منذ أنشأتها القرائح. الاعتراض الثانی هو أن المورخین کابنجریر الطبری أوردوا فی حوادث سنة «206هـ» عهداً لطاهر بن الحسین یشبه عهد الإمام إلى مالک ولم یوردوا هذا العهد العلوی، فلوکان ثابتاً لذکروه. والجواب عنه أن المعترض لو ادّعى أن عهد الإمام یشبه عهد طاهر بن الحسین فی أصوله وفصوله فهذا وَهمٌ واضح یعرف بالمقابلة فلا اتفاق بین العهدین فی المعانی ولا فی الألفاظ والمبانی؛ وإن أراد المعترض من ذکره لعهد طاهر بن الحسین أنه یشبه عهد الإمام فی طوله لا فی أصوله وفصوله فلِمَ أورد الطبری عهد طاهر بن الحسین ولم یذکر عهد الإمام. والجواب أن الفعل مجمل والترک مبهم فلا یستند إلى مثلهما أهل العلم ولعل الطبری ظفر بواحد ولم یظفر بالآخر ــ وکم ترک الأول للآخر ــ کما أن الشریف الرضی انفرد بروایته تأبین الإمام لعمر، ولم یذکره أحد قبله؛ أو أن الطبری ظفر به ولم یسعه النقل. وربما عهد الإمام إلى معتمده الأشتر عهدین مکشوفاً موجزاً وسریاً مطولاً. بما أن المطول [وهو ما نحن بصدده] هو مجموعة نوامیس من أسرار أو من علم الاجتماع، مضنون به على غیر أهله فبطبع الحال کتمه مالک ـ وهو کاتم سر الإمام ـ وکتَمه من صار إلیه هذا السر المصون والدرّ المکنون، ولم یفتش عن هذا السر سوﯼ الشریف الرضی؛ أو ربما ورد هذا العهد المطول فی کتاب طواه الزمان وأدخله فی خبر کان، وظفر به الشریف الرضی ولم یظفر به غیره وکم لهذا الأمر من نظیر. الاعتراض الآخر هو أن الإمام قد أرسل مالکاً برسالة معه إلى مصر وهذا عهد منه مشهور ومأثور فی کتب التاریخ والحدیث. ثم من عظیم اعتماده على الأشتر قال له: «إن لم أوصک فاعمل برأیک» فهل بقیت حاجة إلى عهد ثانٍ مطول کهذا یرسله به. والجواب عنه أن الرسالة الموجزة المأثورة هی أشبه بالعهود المشهورة وقد سبق کثیر من أمثالها من علی 4 ومن غیره إلى غیر مالک أیضاً إلا أن العهد المطول الذی نحن بصدد تأییده إنما هو کتاب جامع لنوامیس أخلاقیة اجتماعیة ولأصول السیاسة والإدارة وآداب الإمرة والعشرة حضّ بها علی 4 معتمدَه السامی کدستور سری یزوده به فیجب أن یصان (الفکیکی، 1402هـ، ص 3 ـ 7). بطبیعة الحال فعثرت أیدی المؤرخین على العهد الموجز المکشوف وعجزت عن الظفر بالعهد المطول المصون. ذکر بعض الباحثین أن عهد الأشتر وعهد طاهر بن الحسین لابنه ـ عبدالله ـ یجریان فی سبیل واحد أسلوباً وغرضاً وروحاً، ولکن النظر فیهما یکشف لنا عن فرق واضح جلی بینهما ونحن لا نستبعد أن یکون أکثر کُتاب العهود یقرأون عهود أمیر المؤمنین ویجعلونها قدوة وإماماً ینسجون على منوالها. ونحن هنا نرید أن ننظر فی مضمونیهما حتى یتبین لنا مدى تأثر طاهر بن الحسین بالعهد العلوی. دراسة المضامین الموجودة فی العهدین تبیّن لنا أن طاهر بن الحسین جعل العهد العلوی قدوة وإماماً نسج على منواله إلا أن الجانب الأخلاقی ومحاسن الشیم ساد عهد طاهر بن الحسین بینما یتضمن العهد العلوی «القواعد الدستوریة الإسلامیة السلیمة، وأسنى السنن وأکمل التشریعات وأقوم الأنظمة لحفظ التوازن بین طبقات المجتمع وتنظیم العلاقات بین الراعی والرعیة وضمان حقوق السائس والمسوس على أساس العدل والحق والمساواة» (الفکیکی، 1402هـ، ص 18)، مفصلةً أصولها الحکیمة ومضامینها ودقائقها وهو بهذا یعد بحق من مفاخر الفکر العربی الإسلامی ومن أنصع صفحات التراث الأدبی والحضارة الإسلامیة العربیة.
أثر العهد العلوی فی العهد الطاهری ولکی تکون دراستنا مثمرة ندرس العهد العلوی موضوعیاً أولاً ثم ندرس العهد الطاهری لنرى مدى أثر العهد العلوی فی هذا الأخیر. یبدأ الإمام علی 4 کلامه بقوله: ... أمره بتقوى اللهِ واتّباع ما أمَر به فی کتابه من فرائضه وسُننه التی لا یسْعَدُ أحدٌ إلا باتّباعها. ولا یشقى إلا مع جحودها وإضاعتها. وأنْ یَنْصُرَ الله َسبحانه بیدهِ وقلبِه ولسانهِ. فإنّه ـ جلَّ اسمُه ـ قد تکفّل بنصرِ مَن نصَره وإعزازِ مَن أعزّه. إن جمیع وصایا الإمام 8 وکتبه وعهوده لا تخلو من نقطة مهمة وهی ذکر الله ـ جلّ وعلا ـ وإیصاؤه أصحابه بتقوى الله واتباع أوامره وهذا العهد لیس بمستثنىً من هذه القاعدة. عند النظر فی فاتحتی العهدین نرى أنهما یُستَهلان بذکر الله وتقواه مشیرین إلى المعاد إلا أن أسلوب البیان یختلف؛ فالإمام g لا یشیر إلى المعاد مباشرةً بل یوحی إلیه بهذه العبارة: «لا یسْعَدُ أحدٌ إلا باتباعها، ولا یشقى إلا مع جحودها»، أما طاهر بن الحسین فیصرح بذلک بقوله: ... والزم ما ألبسک الله من العافیة بالذکر لمعادک وما أنت صائر إلیه وموقوف علیه ومسؤول عنه والعمل فی ذلک کله بما یعصمک الله ـ عزّ وجلّ ـ ویُنجیک یوم القیامة من عقابه وألیم عذابه». دقة المعانی وفخامة اللفظ ورقته ووحدة الموضوع بادیةٌ فی فاتحة کلامه 4؛ انظر إلى کلام طاهر کیف فصل بین المعطوف والمعطوف علیه بإتیان صفتین لله ـ تعالى ـ وکیف یتحدث عن وظائف ابنه أمام رعیته فی أثناء ذکر وظائفه إزاء الله تعالى : «أما بعد فعلیک بتقوى الله وحده لا شریک له وخشیته ومراقبته ـ عزّ وجلّ ـ ومزایلة سخطه، واحفظ رعیتک فی اللیل والنهار والزم ما البسک الله من العافیة بالذکر لمعادک ...». بعد أن ذکر 4 للأشتر ما یجب أن یتصف به، أشار إلى تاریخ مصر وما تقلّب فیها من الأحوال وما مرّت علیها من القرون الحافلة بالحوادث بقوله: «ثم اعلمْ یا مالک أنی قد وجّهتُک إلى بلاد قد جرتْ علیها دول قبلک من عدل وجور؛ وأنّ الناس ینظرون من أمورک فی مثل ما کنتَ تنظر فیه من أمور الولاة قبلک ...». أوصى الإمام عامله أن یضع أمام عینیه ماضی مصر لیأخذ منه ما یصلح به حاضرها، مشیراً إلى أن الأعمال الصالحة هی التی یجب أن تکون غرض کل امرئ فی الحیاة «وإنما یُستدلّ على الصالحین بما یُجری الله لهم على ألسُن عباده؛ فلیکن أحب الذخائر إلیک ذخیرة العمل الصالح ...». فالإمام 4 قال له: «قد کنت تسمع أخبار الولاة وتعیب قوماً وتمدح قوماً؛ وسیقول الناس فی إمارتک الآن نحو ما کنت تقول فی الأمراء، فاحذر أن تُعاب وتُذمّ کما کنت تعیب وتذُمّ من یستحق الذمَّ ...». وکان یقال: «ألسنة الرّعیة أقلام الحق ـ سبحانه ـ إلى الملوک» (ابن أبیالحدید، 1387هـ، ص 31). أما طاهر بن الحسین، فأوصى ابنه فی ختام عهده إلیه بالتدبر فی أمور الماضین بقوله: «اعتبر بما ترى من أمور الدنیا ومَن مضى من قبلک من أهل السلطان والرئاسة فی القرون الخالیة والأمم البائدة»، ولم یشر إلى تاریخ «الرقّة» کما أشار الإمام 4 إلى تاریخ مصر. یؤکّد الإمام 4 فی عهده على وجوب تعمیم العدل الاجتماعی مع الاجتهاد فی رضا العامة من الأمة ویقول: «أنصفِ الله وأنصفِ الناسَ من نفسک ومن خاصّة أهلک...». ویشرح ابن أبیالحدید المعتزلی (1387هـ) العبارة: قال له: أنصف الله أی قم له بما فرَض علیک من العبادة والواجبات العقلیة والسمعیة؛ ثم قال: أنصف الناس من نفسک ومن ولدک وخاصة أهلک وممّن تحبه وتمیل إلیه من رعیتک. فمتى لم تفعل ذلک، کنت ظالماً؛ ثم نهاه عن الظلم، وأکّد الوصایه علیه فی ذلک. ثم عرّفه أن قانون الإمارة الاجتهاد فی رضا العامة؛ فإنه لا مبالاة بسُخط خاصّة الأمیر مع رضا العامّة. فإذا ما سخطت العامة، لم ینفعه رضا الخاصّة (ص 35). أکّد الإمام 4 على لزوم العدل الاجتماعی العام للرعیة، وحفظ قلوب العامة وطلب رضاهم، ثم ذکر صفات الخاصة المذمومة: الأولى: کونهم أثقل مؤونة على الوالی فی الرخاء، لتکلّفه لهم ما لا یتکلّفه لغیرهم؛ والثانیة: کونهم أقلّ معونة له فی البلاء لمحبتهم الدنیا؛ والثالثة: کونهم أکره للإنصاف لزیادة أطماعهم فی الدنیا على ما تطلبه العامة؛ والرابعة: کونهم أسأل بالإلحاف لأنهم عند الحاجة إلى السؤال أشد جرأة على الوالی؛ والخامسة: کونهم أقلّ شکراً عند الإعطاء، لاعتقادهم أنهم أحق بالإعطاء لحاجة الوالی الیهم؛ والسادسة: کونهم أبطأ عذراً للوالی إن منعهم؛ والسابعة: کونهم أضعف صبراً عند ملمّات الدهر لتعوّدهم الرفاهیةَ والنعیم. أما صفات العامة من السواد الأعظم، فالأولى: کونهم عمود الدین؛ لأنّ قیام الدین لا یکون إلا بهم؛ والثانیة: کونهم العدّة للاعداء لکثرتهم ولقوّة سواعدهم؛ والثالثة: کونهم جماع المسلمین؛ لأنهم الأغلب والأکثر والسواد الأعظم. هذه الصفات للفریقین تستلزم وجوب حفظ قلوب العامة وتقدیمه على حفظ قلوب الخاصة. أما طاهر بن الحسین، فیذکر فی عهده وجوب العدالة بین الناس ورضى العامة، ولا یُفصّل ذلک کما فصّله الإمام 4، فهو یقول: «ولا تمِلْ عن العدل ــ أحببت أو کرهت ــ لقریب من الناس أو بعید»؛ أو یقول فی مکان آخر: «ولا تُکلّف أمراً فیه شطط، واحمل الناس کلهم على مُرّ الحق؛ فإن ذلک أجمع لأُلفتهم، وألزم لرضا العامة»؛ أو یقول: «إن الله قد أحسن إلیک وأوجب علیک الرأفة بمن استرعاک أمرَهم من عباده، وألزمک العدل علیهم والقیام بحقه ...». أشار الجاحظ (د. ت) إلى هذا الموضوع فی رسالته إلى محمد بن أبىدؤاد وذهب إلى أن العدل أساس السیاسة، فقال: فاجعل العدل والنصَفة فی الثواب والعقاب حاکماً بینک وبین إخوانک. فمَن قدّمت منهم، فقدِّمه على الاستحقاق، وبصحة النیة فی مودته، وخلوص نصیحته لک مما قد بلوت من أخلاقه وشیمه، وعلمت بتجربتک له أنه یعلم أن صلاحه موصول بصلاحک، وعطَبه کائن مع عطَبک. ففوّضِ الأمر إلیه وأشرکه فی خواص أمورک وخفیّ أسرارک (ص 75). الإمام علی 4 ینصح مالکاً بستر عیوب الناس وبالابتعاد عن بعض الرعیة بقوله: «ولیکن أبعد رعیتک منک وأشنأهم عندک أطلبهم لمعایب الناس، فإن فی الناس عیوباً الوالی أحقُّ مَنْ ستَرها ...». أما طاهر بن الحسین فإنه یوصی ابنه ـ فی هذا الموضوع ـ بالابتعاد عن الکذب والکذوب بقوله: واشدُد لسانک عن قول الکذب والزّور، وابغض أهله، وأقصِ أهل النمیمة؛ فإن أول فساد أمرک فی عاجل الأمور وآجلها تقریب الکذوب والجرأة على الکذب؛ لأن الکذب رأس المآثم والزور، والنمیمة خاتمتها؛ لأن النمیمة لا یَسلَمُ صاحبُها، وقائلُها لا یسلم له صاحبٌ، ولا یستقیم لمطیعها أمر. أحبب أهل الصدق والصلاح، وأعنِ الأشراف بالحق. أو یقول فی مکان آخر: «وأغمض عن عیب کل ذی عیب من رعیتک». وفی باب المشورة یشدّد الإمام علی 8 على مالک الأشتر فی النهی عن إدخال البخیل والجبان والحریص فی مشورته بقوله: «ولا تُدخِلَنّ فی مشُورَتِک بخیلاً یُعدِلُ بک عن الفضلِ، ویعِدُک الفقرَ، ولا جباناً یُضعِّفُک عن الأمورِ، ولا حریصاً یُزیّنُ لک الشَّرَه بالجَوْرِ، فإن البخلَ والجبنَ والحرصَ غرائزُ شتّى یجمعها سوءُ الظَّنّ بالله». وفی مکان آخر یأمره بأن یکسر نفسه عن الشهوات التی تحیط بالموظف الإداری، خاصة ذلک الذی یعتلی أعلا المناصب فی الدولة لأنها هی والتعفف على طرفی نقیض، إذ من المستحیل أن یکون عفیفاً متى انساق وراءَ شهواته وهواه وأعطى نفسَه الأمّارة بالسوء زمام أموره، فأمره بامتلاک هواه وردع شهواته والشحّ بنفسه عما لا یحل لها بقوله: «فاملِکْ هواک وشُحَّ بنفسک عما لا یحلّ لک؛ فإن الشحّ بالنفس الإنصاف منها فیما أحبَّتْ أو کرهتْ». أما طاهر بن الحسین فیوصی ابنه فی هذا الباب قائلاً: لا تُدْخِلنَّ فی مشورتک أهلَ الرِّقة والبخل، ولا تسمعَنَّ لهم قولاً؛ فإنّ ضررَهم أکثرُ من نفعهم، ولیس شیءٌ أسرع فساداً ـ لما استقبلتَ فی أمر رعیتک ـ من الشحّ. واعلم أنک إذا کنت حریصاً، کنتَ کثیرَ الأخذ قلیل العطیة ... واجتنب الشُّحَ واعلم أنه أول ما عصى به الإنسانُ ربَّه، وأن المعاصی بمنزلة الخزی، وهو قول الله ـ تعالی، عزّ وجلّ ـ :«وَمَنْ یُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأولئِکَ هُمُ الْمُفْلِحونَª [(الحشر 59: 9)]. یلفت الإمام 4 نظر عامله إلى عدم اتخاذه بطانة السوء وأعوان الأشرار وزراء له لأن الاعتماد على هؤلاء واتخاذهم أعواناً یعتبر من الأعمال السیئة؛ لذلک أوصاه أن یختار الوزراء والأعوان الصالحین؛ لأن اختیارهم یعتبر من الأعمال الصالحة، کما أوصاه بعدم اتخاذ مَن کان للأشرار من الولاة قبله وزیراً ومشارکاً لهم فی الآثام؛ أما الأخیار، فلقربهم من الحق ومجانبتهم الأشرار هم أحسن معونة، وأشد عطفاً وحناناً، ولهذا قال: «فاتخذ أولئک خاصة لخلواتک وحفلاتک». ثم یوصیه بأن یکون آثرُ هؤلاء عنده مَن یتصف بصفات إحداها: أن یکون أقولَهم بمرّ الحق؛ والثانیة: أن یکون أقلّهم مساعدة له فیما یقع منه من الأمور التی یکرهها الله لأولیائه. ثم یوصیه بأن یروّضهم ویؤدّبهم بالنهی عن الإطراء له بقول باطل ینسبونه إلیه وهو لم یفعله، فیدخلونه فی ذم قوله ":«ویُحِبُّونَ أنْ یُحْمَدُوا بما لَمْ یَفْعَلُواª (آل عمران 3: 188). وقد جاءت النصوص فی الکتاب والسُّنة بتحریم معاونة الظَّلمة ومساعدتهم، وتحریم الاستعانة بهم؛ فإن من استعان بهم، کان معیناً لهم. قال الله q : «وما کُنْتُ مُتَّخِذَ المُضلّینَ عَضُداًª (الکهف 18: 51)، وقال:«لا تَجِدُ قَوْماً یُؤْمِنُونَ باللهِ والْیَوْمِ الآخِرِ یُوادُّونَ مَنْ حادَّ اللهَ ورَسُولَهُª (المجادلة 58: 22). أما فی عهد طاهر بن الحسین، فلا نجد مثل هذه الوصیة. یشیر الإمام 4 فی عهده إلى عوامل الثقه الاجتماعیة بین الراعی والرعیة، ویذکر منها حسن ظن الراعی برعیته، وعدم نقض سنّة صالحة عمل بها صدور هذه الأمة، وعدم إحداث سنّة تضرّ بماضی تلک السنن، ومدارسة العلماء ومناقشة الحکماء، فیقول: واعلم أنه لیس شیءٌ بأدعى إلى حسن ظن والٍ برعیته من إحسانه إلیهم ... ولا تنقض سنّة صالحة عمل بها صدور هذه الأمة ... ولا تُحدِثَنَّ سنّة تضرّ بشیء من ماضی تلک السنن ... وأکثِرْ مدارسة العلماء ومناقشة الحکماء فی تثبیت ما صلَح علیه أمرُ بلادک، وإقامةِ ما استقام به الناسُ قبلَک. هذه العوامل التی جعلها الإمام 4 من عوامل الثقة الجماعیة بین الراعی والرعیة، یشیر إلیها طاهر بن الحسین معتبراً أنّ حسن الظن بالله وبالرعیة یزید الثقة بین الراعی والرعیة، حیث یقول: أحسن الظنّ بالله q یستقمْ لک رعیتُک، والتمس الوسیلة إلیه فی الأمور کلها تستدمْ به النعمة علیک. ولا تتّهمنّ أحداً من الناس فیما تُولیه من عملک قبل أن تکشف أمرَه بالتهمة؛ فإن التّهم بالبُرَآء والظنون السیئة بهم مأثمٌ. واجعل من شأنک حسن الظن بأصحابک، واطرُد عنک سوء الظن بهم وارفضه عنهم یُعنْک ذلک على اصطناعهم وریاضتهم ... واعلم أنک تجد بحسن الظن قوةً وراحةً. وفی ختام عهده یوصیه بمجالسة العلماء بقوله: «وأکثر مجالسة العلماء ومشاورتهم ومخالطتهم». قسم الإمام 4 فی عهده المجتمع إلى طبقات فقال: واعلم أن الرعیة طبقات، لا یصلُح بعضها إلا ببعض، ولا غنى ببعضها عن بعض؛ فمنها جنود الله، ومنها کُتّاب العامّة والخاصّة، ومنها قضاة العدل، ومنها عُمّال الإنصاف والرفق، ومنها أهل الجزیة والخراج من أهل الذِّمَّة ومُسْلِمةِ الناس، ومنها التجار وأهل الصناعات، ومنها الطبقة السفلى من ذوی الحاجات والمسکنة، وکلٌّ قد سمّى الله له سهمه. یقول ابن أبیالحدید المعتزلی (1387هـ): ثم ذکر أعمال هذه الطبقات، فقال الجند للحمایة، والخراج یُصرف إلى الجند والقضاة والعمال والکتاب لما یحکمونه من المعاقد، ویجمعونه من المنافع. ولا بدّ لهؤلاء جمیعاً من التجار لأجل البیع والشراء الذی لا غناء عنه، ولا بدّ لک من أرباب الصناعات کالحداد والنجار والبناء وأمثالهم. ثم تلی هؤلاء الطبقة السفلى، وهم أهل الفقر والحاجة الذین تجب معونتهم والإحسان إلیهم (ص 50). هذا الفصل من العهد العلوی یثبت لنا أن غارس نواة علم الاجتماع وواضع سننه بعد البعثة النبویة الشریفة هو الإمام علی بن أبیطالب 7. أما فی العهد الطاهری، فلا نرى فیه تقسیماً للمجتمع، بل نرى فی ثنایاه أحیاناً إشارة موجزة إلى بعض الطبقات نحو الجند، والقضاة، والخراج، والفقراء والمساکین و ... . فهو یوصی ابنه بتفقد أمور الجند بقوله: وتفقد أمور الجند فی دواوینهم ومکاتبهم، وأدرر علیهم أرزاقهم، ووسّع علیهم فی معایشهم لیُذهب الله بذلک فاقتَهم، ویقوم لک أمرُهم، ویزید به قلوبُهم فی طاعتک وأمرِک خلوصاً وانشراحاً، وحسبُ ذی السلطان من السعادة أن یکون على جنده ورعیتة رحمةً فی عدله وحیطته وإنصافه وعنایته وشفقته وبرّه. الجندیة عند الإمام A تبثّ روحَ الثقة الاجتماعیة بین الأفراد، وحبَّ الطاعة للنظام العام، والکراهةَ للتفرقة والانقسام، والحثَّ على الأخوّة والتعاون والتکاتف فی سبیل مصلحة المجموع، وتقدیس الواجب، وهذا الخُلق الروحی هو جوهر ما ترمی إلیه تعالیم الجندیة ونظامها (الفکیکی، 1402هـ، ص 94). من هنا نرى الإمام A خصّص فصلاً من عهده فیما یتعلق بأمراء جیشه، فأمره أن یؤمّر على جیشه مَن کان أنصحهم لله فی ظنه، وأطهرهم جیباً، ثم أمره أن یلصق بذوی الأحساب وأهل البیوتات وأهل الشجاعة والسخاء فی اختیار جیشه. أمره 8 أن یتفقد جسیم أمورهم وصغیرها، وکما یقول ابن أبی الحدید المعتزلی (1387هـ): أمره ألا یعظِّمَ عنده ما یقویهم به وإن عظم، وألا یستحقرَ شیئاً تعهدهم به وإن قلَّ، وألا یمنعَه تفقّدُ جسیم أمورهم عن تفقّد صغیرها، وأمره أن یکون آثر رؤوس جنوده عنده وأحظاهم عنده وأقربهم إلیه مَن واساهم فی معونته ... ثم أمره أن یذکر فی المجالس والمحافل بلاء ذوی البلاء منهم؛ فإن ذلک مما یُرْهِف عزم الشجاع ویحرّک الجبان(ص 54). لقد احتوى کلام أمیر المؤمنین علی 8 فیما کتبه لعامله الأشتر على قواعدَ وأصول مهمة تتعلق بالقضاء والقضاة، یصور فیه شخصیة الحاکم وکیف یجب أن یکون؛ یقول: «ثم اختر للحکم بین الناس أفضل رعیتک فی نفسک، ممن لا تضیق به الأمور ولا تُمحِّکه الخصوم. ولا یتمادى فی الزّلّة ...»؛ وهکذا یعدّد صفات الحاکم إلى أن یأمره بأن یتطلع على أحکامه وأقضیته، وأن یفرض له عطاء کافیاً یملأ عینه، ویتعفّف به عن المرافق والرشوات، وأن یکون قریب المکان منه، کثیر الاختصاص به لیمنع قربه من سعایة الرجال به وتقبیحهم ذکره عنده. هذا الموضوع یذکره طاهر بن الحسین فی عهده، ویرى أن القضاء میزان الله الذی تستقیم علیه أحوال الناس فی الأرض، وبإقامة العدل فی القضاء والعملِ تصلح أحوال الرعیة، وتأمن السبل، ویأخذ الناس حقوقهم، وتحسن المعیشة. فهو یأمر ابنه بإقامة الحدود وإقلال العجلة والابتعاد عن الضجر والقلق فی القضاء بقوله: «... وامض لإقامة الحدود، وأقلِل العجلة، وابعُد من الضَّجَر والقلق، واقنع بالقِسْم ... وانتفع بتجربتک، وانتبه فی صمتک، واسدُد فی منطقک، وأنصِف الخصم، وقف عند الشبهة، وأبلغ فی الحجة ...». عند المقارنة بین العهدین فی هذا الموضوع نرى أنهما یصوران شخصیة الحکام، وکیف یجب أن یکونوا فی حیاتهم القضائیة، إلا أن الإمام علیاً 7 یشیر فی عهده إلى أن الحاکم یجب أن یتمتع باستقلال تام إضافة إلى تمتعه بمعیشة کافیة تمنعه من النظر إلى ما فی أیدی الناس، مع وجوب کونه تحت المراقبة دائماً، حیث یقول: «ثُم أکثِر تعاهُدَ قضائه، وأَفسح له فی البذل ما یُزیل علَّتَه، وتَقِلُّ معه حاجتُه إلى الناس، وأعطِه من المنزلة لدیک ما لا یطمَع فیه غیرُه من خاصَّتِک لیأمن بذلک اغتیالَ الرجالِ له عندک ...»؛ بینما نجد أن طاهر بن الحسین یشیر فقط إلى إقامة العقوبة والحدود على أصحاب الجرائم وعدم تأخیرها، فیقول: وأقم حدود الله فی أصحاب الجرائم على قدر منازلهم وما استحقوه، ولا تُعطّلْ ذلک ولا تَتَهاونْ به، ولا تؤخّر عقوبة أهل العقوب؛ فإن فی تفریطک فی ذلک لما یفسد علیک حسن ظنک، واعزم على أمرک فی ذلک بالسنن المعروفة وجانبِ الشبَه والبدعات، یسلمْ لک دینک وتستقمْ لک مروءتک. لما فرغ الإمام A من أمر القضاء، شرع فی أمر العمال وطریقة انتخابهم؛ فأمره أن یستعملهم بعد اختبارهم وتجربتهم، وألا یولیَهم محاباةً لهم ولمن یشفع فیهم، ولا أثَرَةً وحبّاً لهم. ومن الأوصاف المحمودة فی موظف الدولة فی نظر الإمام A أن یکون من أهل البیوتات الصالحة والقَدَم السابقة فی الإسلام؛ لأنهم أکرمُ أخلاقاً، وأصَحُّ أعراضاً، وأقل فی المطامع أشرافاً، وأبلغ فی عواقب الأمور نظراً. ثم أمره بأن یسبغ علیهم الأرزاق؛ لأن الجائع لا أمانة له، وبیّن المصلحة فی ذلک من ثلاثة أوجه: الأول أن توسیع حالهم بالأرزاق یکون قوة لهم على استصلاح أنفسهم الذی لا بد منه؛ والثانی أن إسباغ الأرزاق علیهم یکون غنىً لهم عن تناول ما تحت أیدیهم من مال المسلمین؛ والثالث أن هذا یکون حجةً له علیهم إن خالفوا أمره أو ثلموا أمانته «لأنهم قد کُفُوا مؤونة أنفسهم وأهلیهم بما فرض لهم من الأرزاق» (ابن أبی الحدید، 1387هـ، ص 70). ثم أمره بالاطلاع علیهم، وبعث العیون والإرصاد على حرکاتهم، ومؤاخذة من ثبتت خیانته واستعادة المال منه. وطاهر بن الحسین فی ذلک یقول: «واجعل فی کل کورة من عملک أمیناً یُخبِرْک أخبارَ عمّالک، ویکتبْ إلیک بسیرتهم وأعمالهم، حتى کأنّک مع کل عامل فی عمله مُعاین لأمره کله». انتقل الإمام A من ذکر العمّال إلى ذکر طبقة أهل الخراج مبیّناً القواعد المالیة المرتبطة بها على ما یلی: القاعدة الأولى: «تفقّدْ أمْرَ الخراج بما یصلح أهله؛ فإن فی صلاحه وصلاحهم صلاحاً لمن سواهم، ولا صَلاحَ لمن سواهم إلا بهم؛ لأن الناس کلهم عیال على الخراج وأهلِه». یقول توفیق الفکیکی (1402هـ): لقد رأى الإمام A أنْ لا قوام للجنود إلا بما یخرج الله لهم من الخراج الذی یقوون به على جهاد عدوهم ویعتمدون علیه فیما یصلحهم ویکون من وراء حاجاتهم ثم نظر إلى هذا العنصر وهو أهم العناصر لإصلاح طبقات المجتمع نظرة مالیة اقتصادیة بحتة وقد جعل الخراج سبب کل إصلاح تریده الحکومة وهو أساس کل عمران وحضارة فی الدنیا (ص 215). القاعدة الثانیة: «ولْیکُنْ نظرُک فی عِمارة الأرض أبلغَ من نظرک فی استجلاب الخراج لأن ذلک لا یُدرَک إلا بالعمارة». یقول توفیق الفکیکی (1402هـ): وهذه القاعدة عُرفت عند علماء أصول علم المال فی عصرنا بقاعدة «لیس للخراج أن یعرقل الإنتاج»، وبقاعدة «الإنفاق العام منوط بالمصلحة العامة». أما قاعدة «لیس للخراج أن یعرقل الإنتاج»، فمعناها: لا یجدر بالحکومة أن تضع ضریبة تحول دون السعی والإنتاج، وتُنقِص ثمرات المساعی الشعبیة بتخریب وإهمال الأراضى الزراعیة (ص 216). القاعدة الثالثة: «ومن طلب الخراج بغیر عمارة، أخربَ البلادَ وأهلک العبادَ ولم یستقم أمره إلا قلیلاً». یقول توفیق الفکیکی (1402هـ): وهذه قاعدة مالیة اقتصادیة وإداریة مهمة، وتنطبق علیها القاعدة المالیة الحدیثة القائلة: «الحکومة لیست تاجراً»، والقاعدة التی تقدّم شرحها وهی «لیس للخراج أن یعرقل الإنتاج». ومعنى «الحکومة لیست تاجراً» أی: إنها لا تشتغل بالمشروعات بقصد الربح، بل لأجل توطید منفعة عامة. کان من تآزر نظر الاقتصادیین ونظر الساسة فی هذا العصر الوصول إلى الفکرة الحدیثة ـ تخصیص النفقات العامة لسداد الحاجات العامة ـ التی نصّت علیها بعض الدساتیر کدستور الولایات المتحدة الأمیرکیة وکل الدساتیر الفرنسیة التی تعاقبت فی إبّان الثورة (ص 218). القاعدة الرابعة: «فإن شکَوا ثِقَلاً أو علّة أو انقطاعَ شِرْبٍ أو بالَّةٍ أو إحالةَ أرض اغتمرها غَرَقٌ أو أجْحفَ بها عطَشٌ، خفَّفْتَ عنهم بما ترجُو أن یصلُحَ به أمرُهم». إذا نظرت فی کلام الإمام A تجد أنه لم یکلّف عامله الأشتر بالعدل المطلق، وإنما بالعدل الممکن؛ وهذا مفهوم من قوله: «خَفّفْتَ عنهم بما ترجُو أن یصلح به أمرهم، ولا یَثقُلنَّ علیک شیءٌ خَفَّفْتَ به المؤونة عنهم ...». القاعدة الخامسة: «فإن العمْران محتمل ما حملته»؛ «أی: کلّما زاد الإنتاج الزراعی والصناعی والعقلی والفنی، زادت الثروة الشعبیة وتجلت المنافع الوطنیة؛ فلیس من الحزم أن تکون الضرائب أو الخراج حائلاً دون الرقیّ الشعبی» (الفکیکی، 1402هـ، ص 221). القاعدة السادسة: «إنما یُؤتى خرابُ الأرض من إعواز أهلها، وإنما یُعْوِز أهلُها لإشراف أنفس الوُلاة على الجمع، وسوء ظنهم بالبقاء، وقلة انتفاعهم بالعِبَر». وکما یقول توفیق الفکیکی (1402هـ)، یعنی أن الأرض: إنما تدهى من إعواز أهلها؛ أی من فقرهم، وقد بیّن الموجب لذلک، وهو طمع وُلاتهم فی الجبایة وجمع الأموال لأنفسهم. وقوله: «وسوء ظنهم بالبقاء» یحتمل أن یرید به أنهم یظنون طول البقاء، وینسون الموت، ولم یُشعروا قلوبهم به؛ ویحتمل أنْ یرید به أنهم یتخیلون العزل والانفصال عن الوظیفة، فینتهزون الفُرص، ویقتطعون الأموال، وإنْ کان فی ذلک خراب البلاد وإهلاک العباد. وإذا تمادوا فی غیّهم هذا، انصرفوا عن عمارة البلاد (ص 225). اهتمّ طاهر بن الحسین بهذا الأصل المهم فی إدارة الحکومة ،وأوصى به ولده واصفاً نتائجه، قائلاً: «وانظر هذا الخراج الذی قد استقامت علیه الرعیة، وجعله الله للإسلام عزّاً ورفعةً، ولأهله توسعةً ومنعةً، ولعدوّه وعدوّهم کَبْتاً وغیظاً، ولأهل الکفر من معادیهم ذُلاً وصغاراً». ثم أمره بتوزیعه بین الناس بالحق والعدل: فوزّعْه بین أصحابه بالحق والعدل والتسویة والعموم؛ ولا تَرفَعنّ شیئاً منه عن شریف لشرفه، ولا عن غنی لغناه، ولا عن کاتب لک، ولا عن أحدٍ من خاصَّتک، ولا تأخذنّ منه فوق الاحتمال له، ولا تکلّفنّ أمراً فیه شطط، واحمل الناس کلهم على مُرّ الحق؛ فإن ذلک أجمع لألفتهم، والزم لرضا العامة. إذا قارنّا بین القواعد المالیة السّتّ فی العهدین، نرى أن طاهر بن الحسین یشیر إلى ثلاثة قواعد منها: القاعدة الأولى: «واعلم أن الأموال إذا کثرت وذخرت فی الخرائن لا تُثمر؛ وإذا کانت فی إصلاح الرعیة وإعطاء حقوقهم وکفِّ المؤونة عنهم، نمت وربت، وصلحت بها العامة، وتزیّنت بها الولاة، وطاب بها الزمان، واعتُقِد فیها العزّ والمنعة». القاعدة الثانیة: «فلیکن کنز خزائنک تفریقَ الأموال فی عمارة الإسلام وأهله، ووفّر منه على أولیاء أمیر المؤمنین قِبَلَک حقوقهم، وأوف رعیتک من ذلک حِصَصَهم، وتعهّد ما یصلح أمورهم ومعاشهم». القاعدة الثالثه: «فإنک إذا فعلتَ ذلک، قَرَّت النعمةُ علیک، واستوجبْتَ المزیدَ من الله، وکنتَ بذلک على جبایة خراجک، وجمع أموال رعیتک وعملک أقدر، وکان الجمیع لما شملهم من عدلک وإحسانک أسلسَ لطاعتک، وأطیب أنفساً بکل ما أردتَ».
ورُفع إلى أنوشروان أن عامل الأهواز قد حمل من مال الخراج ما یزید على العادة؛ وربما یکون ذلک قد أجحف بالرعیة، فوقّع بردّ المال على من قد استوفی منه: «فإن تکثیرَ الملِک مالَه بأموال رعیته بمنزلة من یحصّن سطوحَه بما یقتلعه من قواعد بنیانه» (ابن أبیالحدید، 1387هـ، ص 71). وکان على خاتم له: «لا یکون عمران حیث یجور السلطان» (السابق، ص 72). لما فرغ علی A من أمر الخراج، شرع فی أمر الکتّاب، کما یشرح لنا ابن أبیالحدید المعتزلی (1387هـ): فأمره أن یتخیّر الصالح منهم، ومَن یوثق به على الاطلاع على الأسرار والمکائد والحیل والتدبیرات، ومن لا یُبْطِره الإکرامُ والتقریبُ، فیطمعَ فیجتری على مخالفته فی ملإ من الناس والردّ علیه. ففی ذلک الوهَن للأمیر وسوء الأدب الذی انکشف الکاتب عنه ما لا خفاء به ... ثم نهاه أن یکون مستنَدَ اختیاره لهؤلاء فراستُه فیهم، وغلبةُ ظنه بأحوالهم؛ فإن التدلیس ینمّ فی ذلک کثیراً. وما زال الکتّاب یتصنَّعون للأمراء بحسن الظاهر، ولیس وراء ذلک کثیرُ طائل فی النصیحة والمعرفة ... ثم أمره أن یَقْسِم فنون الکتابة وضروبها بینهم نحو أن یکون أحدهم للرسائل إلى الأطراف والأعداء، والآخر لأجوبة عمّال السواد، والآخر بحضرة الأمیر فی خاصّته وداره وحاشیته وثقاته (ص 76 ــ 79). وشبیه هذا ما قاله الرشید للکسائی: «یا علی بن حمزةَ، قد أحللناک المحلّ الذی لم تکن تبلغه همّتک، فروِّنا من الأشعار أَعفَّها، ومن الأحادیث أجمعَها لمحاسن الأخلاق، وذاکرْنا بآداب الفُرْس والهند، ولا تُسرع علینا الردّ فی ملاء، ولا تترک تثقیفنا فی خلاء» (ابن أبیالحدید، 1387هـ، ص 76). أما طاهر بن الحسین، فإنه لم یشر إلى وظائف الکتاب فی عهده. شرح الإمام للأشتر أثر التجار والصناع فی الحیاة الاقتصادیة، وکما یقول ابن أبیالحدید المعتزلی (1387هـ): أمره بأن یعمل معهم الخیر، وأن یوصی غیره من أمرائه وعمّاله أن یعملوا معهم الخیر ... ثم قسّم الموصى بهم ثلاثة أقسام: اثنان منها للتجار وهما المقیم والمضطرب یعنی المسافر، ... وواحد لأرباب الصناعات وهو قوله «والمترفق ببدنه»: «ثم استوص بالتجار وذوی الصناعات، وأوص بهم خیراً ـ المقیم منهم والمضطرب بماله، والمترفق ببدنه ـ ؛ ... قد یکون فی کثیر منهم نوع من الشحّ والبخل، فیدعوهم ذلک إلى الاحتکار فی الأقوات، والحیْف فی البیاعات» ... وأمره أن یؤدِّب فاعل ذلک من غیر إسراف (ص 83 ــ 85). مما یلفت النظر فی کلامه A أنه قد أوصى بحریة التجارة وحمایة جانب التجار وذوی الصناعات من جهة، وألزم عامله الأشتر الضرب على أیدی الأفراد المستأثرین المحتکرین رحمةً بالفقراء من عامة الأمة من جهة أخرى. والتجارة من القدم من أشرف المهن شأناً وأرفعها منزلةً؛ ولذلک کان النبی قد اشتغل بها، وکان یرحل مع قریش إلى الشام لجلب المتاجر إلى مکة؛ قال الله " : «لإیلافِ قُرَیْشٍ * إِیلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّیْفِª (قریش 106: 1 و 2)، وقال: «وَآخَرونَ یَضْرِبونَ فی الأرْضِ یَبْتَغونَ مِنْ فَضْلِ اللهِª (المزمل 73: 20)، وقال: «فَانْتَشِروا فی الأرْضِ وَابْتَغوا مِنْ فَضْلِ اللهِª (الجمعة 62: 10). أما طاهر بن الحسین، فلم یتحدث فی عهده عن التجاره والصناع، بل أوصى ابنه بالاقتصاد، وقال له: علیک بالاقتصاد فی الأمورکلها فلیس شیءٌ أبینَ نفعاً ولا أحضر أمنا ولا أجمع فضلاً من القصد، والقصد داعیة إلى الرشد، والرشد دلیل على التوفیق، والتوفیق منقاد إلى السعادة وقوام الدین والسنن الهادیة بالاقتصاد فآثره فی دنیاک کلها. وانتقل الإمام j من التجار وارباب الصناعات إلى ذکر الطبقة السفلى من طبقات المجتمع، وهی طبقة العمّال. فقال j لمالک: «ثمّ الله َالله َفی الطبقة السفلى من الذین لا حیلة لهم من المساکین والمحتاجین وأهل البُؤسى والزَّمْنى؛ فإن فی هذه الطبقة قانعاً ومعترّاً ...»، وأمَره أن یعطیهم من بیت مال المسلمین؛ لأنهم من الأصناف المذکورین فی قوله q: «وَاعْلَموا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَیْءٍ فَإِنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسولِ وَلِذِی الْقُرْبى وَالْیَتامى وَالْمَساکینِ وَابْنِ السَّبیلِª (الأنفال 8: 41)، وأن یعطیهم من غلات صوافی الإسلام. ثم قال له: «فإن للأقصى منهم مثلََ الذی للأدنى»؛ أی: إن کل فقراء المسلمین أسهُمُهم سواء، لیس بین أقصاهم وأدناهم فرق فی ذلک. ثم بیّن له أنه لا بد له أن یتفقّد أمورهم، وأن یفرِّغ ثقتَه من أهل الخشیة والتواضع لیرفع إلیه أمورهم، وأن یفرِّغ لذوی الحاجات شخصَه، ویَجلس لهم مجلساً عاماً. ولا بد من أن یکون فی کتبِ عمّاله الواردة علیه ما یعیا کتّابه عن جوابه، فیجیب عنه بعلْمه. أما طاهر بن الحسین، فقد خصَّص قسماً من عهده بأهل البیوتات والفقراء والمساکین والیتامی، وقال: تعاهدْ أهلَ البیوتات ممن قد دخلتْ علیهم الحاجةُ، فاحتمِل مؤونتَهم، وأصلح حالهم حتى لا یجدوا لِخَلّتهم مسّاً، وأفرِد نفسک للنظر فی أمور الفقراء والمساکین ومَن لا یقدر على رفع مظلمة إلیک، والمحتقَر الذی لا عِلمَ له بطلب حقه. فاسأل عنه أحفى مسئلة، ووکِّل بأمثاله أهل الصلاح من رعیتک، ومُرْهم برفع حوائجهم وحالاتهم إلیک، لتنظر فیما یُصلح الله بهأمرَهم، وتعاهدْ ذوی البأساء ویتاماهم وأراملهم، واجعل لهم أرزاقاً من بیت المال اقتداء بأمیر المؤمنین ـ أعزّه الله فی العطف علیهم والصلة لهم ـ لیُصلح الله بذلک عیشهم، ویرزقک به برکةً وزیادةً، وأجرِ للأضِرّاء من بیت المال، وقدِّم حَمَلَة القرآن منهم والحافظین لأکثره فی الجرایة على غیرهم، وانصِب لمرضى المسلمین دوراً تأویهم، وقُوَّاماً یرفقون بهم، وأطباء یعالجون أسقامهم وأسعفهم بشهواتهم مالم یؤَدّ ذلک إلى إسراف فی بیت المال. وأوصى 7 مالکاً بأن لا یؤخّر عمل الیوم إلى غد قائلاً: «وامض لکل یوم عمله، فإن لکل یوم ما فیه» أی «لا تُدخل عملَ یوم فی عمل یوم آخر فیتعبک ویکدِّرک؛ فإن لکل یوم ما فیه من العمل» (ابن أبیالحدید، 1387هـ، ص 89). وأورد طاهر بن الحسین نفس المعنى قائلاً: وافرُغ من عمل یومک ولا تؤخِّرْه لغدک، وأکثرْ مباشرته بنفسک؛ فإن لغدٍ أموراً وحوادث تُلهیک عن عمل یومک الذی أخّرتَ. واعلم أن الیوم إذا مضى ذهب بما فیه، وإذا أخّرت عمله، اجتمع علیک عملُ یومین، فشغلک ذلک حتى تعرض عنه. فإذا أمضیتَ لکل یوم عملَه، أرَحْتَ نفسک وبدنک وأحکمت أمور سلطانک. لما فرغ الإمام A من وصیته بأمور رعیته، شرع فی وصیته بأداء الفرائض التی افترضها الله علیه من عبادته، فقال له: ولْیکن فی خاصّة ما تُخلِص به لله دینَک إقامةُ فرائضه التی هی له خاصّةً، فأعط الله من بدنک فی لیلک ونهارک، ووفِّ ما تقرَّبت به إلى الله ـ سبحانه ـ من ذلک، کاملاً غیرَ مثلوم ولا منقوص؛ وإذا قمت فی صلاتک للناس، فلا تکوننَّ مُنفِّراً ولا مُضیِّعاً. یقول ابن أبیالحدید المعتزلی (1387هـ) فی شرح الفقرة: أی: لا یحملنَّک شغل السّطان على أن تختصر الصلاة اختصاراً، بل صلِّها بفرائضها وسننها وشعائرها فی نهارک ولیلک، وإنْ أتعبک ذلک ونال من بدنک وقوتک. ثم أمره إذا صلّى بالناس جماعة، ألا یطیل فینفِّرهم عنها، وأن لا یخدج الصلاة وینقُصها فیضیّعها (ص 90). لم یُهمل طاهر بن الحسین فی عهده أداءَ الفرائض، بل وصّى ابنه بالمواظبة على ما افترض الله علیه من الصلوات الخمس، ولزوم الجماعة علیها مع وجود الفارق بین هذه الوصیة ووصیة الإمام A ؛ إنه وصّى ابنه قائلاً: ولْیکن أول ما تُلزم به نفسک وتنسب إلیه فعالک المواظبةَ على ما افترض الله علیک من الصلوات الخمس، والجماعة علیها بالناس قبلک فی مواقیتها على سننها، من إسباغ الوضوء وافتتاح ذکر الله فیها، ورتِّل فی قراءتک، وتمکّن فی رکوعک وسجودک وتشهدک، ولْتصدق فیها لربّک نیّتک، واحضُض علیه جماعة ممن معک وتحت یدک، وادأب علیها؛ فإنها کما قال الله تأمر بالمعروف وتنهى عن الفحشاء والمنکر. وتحدث الإمام A بعد ذلک عن احتجاب الولاة عن الأمة والرعیة، وأثره فی سلب ثقة الشعب، ونهى مالکاً عنه، ووصف له آثاره السلبیة فی المجتمع قائلاً: «فإن احتجابَ الولاة عن الرعیة شعبة من الضیق وقلَّةُ علمٍ بالأمور. والاحتجابُ منهم یقطَع عنهم علم ما احتجبوا دونه، فیصغر عندهم الکبیرُ، ویعظُم الصغیرُ، ویقبُح الحسَن، ویحسُن القبیح، ویُشاب الحقُّ بالباطل ...». أما طاهر بن الحسین، فقد أوصى ابنه بأن یجعل وقتاً لکل رجلٍ من عمّاله وکتّابه لا من رعیته، وهنا نجد النقص الواضح فی هذا الأمر والفرق الشاسع بین الوصیتین؛ یقول: وانظر عمّالک الذین بحضرتک وکُتّابک، فوقِّت لکل رجل منهم فی کل یوم وقتاً یدخلْ علیک فیه بکتبه ومؤامرته، وما عنده من حوائج عمّالک وأمر کورک ورعیتک، ثم فرّغْ لما یورده علیک من ذلک سمعک وبصرک وفهمک وعقلک، وکرِّر النظر إلیه والتدبیر له، فما کان موافقاً للحزم والحق فأمضِه واستخر الله فیه، وماکان مخالفاً لذلک، فاصرفه إلى التثبت فیه والمسألة عنه. نظرة علی A فی هذا الأمر نظرة شمولیة عامة یرید من الوالی أن لا یحتجب عن الرعیة، بینما نظرة طاهر بن الحسین نظرة محدودة خاصة یرید من ابنه أن لا یحتجب عن رجاله وعماله. علی A کان لا یحتجب عن رعیته؛ فکان یجلس فی المسجد لیستمع إلى شکواهم و کما یقول طه حسین (1973م): وکان شدیدَ الحرص على أن یحقق المساواة بین الناس فی قوله وعمله وفی وجهه وفی قسمته لما کان یقسم فیهم من المال، بل کان یحرص على هذه المساواة حین یعطی الناس إذا سألوه. جاءته امرأتان ذات یوم تسألانه وتَبیّنا فقرهما، فعرف لهما حقّهما، وأمر من اشترى لهما ثیاباً وطعاماً وأعطاهما مالاً، ولکن إحداهما سألته أن یفضّلها على صاحبتها؛ لأنها امرأة من العرب وصاحِبتَها من الموالی. فأخذ شیئاً من تراب، فنظر فیه، ثم قال: ما أعلم أن الله فضّل أحداً من الناس على أحد إلا بالطاعة والتقوى (ص 573 ــ 574). بعد ذلک حذّر الإمام A مالکاً من أن یحمل أقاربه وخاصته على رقاب الناس، وأن یمکّنهم من الاستئثار والتطاول علیهم «ونهاه من أن یقطع أحداً منهم قطیعة أو یملّکه ضیعة تضرّ بمن یجاورها من السادة والدهاقین فی شِرب یتغلّبون على الماء منه ...» (ابن أبیالحدید، 1387هـ، ص 97)، مبیّناً له مضارّ ذلک قائلاً: «ولا تقطعنَّ لأحد من حاشیتک وحامَّتِک قطیعة، ولا یطمعنّ منک فی اعتقاد عُقدَةٍ تضُرّ بمن یلیهامن الناس فی شِرب أو عمل مشترک، فیکونَ مَهْنَأُ ذلک لهم دونک، وعیبُه علیک فی الدنیا والآخرة ...». ثم یتحدث A عن السِّلم والحرب، ویأمره أن یقبل السلم والصلح إذا دُعی إلیه، لما فیه من دَعة الجنود والراحة من الهمّ والأمن للبلاد، ولکن ینبغی أن یحذر بعد الصلح من غائلة العدوّ وکیده قائلاً مؤکداً: «ولا تدفعنَّ صلحاً دعاک إلیه عدوُّک لِلّهِ فیه رضا؛ فإنّ فی الصلح دعَةً لجنودک، وراحةً من همومک، وأمناً لبلادِک، ولکنّ الحذَرَ کل الحذَرِ من عدوک بعد صلحه». وقد نهاه عن سفک الدماء قائلاً: «إیاک والدماءَ وسفکَها بغیر حلّها؛ فإنه لیس شیء أدعى لنقمة، ولا أعظم لتبعةٍ، ولا أحْرى بزوالِ نعمةٍ وانقطاعِ مُدَةٍ من سفک الدماء بغیر حقِّها ...»، ثم عرّفه أن قتل العمد یوجب القَوَد، کما أن قتل الخطإ أو شبه العمد یوجب الدیة. أما طاهر بن الحسین، فیقول فی ذلک: «لا تُسرعنَّ إلى سفک الدماء؛ فإن الدماء من الله بمکان عظیم انتهاکاً لها بغیر حقها»، وواضح ما یوجد من الفرق العظیم ما بین «إیاک» وما بین «لا تسرعنَّ». اشتمل الفصل الأخیر من عهد علی A على دقائق علمیة مهمة للغایة، وعلى أمهات المسائل الأخلاقیة والاجتماعیة والفلسفیة التی أوصى عامله فیها بأن یبتعد عن بعض الصفات الذمیمة؛ کالإعجاب بالنفس، وحبِّ الإطراء، والمنّ على الرعیة، والتزیّد فیما کان من فعله، وخلف الوعد؛ لأن الخلف بالوعد مذموم، والوفاء به ممدوح، وقد مدح الله " فی کتابه العزیز أنبیاءه ورسله فی هذه الصفة بقوله: «وَاذْکُرْ فی الْکِتابِ إِسْماعیلَ إِنَّهُ کانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَکانَ رَسولاً نَبیّاًª (مریم 19: 54)، وقوله: «وَاذْکُرْ فی الْکِتابِ إِدْریسَ إِنَّهُ کانَ صِدّیقاً نَبیّاًª (مریم 19: 54)؛ ونهاه عن العجلة، لأنها مذمومة أیضاً وقد ذمّها الله ـ تعالى ـ بقوله: «خُلِقَ الإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ ...ª (الأنبیاء 21: 37)، وقوله: «وَکانَ الإنْسانُ عَجولاًª (الإسراء 17: 11)، وکان یقال: «أصابَ مُتثبّتٌ أو کادَ، وأخطأ عجِلٌ أو کادَ» (ابن أبیالحدید، 1387هـ، ص 115)، وقیل فی المثل أیضاً: «رُبَّ عجَلةٍ تَهَبُ رَیْثاً» (الزمخشری، 1407هـ، ص 97)؛ ونهاه عن اللجاجة، والوهن، والاستئثار بما الناس فیه أسوةٌ، والتغابی عما یُعنى به مما قد وضَح للعیون، والغضب وغیرها. وفی الختام یوصیه بواجبه الذی یجب أن یکون نصب عینیه بقوله: والواجب علیک أن تتذکَّر ما مضى لمن تقدّمَک، من حکومةٍ عادلة، أو سنَّة فاضلة، أو أثَرٍ عن نبینا ـ صلى الله علیه وآله ـ ، أو فریضة فی کتاب الله، فتقتدیَ بما شاهدتَ مما عمِلنا به فیها، وتجتهدَ لنفسک فی اتِّباع ما عهدِتُ إلیک فی عهدی هذا، واستوثقتُ به مِن الحجة لنفسی علیک لکیلا تکون لک علة عند تسرُّع نفسک إلى هواها. أما طاهر بن الحسین، فقد أشار إلى بعض هذه الصفات أثناء عهده، لکنه لم یعالجها کما عالجها الإمام علیّ j فی عهده، بل أوردها متناثرة خلال عهده. وإلیک ما ذکره من الصفات المذمومة والمحمودة، آمراً ابنه بالتمسک بالثانیة والابتعاد عن الأولى، فأمره بما یلی: 1. الابتعاد عن قول الکذب: «واشددْ لسانَک عن قول الکذب والزُّور»؛ 2. مجانبة الطَّیَرة والغرور: «إیاک والحدة والطیرة والغرور فیما أنت بسبیله»؛ 3. الابتعاد عن الاستبداد: «إیاک أن تقول إنی مسلّط أفعل ما أشاء»؛ 4. الإغضاء عن عیوب کل ذی عیب من الرعیة؛ 5. طرد شره النفس: «دع عنک شرَهَ نفسک»؛ 6. الاجتناب عن البخل والشحّ: «فاجتنب الشحّ؛ فإنه أول ما عصى به الإنسان ربَّه»؛ 7. عدم المنّ على الرعیة: «ولا تمنُنْ على رعیتک ولا على غیرهم بمعروف تأتیه إلیهم»؛ 8. تقوى الله ولزوم ما أنزل الله فی کتابه من أمره ونهیه وحلاله وحرامه؛ 9. اتباع السنن: «ولیکن هواک اتباع السّنن وإقامتها»؛ 10. التفقّه فی الدین: «أفضل ما تزیّن المرء به الفقه فی دین الله»؛ 11. محاسبة النفس: «تفرّدْ بتقویم نفسک تفرُّدَ مَنْ یعلم أنه مسؤول عما صنع، ومجزیّ بما أحسن، ومأخوذٌ بما أساء»؛ 12. التمسک بأهل الصدق والصلاح: «أحِبّ أهل الصدق والصلاح ...»؛ 13. صلة الرحم: «صِلِ الرحِمَ ...»؛ 14. الشکر لله ولنعمه: «اعتصم بالشکر لله ...»؛ 15. الوفاء بالعهد: «إذا عاهدت فَفِ به ...»؛ 16. الحزم: «فاستعمل الحزم فی کل ما أردتَ ...»؛ 17. الاستخارة بالله: «أکثر استخارة ربک فی جمیع أمورک»؛ 18. والإذن للناس: «أکثر الإذن للناس ...». خاتمة البحث ونتیجته 1) یتخذ عهد الإمام للأشتر طابعاً دستوریاً من حیث التسلسل الموضوعی فیه بحیث یتضمن فصلاً وملاحظة، ویشیر إلى أمور دقیقة طریفة یمکن تبیّنها من خلال مراجعة کتاب الراعی والرعیة؛ ولکن العهد الطاهری یفتقر إلى مثل هذه السمة. 2) إن العهد الطاهری أشبه بوصیة أخلاقیة وإرشادیة من کونه عهداً إداریاً سیاسیاً واجتماعیاً. 3) من دراسة العهد العلوی یتجلى لنا الجانب الأدبی فیه؛ حیث تم إنشاؤه من قبل شخص عربی ملمّ بکل خفایا هذه اللغة ودقائقها؛ فهو رجلُ قضاء وفقیه وفیلسوف، وصاحب إلمام بالسیاسة والإدارة وعلم الاجتماع والأخلاق والدین، لکن العهد الطاهری لا یحیط بکل هذه الأبعاد، بل یقتصر على الوصایا والمواعظ الخلقیة لا غیر. 4) أما من حیث المبانی والألفاظ، فإن وجه الشبه بین العهدین یکاد یکون ضعیفاً، اللهم إلا فی بعض الأسالیب من قبیل استخدام فعل الأمر وأسلوب التحذیر والإغراء وغیرها؛ وأما من حیث المعانی، فان الناظر فی العهدین یتبین مدى الفارق الشاسع بین معانی الإمام الرفیعة ومعانی طاهر بن الحسین المحدودة. 5) إن التجربة التی مرّ بها طاهر بن الحسین فی حیاته الدینیة والسیاسیة تحدّ من احتمال مجاراته للتجربة العملاقة التی خاضها أمیر المؤمنین منذ نعومة أظفاره وحتّى آخر لحظة من حیاته؛ فحیاته کلها حافلة بشتّى التجارب الدینیة والجهادیة والسیاسیة والاجتماعیة، بالإضافة إلى الجانب التربوی الذی حظی به من جانب الرسول ومدرسة الوحی؛ وهذا ما لا یتسنّى لآخرَ دونه، ناهیک عن طاهر بن الحسین. فقد تغذّى c من منبع النبوة، وسایَرَ أخطر الأحداث فی هذه الدنیا، وعاشر أطهر الخلق وسید النبیین؛ فهل بعد هذا من مزید؟! 6) لعل ما جعل بعض الدارسین یذهبون إلى تشابه العهدین أسلوباً ومضموناً من دون تروّ وإمعان واستقصاء کونُ العهدین کُتبا لعاملَین ذهب کل منهما إلى مصر، وتسلم کل منهما عهداً من ولی الأمر. 7) اقتبس طاهر بن الحسین کثیراً من معانی عهد الإمام علی A وبعضاً من عباراته، فجاء بها نصاً أو ما شابهت النص. 8) یتضمن عهد الإمام A قواعد دستوریة إسلامیة مهمة وقوانین سلیمة لحفظ التوازن الاجتماعی بین الأفراد أنفسهم فی شتّى الطبقات من ناحیة، وبین المجتمع والحاکم أو الراعی من ناحیة ثانیة. 9) یعتبر الإمام علی 7 فی عهده هذا واضعَ أول لبنة فی علم الاجتماع فی الدولة الإسلامیة. 10) نستطیع القول بأن الإمام علیاً 8 فی عهده هذا یعتبر أول مقنّن لنظام التأمین الاجتماعی فی الدولة الإسلامیة. | |||||||||||||
مراجع | |||||||||||||
القرآن الکریم. 1ــ ابن أبیالحدید المعتزلی، عبدالحمید بن هبةاللّه. (1387هـ /1967م). شرح نهج البلاغة (بتحقیق محمد أبوالفضل إبراهیم). (ط 2). (ج 17). بیروت: دار إحیاء الکتب العربیة. 2ــ ابنالندیم، محمد بن إسحاق. (1415هـ /1994م). الفهرست. بیروت: دار المعرفة. 3ــ ابنخلدون، عبدالرحمن بن محمد. (د. ت). مقدمة ابنخلدون (ط 4). بیروت: دار إحیاء التراث العربی. 4ــ ابنخلِّکان، أحمد بن محمد. (د. ت). وفیات الأعیان وأنباء أبناء الزمان (تحقیق إحسان عباس). (ج 2). بیروت: دار الفکر، ودار صادر. 5ــ الجاحظ، عمرو بن بحر. (د. ت). رسائل الجاحظ: الرسائل السیاسیة (قدّم لها وبوّبها وشرحها الدکتور علی أبو ملحم). بیروت: منشورات دار ومکتبة الهلال. 6ــ حسین، طه. (1973م). المجموعة الکاملة (المجلد الرابع: الخلفاء الراشدون، الفتنة الکبرى ـ 2 ـ علی بن أبی طالب وبنوه). بیروت: دار الکتاب اللبنانی. 7ــ الحسینی الخطیب، عبد الزهراء. (1405هـ/1985م). مصادر نهج البلاغة وأسانیده (ط 3). بیروت: دار الأضواء. 8ــ الزمخشری، جار الله محمود بن عمر. (1407هـ/1987م). المستقصى فی أمثال العرب (ط 3). (ج 2). بیروت: دار الکتاب العلمیة. 9ــ زیدان، جرجی. (1402هـ/1982م). مؤلفات جرجی زیدان الکاملة (المجلد الثالثعشر: تاریخ آداب اللغة العربیة، الجزء الأول). بیروت: دار الجیل. 10ــ الصفدی، صلاح الدین. (1411هـ/1991م). الوافی بالوفیات (باعتناء وداد القاضی). (ط 2). (ج 16). بیروت: دار صادر. 11ــ الطبری، محمد بن جریر. (د. ت). تاریخ الأمم والملوک (ج 7). بیروت: مؤسسة الأعلمی للمطبوعات. 12ــ الفکیکی، توفیق. (1402هـ/1361هـ. ش). الراعی والراعیة (ط 3). طهران: مؤسسة نهج البلاغة. 13ــ ناعسة، حسنی. (1398هـ/1978م). الکتابة الفنیة فی مشرق الدولة الإسلامیة فی القرن الثالث الهجری بیروت: مؤسسة الرسالة. 14ــ النویری، أحمد بن عبدالوهاب. (د. ت). نهایة الأرب فی فنون الأدب (ج 6). القاهرة: المؤسسة المصریة العامة | |||||||||||||
آمار تعداد مشاهده مقاله: 882 تعداد دریافت فایل اصل مقاله: 1,807 |